عصا باعوم ومخاريط صالح
عبدالقوي الشامي
عبدالقوي الشامي

عصا باعوم ارعبت مخاريط صالح (المخاريط هي: خلايا الابصار في العين التي تستجيب للضوء عالي التركيز) نعم ارتعبت المخاريط الرئاسية بالرغم من الترسانة الضخمة والهائلة التي تحميها, الا ان صالح لم يطعم لذة النوم الا بعد ان اودع باعوم وعصاه السجن الحربي للمرة الثالثة, ومنع اسرته من زيارته او الأتصال به ولو حتى تلفونيآ, كما منع المنظمات الانسانية المحلية والدولية من الأطمئنان على حالته الصحية المتدهورة, كما وحال دون نقله الى الخارج للعلاج .. قرصنة, اختطاف, اعتقال مصادرة حرية, تغييب, سمها ما شئت, فلكل منها تأويلاته القانوية ودوافعه الاخلاقية, الا ان ما يحدث للمناضل الجنوبي الكبير حسن احمد باعوم الذي يعاني من امراض مزمنة مثل السكري وضغط الدم وهشاشة العظام وتقرحات لحمية بفعل عمليات جراحية سابقه, ما يحدث لهذا الرجل الصلب, لا تأويل قانوي له ولا صله له بعرف ولا بأخلاق ولا بقيم انسانية وانما يمت بكامل الصلة لأرادة سلطان جائر يحمل حقد دفين على كل شيء ينتمي عضويآ للجنوب.

اختطف باعوم للمرة الثالثة من على سرير المرض, لأنه لم يختطف الثلثين ليحشرها في الكرش التي اتسعت للثلث, اختطف باعوم من بين ايادي (ملائكة الرحمة) وسلم لشياطين الجحور والأقبية والمعتمة, اختطف باعوم للمرة الثانية من على قارعة الطريق لأنه لم يكن قاطع طريق ولم يمارس الاختطاف بحق الخبراء الغربيين او الصينيين و لا حتى العراقيين او السوريين, اختطف باعوم من بيته لأنه لم يكن صاحب قصر مدور او مربع ولا حتى مستطيل بأسلاك شائكة ومكهربه تحميه من مخارط المخاريط, نعم اختطف باعوم من على سرير المرض بايادي مريضة, بل انها المصدر الوحيد لكل الامراض والاوبئة الساسية والأجتماعية المستفحلة السيارة منها والكامنة, أختطف باعوم لأنه لم يختطف ابن شهبندر التجار ويبتزه للحصول على فديه من اموال الجنوب المنهوبة ليودعها في بالوعات النهب والفيد في الداخل والخارج, أختطفت العصابة المناضل باعوم من بين ايادي الاطباء و(ملائكة) الرحمة, لأنه لم يكن زعيم عصابة نهبت الاراضي والممتلكات الجنوبية العامة منها والخاصة, اختطف باعوم من عدن عاصمة الجنوب لأنه تجرأ وقال في وجه ارادة الاحتلال: انا جنوبي, فكان باعوم الرمز وما زال وسيضل الجنوب حاضرآ وان حاول السجان تغييبه عن جنوبه في شماله.

كان باعوم قد استحق العناية الكاملة من مخاريط صالح بعد سنة اولى وحدة, لأنه انتصر لجنوبيته في الاطار الوحدوي عندما استشعر الخطر الذي يهددها, استحق باعوم ملاحقة مخاريط صالح لانه شبّ على الطوق بعد ان فشلت جهود تعديل مسار الطوق قبل ان يستحكم بالجنوب ارضآ وانسانآ, فاختفى باعوم ليس لذلك وحسب وانما ايضآ لأن (كاريزما) المناضلين سرعان ما تتنافر مع (كاريزما) الطغاة من اول احتكاك, فالجلاد الذي وجد نفسه قزمآ في وجه هامة جنوبية شعر بالمهانة وكانت المهانة اكبر عندما رفض باعوم بدل الانتقال وتخلف عن ركب المهاجرين في موسم الهجرة من الجنوب الى الشمال لذالك استحق باعوم غضب (السركال) الذي لم ينسى له عبارة (من يكرم من!!) .. عبارة فيها شموخ واعتزاز زلزلت مفاصل (السركال), اربكته, جعلته يدق قبضة يده على راحة الكف مما اضطر المناضل باعوم التخفي عن مخاريط صالح.

اعتقل باعوم في كل مره لأنه تحصل على قدر كاف من العلم والمعرفة مما اهله لرفض ان يكون الجنوب وعاء جامع للجوع والثروة وأحجار الاساس التي لا اساس لها, اعتقل باعوم لمرات ثلاث لأنه لم يترعرع على ذات الشاكلة التي ترعرع فيها الرعاع, اخرج من الباب الدوار للسجن الحربي في الأولى والثانية لأنه ابى ان يتعسكر في المعسكرات التي تعسكر فيها المتعسكرون من اجل العسكرة وشبق السلطة والمال, اعتقل باعوم لمرات ثلاث لأنه لم (يتضيبط) كما تضيبط المتضبيطون من اجل المضبطة المالية والساسية, ولم يتبندق باعوم كما تبندق "المبندقون" على حد تعبير الأستاذ: عبدالباري طاهر من اجل (التعشيرة) في حضرة شيخ القبيلة, اعتقل باعوم وعوقب لأنه ابا ان يحول عصاه التي يتكى عليها الى صميل لأدراكة سمو قيمة الأولى وتخلف قيمة الثاني وصاحبه.

 استحق باعوم الحجز والأعتقال والسجن والنفي والاقصاء من وجهة مخاريط صالح لأنه لم يكن يحمل مسدس ولا رشاش ولا يأتمر على (ار بي جي) او (كاتيوشة) او حتى على سلحفة, استحق باعوم التغييب لأنه كان يسير في وضح النهار دون حرس شخصي او برلماني ولا مشيخي او قبلي ولا حتى حرس ملكي او جمهوري ولا اي نوع من الحراسات, التي ما انفكت تشخط وتنخط في ارض الجنوب منذ العام 1994م, جنى باعوم على كل متمنطق بسلاح التخلف والجهل, لأنه لم يكن يحمل سلاح محلي ابيض او احمر, ولا سلاح شرقي او غربي, بل ان ما شجع مخاريط صالح وكل متمنطق باسلحة القتل والعدوان, ان باعوم كان هو ذاته حمل لعصاه التي اقتطعها من اشجار الوطن المعمرة والوارفة في ربوع الجنوب, تلك الاشجار التي غرسها اجداد الأجداد وسقاها الأجداد وشذبها الاباء لهذا يشعر باعوم بالأمن والأمان وهو يتكى عليها تنقلآ بين حضرموت وعدن وشبوه ويافع والضالع وردفان فيما مخاريط صالح يتملكهم الرعب بالرغم من ضخامة ترسانة السلاح ووسائل الحمايه البشرية والالكترونية المحيطه بقصورهم. 

من نافلة القول أن عصا الجنوب تلك التي يتكى عليها باعوم في الوقت الذي تعد فيه رافعة لكل رايات الرفض الجنوبي لحاكمية تخلف الأسرة والقبيلة, ان تلك العصا, قد عطلت مخاريط صالح في رسم المشهد الجنوبي واربكت كل محاولاتهم في بناء حالة اجتماعية في الجنوب تقوم على الفصل بين الأرض والأنسان, بين الحق وصاحبه, بين القضية وبعدها الاجتماعي, وتحديدآ رموزها الفاعلة, عصا الجنوب تلك التي يهابها كل طامع مستبد, اسهمت في تغيير قواعد اللعب التي الفوها منذ منتصف القرن الماضي,, عصا الجنوب المتحركة سلميآ كانت وما زالت في بؤرة مخاريط صالح لأنها افشلت كل محاولات الظم والألحاق .. وان كانو قد اعترفوا بأن القضية الجنوبية حق, فيشتق من ذلك الحق حق المناضل باعوم في الحرية باعتبارة رمز من رموزها .. فلك التحية ايها الرجل الشجاع في هذه الايام المباركة ولا نامت مخاريط سجانك وكل عام وانت بخير. 


في الثلاثاء 01 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 04:36:13 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=12156