لماذا تأخر السقوط ؟!
سلطان الذيب
سلطان الذيب

بعد أن وصلت رياح التغيير في الربيع الثوري العربي الذي أدهش العالم وصفق له كل حر غيور إلى اليمن السعيد ، كامتداد طبيعي لرياح الثورات الشعبية غير المسبوقة التي اجتاحت المنطقة العربية، وانتقلت عدواها سريعاً لتراكمات سنوات كثيرة من القهر والظلم ومصادرة الحقوق وضعف التنمية، وتحت تأثير وسحر النجاح الذي حققته الثورة التونسية وأعقبتها الثورة المصرية، ليمتد تأثير هذا الربيع الثوري العربي الجديد إلى بقية دول الإقليم، في ليبيا وسوريا والأردن والمغرب، ومن في قائمة الانتظار، وجميعها ما زالت تعيش الحدث وتشق طريقها نحو حلم التغيير المنشود، ولم يحين بعد موعد الحصاد الكبير وسقوط رؤوس الاستبداد والأنظمة اليانعة التي حان قطافها وأني والله لأرى الثوار من الشعوب المغلوبة على أمرها لقاطفوها فلقد خرجوا لهدف ولن يعودوا دون تحقيقه.

وبعد دخول الثورة اليمنية شهرها السادس، التي دُشنت منذ انطلاقها في ثلاثة فبراير، وتوجت ذلك باعتصاماتها المفتوحة بساحات وميادين الحرية والتغيير بمعظم مدن الجمهورية في السابع عشر من شهر فبراير الماضي، ومع طول المدة إلا أنها لازالت بزخمها وبحيويتها الثورية ، رغم ما لاقت من متاعب واستهداف وبطش و قتل عكس بشاعة ودموية النظام ، والعبرة هنا أن الثورة كالسيل المتدفق إن منعها مانع بالقهر والإكراه انفجرت بشكل أقوى.

لكن الجميع يتساءل بعد طول هذه المدة لماذا لم يسقط النظام اليمني وهو يعتبر الحلقة الأضعف في سلسلة الأنظمة الأنفة الذكر، وقبل أن نجيب على هذا التساؤل يجب أن ندرك أن النظام في اليمن قد سقط وسقطت شرعيته وقانونيته في الداخل والخارج، ولم يعد مسيطراً إلا على قصر الرئاسة في السبعين، ولم يعد بإمكانه القيام بأبسط أعمال الدولة وأبسط خدمات المواطنين والدليل على ذلك أنه لم يوفر شيئاً للبلاد والشباب الثوار يؤمنون أنه لم يعد موجوداً...لكنه لازال متمثلا في بعض السفارات في الخارج وبعض المؤسسات العسكرية والمليشيات الصالحية التي مافتئت تقتل الشعب، وسنوجز هنا أسباب تأخر السقوط الكلي والسريع لنظام صالح مع أيماننا بحتمية هذا السقوط مهما طالت المدة وهي كالتالي:

 بالرُغم من نجاح الثورة اليمنية في صهر مكونات المُجتمع التقليدية والحديثة في قالب مُعاصر مثل نموذجاً مغايراً للحالة اليمنية متعددة القوى والاتجاهات والثقافة، .فإن طبيعة المجتمع اليمني التي يغلب عليها الطابع القبلي قلل من نسبة المدنية كما هي في الشعبين التونسي والمصري، أيضا وانتشار الأمية وسؤ التعليم هذه أثرت بشكل أو بآخر وجعلت من تبقى مع صالح يحبه ويرى فيه الزعيم الذي لن تجد اليمن مثله .

 المكينة الإعلامية الرسمية والمتمثلة في خمس قنوات فضائية، وكثير من الصحف الرسمية والمواقع الالكترونية، التي استمرئت الكذب والتدليس والزيف والخداع والفبركة، وأخذت بمقولة اكذب واكذب حتى يصدقك الناس وهي تغرر بالبسطاء من الناس، وأيضا بعض من في الخارج.. حيث أن الإعلام الرسمي صور الثورة وكأنها أزمة سياسية وصراع على السلطة بين النظام وبين أحزاب اللقاء المشترك ، 33 عاماً من التمجيد والتطبيل إنها لكفيلة بصنع خرافاتٍ مهولةٍ ،إذ استطاع الحاكم أن يغرس في بعض من أفراد شعبه أسطورة الزعيم الفذ، إذ صار

أمثال هؤلاء لا يتخيلون إمكانية وجود يمن من غير علي عبد الله صالح.

 النظام اليمني ليس نظام مؤسسات حتى يتم سقوطه بمجرد إيقاف عمل تلك المؤسسات، وإلا فعلياً النظام ليس لها وجود في حياة الناس وهو متمثل فقط في بعض الوحدات العسكرية كما أسلفنا ، فالنظام اليمني قائم على أفراد وهؤلاء الأفراد مستميتين في الدفاع عنه وإطالة عمره ولو لأشهر قادمة لأنه بسقوط النظام سيؤثر حتما على مصالحهم بل ويخافون على حياتهم من المحاكمة وغيرها لهذا فهم يرون انه بالنسبة لهم حياة أو موت.

 الجيش اليمني منقسم فليس هو بالمؤسسة العسكرية الوطنية المحايدة التي تحمي الوطن كما شاهدنا ذلك في مصر وتونس بل تحول جزء كبير منه إلى جيش عائلي لحماية فرد وولائه كله لهذا الفرد كالحرس الجمهوري والأمن المركزي التي يتولاها أولاده وأولاد أخيه.

 أعتقد في رأيي أن قوة أحزاب المعارضة في اليمن بعكس الحالة التونسية والمصرية أثرت في سير الثورة فطبيعة الأحزاب السياسية المدنية لا تتماشى مع طبيعة الثورة وعنفوانها فحسابات السياسيين غير حسابات الثائرين وكما يقال السياسة فعل الممكن والثورة فعل المستحيل رغم أن الأحزاب تشكل نسبة كبيرة من الثائرين وخدمت بشكل كبير الثورة في عدة أمور لا سبيل لذكرها هنا لكن النظام أيضا استطاع إقناع الخارج أن الأزمة بينه وبين المعارضة فقط.

 التدخل الخارجي: فيما يتعلق بالدور الإقليمي والدولي في بلدٍ جعله النظام بلد منقوص السيادة ،ومرتع لقوى أجنبية عدة ،فإن الدور يتعدى مُبادرات الحل والوساطات نحو التأثير على مراكز القوى الداخلية الحليفة لأطراف خارجية متعددة، وعموماً؛ فإن قوى التأثير الإقليمية والدولية تُراعي في المقام الأول مصالحها التي تتوهم أنه قد لا تحققها الثورة، خصوصاً مع التنازلات التي يقدمها نظام صالح لهذه الأطراف.

 عزف النظام على ورقة القاعدة وتضخيمها والتهويل من خطورتها على المنطقة والعالم من أجل الحصول على غطاء دولي،وفعلا إلى حد ما افلح في ذلك .

 المبادرة الخليجية الأولى التي نصت على تنحي الرئيس كانت مبادرة جيدة من الأشقاء ،وكانت تؤدي إلى انفراج المأزق وخروج الرئيس بطريقة سلسلة ومشرفة، ونجاح الثورة، ولكن وجود التعديلات على هذه المبادرة أدى إلى عدم الجدية، وإلى تلاعب الرئيس بمشاعر الأشقاء وبمسألة الوقت..

إلى الثوار:

أبشروا فرغم كل هذه المعوقات إلا أن الفجر قادم لا محالة، ولا يمكن لفرد ولا نظام ولا قوة ولا مصالح أن تهزم شعبا ثائرا يبحث عن كرامته فاصبروا واحتسبوا وحذاري من الفرقة فيما بينكم فقوتكم في وحدتكم.

إلى بقايا النظام:

أما يكفي ما فعلتم إلى الآن؟! أما آن لكم أن تدعوا شعب اليمن يعيش بحريته وكرامته التي سلبتموهما منه لسنوات، فالتاريخ لن يرحم وعدل الله سيطبق دنيا وآخرة فسارعوا إلى التوبة والاعتذار لشعبكم قبل فوات الأوان.

إلى الغرب ومن لف لفهم:

تتوهمون أن ثورات الشعوب العربية والإسلامية يمكن السيطرة عليها أو تشتيت زخمها والسيطرة مرة أخرى على ثرواتها والتحكم في رقابها، فالشعب اليمني وكل شعوب المنطقة صاحب تاريخ معروف في قيادة التغيير ومقاومة ظلم الاحتلال والاستبداد، وهو صاحب رؤية عربية وإسلامية لا تخطئها عين مراقب، وبالتالي هو منحاز إلى قضايا أمته ويفرق جيدا بين العدو والصديق.


في الأحد 17 يوليو-تموز 2011 12:50:10 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=11037