الوجود الحميد.. للشيخ حميد
علي حسين الأشول

يتفنن الخصوم السياسيون والشخصيون للشيخ حميد الأحمر في وصفه بأقبح الأوصاف السياسة والشخصية، فمن شيخ قبلي انتهازي ركب موجة التغيير الشبابية إلى السياسي الفاسد الذي فاته القطار إلى التاجر المحتكر الذي لا يهمه إلا ملياراته وشركاته، بل لا يتورعون عن اللمز والغمز في سلوكه الشخصي وأخلاقه.

وفي المقابل لا يتوانى أنصار الشيخ حميد في الدفاع عنه وإبراز دوره في ثورة الشباب وفي تحجيم ولجم التغول السياسي الفرعوني للرئيس صالح وأسرته، ويبقى ما يكتب ويقال عن الشيخ الشاب في الملياردير المعارض في هذا الإطار، كل طرف له حجته ومنطقه، وكل له دوافعه وأفكاره. وأنا هنا جئت لأفترض أن كل ما يقوله خصومه صحيح، وأن كل يكتبون عنه له شواهده في الواقع وأسلم بذلك وأوافق موافقة كاملة، فأقول مثلهم أن الشيخ حميد هو ابن السلطة وأنه تاجر كبير تهمه شركاته وأمواله، وأنه سياسي طموح جداً عينه على كرسي السلطة و لا يتورع عن مختلف التكتيكات والتحالفات السياسية التي تؤمن له تحقيق ما يطمح إليه. وباختصار هو أحد أفراد المجموعة التي تتحكم في حياة البلد سياسياً واقتصادياً.

إن أكثر شيء يمقته أي إنسان حر هو أن يستحوذ فرد أو مجموعة أو طائفة على حقوق الآخرين ويتحكمون من خلال هذا الاستحواذ في حياة الناس ورقابهم وأرزاقهم سواء كان هذا التحكم من خلال سلطة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية/ دينية. ولذلك أمقت ومعي كل الأحرار، بل أحتقر بدون تحفظ كل مستويات وأنواع التحكم والتسلط على الناس وعلى حريتهم وحقوقهم. ومن هذه القناعة ومن هذا الشعور الإنساني الحر أقف موقفاً مطلقاً ضد نظام صالح العائلي كما أقف موقف مماثلاً ضد كل إقطاعيات التسلط الاقتصادي والسياسي والثقافي الأخرى التي يمثلها في اليمن بعض كبار التجار الفاسدين و كثير من المشايخ القبليين وبعض علماء الدين وبعض التنظيمات الفكرية/ سياسية التي تدعي القرب المطلق من الحقيقة وتصنف الناس حسب موقفهم منها (من هذه التنظيمات). بسبب هذا الموقف وهذا الاستعداد الفطري لرفض الظلم والوصاية الفاسدة والتسلط فإن كثير من اليمنيين يمكن أن يوافقوا خصوم الشيخ حميد في موقفهم ويعتبروا ما يقوم به الشيخ هو مجرد استغلال بدائي لواقع سياسي واقتصادي متخلف ليعيد ويساهم في إعادة احتكار السلطة وإعادة توزيع أدوار التسلط، فمن صالح وأسرته إلى أسرة فلان وعلان وأسرهم.

إن الحقيقة الكبيرة التي أصبحت تفرض نفسها على الجميع داخل اليمن وخارجه بل على مستوى العالم كله، أن زمن الشعوب قد جاء وزمن الحرية والعدالة قد أقبل وأن تسلط أفراد أو جماعات بعينها على البشرية قد بدت حقائق زواله. والسبب ليس بالضرورة زيادة الوعي لدى جميع الشعوب وليس بالضرورة نضال جميع الشعوب من أجل حقوقها. السبب الأساسي أن العالم أصبح قرية كونية صغيرة وفضاء اتصالي مفتوح ، هذا الفضاء يتأثر بعضه ببعض بشكل مباشر ويومي ، فلم يعد هناك مجال للتسلط من خلال خداع الناس ولم يعد هناك مجال للتسلط من خلال تربية وتغذية العصبيات ولم يعد هناك مجال للتسلط من خلال الجهل، ففي هذه القرية الكونية، على الرغم من التفاوت أحياناً في التطور والمعرفة بين الدول والشعوب ، إلا أن الجميع أصبح يسمع ويرى، والجميع يتوق للحرية والعدالة والمساواة. وهذه لحظة تاريخية يمر بها العالم ، واليمن ليست استثناء من ذلك أبدا.

في هذه اللحظة التاريخية يبرز دور أفراد أقوياء حسب مكان تواجدهم وحسب قدراتهم . هؤلاء الأفراد يحددون دورهم وأهميته واتجاهه ومكانه من التاريخ. وفي اليمن كان الشيخ حميد منذ سنوات وما يزال ، ومثله الرجل العسكري علي محسن الأحمر وكثير من رموز العسكرية و القبيلة والثقافة والدين والتجارة ، كانوا وما يزالون شوكة ميزان سهلت وتسهل تحقيق عملية التحول في اليمن وهو تحول ثوري وحقيقي ويتم بسرعة لم نكن نحلم بأن تحصل في سنوات أو عقود ، و لولا وجودهم لكان ثمن التحول في اليمن باهضاً جداً مثلما نراه الآن في ليبيا وسوريا.

إن توازن الرعب والقوة والقدرة الذي ولده الوجود الحميد للشيخ حميد وأمثاله من رموز وعناصر القوة والتأثير في المجتمع اليمني أدى وسيؤدي بمشيئة الله إلى تقليل ثمن ومخاطر التحول التاريخي العظيم الذي تمر به البلاد، وهنا يستحق الرجال أمثال الشيخ حميد الأحمر كل الشكر والعرفان التاريخي لدورهم ووجودهم. فبوجودهم تحقن دماء اليمنيين وبوجودهم يتحقق التوازن الذي يسرع في قيام دولة مدنية حديثة مهما كانت التحديات ، فشكراً للشيخ حميد وشكرا للواء علي محسن وشكرا لجميع الرموز والقوى التي تساند ثورة الشباب في اليمن ، ونحن الشباب بدورنا نسامح الجميع على أدوارهم ومشاركاتهم في النظام السابق فالثورة تجب ما قبلها والوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ يغفر جميع الخطايا الوطنية.


في الأربعاء 17 أغسطس-آب 2011 10:17:22 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=11346