صنعاء: لا بد من (حرية) وإن طال السفر
د أحمد بن فارس السلوم
د أحمد بن فارس السلوم

  تقلبت الثورة الشبابية في صنعاء على أطوار مختلفة، وأجواء كثيرة، فقد مر عليها في ربيع واحد فصول السنة كلها..

مشاعر جياشة فياضة كشتاء ممطر.

وأحاسيس بالحرية رائعة كنسمات ربيعية.

وأحداث ساخنة كحرارة صيف محرق.

ورموز تتساقط هنا أو هناك كأوراق الخريف..

كانت هذه التقلبات تنعكس على شخصي الضعيف، فتارة أفرح وأخرى أحزن، ومرة أؤمل خيرا وأستبشر، لكني - قط والله يشهد- لم أتشاءم ولم أظن بالثورة سوءا.

حُب صنعاء يجذبني إليها، وخوفي عليها يزيدني ولعا بها.

اليوم صنعاء تشهد جمعة استثنائية، غاب عنها أحد أجزاء الثورة، لا أعني بالأجزاء الأفراد المشاركين فيها، كلا، فالثورة تتكون من شقين رئيسين:

ثوار ثاروا لأجل كرامتهم، وانتفضوا طلبا لحريتهم..

ومستبدين يقمعون الحريات، ويحاربون الإنسانية، ويعادون الحياة..

هذه الجمعة غاب الشق الثاني من المعادلة: إنه علي عبد الله صالح..

وبقي الشق الأول: إنهم الثوار..

عاجلا أو آجلا كان سيغيب الذي غاب اليوم عن المشهد اليمني، وسيظل الذي ما زال يمخر في عباب ميادين الحرية..

فالاستبداد مشروع شخصي ضيق، والحرية مشروع أمة واسع، والشخص يزول والأمة تبقى، واذا ضاق الأمر اتسع.

فقد علمنا التاريخ أن الشعب يبقى بعد حاكمه، وأن المستبد يزول أو يُزال، وأن الحرية نِصاب، ولا بد أن تعود الأمور إلى نصابها.

علمنا تاريخ الثورات العربية أن عزيمة العربي من حديد، وشكيمته لا تلين - واليمن كما يحب اليمنيون أن يقولوا وصدقو: أصل العرب - فلن تكون عزيمتهم إلا من فولاذ!!

في أول جمعة غاب عنها علي عبد الله صالح قد تكون الأمور في اليمن تقترب من الانفراج ومن تحقيق المطالب الشرعية للثوار.

يتوقف ذلك على أمور داخلية وخارجية، يعرفها القاصي والداني.

ولكن الذي أعرفه أنه يجب على علي عبدالله صالح أن يرحل عن المسرح اليمني للأبد، ليس من أجل اليمن فقط، بل من أجل الأمة العربية

فلدينا يا علي عبد الله صالح مشاكل أخرى في ليبيا وسوريا، أرحنا كي نتفرغ لمشاكلنا الأخرى..

والذي أعرفه كذلك أن اليمن سينال حريته ويبلغ مراده عاجلا أو آجلا، فاختصر علينا الوقت يا علي عبدالله صالح فقد أرهقتنا.

والذي أعرفه كذلك ان الشاعر قال فصدق: لا بد من صنعا وإن طال السفر..

واليوم صنعاء تقول: لا بد من حرية وإن طال السفر..

* أكاديمي ومعارض سوري


في الجمعة 10 يونيو-حزيران 2011 04:50:27 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=10577