ثورة الشباب الآمال والتحديات
نبيل يحي شمس الدين
نبيل يحي شمس الدين

كنت قد توقفت عن الكتابة منذ آخر مقال كتبته وقد كان بعنوان\" هل يصبح الفساد القنبلة الموقوتة التي حان انفجارها ؟؟\" في 2006م وقد كان مقالاً أكاديميا أكثر منة صحفيا حيث كان خلاصة لبحث تقدمت به في مرحلة دراسة الماجستير أي انة كان مبني علي اسس منهجية ، وقد بينت فية مفهوم الفساد واثارة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وفي نهاية المقال طرحت رؤية لتفادي الانفجار لتلك القنبلة الموقوتة .

ولعل ابرز ما جاء في المقال \"انة عندما يستشرى الفساد في الجهاز الادارى للحكومات ويؤدى إلى انحرافة عن هدفة الرسمي لصالح أهداف خاصة بدلا عن الاستجابة لطلبات الجمهور العامة , يصبح كالسرطان الذي ينهك بنية الإدارة الحكومية ويضعف أدائها ويهدر مواردها مما يؤدى إلى أعاقة أهداف الإصلاح والتطوير ويحمل المجتمع تكاليف مادية ومعنوية ,تؤدى في النهاية إلى أعاقة مسار التنمية الشاملة .

ومع جود ثقافة وقيم مؤسسية متهاونة مع ممارسات الفساد, من خلال عدم مساءلة أو محاسبة الفاسدين عندما ترصد ضدهم وقائع استغلال للسلطة ونهب للمال العام بل على العكس يتم ترقيتهم وتعينهم في أماكن أخرى , وفى أحسن الأحوال عندما تفوح الرائحة بشكل مزري يتم ركنهم لوقت الحاجة , فأن الفساد يصبح ثقافة سائدة تهدم قيم وأخلاق الناس , وفي هذة الحالة فأن التقليل من شان المأزق التنموي الذي نعيشة في كل المجالات ((اقتصاديا , وسياسيا , واجتماعيا , وثقافيا))والقول بأن التحذيرات والتقارير الدولية من انهيار وشيك للاقتصاد اليمني بناء على معاييرها الدولية لا تمت إلى المعايير اليمنية بصلة, فاليمنيون منذ قرون يعانون من انهيار اقتصادي لم يشهد تحسنا حقيقيا وجوهريا في أي مرحلة من المراحل,يبدوا أنة منافي للواقع ويتجاهل تغير القيم الاجتماعية والثقافية والسياسية التي افرزها الفساد .

والحقيقة أنة عندما يعكس فساد الدولة والمجتمع أخلاق الناس ويعبر عن فقدان الإخلاص للوطن, وعندما يصبح الفساد أمرا مؤسسيا ونظاميا أو عنصر أساسيا في الحياة اليومية ,فأنة سيكون له إثارة المدمرة على المجتمع ويصبح كالقنبلة الموقوتة المهددة بالانفجار لتلقي بظلالها على جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

وان الاثار السياسية للفساد تؤدي إلى الأضرار بمصداقية الدولة وأجهزتها فانتشار الفساد يؤدي إلي إضعاف قواعد العمل الرسمية والحيلولة دون تحقيق الأهداف الرسمية مما يؤدى إلى عدم الثقة بالدولة , و انعدام الثقة لة إثارة في المجتمع حيث يؤدى إلى نقص الفعل الجماعي ,كما أن افتقاد روح العدالة في قلوب الموطنين قد يؤدى ذلك إلي اليأس من اى مبادرات للإصلاح والتطوير, وهذا إذا ما صبح ظاهرة متنامية قد يقوض النظام السياسي برمتة \".

وهذا ماوصلنا الية في هذة المرحلة من انهيار النظام ، واذكر ان احد الزملاء لم يعجبة المقال في وقتها وقال ان هذا الكلام مستحيل ان يحدث وهذه أحلامكم أصحاب المعارضة ، والاشكالية انة كغيرة لم يقراء المعالجة التي طرحت للنقاش في نهاية المقال للخروج من المأزق وكان موقفة كرجل سلطة اعتبر ان المقال من باب الصراع السياسي لاغير .

وفي تقديري ان المعارضة ايضا لم تقراءها فهو مقال من الالاف المقالات ولانها لاتمتلك بنية مؤسسية ولا هياكل تنضيمية تؤهلها من ترشيد القرارت ولا تهتم بالمراكز البحثية ولا بالعلم كطريقة للادراك، ومن ثم التواجد في المجتمع كأرقام صحيحة .

فهي لم تكن مستعدة ومؤهلة للتغير لا في وقتها ولا حتي الآن ، وقد أكون مخطئ في تقديري لكني اعتقد انها شاركت بشكل او بأخر فيما وصلت إلية الأمور الآن .

وفي هذا اللحظات الصعبة في تاريخ اليمن نحن امام خيارات مجهولة اما ان ننزلق في نفق مظلم من الفتن خصوصا مع الانقسام الحاصل في الشارع والجيش والقبيلة ، ومع التحريض الذي ينتهجة البعض يدخل البلد في احتمالات مرعبة، ولا اعتقد ان اى انسان يمتلك ذرة ايمان او عقل يقبل ان يروع الآلاف من الشيوخ والنساء والاطفال ، والكلام عن ضريبة يدفعها اليمنيين للتغير اعتقد انة كلام غير مسؤول .

ورغم اختلاط الاوراق ويبدو ان كل الاحتمالات واردة والقادم مجهول الا ان هناك شبة اجماع علي ضرورة التغيير وحتي تلك الجموع الخارجة المؤيدة للنظام تنادي بالتغير ، والتالي فانة من المهم ان يدور انقاش عن الية التغير بالطريقة السلمية وبشكل واقعي يراعي واقع البلد وطبيعة المجتمع بحيث يتم تجنيب البلد سفك المزيد من الدماء ، والتعامل مع المبادرات ومنها المبادرة الخليجية بشكل مسؤول .

ولا اعتقد ان الطريقة الدستورية كما يروج لها البعض هي الانتظار او التأجيل و إجراءا انتخابات رئاسية في ظل النظام القائم هي الطريقة الدستورية الوحيدة فالنظام القائم عمليا لا يمتلك السلطة والسيطرة وإدارة البلاد بشكل طبيعي .

ومع احترامنا للملايين المؤيدة للرئيس والذي في رأي لابد من احترام رايهم ووطنيتهم والمنطلقات التي خرجوا من اجلها وهي الحفاظ علي امن واستقرار البلد .

الا ان ذلك لن يغير بأي حالة من الاحوال من الواقع الهش للبناء الاداري والمؤسسي للنظام ودرجة فساد عالية دمرت فية سلطات الدولة( التشريعية ، القضائية ، التنفيذية ) ومع خروج الملايين المطالبة بأسقاط النظام في جميع المحافظات فأن انهيار النظام يكون نتيجة حتمية ومنطقية وكل الدراسات العلمية والابحاث تؤكد انة عندما يصل الفساد الي الدرجة التي وصلت اليها في اليمن يكون انهيار النظام امرا حتميا .

والخوف من نتائج الانقسام الحاصل فى المجتمع فالامور تسير في اتجاة تدمير النسيج الاجتماعي اذا ما استمر التحريض الاعلامي وفي هذة المرحلة لابد علي الجميع العمل من اجل الحفاظ علي النسيج الاجتماعي وان لايتحول الصراع السياسي الي صراع اجتماعي قد نحتاج الي وقت طويل لاصلاحة .

وعلينا ان ندرك كيمنيين انة لا مخرج لنا ولن تستقر البلاد وتشهد تنمية حقيقية للإنسان الا اذا اجمعنا علي اقامة الدولة المدنية الحديثة فهي صمام الأمان لليمنيين حتي لاينزلقوا في وادي الفتن والاقتتال، وفي اعتقادي انة لكي يتم التغيير الحقيقي فأنة لابد من وجود شعور جماعي أي إجماع من التيارات والفئات في المجتمع حول مبادئ الدولة المدنية الحديثة لتكون هدف الجميع وهذه المبادئ سوف توحد الجميع علي اهداف مشتركة رغم اختلاف الاتجاهات والتيارات للعيش في ظل دولة واحدة وستفوت الفرصة علي الانتهازيين فى الثورات ومن كانوا شركاء السلطة والثروة بألامس ان يصبحوا أطراف فاعلة في اللعبة، وهذا يتطلب من الشباب ان يعملوا من اجل هذة المبادئ بعيدا عن الحزبية وحتي الشباب المنتمين الي احزاب لا بد من اعتبار انفسهم مستقيليين من احزابهم خلال فترة الثورة ومبادئ الدولة المدنية الحديثة التي يجب ان توحد العمل من اجلها هي :

- ان لا تتكون الدولة علي اساس عسكري او مذهبي او عرقي

- احترام حقوق الانسان وكرامتة والحريات بالتالي فأن اجهزة كالأمن السياسي او الأمن القومي يتعارض مع مفهوم الدولة المدنية ولا توجد هذة الاجهزة الا في الانظمة البوليسية القمعية .

- العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية وتطبيق القانون وقضاء مستقل عادل وبالتالي لا احد فوق القانون الكل سواسية امام القانون الرئيس و الشيخ والوزير والمواطن ، ويمكن القول ان كل المشاكل والمظالم هي نتيجة عدم تطبيق القانون وفساد القضاء ،غابت الدولة وقوة القانون واستمد الناس قوتهم من القبيلة او النفوذ او المال .


في الأحد 24 إبريل-نيسان 2011 04:52:59 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=10001