التجمع اليمني للإصلاح على ابواب انتحار جماعي
د.عبدالمنعم الشيباني
د.عبدالمنعم الشيباني

قد يبدو العنوان من اول وهلة مبالغاً فيه وغير منطقي وقد يبدو غير موفقٍ وغير مفهوم وربما ليس الا مجرد تكهنات او شطحات او تأويلات او انفعالات لا اساس لها من الصحة .. سوف احاول ان ابدو موضوعياً وعلمياً وعملياً ايضاً، هذا التحليل اقدمه كـ عُجالة في ضوء الأدبيات الداخلية للتنظيم الحركي ( فتحي يكن) وفي ضوء أدبيات التنظيم الكلاسيكية التقليدية وكذا في ضوء الجديد والاجد من مؤلفات الحركيين العاملين في الميدان وفي ضوء تصورات ومفاهيم ونصائح لأهل الخبرة قدموها للإصلاح قبل اكثر من اثني عشر عاماً ثم في ضوء مستجدات الثورة وهو الأهم والحاسم في هذه العجالة التحليلية.

التجمع اليمني للإصلاح (تنظيم الحركة الإسلامية الرئيسة في اليمن-الإخوان) الذي اعلن عن ظهوره رسمياً عام 1990-- يرجع تأسيسة الى عام 1965 على الأقل على يد ثلة من "شباب الدعوة الإسلامية" ابرزهم عبده محمد المخلافي ثم ياسين عبد العزيز-(تعز)- وآخرين من محافظات يمنية مختلفة في اليمن الشمالي (سابقاً) بل وتأسس في عدن كـ امتداد ومحضن ومهد آخر للتنظيم في نفس الفترة بل وقيل ان تنظيم الإخوان تأسس في عدن في اوائل الخمسينيات اي قبل التنظيم الشمالي بسنوات.

العامل الأهم الذي يُبنى عليه هذا التحليل هو مستقبل التجمع اليمني للإصلاح فيما اذا فشلت الثورة -لا سمح الله- وفيما اذا (تخلى)-بالخاء- الإصلاح عن عقيدة الحسم الثوري التي (تحلى)-بالحاء- بها في حرب 1994 لدك معاقل (الماركسة الانفصالية الملحدة) حسب قولهم حينذاك تحت شعار (الوحدة او الموت) وهو شعار لقنه علي عبد الله صالح للإصلاح وكرسه الراحل الشيخ عبد الله بن حسين الاحمر رئيس التجمع يومها ثم لقنه بقيادة حشد من الزخم العلمائي الهادر قاده شيخ الإصلاح عبد المجيد الزنداني ثم الدكتورعبد الوهاب الديلمي.

التجمع اليمني للإصلاح هذه الأيام على مفترق طرق ستحدد (من غير مبالغة) مصيره ووجوده كتنظيم على الساحة اليمنية، بل اقول سوف يخسر الإصلاح وجوده وكيانه واعضاءه ومستقبله ان لم يسارع لاغتنام فرصة الحسم الثوري بروح ثورية مقاومة وبعقيدة كعقيدته في 94 .

  ان تفشل الثورة -لاقدر الله- بتخاذل بروجماتي سياسي فاشل لتيارالإصلاح في المشترك وتيار الإصلاح كـ اصلاح فإن فلول النظام ستزحف عليه قياداتٍ واعضاءً وانصاراً اشد من زحف هذه الفلول الآن على مقرات ومكاتب التجمع اليمني في المحافظات.. سوف يغري علي عبد الله صالح اتباعه من النهابة وضعاف النفوس واهل السوابق في الشر والجريمة بنهب واستباحة اموال وممتلكات ومقرات التجمع اليمني للإصلاح كمافعل من قبل مع الحزب الاشتراكي الذي استبيحت ممتلكاته كـ (فيد) وغنائم.

وهب القدر التجمع اليمني للإصلاح عشرين فرصة وعشرين فرصة مثلها وعشرين مثلها وضيعها الإصلاح كلها اذ لم يزحف، واليوم تزحف الفلولُ عليه وتحرق مقراته وتغزو معاقله وتطال منازله وبيوته واليوم -وهذه اللحظة- يدفع الإصلاح الثمن مضاعفاً والهزيمة اضعافاً والنكوص والتراجع دماءً وأموالا وهزائماً اضرت بسمعته وخسَّرته انصاره والمتعاطفين معه.

  واما اعضاء الإصلاح فيدفعون الثمن فادحاً من جراء تقاعس هذا الإصلاح عن اغتنام الف فرصة وفرصة سنحت للزحف على معاقل النظام حتى اسقاطه كلياً.. كل ذلك كان سيصنع من الإصلاح اعظم مما كان علي توسعاً وانتشاراً وممانعةً لإن الناس تريد النصر لا الهزيمة وتلتف حول القوي المنتصروان كان فاسدا، وللإصلاح قضية نبيلة وشريفة هي الثورة من اجل يمن جديد ومزدهر،الثورة التي نراها اليوم تضيع من بين يديه وتفر من بين بنانه.

في منتصف التسعينيات نصح قياديٌّ شابٌ مصريٌّ من حزب الوسط -حزب اسلامي معتدل- التجمع اليمني للإصلاح ان يجعل من قضية فلسطين برنامجاً عملياً له ان اراد التوسع والانتشار عالمياً.

ليس الإصلاح اليوم في (محنة) كمحنة الإخوان بمصر في الخمسينيات التي خرجوا منها منتصرين برغم التنكيل والأذى والتعذيب كـحالة استثنائية ونفس الامر ينطبق على اخوان سوريا عام1982 ولكن الإصلاح في (منحة) هي الثورة التي يزهد الإصلاح في اتخاذ قرارٍ بحسمها باعتباره اقوى حزب جماهيري في اليمن.

ادبيات المفكر التربوي للتنظيم الداخلي للحركات الإسلامية الراحل فتحي يكن تشير الى ان المبادرة والمبادأة في تحقيق اعظم الكسب في الميدان من علامات فطنة القيادة الربانية ولكن اين قيادة الإصلاح من هذه الفطنة التي تتذرع بالحكمة وهي تجرع الهزيمة من حيث لاتشعر وتتراجع عن اهدافها الحيوية بشكل حير الانصار والمتابعين المحايدين.

من اهم جديد المفكر الإسلامي رشيد بكار (ان المحنة لا تقوي الصف بل تضعفه وان الهزيمة تجر الى هزيمة مثلها وبالمقابل فالنصر يقود الى نصر مثله والحسم يؤول الى حسم والكسب الى كسب والتقدم الى تقدم... وهكذا) نافياً ومفنداً كل التبريرات التقليدية التي كانت الحركات الإسلامية تعزي فيها نفسها عند المصائب،غير صحيح "ان الهزيمة والمصيبة تقوي الصف بل تضعفه"، ولا مصيبة للإصلاح اليوم الا هذا التخاذل من اغتنام فرصة الزحف لتثبيت دعائم نصر واسع للشعب اليمني العظيم وللفكرة الرائدة التي قام الإصلاح على اساسها.

يخشى الناس ان تسبق السلحفةُ الأرنبَ وان يزحف (الذي سقط وانهار) على (صاحب القوة والفكرة والجمهور)!.. مطلوبٌ من الإصلاح اليقظة والحذر من عواقب اي تراجع نحو قرار الزحف التاريخي لينتصر للقيم الانسانية المثلى وللشعب وللتنظيم ثم للمجتمع المدني الجديد لأن النظام لايعرف الالغة واحدة واسلوبا واحدا.. المطلوب من الاصلاح- كرأس حربة- ان ينزع السيف من يد علي عبد الله صالح قبل ان يعمله في رقاب المعارضين والاصلاحيين في المقدمة كهدف استراتيجي له لايتنازل عنه.

المؤشرات لاتبشر بخير وتؤدي الى تصور مرعب وهو سقوط مدوٍ للإصلاح وتفكك للتنظيم ثم تعقبٌ له بالتنكيل والتصفية والمحو من بعد ان كان يملك كل معادلات النصر ولكنه لم ينتصر للشعب ولم ينتصر لنفسه كتنظيم قائد.

استطلاع واسع للرأي يشير الى سقوط واسع لشعبية الإصلاح جراء تقاعسه وتسيسه الفاشل وتردده الوجل والمتوجس من اهتبال منحة الحسم الثوري، واستطلاع عملي عن كثب يشير الى ظهور بوادر التفلت التنظيمي لأعضاء الإصلاح وظهور اعراض المصلحية والدنيوية والأثرة والبخل والتسلق والانانية والفتور الدعوي والحزبي والضعف الفكري والتربوي وهي اعراض مرضية تنذر بخطر ماحق على التنظيم.

فلول السلطة اليوم تجيش الجيوش من "الشبيحة" و"البلاطجة" المسلحين لإرهاب انصار الإصلاح واتلاف ممتلكاتهم في الأرياف والمديريات وهناك تعاظم شعور بالخيبة والهزيمة وسط الصف المناصر للإصلاح في القرية والمدينة وهناك بوادر خروج جماعي من الإصلاح سببه هزيمة الإصلاح نفسه لنفسه وتراجعه بعد ان كان قاب قوسين او ادنى من قطف ثمار النصر للشعب اولاً ثم لجماهير الحركة الاسلامية ثانياً وثالثاُ ورابعاً.

المؤشرات لا تبشر بخير ان لم يحسم الإصلاح معركة الثورة بنفس عقيدة 1994 وازيد قليلاً وان حال الإصلاحيين في قلق وهواجس فالدور عليهم بما جنت عليهم "براقش قيادة اصلاحية" تتسيَّس حيث يتطلب الموقف الحسم والسيف وترهن نفسها للأجنبي والخارجي بـ ذل لم يعرفه الإصلاح من قبل : (كفى اذلالاً لهذا التجمع اليمني للإصلاح) -عبارة قالها رئيس الإصلاح الحالي السيد محمد عبد الله اليدومي عام 1994 بالتحديد والضبط والدقة.

  لا يحق للإصلاح في هذا المنعطف التاريخي ان يبحث عن حجج واهية واعذار غير مقبولة يبرر بها تراجعه وانتكاسته واغلب الشعب يؤيده والثوار والانصارمعه ولايحق له ان ينصب نفسه (ولياً) او (وصيّاً) على خيار شباب الثورة في الغزو لمعقل الطاغية واعوانه لأن (البابوية)-التي عبر عنها المهندس حيدر ابوبكرالعطاس- ستقصم ظهر الثورة وستفشلها لأنه تسيُُّس في غير محله.

الا لا يظنن الإصلاح انه سيغدو اصلاحاً ان لم يصالح جماهير الشعب اليمني وجماهيره بحسم ثوري تاريخي يسقط النظام كله وعن بكرة ابيه وجده واقاربه فشبح اسئصال الإصلاح على الأبواب وانتحاره على الأبواب انتحاراً جماعياً .


في الخميس 06 أكتوبر-تشرين الأول 2011 04:34:18 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=11847