الجزاء من جنس العمل
عبد الملك العامري
عبد الملك العامري

من هذا المنطلق العظيم وهذه القاعدة المطّردة الإلهية المصدر أبدأ حديثي معكم كم تتملكنا الحسرة والتعجب ممن ينادون بالحصانة عن مرتكبي الجرائم اللإنسانية وإراقة دماء الأبرياء وإزهاق أرواحٍ من حقها أن تعيش وأطفالاً ليس لهم ناقة ولا جمل بما يحدث أولسنا مؤمنين بقول الله جل في علاه

( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) أولسنا متعقلين قول الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وهو يخط قاعدة نبوية للمثول أمامها بكل طاعة وإذعان ( والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها ) هؤلاء ليسوا بأشرف ولا أكرم من ابنة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم

إلى أولئك الذين يطالبون بحصانة عن مرتكبي الجرائم أياً كانوا إلى أولئك الذين يفكرون بأن التنازل عن دماء الأبرياء أمراً بمنتهى السهولة يجب غض الطرف عنه

نحن لا نعطي الدنية في ديننا والغلبة للحق أولاً وآخراً مهما تمادى المجرم في إجرامه أو تنكر نعم الله عليه بأن وهب له سلطة أو جاهاً مستخدماً ذلك لقمع الأبرياء وإزهاق أرواحهم ظلماً وعدواناً إن يد العدل الإلهية لن تتركهم وظلمهم وبغيهم لكن الله سبحانه يمهل ولا يهمل

بالأمس القريب كانت العناية الإلهية والسنة الكونية بمعية الشعب التونسي المكلوم والمغلوب على أمره فكان القصاص ممن هجّر الكثير من أبناء شعبه إلى دول أخرى وليس لذنب اقترفوه إلا لأنهم قالوا لا في وجه الظلم والفساد الذي أمر الله سبحانه بمحاربته بكل الوسائل المشروعة إلا لأنهم وقفوا مصلحين وداعين مجتمعاتهم إلى ما فيه الخير والصلاح فكان جزاءهم أن ينفوا من أرضهم بأجسادهم لا بأرواحهم فما إن تفجرت ثورة تونس العظيمة والذي كانت بمثابة ( الفتيل الأخضر الذي أشعل بداية الربيع العربي ) إلا وفرّ وهاجر سلطانهم ورئيسهم فكانت نهايته شبيهه بالبدايات التي حكم بها على معظم مفكري ومصلحي تونس العظيم أما جزاؤه الأخروي فبيد الله وحده

ثم مرت أيام قلائل على إثرها انتقلت يد العدل الإلهية إلى مصر الكنانة ليكون مصير السلطان والحاكم كما كان مصير أغلب مصلحي مصر وروادها ممن أُدخلوا السجون بهتانا وزوراً ومحاكمتهم بمحاكم عسكرية بتهم ملفقة ومبرمجة

جعل الكثير من أبناء شعبه في أقبية السجون وغيبهم وراء القضبان شهورٌ وسنوات فكانت النتيجة الحتمية أن يقف موقفهم وهو بحالة يُرثى لها ويحاكم أمام الملأ ممدداً على سريره الأبيض الذي ما كان يجرؤ أحد أن يراه على هذه الحالة ولو كان زائراً محباً فهل يكفي هذا زعماء وحكّام مازالوا على نفس المنوال ومازالوا أمام فسحة لأن المحكمة الإلهية هناك في يوم لا ينفع مال ولا بنون

ثم جاءت لنا يد العدل الإلهية بطاغية آخر استعمر قومه عقوداً وسني طويله قتّل فيهم الآلاف ونكّل فيهم أيّما تنكيل ولم يستثني حتى السخرية بهم فكان جزاؤه بمثل الذي سخر به من شعبه

فأخذه الله أخذ عزيزٍ مقتدر فكانت نهايته وخيمة وعاقبته أليمه وسيظل إلى قيام الساعة بهذا التاريخ الأسود الذي سيتدارسه الأجيال ويتناقلوه كابر عن كابر وما عند الله أشد وأعتى بإذن الله

ثم إنني أيها القارئ الكريم أقف بك على ضفاف طواغيت أخرى مازالت تكابر قدرة الله عليها متناسية مصير من سبقوهم وإن الدور آتٍ لا محالة فالقليل من الأيام المقبلة كفيلة بأن ترى ويرى العالم مصيرهم وكأنى أراه ماثلاً أمامي وبأم عيني أراه لأني أثق بقدرة الله العظيم

يا طاغية اليمن ..... أما آن لك أن تتوب إلى الله وتترجل عن خيلك قبل أن يقتادوك قوداً على مقصلة العدل

أما آن لك أن تضع كل كبرياءك جانباً فقد أوديت بالكثير من أبناء شعبك قبورهم واستحللت دماءهم ظلماً وبغياً وبدون حق

مازال في الدين فسحة والقصاص الدنيوي كفيل بأن يطهرك لتمثل أمام الله عسى أن تتداركك رحمة الله العظيم أما تذكر مقولة رئيسك السابق الشهيرة ( إني لا أريد أن أكون في الكرسي ويسفك دم طائر دجاج بسببي )

في الوقت الذي مازلت متمسكاً بالكرسي وبسببه قمت بقتل المئات وجرحت الآلاف أين هي إنسانيتك وأين هو ضميرك لا أخفيك سراً أني عندما أرى صورتك بتُّ لا أذكر من كتاب الله إلا آية واحدة وتظل نصب عيني دائماً وأبداً

( أفمن زيّن له سوء علمه فراءه حسناً فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء )

إن مبرراتك للبقاء على الحكم إنما هي أوهام ليس إلا ،

لا تجعل إبليسك يقودك إلى نهاية غير مشرفة لا دنيا ولا آخرة ولا تسمع إلى أبالستك الصغار وأزلامك المحترفين فسيكون حالهم عندما تقدم إلى مقصلة الحكم حال إبليس في الأشهاد عندما ينادي في أتباعه ( وما كان لي عليكم من سلطانٍ إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ) إنهم في الأخير سيقفوا متفرجين وستكابد أنت وحدك عقاب الله وسينظرون إليك وهم مكتوفي الأيدي لا حيلة لهم وسيتبرؤون منك قبل كل شيء ولتعلم بأنك هذه المرة لن تستطيع أن تقارع إرادة شعب بأكمله أقسم على نفسه أن لا يعود إلى وكره إلا والنصر حليفه ولو فني عن بكرة أبيه فلم تعد تنفعك الحيل كما تعودناها منك فالحيل هذه المرة ستنقلب عليك لا محاله

لكني أحببت قبلها أن أنادي فيك قلبك إن كان لك قلب وعسى الله أن يقذف في قلبك لحظة هداية فتكون فاتحة خير لك ولشعبك .


في الأحد 23 أكتوبر-تشرين الأول 2011 06:30:33 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=12041