تبا لثورة لا تنتصر لباعوم!!
ماجد الداعري
ماجد الداعري

يرقد الزعيم الجنوبي البارز حسن أحمد باعوم - منذ اليومين الماضيين- في مستشفى الشرطة العسكري بالعاصمة صنعاء، تحت حراسة أمنية مشددة، ووسط حالة مخيفة من تدهور حالته الصحية وتراجع بنيته الجسمانية، وبروز لحيته البيضاء بصورة غير مسبوقة، وفي ظل إجراءات عزل احترازية ملفتة للانتباه ـ حيث شوهد مؤخرا على سرير مرضه والعديد من جنود النجدة يقفون بأسلحتهم وبزاتهم العسكرية، إلى جواره ونجله فواز في تلك الغرفة التي خصصت لهما في جناح قسم الجراحة في ذلك المستشفى العسكري الذي نقل إليه - عصر أمس الأول الثلاثاء - وهو في حالة صحية متدهورة للغاية، بعد أن امتنع عن تناول الأدوية المقررة له لتجاوز الحالة المرضية التي استدعته إلى إجراء عملية جراحة مفتوحة للقلب في وقت سابق في إحدى الدول الأوربية، وتفضيله الموت بقضاء الله وقدره بدلا من تحمل واقعه الصحي السيئ في معتقله الأمني السري الذي يقبع فيه منذ مرور عدة شهور على اختطافه ونجله فواز من إحدى مستشفيات مدينة عدن حينما كان يبحث عن فرصة للعلاج من زحمة تلك الآلام الصحية التي ما فتأت ترافقه منذ زمن بعيد إلى جوار كل تلك الهموم الوطنية والمتاعب الثورية الصادقة التي سايرته طوال ربيع حياته حتى جعلت منه رمزا أسطوريا لدى كل أبناء الجنوب الذين يفاخرون اليوم بأنهم السباقون عربيا إلى انتهاج العمل النضالي السلمي وتفجير ربيع الوضع الثوري العربي التحرري الذين دشنوا فصوله في مطلع العام 2007م وفي الوقت الذي لم يجرأ فيه أحدا هنا أوهناك على قول كلمة "جائع" أمام سطوة سلاطين الجور العربية عوضا عن كلمة "أرحل" ذات السيفونية الثورية الرائعة التي هزت عروش الطغاة وأذاقتهم مرارة الهزيمة التي لم تخطر مراتها يوما على بال أي منهم.

تقول المصادر الطبية التي نقلت صورة الأب الروحي لكل أبناء الجنوب وهو يقف أسيرا منهك القوى ومتعب الحال خلف جدران الغرفة رقم209 بمستشفى الشرطة العسكرية باحثا في قراره نفسه عن متنفس للحرية التي ينشدها لغيره من أبناء وطنه، أن مجموعة من جنود النجدة والأمن قد جاءت به – عصر يوم الثلاثاء على أقرب تقدير - من معتقله الأمني السري الذي يقبع فيه وولده فواز منذ اختطافهما في شهر فبراير الماضي من عدن وإخفائهما قسرا فيه دون السماح لأحد بمن فيهم أهله وأقاربه من زيارته أو معرفة مكان اعتقاله ونجله الذي ظهر هو الآخر إلى جواره وهو ضعيف البنية ومطلق لحيته وفي حالة صحية منهكة ترجح تلك المصادر أن تكون بسبب تنفيذهما الإضراب عن الطعام و امتناع باعوم الأب عن تناول أدوية (الأونسلين) المقرر له من أطبائه، جراء إصابته بكسر سابق في قدمه، حيث ظهر والحديد مايزال مغروسا بين لحمة وعظامه، تزامنا مع دخوله في إضراب غذائي شامل احتجاجا على سوء الواقع الصحي والنفسي الذي يعيش فيه منذ معاودة اختطافه دون أي جريرة أو ذنب ارتكبه بحق الإنسانية سوى رفضه للظلم والجور وتأييده المطلق للحرية والانعتاق سلميا وبعيدا عن الدم والعنف وثقافة القتل والهدم التي يبدوا أنها الخيار الذي يفضله ويتمناه "سجانيه".

دخل باعوم ونجله المستشفى سرا ووسط تكتم أمني شديد وإجراءات احترازية مشددة، وفي وقت كان فيه قرابة خمسة من جنود النجدة يحيطون بهما وبمكان وجودهما وآخرون يقفون على البوابة الخارجية للمستشفى ، قبل أن يتم عزلهما في عرفة خاصة بقسم الجراحة ومنع الدخول أو الوصول إليها باستثناء من يهمهم أمر وضعهما الصحي السري الشبيه بأوضاع معالجة معتقلي "تنظيم القاعدة"، حيث أكدت المصادر الطبية التي تمكنت من التعرف عليه بصورة غير متوقعه- أن الأمنيين المسؤولين على علاجهما حاولوا تصوير واقع وجودهما في المستشفى بـ"لحاهم المطلقة" والإجراءات الأمنية المحيطة بهما وكأنهما عضوين في تنظيم القاعدة، خاصة بعد أن استبدل اسمهما في ملفات المرضى بإشارة (ْْْ xxx ) وجرى التحفظ على وثائق ملفيهما وهويتهما حتى على الأطباء والممرضين القائمين على علاجهما.

يشعر الجميع في جنوبنا الحبيب أن باعوم رمزا للكبرياء الذي ينشدونه، وعنوانا للحرية التي يتمناها ويسعى إليها كل أبناء اليمن بشماله وجنوبه، وموطنا حرا وأصيلا للكرامة التي خرجت من أجلها كل جماهير الحراك الجنوبي السلمي التحرري منذ مطلع العام 2007م فكان لها وقع النصر المؤزر وطنيا وعربيا، وعلى أقل تقدير في إيصال الصوت الجنوبي المكلوم إلى كل أرجاء المعمورة، وليس بقائه رهناً لمطابخ قناتي "سهيل والجزيرة" الإخوانيتين الانتقائيتين، كما هو حال صوت الثورة الشبابية الشعبية "الرابضة اليوم في محلها بساحة التغيير" منذ أكثر من خمسة أشهر على بدأ مخاضها الثوري العسير على مايبدو، خاصة بعد أن تجاهلت الانتصار لرموز وطنية كبيرة بهامة المناضل الوطني الجسور "حسن باعوم" والرئيس الجنوبي"على سالم البيض" المنفي وحدوياً من وطنه،وعمدت إلى إبراز أشخاص ومسميات ما كان لها أن تسمى لولا تلك الجرأة الثورية التي ظهر بها الأول ودشنها الأخير طوال مسيرة الحياة الوطنية التي ترجح المصادر المقربة من الأول أنه قضى قرابة نصفها معتقلا من أجل الانتصار للحقيقة والحرية ومساندة غالبية أبناء شعبه، وبقي حرا أبيا على هذا الحال حتى جاءت اليوم "ثورة الشباب السلمية" المنادية باقتلاع نظام صالح وعائلته من جذوره، متناسية في ذات الوقت أو متجاهلة بالأصح حجم التضحيات الوطنية وتاريخ النضال الثوري الذي يمتلئ به سفر رجل أسطوري بحجم باعوم قضى نصف عمره في غياهب سجون الظلم والطغيان انتصارا لمبدأ حق آمن به واقتنع بعدالة تحقيقه وبلوغه، قبل أن يجازيه ثوار العهد اليمني الحديث بنكران وتهميش وتجاهل يجمع كل أنصار الحراك الجنوبي انه لايقل سوء ومرارة عن تجاهل نظام "صالح العائلي" لقيادات ورموز دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الذين أضحوا بين ليلة وضحاها غرباء الديار ومنفيين حتى من وطنهم الذين قدموه قربانا للوحدة اليمنية كما صدق في قولها الكذوب دوما "عباس المساوى" مغازلا الرئيس حيدر العطاس الذي قبل يومها أن يكون ضيفا أمامه في قناة "العربية"

ليأتي التساؤل عفويا اليوم من قبل كل أبناء الجنوب عن سر ذلك التجاهل الممنهج من قبل "ثورة الشباب" لرمز تاريخي يدين له الجميع اليوم يمنيا وعربيا بإشعال شراره الثورات العربية المعاصرة إن لم يظلمه التاريخ ورفاق دربه من"ثوار الحراك الجنوبي" الذين أفاقوا فجأة على ثقافة إقصاء آخر لتاريخهم وأدوارهم النضالية، ولكن هذا المرة من قبل ثوار "ثورة الشباب الشعبية السلمية" التي تحولت مؤخرا مع الأسف إلى "ثورة حزبية إخوانية" تهيمن عليها القيادات "الأثرية" لحزب الإصلاح " الحليف الديني لصالح وشريكه "المحلل سياسيا والمشرعن تاريخياً" لطغيانه وأقاربه في طول البلاد وعرضها منذ حرب الاجتياح العسكري الظالم لجمهورية جنوبنا اليمني الديمقراطي الحر في صيف العام 1994م. وإلا فلماذا لم لا يقدم القائمين على رسم معالم ومسميات فعاليات الثورة الشبابية اليوم على تسمية هذه الجمعة بـ"جمعة الحرية لـ"باعوم" الذي يلاقي اليوم الأمرين من قبل سجانيه تارة، و تارة أخرى من قبل ثوار الشباب المتجاهلين حتى لوجوده في المعتقل دون أن تهمة أو جريمة تذكر سوى مواقفه الوطنية وأرائه السياسية السلمية كما أكدت ذلك منظمة "هيومن رايتس وتش" في آخر تقاريرها المطالبة بالحرية لباعوم ونجله فواز، ما لم فإني اعتقد أن على جميع شباب الثورة أن يدركوا أنهم بحاجة إلى ثورة تصحيح على أخوان اليمن المهيمنين اليوم على ثورتهم بفضل مطابخهم الإعلامية المحلية والخارجية وقدراتهم التنظيمية وثقافتهم العنصرية وعقلياتهم الإقصائية لكل من يخالفهم في الرأي أو الوجهة. كما هو الحال على الأقل في ما يخص التجاهل والتهميش المتعمد لباعوم ورفاق دربه في الحراك الجنوبي التحرري التي تحاول من خلالها الماكينة الإعلامية الإخوانية كالجزيرة وسهيل وأخواتهما إخفاء أدوارهم النضالية السلمية من واجهة الساحة اليمنية وتصوير مطالبهم السياسية المشروعة بما فيها - الاستقلال وفك الارتباط - وكأنها خروج عن الإسلام وكفر بواح لا شرعية له ولا يحق لأي كان المطالبة به، في حين تتحفنا قناة "الجزيرة" بين الحين والآخر وبكل "وقاحة مهنية" وهي تتبهرج بادعاء احترام الرأي والرأي الآخر، دون أن تنوه لقاعدتها الجماهيرية الأوسع في العالم أن ذلك لا ينطبق على الشأنين اليمني والبحريني كما هو الأحرى بها. الأمر الذي يذكرنا بـ"تحفة وغرابة" سياسة المسؤولين على "السلطة" اليمنية - بضم السين لا بفتحها طبعا - حينما يظهرون على وسائل الإعلام بكل "نذالة سياسة" ليتحدثون عن "الشرعية الدستورية" و في نفس الوقت يسحقون الشعب بالطائرات والمدفعية وراجمات الصواريخ. وفي وقت نجد فيه مع الأسف شباب الثور يتسابقون إلى تعلم فنون رقص الرّاب الأمريكي وتقليد مايكل جاكسون على منصات ساحات التغيير تعويضا على ما يبدو عن الأحلام الثورية التي بدأت تتبخر من عزائمهم يوما بعد يوم.بعد أن عجزت ثورتهم حتى على مراوحة وطنها المحصور بين أزقة شوارع لا تزيد على بضعة كيلومترات مربعة هنا وهناك، أو تنتصر للأب الثوري لكل ثوار الحراك الجنوبي حسن باعوم.

الخاتمة:

لا أظن ثورتنا ستنتصر يا شباب اليمن الأحرار ما لم تنتصروا أولا لباعوم وتعملوا على التظاهر وتكثيف التظاهرات السلمية المطالبة بالحرية له ولنجله القابعين اليوم في مستشفى الشرطة العسكري بحالة صحية سيئة للغاية وفق ما نقلته مصادر طبية بالمستشفى، ما لم فاسمحوا لي جميعا أن أقول بأعلى صوت لدي وبحرارة كل الحروف وحمية كل الكلمات الثورية: "تبا لثورة لا تنتصر لباعوم" رمز الجنوب الحر وعنوان الوطن اليمني المنشود شمالا وجنوبا شرقا وغربا. ولا يسعني في ختام مقالي هذا إلا أن أكشف لكم عن واحدة من أجمل إسرار العمل التي لفتت اهتمامي طوال مسيرة عملي في موقع "مأرب برس" الإخباري المستقل والأبرز بين كل مواقع الصحافة الإلكترونية في اليمن، والمتعلقة باحتلال القيادي البارز في الحراك الجنوبي حسن باعوم لأكثر نسبة قراءة وتعليق بين كل الشخصيات السياسية اليمنية التي يتناولها الموقع بين الحين والآخر بعد الرئيس المنفي وحدويا بألمانيا علي سالم البيض، كما تشير إلى ذلك الإحصائيات والأرقام الإلكترونية التي تتيحها لوحة التحكم الإدارية في الموقع للمحررين والإداريين العاملين فيه، وللقراء أيضا من خلال نافذة الخبر الأكثر قراءة وتعليقا وإرسالا أسفل الواجهة الرئيسية للموقع، ولعل ذلك واحدا من الأسباب التي تجعل من شخصيته العفوية ذات التأثير الشعبي الكبير بين صفوف جماهير الحراك الجنوبي، ضيفا طويل المقام لدى أجهزة الأمن، غير أن المفارقة التي لا تتفق مع أي نهج ثوري تحرري في العالم أن تجد شخصية بهذا التأثير الكبير مجهولة أو متجاهله الأدوار، كما هو الحال بالنسبة للزعيمين الجنوبيين باعوم والبيض الذي عز علي وأنا أتجول في ساحة التغيير بصنعاء رؤية صورة واحدة لأي منهم.


في الأربعاء 06 يوليو-تموز 2011 04:37:38 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=10931