إنجاح نقل السلطة من العائلة الحاكمة إلى الشعب
د.فيصل الحذيفي
د.فيصل الحذيفي

في هذه المقالة سنتطرق إلى سبل الإجهاز على بقايا السلطة العائلية من خلال هدم أولا: « رافعات السلطة » والقوى التي تتكئ عليها، ثانيا: تبيان تراتيب « درجات النقل الآمن للسلطة » إلى الشعب باعتباره الملك الحقيقي لها وليس الفرد المستحوذ والعائلة ، وكم هو مؤسف أن نتحدث عن سلطة عائلية في نظام جمهوري .

أولا : رافعات السلطة العائلة :

1 - انتهى الرئيس وبالتالي المطلوب القضاء على بقاياه وذيوله

الرئيس هو من أسس السلطة العائلية وسقوطه المريع بتلك الكيفية التي أخزاه الله فيها وأذله كانت جزء من عقاب الهي لا يستدعي منا البحث بمن فعل به ذلك ولكن لماذا فعل به ذلك لأنه يستحق، وهذا الريس لو لم يكن له من الإثم السياسي غير الاستحواذ العائلي على السلطة لكفاه جرما في حق الشعب أن يحاكم على ذلك. فضلا عن معلومات شبه مؤكدة أن لديه أموالا جناها من عرق هذا الشعب تقدر بــ 27 مليار دولار، أي ما يعادل موازنة اليمن لمدة أربع سنوات.

هناك من يمني نفسه بعودة الصنم على غرار عودة المسيح ، وهذا كلام فقط يتشبث به بقايا النظام المستفيدون من بقائهم في السلطة والاستحواذ عليها وعدم تسليمها للشعب واستنادا إلى ما يسمى الشرعية الدستورية التي أكل عليها الدهر وشرب ، فصالح الذي كان آخر عهده بالناس يوم 3 يونيو بصوت مفبرك لم يستطيع أن يقدم لنا بقايا نظامه تسجيلا صوتيا آخر بعد مضي ما يقارب عشرين يوما، مع العلم أن الإنسان المريض مهما كان مرضه إن كان قد صدر منه ذلك الصوت أن يتماثل للشفاء لا أن يخرس إلى الأبد، وقد ساهم الإعلام الخارجي للأسف إلى اللعب على اليمنيين حين أشار إلى أن صالح خرج يركض من الطائرة على قدميه، فكيف يخرج على قدميه ولا يستطيع أن يتحفنا بتسجيل صوتي. وبعد أكثر من أسبوعين عاد ذات المصدر السعودي ليقول: إن علي صالح خرج على نقالة وبالتالي فان من يراهن على بقايا الشرعية الدستورية أن يفكر بعقلانية بمستقبله الجديد خاصة إذا كان غير مجرم في حق الشعب، وعلى من يتأخر عن هذا الإعلان أن يتم محاكمته بتهمة التضليل والاستحواذ على سلطة الشعب دون وجه حق.

الشعب اليمني الثائر اليوم أكثر منذ قبل يطالب السلطات السعودية بإعادة الرئيس الهالك حيا أو ميتا لان العدالة تقتضي الشروع إن كان حيا في إجراء محاكمة عادلة له حتى لو لم يبق من جسده سوى 60 % فهو ليس أفضل من مبارك أو بن علي أو بينوشيه أو سوهارتو. وان كان ميتا فذلك إعلان النهاية لأسوا حاكم عرفته اليمن في تاريخها ليتم إسدال الستار . وان كانت عودة إلى الحكم فالذي أرسل القذيفة الصاروخية الأولى لاشك سيكون قادرا على إرسال قذائف أخرى عليه وعلى من تبقى من إذنابه والشعب كفيل بإسقاطه ونظامه.

2 - الرئيس الظل (علي الآنسي)

إن من يدير الدولة ومفاصلها حقا في اليمن سواء مع وجود على صالح أو في غيابه هو الأستاذ علي الانسي مدير مكتب الرئاسة ومدير الأمن القومي وهذا الرجل اخطر شخصية يعيق الثورة وانتقال السلطة بالرغم من هدوئه وصمته، فهو من اشد المخلصين للحاكم الفرد والسلطة العائلية. وعلى مكونات الثورة برموزها الشبابية والحزبية والقبلية أن تسعى لمقابلته ومقايضته بعدم المساءلة باعتباره رجل فني يقوم بأداء واجباته وفق الأوامر والرغبات الرئاسية المطلوبة منه والموكلة إليه، وبالتالي عليه أن يعلن انحيازه للشعب وللثورة وإلا فانه سيخضع للمساءلة.

وهنا علينا أن نضع الحجة أمام الجميع فليس بإمكاننا تحميل المسؤولية للقائم بأعمال الرئاسة وحده فما زال الانسي يدير - من وراء ستار - الدولة ماليا وإعلاميا وبرتوكوليا ودبلوماسيا وإداريا وربما لوجستيا للنظام العائلي الهالك ، وبالتالي هذا الرجل التكنوقراط لا يزال يصيغ رسائل برتوكولية إلى رؤساء العالم باسم صالح تصدر من مكتب الرئاسة وكان الأجدر به لو كان رجل دولة وليس تابعا لصالح ونظامه العائلي أن يصمم هذه المراسلات باسم القائم بأعمال الرئيس الجديد وفقا للدستور بدلا من الرئيس الميت أو العاجز عن ممارسة مهامه وهو ما ثبت على الأقل خلال العشرين يوما الماضية.

3 - الابن الوريث وأبناء الأخوة في نظام جمهوري في القيادات العسكرية والأمنية

إن التخلص من هؤلاء الأبناء ليس صعبا لا أمام الثورة ولا أمام الجيش الثوري ـ فاعلان حكومة كفاءة وطنية وفاقية كفيلة بإزاحتهم بمرسوم وزاري وإذا رفضوا الانصياع يكونوا قد خرجوا عن الشرعية باعتبارهم متمردين، وبالتالي فان أحدا من أتباعهم لن يطع أوامرهم ، هولاء لا تفكروا بهم - مهما امتلكوا من آلة التدمير - امضوا قدما فقط بتشكيل حكومة تنجز ما عليها وهي كفيلة بمنع المرتبات والمال عنهم وأتباعهم من الجنود والبلاطجة لينهاروا مع أول مواجهة لأنهم لن يجدوا حولهم أحدا ينفذ أوامرهم ومخططاتهم الإجرامية.

 لقد أضحكني تصريح يحيى صالح حينما وصف نفسه وعائلته بالقول نحن الضباط المحترقين - ياليلي ياعيني على الاحتراف - ونحن نقول له لو لم تكن قرابة – العمومة والمصاهرة - بالحاكم الفرد ربما لكنت بياعا محترفا للحوح والملوج في باب اليمن.ونحن نقول لهؤلا المحترفين من أين لنا برئيس ميت أو عاجز يمارس الحكم ؟ اثبتوا لنا انه موجود حتى نتحاور على هذه النقطة من عدمها .

4- شهود الزور ضد الشعب والثورة الشعبية

هؤلاء هم كثر وهم بمثابة أيتام النظام اللؤماء، يدخل ضمن هذا التصنيف: ( البلاطجة ممن يدافعون عن مصالحهم المعرضة للزوال، ووسائل الإعلام المغتصبة لصالح العائلة والشلة المتعاونة ، ورجال الدين الذين يبيعون الفتوى في زمن رخو، وكل الذين يمارسون مهامهم في الحكومة المقالة في ظل فراغ سياسي ودستوري بسقوط الرئيس الهالك وأركان حكمه، هؤلاء سيصبحوا أيتاما عندما يخرجون من التشكيل الحكومي والوظيفي وسيذوبون عندما لا يجدون أموالا تنفق عليهم بسخاء ليهتفوا بصوت شاحب مسبوق الدفع « بالروح بالدم نفيدك ياطلي ». وفي الوقت الذي بتم فيه هدم رافعات السلطة العائلية ينبغي المضي قدما في ترتيب النقل الآمن للسلطة على الوجه الذي نوضحه في الفقرة التالية.

ثانيا : درجات النقل الآمن للسلطة

1-  عبده ربه هادي رئيسا موقنا :

إن العمل على دسترة التحول يمر من بوابة القائم بأعمال الرئيس، والإصرار على ذلك يأت من باب إبراء الذمة أمام الشعب وأمام عبد ربه منصور الذي وضعته الأقدار في هذا الموقع ولم يضع نفسه فيه ، وعليه إما أن يقبل آو يرفض وهو شخص لا يشك احد في قدرته إذا ما استلم السلطة بشكل امن، وان رفض عليه أن يستقيل فقد تركت أمامه الفرصة أكثر مما ينبغي، غير أن طلبه مهلة أسبوعين فهي حمالة أوجه وأكثرها تميل إلى ممالاة السلطة العائلية على حساب الشعب خصوصا وان الصحافة الرسمية تتحفنا بان صحة علي صالح يخير وانه سيعود فريبا وكان اليمن ملك شخصي له وللعائلة، والمطلوب من القائم بأعمال الرئيس إن يكون قائما بالأعمال وليس نائبا، وهذه القناعة ينبغي أن تفضي إلى تشكيل حكومة لسد الفراغ السياسي.

2-  تشكيل حكومة مؤقتة لممارسة السلطة

نعتقد أن تشيل حكومة مؤقتة - في كل الأحوال - هي الجسر الذي سيعبر عليه الجميع نحو الانتقال السلمي والآمن للسلطة وهي من سيعيد ترتيب الوضع بكل تعقيداته ونقل السلطة بكل مفاصلها من العائلة الحاكمة ومعاونيها ودواشينها وبلاطجتها وقواديها ومفسديها إلى الشعب المالك الأصلي للسلطة وفقا للدستور القائم أو القادم. وإن تعذر على عبده ربه منصور القيام بإجراء هذا التشكيل فما عليه إلا أن يستقبل أو يقال شعبيا وذلك بتوجيه الثورة بكل مكوناتها الشعبية إنذار له وتخييره بين ممارسة دوره الدستوري أو الاستقالة ولا ندامة في ذلك .

إن الاستقالة ستكمل حلقة الفراغ السياسي الذي يصل إلى نهايته، ومن ثم فان الشعب الثائر وجميع مكونات الثورة يصبح أمامها مبرر السعي إلى تشكيل مجلس انتقالي ضرورة لا رجعة عنها، يكون من أولى مهام هذا المجلس الانتقالي تعليق العمل بالدستور - المعطل أصلا - وتعليق المؤسسات الدستورية المعطلة بحكم الأمر الواقع وتشكيل مؤسسات دستورية وقتية للقيام بانجاز مهام مؤقتة يتم الاتفاق عليها جراء ذلك.

 

3-  المجلس الانتقالي والمهام العاجلة

 

من أولى مهام هذا المجلس تـشكيل حكومة وفاق وطني من الكفاءات ويفضل عدم ظهور الأحزاب فيها حتى يتم إسقاط مقولة الصراع من اجل السلطة وإحلال محلها مقولة التوافق من اجل الوطن والشراكة في المواطنة. وينبثق عن هذه الحكومة لجان تخصصية على شكل ورش عمل مفتوحة من ذلك على سبيل المثال لا الحصر:

- تشكيل لجنة دستورية لإعداد دستور جديد يتم الاستفتاء عليه لاحقا. واعادة النظر الى طبيعة الدولة الاتحادية كأساس لحل القضية الجنوبية التي كانت احد ثمار المصادرة والاستحواذ، وإعلان مشروع دستوري للعفو العام عن كل المنفيين في الخارج وعودتهم للمشاركة كمواطنين كاملي الحقوق.

- تزمين التراتيب الإجرائية والدستورية والانتقال السياسي وفق جدول زمني يتم فيه تحديد موعد انتخابات رئاسية وبرلمانية وسرعة الانتقال إلى شرعية دستورية جديدة تحضا بمصداقية ومشروعية عالية لدى المواطنين.

- تشكيل لجنة انتخابية مستقلة من جميع الأطياف ذات النزاهة والسمعة الطيبة لان نظام صالح لم يجعل لأي من عمل معه أدنى سمعة طيبة فقد تحول بعضهم إلى قوادين أكثر منهم خبراء أو رجال دولة بل أفراد عصابة.

- تشكيل هيئة للدفاع والأمن تعيد ترتيب القوات المسلحة والأمن وهيكلتها على أساس وطني بدلا من الأسس العائلية وسياسة الاستحواذ والمصادرة.

- تشكيل هيئة قضائية مستقلة تتولي إعادة هيكلة السلطة القضائية من جهة والتحقيق في الجرائم المرتكبة خلال 33 عاما بما في ذلك جرائم القتل والفساد ونهب المال العام والتضليل السياسي ضد الشعب وإهانته في وسائل الإعلام بشكل يومي.

- تشكيل هيئة اقتصادية من الخبراء لتقييم الاقتصاد الكلي للبلاد وحصر إيرادات الدولة وتوجيهها إلى الخزينة العامة وحصر التركة الثقيلة وإيضاح ما للشعب وما عليه وما هو ممكن تنميته من موارد مهدرة أو مغفلة أو معطلة أو منهوبة من ذلك مثلا لجنة مصغرة لدراسة أداء المؤسسة الاقتصادية العسكرية ولحساب من تعمل وأين إرباحها وأصولها ، وعلى هذه اللجنة إعداد برنامج محاسبي يعرض على شبكة الانترنت لكل المواطنين المدخلات والمخرجات المالية على مدار الساعة .

- يتم تشكيل لجان في التعليم والصحة وإقرار أن يكون حق التعليم والصحة مجانا ومكفولا لجميع المواطنين دون استثناء و إلغاء ما يسمى التعليم بالنفقة الخاصة أو العمليات الطبية مدفوعة الأجر وان يمول التعليم والصحة من الموازنة العامة المدفوعة من ثروة كل المواطنين.

- تشكيل محاكم متخصصة عاجلة لملاحقة من تسول له نفسه في إدخال البلاد والعباد في أتون صراعات وفوضى ليثبتوا أن الوضع القائم كان أفضل وان الثورة فاشلة وملاحقة بلاطجة النظام أين ما كانوا.

- منعا للاستحواذ على السلطة من إي حزب يصل إلى الحكم يتم استحداث نص دستوري يحرم على أي حزب كان أوصلته الانتخابات إلى الحكم استعمال أموال الدولة وإمكانياتها ووسائلها الإعلامية وتجـيـيرها لصالحه، وعلى هذا الأساس يتم استرجاع مؤسسات المؤتمر الشعبي العام وأمواله وكوادره إلى حظيرة الدولة، والسماح له ولغيره من الأحزاب بالنشاط السياسي وفقا لإمكانياته هو وليس لما يوظفه من إمكانيات الدولة أو الاستحواذ عليها.

- إعلان عام لكل المنخرطين في المؤتمر الشعبي العام بان لا نية لسياسية الاجتثاث وان الثورة كانت ضد الحاكم العائلي المستبد وليس ضد أي شخوص آخرين إلا من ثبت فساهم بالدليل وعبر القضاء .

د. فيصل الحذيفي

ملاحظة: لمزيد من الإيضاح حول مفهوم العائلية السياسية في هذا الرابط نشر قبل عام

http://209.59.188.39/articles.php?lng=arabic&aid=6906


في الثلاثاء 21 يونيو-حزيران 2011 11:04:28 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=10752