آخر الاخبار
الموت القادم من القصر !!
بقلم/ طارق فؤاد البنا
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 14 يوماً
الأربعاء 06 إبريل-نيسان 2011 03:23 م

يجد المتابع لأحداث الساحة اليمنية طيلة فترة حكم الرئيس المنتهية شرعيته علي عبدالله صالح ، يلاحظ كيف ظل نظامه الفاسد يحكم الشعب اليمني بتشكيلة واسعة من الأساليب الخبيثة التي يعجز عن التفكير فيها الشيطان نفسه .

ودائماً ما يتظاهر هذا النظام ورئيسه تحديداً بأنه صانع المنجزات ، ومحقق المعجزات ، وباني اليمن طوبة طوبة كما قال صالح في خطاب له ذات يوم ، متخذاً من قذافي ليبيا مثالاً له ، أو بالأحرى كل منهما اتخذ الآخر قدوة ، وإن اختلفوا في الوسائل والأساليب إلا أن ما يجمعهما معاً هو شيء واحد ، وهو (الجنون)!!.

ولعلنا كثيراً ما نسمع وخاصة خلال الأيام القليلة الماضية الرئيس صالح وهو يحذر اليمنيين من الدخول في حرب أهلية ، وفي متاهات القتل ، وحبائل الموت التي لا يمكن الخروج منها .

ولكن رئيس هذا النظام نسي أو تناسى أن هذا النظام هو أكبر داعم (للموت) في الوطن ، حيث لجأ هذا النظام وإن بشكل شيطاني خفي إلى (قتل) كل روح حرة في هذا الوطن ، وعلى (إماتة) النخوة والكرامة والعزة عند أبناء شعب الحرية والكرامة والإيمان .

وعند العودة إلى ترصد مسلسل (الموت) الذي انتهجه الرئيس صالح ونظامه ، نجد الكثير من المحطات الخطيرة التي تنبئ عن (قذافي) جديد ظهر في اليمن ، وها نحن نلاقي الموت في كل (زنجة) في هذا الوطن .

ولعل أبرز هذه المحطات هي محطة الحروب التي خاضها هذا النظام في صعده ، حيث بدت هذه القضية لمن يحاول فهمها كمن يحاول (إخراج شعرة من العجين) ، فتشابكت خيوطها ، وتاه الكثيرين بين أروقتها ، ولكن أقدار الله لا تخفي شيئاً ، وسنة الله في أنه (يمهل ولا يهمل) أمهلت علي صالح حروباً عدة ، ولكن في النهاية ظهر (الموت الصالحي) ظاهراً للعيان ، وخرج بصورة سافرة تُظهر كم هم الزعماء (أنذال) على شعوبهم ، كم هم (أسود) على أبناء شعوبهم ، وكيف يتحولون إلى (نعامات) أمام الدول الأخرى ، وخاصة أمام (ماما أمريكا) التي يجب على كل زعيم ان يصلي لها ، ويركع تحت قدميها ، وينبطح حد كسر الظهر ، كي ترضى عنه ، وتصرف له حفنة من الدولارات ، شارية بذلك حريته وكرامته وإبائه ونخوته وغيرته ، حتى يتحول إلى مجرد (لعبة) تُدار من الخلف ، وهي تسير بلا إرادة ، لا تمتلك إلا أن تنفذ الأوامر فقط .

ونتيجة حروب صعده التي بدأت نتيجة تشجيع الرئيس صالح نفسه لجماعة الحوثيين ، كي يكونوا قوة حامية له أمام قوة الإخوان المسلمين ، ولكي يثير النزاعات المذهبية بين أفراد الوطن الواحد ، فصرف لهم الدعم بلا حدود ، وشجعهم على كل خطوة كانوا يقومون بها ، معتقداً أنه كان يُحسن صنعا ، وهو غير مدرك أنه من الأخسرين أعمالاًُ ، والذين تنقلب أعمالهم وبالاً عليهم ، فقد كانت النتيجة أن سيق أبناء الشعب من الجيش اليمني وحتى من المواطنين المدنيين إلى دائرة (الموت) المحقق ، والذي حصد أرواح عشرات الآلاف من اليمنيين طيلة الحروب الستة ، ولا ننسى أنه حتى (الحوثيين) هم من أبناء الشعب ، لذلك فقد كانت الحصيلة ، حرب أشعلها نظام فاسد فحصدت أراوح عشرات الآلاف ، وذهب أضعافهم إلى المستشفيات بإعاقات تُدمي القلب ، وأيضاً تكلفة مالية من أموال الشعب كان يستطيع هذا النظام الفاشل أن يحول اليمن إلى نموذج مشابه لدول الخليج في رفاهية العيش ، وهذا ما لم يحاول النظام أن يفعله ، معتمداً على قاعدة (جوع كلبك يتبعك) وحاكماً اليمن بالحديد والنار .

وفي المحطة الثانية التي دعم فيها الرئيس صالح (الموت) في وجه أبناء شعبه ، قام هذا الرئيس بالسماح للطائرات الأمريكية بقتل أبناء بلده في داخل منازلهم ، مخلفين أكثر من ستين قتيلاً ما بين طفل وامرأة وشاب وشيخ مسن في قرية (المعجلة) في أبين ، وبعدها خرج الرئيس ليقول أن الجيش اليمني هو من قام بتلك العملية باستهدافه لأفراد من تنظيم القاعدة الذي صنعه الرئيس وشجعه ووفر الأجواء له ليجد في اليمن ملاذاً آمناً بعد هروبه من جميع دول العالم ، ولم يفضح أمر هذا الرئيس (المفضوح) إلا وثائق ويكليكس ، ومرة أخرى يثبت الرئيس صالح عشقه (للموت) واحترافه صناعته ، عبر الجريمة التي وقعت الأسبوع الماضي حين قتل أكثر من 110 وأصيب العشرات من أبناء أبين بعد تفجير مصنع للذخيرة سلمته عناصر الرئيس صالح لقوى الشر التي قامت بتفجيره من اجل نشر القلاقل وإثارة الاوضاع في هذا الوطن الذي عاش طيلة 33 سنة أياماً من الخوف والتهديد ب(الموت) الذي عشقه نظام الرئيس صالح . 

وتواصلاً لمسلسل الموت الآتي من القصر ، يلاحظ الكثيرين منا أن اليمن تتصدر قوائم الوفيات في حوادث المرور ، وأن الحصيلة تفوق ما تحصده حروب في دول أخرى ، وكذلك تفوق كوارث الطبيعة بمختلف أشكالها من زلازل واعاصير وبراكين ، سيقول قائل منكم ، وما دخل القصر والرئيس بهذا الأمر ، وهل يتحول الرئيس إلى (عسكري مرور) ينظم حركة المركبات ، أم إلى (مهندس ميكانيكي) يتفقد المركبات ويتاكد من مطابقتها لشروط السلامة ، ولكن من يُعمل عقله في مسلسل التوظيف ، يجد ان كل شي في هذا البلد يدار من القصر ، فعندما يعين الرئيس مديراً للمرور ، وهو أمي لا يفقه من الحياة شيئاً ، ولا يستطيع التعامل مع (فأر) ربما يدخل منزله فيفر منه هاربا ، فكيف سيستطيع هذا المدير أن يدير موظفيه ، وأن يعلمهم كيف يجب الحفاظ على حياة المواطن ، وأن روح المواطن لا تقدر بثمن ، وعند تعيين الرئيس لمدير عام لمنشآت الطرقات وهو لا يراعي أي شروط او مواصفات ، وكل همه هو قيمة (العمولة) التي سيتلقاها من الشركة التي سيرسي عليها المناقصة ، ضارباً بأرواح المواطنين عرض الحائط ، وغيرها من العوامل التي سببها الرئيسي هو الرئيس وقصره المصون ، لذا فهو المسؤول عن موت شعبه ، عن موت الإنسان ، وليس عن تعثر البغلة التي كان عمر بن الخطاب يخاف أن تتعثر في العراق أو في الشام فيخاف أن يسأله ربه : لمَ لم تمهد لها الطريق ؟ ، فكيف بحياة البشر ، وهي النفس المقدسة والتي قال عنها (ص) أن هدم الكعبة حجراً حجراً أهون على الله من إراقة دم امرئ مسلم ، فكيف بعشرات الآلاف في السنة الواحدة ، فقط نتيجة حوادث المرور ، وللعلم فإنه حسب أرقام الدولة الرسمية بلغ عدد ضحايا الحوادث المرورية في 2010 في اليمن أثر من 23 ألف مواطن يمني ، فكم وصل العدد طيلة فترة حكم نظام (الموت) القادم من القصر ؟!!.

وعند العودة أيضاً إلى الذين يموتون جوعاً في اليمن وأعدادهم ، فهم يموتون بأمر القصر ورئيسه ، لأنه لم يوفر لهم السبيل المناسب لكسب لقمة العيش الحلال ، وأيضاً مسألة وفيات الأمهات عند الولادة ، ومرضى شلل الأطفال ، والسل ، والقائمة تطول ، نجد أن اليمن تأتي على رأس القائمة ، والسبب في ذلك القصر ورئيسه ، لانه لم يأتي بوزير صحة يخاف الله ، ويعين من يخاف الله على صحة الناس وأرواحهم .

وحتى في الجانب السياسي ، اتخذ هذا القصر سبيل الموت سبيلاً وحيداً لحياته ، فقد كان هذا النظام يقتل كل من يقول كلمة الحق ، ويخاف ربه ، ولا يخشى في الحق لومة رئيس ، ولعلنا نتذكر كيف قام هذا النظام بإسقاط المروحية التي كان يستقلها مجموعة من أبرز قادة الجيش اليمني الشرفاء ، وعلى رأسهم القائد (محمد اسماعيل) ، وعاد اللوم على خلل فني ، بينما تؤكد الأحداث أن المكيدة دُبرت بليل ، وأنها أتت من قصرٍ خفتت كل أضوائه ليجتمع مجموعة من (الذئاب) ويقرروا اغتيال (الأسود) غدراً ، وهم يعلمون أن الحل الوحيد هو بالغدر ، لأنه لا يمكن أن تتغلب الذئاب على الأسود مهما طال الزمن !!

وتأكيدا لكم على أن النظام يحترف صناعة (الموت) ، ويجيد اللعب فيه ، وان (عزرائيل) له غرفة خاصة في (القصر) ، فقد دبر هذا القصر محاولة الاغتيال الفاشلة للواء الركن علي محسن الأحمر ، عندما أدلى بإحداثيات خاطئة للقوات الجوية السعودية لقصف موقع تابع للواء الأحمر ، مؤكدين لهم أن الموقع تابع للحوثيين ، ولولا أقدار الله لتم القصف ، ووقع الاغتيال ، وكانت اللائمة على خطأ غير مقصود ، وقائمة المعارضين الذين تعرضوا لعمليات اغتيال طويلة ، منها الناجحة كما حدث لجار الله عمر في مؤتمر الإصلاح ، ومنها الفاشلة والتي يمثل محمد قحطان نموذج لها ، ولمسلسل الموت القادم من القصر بقية !!.

أما بعد ثورة الشعوب ، وانتفاضة الشعب اليمني على جلاديه ، فقد ظهر للعيان حب هذا القصر (للدماء) ، من خلال تشجيعه لعمليات قتل الناس من قبل (بلاطجته) المأجورين ، أما ما حدث في أحداث الجمعة الدامية فإنه يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا النظام أصبح (مصاص دماء) لا يستطيع العيش من دونها ، حيث استأجر هذا النظام قناصة محترفين أعملوا في أبناء الشعب القتل ، والقتل البشع جداً ، ومن يرى تلك الصور لا يصدق أنها في يمن الإيمان والحكمة ، وأن من ارتكبها وأمر بها مجموعة من من يدعون أنهم مسلمين !!.

وحتى بعد كل ما جرى ، لا يزال رئيس هذا النظام يؤكد انه سيدافع عن (قصره) لآخر قطرة دم ، وأنه سيدخل البلاد في حرب دامية لا تبقي ولا تذر ، وكأن وظيفة هذا الرئيس التي حدده الشرع وأقرها القانون هي حماية القصر وليس حماية الشعب ، حماية الحاكم المستبد وليس حياة الشعب المنكوب !!

إذن ، بعد كل المقتطفات البسيطة التي اقتطفناها من مسلسل (الموت القادم من القصر) بات ظاهراً لمن عمي عن رؤية الحقيقة كيف أدمن هذا النظام الدماء ، وكيف يحترف صناعة الموت ، وكيف يجيد تلوين الموت بألوان مختلفة بحيث تبدو للآخرين بغير ألوانها الحقيقة ، ولكن الدماء التي سالت في ساحات الحرية والتغيير وخاصة في صنعاء أزاحت الستار عن (قصر) متهاوي ، ونظام خائر ، ورئيس لا يبحث عن شيء سوى أن يبقى أياماً معدودة على كرسيه ، وأن يواصل كتابة مسلسل الموت إلى آخر حلقة فيه !!.