الإخوان على أعينهم صنعوك .. يا علي
ابو الحسنين محسن معيض
ابو الحسنين محسن معيض

تمنيت أن لا يأتي العيد 21 للوحدة ويقوم الرئيس خطيبا فينا ولم يتحقق لنا ذلك , فجاء خطاب صالح مؤكدا عزمه على عدم الانصياع للمبادرات ومصرا على البقاء .. ومن خلال خطابه الأخير يستمر قلب الحقائق وتزييف الوقائع وكان كثير من ضيوف المنصة يضحكون فيما بينهم على ما يسمعون لعلمهم اليقيني بأن هذا هراء وكذب .. فساحات التغيير أطلق عليها التغرير والشباب المتواجد فيها خليط وأشكال يجتمعون للقات والقيل والقال ويستلمون 2000 ريال يوميا .. وهذه أمور تنطبق كاملة بنسبة 100% على ميدان التحرير.

ـ وأكثر ما يهمني في خطابه هو العلانية في تحديد الخصم وباسمهم التنظيمي العالمي ( الإخوان ) متجاهلا بقية الأحزاب المنضوية معهم تحت مسمى اللقاء المشترك إلا بذكرهم كالتأمر المشترك .. وحملت كلماته مرارة ووجعا فحاول توجيه ضربات كلامية لهم كمنطرفين وأنهم قد اختاروا مكان اعتصامهم قريبا من محاضنهم كجامعتي الإيمان والتكنولوجيا ومؤسسة اليتيم .. والقراءة التحليلية في ذلك أنه قد يأس مؤخرا من عودة الإصلاح إليه كما هو الحال قديما ففي أحلك لحظاته كان يظن أنهم سيعودون وهذا لم يتحقق فوجه لهم ما يراه يشفي ولو جزءا يسيرا من غليله .. فهم لم ينسوا تنكّر الرئيس لهم ووصفهم بأنهم كانوا بالنسبة له مجرد كارت أصبح محروقاً وهم الذين كانوا أصحاب الفضل عليه منذ توليه السلطة في 17 يوليو 1978، وهذا الكلام ليس على عواهنه ولكنه تاريخ مسطر فمن يدرس تاريخ الأخوان في اليمن يجد أنهم حافظوا في مختلف المراحل على علاقة وطيدة بأنظمة الحكم المتعاقبة وخصوصاً في الشمال وغلب على هذه العلاقة التكيف والتعايش بحيث لم تصل علاقتهم بالسلطة إلى حد الصدام الذي يؤدي إلى الافتراق والقطيعة في خاصية تميز التجربة اليمنية عن كثير من الحركات الإسلامية في الوطن العربي .. فمن العلاقة مع الرئيس الإرياني والحمدي ووصولاً إلى عهد صالح الذي كان أحد الشخصيات العسكرية البارزة في محاربة المد الماركسي القادم من الجنوب فنشأ تحالف بينه والإخوان الذين كانوا يسعون بدورهم للتصدي للأيديولوجية الماركسية .. هؤلاء الإخوان الذين يقذفهم اليوم صالح بأشنع الصفات وأقذع الألفاظ هم من ثبته على كرسيي الحكم في حرب الشطرين حينما توغل الجيش الجنوبي في أراض الشمال ورضخ الرئيس في لقاء الكويت لمطالب الجنوب بتمثيل حكومي للجبهة الوطنية المعارضة في الشمال وبعد عودته طلب الإخوان منه الجلوس على كرسييه فقط وعليهم تخليص البلاد فكانت الحروب الجبلية والكر والفر حتى تم انسحاب جيش اليمن الديمقراطي بتدخل الجامعة العربية حينها .. وفي مطلع الثمانينات خاض الرئيس اليمني بالتحالف مع الإخوان مواجهات عسكرية ضارية ضد المعارضة المسلحة وحقق نجاحاً ملموساً أسهم في إنقاذ النظام الحاكم الذي كان يعاني حالة ضعف شديدة . فالعلاقة بينهم قامت على أساس وجود عدو مشترك هو الجبهة الوطنية الديمقراطية المسلحة التي كانت امتدادا شمالياً للنظام الاشتراكي في الجنوب قبل الوحدة . فقررت الهيئات القيادية للإخوان آنذاك تبني المواجهة العسكرية والفكرية مع الجبهة وكان من ثمارها القضاء على الخطر العسكري الذي واجه نظام صالح , ولما تمت صياغة دستور جديد للجمهورية عمل الإخوان عليه وكان لهم دور كبير في وضع برنامجه ونظامه ..

وفي خضم هذا الوفاق لم ينس صالح ألاعيبه معهم فقد عمدت أصابع السلطة وبالتحديد بعد إشهار المؤتمر الشعبي العام (1982 ) إلى شق قيادة الأخوان بعد أن أوعزت إلى أمينهم العام وقتها عبد الملك منصور تبني مشروع اندماج الأخوان بالسلطة لتقوية تأثيرهم على القرار داخل الحكم على عكس فيما لو ظلت الحركة تعمل منفردة ومستقلة عن السلطة غير أن هذه المحاولة لم تفلح سوى باستقطاب عبد الملك منصور إليهم .. وفي المواجهات الأخرى كان للإخوان دور فاعل في حسم نتيجة الصراع لصالح الحاكم . وبعد تحقيق الوحدة اليمنية كان الإخوان سند الحاكم وعصاه التي يلوح بها في وجه خصومه وأحيانا سوطه الذي يضرب به ظهور معارضيه .. وتقدم رجال الإخوان معارك الانفصال وقدموا تضحيات جمة وكبيرة حيث كانت كوادرهم في مقدمة المقاتلين على كل الجبهات وسقط منهم مئات القتلى , ففي شبوة تقدم الشهيد باحاج ورفاقه الصفوف الأولى للمعارك بينما تخلف عنها كثير من الأسماء اللامعة اليوم في قيادات المؤتمر واختبئوا في شعابهم وقراهم بالمحافظة تاركين مهمة الدفاع عن الوحدة اليمنية لجهابذة الإخوان وأسودها ، وبرغم الضربات المتتالية التي وجهها له النظام فقد تمسك الإصلاح بالمسالمة وتجنب كل ما من شأنه الإضرار بالمصالح الوطنية وكان أقواها إغلاق المعاهد العليمة التي كانت من أهم الحصون الفكرية له وحين توقع كثيرون تمرداً إصلاحياً واسع النطاق فاجأهم بتقبل الأمر بروح حضارية عالية، وأعلن رفضه السلمي لهذه الخطوة .. وفي انتخابات برلمان 1997 حقق حزب المؤتمر الشعبي العام أغلبية مريحة لينفرد بالسلطة ويُخرج الإصلاح إلى المعارضة وبرغم ذلك ظل الود بين الجانبين سنوات حتى إن الإصلاح سبق المؤتمر إلى إعلان صالح كمرشح له في الانتخابات الرئاسية عام 99م ولم يجد الإصلاح من جانب المؤتمر التفاعل الذي يتناسب مع هذا الموقف العملي الذي تعرض فيه الإصلاح كحزب سياسي لهجمة إعلامية شرسة تحدثت عن صفقة مع الرئيس مقابل ترشيحه , وقد كان الإصلاح يتحرك في كل ذلك من منطلق شرعي وإنساني كالنصيحة للحاكم والدفاع عن الدين وحفظ وحدة المسلمين وتحقيق المصالح العامة للأمة .

هذا التاريخ الحافل لم يشفع للإخوان يوما عند هذا الطاغية بل ترك نفسه عرضة لغيبة المفسدين ونجوى الحاقدين يبثون سموم الكلام في أذان متقيحة فيقوم بالكيد لهم والتحجيم لمصالحهم وتصفيتهم من وظائفهم بصورة مخالفة للقانون والدستور .. واليوم يتهمهم صراحة وبحرقة أنهم سبب المصائب وخارجون عن الشرعية الدستورية .. لطالما كنت ناكرا لجميلهم ولطالما صبروا عليك وتحملوك .. لطالما حطمتهم وكسرت أجنحتهم وهم صنعوك وثبتوك .. واليوم صب عليهم جام غضبك لقد تعلموا الدرس وهجروك فمهما حاولت استمالتهم وتفتيت صفهم فلن تفلح .. فقل ما شئت وافعل ما شئت .. إنها مرارة الرحيل وعلقم المغادرة نطق بها لسانك في يوم الوحدة العظيم .. ولأن كانوا يوما سندا لك فهم اليوم مطية الشعب الكريمة وسيف الوطن البتار ! يا صالح أكثر من النياحة .. لقد جنت عليك براقشك الكبار وجرائها النباحة ..


في الإثنين 23 مايو 2011 07:34:45 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=10348