يا إخوتنا في الخليج
سلطان الذيب
سلطان الذيب

في ظل الأوضاع السائدة في اليمن، والتي يريد علي صالح أن تشبّ نار الحرب فيها، لولا الوعي المنقطع النظير الذي يبديه الشعب اليمني وصبره، وهو يشاهد سقوط أبنائه شهداء الواحد تلو الآخر، وفي ظل بلد حُكم بالأزمات لسنوات واختلاق المشاكل، فقر وفساد، نهب وسلب، لا وجود لدولة النظام والقانون، لا وجود لسياسة اقتصادية مسؤولة، ولا أيدي أمينة تستثمر ثروات اليمن لصالح الشعب، لا وجود لهذا كله، وهذا ما دعا الشعب لأن ينزل إلى الشارع وينادي بسقوط النظام.

وتفاقمت الأزمة ودخل إخواننا الخليجيون على الخط بمبادرتهم الأولى، فاستبشر الشعب خيرًا، خاصة أنها كانت تنص في أول بنودها على رحيل صالح، لكن صالح -كما نعرف- مراوغ بارع، ويجيد فن الكذب بمختلف صوره؛ فماطل وتعذّر بأن المبادرة ليست خليجية، وإنما هي مؤامرة قطرية، فاجتمع القادة الخليجيون، وعدّلوا في بنودها بما يتناسب مع النظام، ثم تعديل آخر، وتعديل ثالث أرسل مجلس التعاون الخليجي فيه الأستاذ عبد اللطيف الزياني أمين عام المجلس إلى اليمن ليوقع الطرفان على المبادرة: الرئيس والمعارضة، وكلنا علمنا بما جرى من تعنّت ورفض علي صالح للتوقيع، وأقفل الزياني راجعًا بخفّي حنين.

ولا يزال الرجل يراوغ إلى أن وصلنا إلى التعديل الرابع، حينها أيقن الشعب أن لا حوار مع صالح، بل وصل الأمر إلى أن يتهم الشباب الأحزاب السياسية المعارضة بأنهم يتآمرون مع النظام على ثورة الشباب، وأيقنت هي الأخرى المعارضة بعدم جدوى المبادرات والحوارات مع هذا النظام.

وبعد كل هذا نقول لكم يا إخوتنا في الخليج: ألا يكفي؟! أما آن لكم أن تعرفوا حقيقة صالح...؟! ألستم العرب الأقحاح ذوي الفصاحة والنباهة؟! ألا ترون أن هذا الرجل ماكر مماطل خدّاع، فأديروا ظهوركم له، ووجّهوا وجوهكم تجاه شباب اليمن الصاعد. كونوا لهم آباء حانين يكونوا لكم أبناءً بارّين في المعروف والمتعارف عليه.. ويجب أن تعرفوا أن الأمر ليس كما تتصورون أنها أزمة سياسية بين السلطة والمعارضة، ووعكة اقتصادية، كلا، الأمر أكبر من ذلك، إنها ثورة شعب بأكمله.

أيها الأشقاء، نقول لكم: أحسن الله سعيكم، وبارك الله في جهودكم، فلا تصدقوا النظام عندما يوهمكم أنه الوحيد القادر على حفظ واستقرار اليمن، مع إن كل الشواهد تقول بعكس ذلك؛ فهو السبب الرئيس لكل مشاكل اليمن شمالاً وجنوبًا.

ألا تروون كم من الدماء الزكية سالت و تسيل على الشوارع يوميًا في كل مدن اليمن؟! ليس لشيء إلاّ لأنهم يطالبون بالتغيير، والشباب الثائر لا يملكون إلاّ الورود، وقولهم: سلميّة سلميّة، ثم يطلع علينا صالح بخطبة عصماء يوم الجمعة ليقول لنا: إن المتظاهرين قتلوا أنفسهم، واعتدوا على أفراد الأمن وعلى المناصرين.

مئات الشهداء قُتلوا بدم بارد، وآلاف الجرحى بالرصاص الحي والغازات السامة من قبل قنّاصة صالح من الأمن المركزي، والحرس الخاص، والحرس الجمهوري، ووالله إنهم من خيرة الشباب ممن يرتادون المساجد، ومن طلاب الجامعات والثانويات، لا يحملون حتى سكينًا واحدة. ألا تحرك فينا العواطفَ هذه الدماء؟ ألا ننصرها؟ ألا نساعد في وقف نزيفها؟ ألا نتحمل جزءًا من المسؤولية؟!

أيها الأشقاء، أتقفون مع شخص فرد ومجموعة من المنتفعين ضد شعب بأكمله؟! شخص قاتل لشعبه وبني جلدته، مِمَّ تخافون؟ ما الذي يزعجكم؟ مِمَّ القلق؟ والله وبالله وتالله ما رجل أشد خطرًا على اليمن والمنطقة من هذا المسمّى زورًا وبهتانًا بصالح. فلا تصدقوا ادّعاءاته وكذبه وزيفه.. وأنتم تعرفون ذلك جيدًا، والمواقف كثيرة التي تبيّن فيها كذبه ومكره بكم..

فأفيقوا؛ فالوقت لا يقف، والتاريخ لن يرحم، والثورة منصورة منصورة بإذن الله. فأي صف ستكونون فيه؟! حدّدوا موقفكم وموقعكم.

وما ينبغي أن لا يغفل عنه الإخوة الخليجيون هو أن الشعب الثائر هو صاحب الحق في منح الشرعية، وهو صاحب الحق في سحبها، ولا يجوز بأي حال من الأحوال تجاوز هذه النقطة الأساسية والمهمة؛ إذ إن شرعية صالح سقطت بعد أن سقط سياسيًّا وأخلاقيًّا، وما تختلف فيه هذه الثورة عن سابقاتها هي أن الثورات السابقة كانت شرعيتها من النخب، أم اليوم فالشرعية شرعية شعب بالكامل، والشعب قال كلمته، ولن يتراجع حتى حصول الغاية.

والله إن استمررتم بهكذا طريقة وسياسة فلا أظنكم إلاّ ستخسرون ودّهم، وستفقدون ثقة الشعب اليمني فيكم، وأعتقد أنكم حريصون إن لم تكونوا على اليمن فعلى مصالحكم، فهم من سيحميها، و اليمن هي بوابتكم الجنوبية.

أما إخوتكم شباب وشيوخ ونساء اليمن فلهم الله؛ فهو نصيرهم ووليّهم، ولا يعولون على أحد، إنما أرادوا أن نجتمع في المعروف لتجتمع قلوبنا ومصالحنا فيما بعد.... فانظروا أمركم، ولملموا أوراقكم؛ فالكرة في ناديكم.


في الإثنين 16 مايو 2011 06:09:07 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=10264