غراب وطني..
فائز سالم بن عمرو
فائز سالم بن عمرو

كعادتها تزهو المدينة بمناظرها وطيورها وببحرها التي تحتضنه بيوتها ومساجدها وتكسوها نكهة سياحية ، ذات يوم تصحو المدنية على حدث عظيم فقد هاجرت الطيور إلى مكان مجهول ولم يبق منها سوى الغربان .

تفقد المدينة بريقها ويتقاذف الناس الإشاعات حول الحادث الجلل تضطر الحكومة للاجتماع لمناقشة هذا الوضع الطارئ والخطير .

بعد مناقشات صاخبة لعدة أيام تخرج الحكومة بقرارين متناقضين يشطران الحكومة والحزب الحاكم إلى شطرين .

الصقور : ينفون هذه الحادثة ويحملون المعارضة نتائج بث الإشاعات وإضعاف الوطنية بين الناس ويتهمونهم بأنهم تسببوا في تدمير الاقتصاد وهروب السياحة وطالبوا بمحاكمتهم بتهمة الإخلال بالوحدة الوطنية .

الحمائم : اقروا بالمشكلة وإنها ممكن ان تحدث في كل مجتمع ولكنهم اجمعوا على تحميل جهات إقليمية ودولية وطالبوا الشعب بالالتفاف حول قادته وحكومته .

سارعت المعارضة بتوحيد صفوفها وانشاوا مجلس وطني انتقالي يتهم الحكومة بشيوع الفساد الذي تسبب في تدمير المجتمع وقيمه مما تسبب في هروب الطيور وطالبوا بتحقيق دولي وتدخل مجلس الأمن تحت الفصل السابع لحماية الشعب واستعادة الطيور والحفاظ على البيئة الطبيعية .

انتقلت النقاشات والصراعات من الأحزاب والنخب السياسية لتصل إلى المساجد والمنابر وبعد فترة من الصراعات المذهبية يجتمع مجلس علماء المدينة ليفسر بيانهم الظاهرة بكثرة المعاصي التي تقود إلى زوال النعمة وجزموا بأننا نعيش علامات الساعة ؟! .

ترفض نقابة الجامعة هذه الهرطقة السياسية والتنويم المغناطيس للناس بعيدا عن حل المشكلة ويؤكدون قرار النقابة بان السبب الحقيقي وراء هذه الظاهرة انحراف الأرض عن مسارها بسبب التغيير المناخي وطالبوا بتدويل القضية دوليا في المحافل الدولية والعملية والأكاديمية .

لكن هذه التفسيرات والتصريحات المتناقضة والأقوال المتضاربة لا تطمّن الناس بل تزيدهم خوفا ويشتد الخلاف والإشاعات بين بسطاء الناس لتحرق أوقاتهم في بيوتهم ومساجدهم ومقاهيهم ومجالسهم وخلواتهم ، فالبعض قال ان سبب هروب الطيور : انتشار مرض عظيم سيقتل الناس ، وارجع البعض السبب إلى حدوث زلزال ضخم في البحر تسبب في هروب الطيور .

وزارة الداخلية : تشكو من انتشار الفوضى والعنف بين أوساط الناس وسجلت زيادة مخيفة للمشادات اللفظية والجسدية في المجتمع وتحذر مراكز الدراسات النفسية من خطورة تفشي ثقافة العنف والاتهامات والردود العنيفة .

بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 2014 بتدويل قضية الطيور تهدأ النقاشات ويرحل الخلاف لتبدأ معركة جديدة من الصراعات والخلافات بعد تأكيد مجلس الأمن بضرورة تكريم الطيور بنصب تماثيل لها في الساحات العامة وجعلها قضية رأي عام يتم الحوار بين كافة الأطراف للخروج بالحل .

يرفض العلماء قرار مجلس الأمن بإقامة نصب تذكارية لأنه يعد شرك بالله ويهددون بالجهاد ضد من يرضخ لهذا القرار الظالم ويفتون بجواز نشر صورة للغربان على العملة الوطنية بحجة ان التصوير اخف من نصب التماثيل ولكي نحافظ على الغربان ولا نتسبب في هجرتها مثل الطيور .

تقرر المعارضة تكريم الغراب واعتماده في المناهج التعليمية ، كما أوصت قرارات العلماء الأفاضل .

الجمعيات والهيئات المدنية تصر على تكريم الطيور وليس الغربان .

يتمزق المجتمع وبتشرذم ، وتبقى غربان بشرية تحكم المدينة للأبد ؟! .


في الخميس 27 أكتوبر-تشرين الأول 2011 05:39:42 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=12089