علاقة ما يحدث بالمنطقة باسرائيل
بقلم/ جمال محمد الدويري
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 18 يوماً
السبت 02 إبريل-نيسان 2011 05:34 م

ان ارتباط العقلية الامريكية بالانا والمصلحة الاسرائيلية في ظل المتغيرات والظروف المستجدة في الشرق الاوسط يعكس شيخوخة العقل الامريكي وغيابه عن الواقع الذي تجلى بإرادة شعبية عربية تكاد تكون شاملة من حيث المبادرة او الانتظار حتى وصول القافلة الثورية الى معظم ان لم يكن كل الانظمة العربية المستبدة مما اصاب العقل الامريكي بالعجز عن استدراك وتدارك مكانتها العالمية في ظل ارتباطاتها بالأنظمة الحليفة لها في المنطقة وما زالت تتلاعب بقرارات الادانة والاحجام لأنظمتها المستبدة وتختلف ادانتها بين ورقتين:

الاولى تسمح للنظم الحليفة لها باستخدام جميع الاوراق المتبقية لتعزيز استقرارها والقضاء على الثورات الشعبية مع ادانات وتقديم حلول للازمة القائمة بين النظام وشعبه وهذا يعكس ترددها وعجزها عن معرفة النتائج القادمة التي راهن عليها الشعب وان الشعب مالك السلطة والارادة ومع هذا تتخوف من انتشار العدوى السريعة في المناطق القريبة للثورات وتأثيرها على مصالحها في المناطق النفطية حيث كانت ادانتها للوضع التونسي اشد منه في مصر واليمن وهكذا بدت العقلية الامريكية تتعامل بمنطق التسعينات وما بعدها في الحفاظ على منظومة التحالف العربي لخدمتها وخدمة الحليف الاستراتيجي الإسرائيلي في الشرق الاوسط لا سيما بعد تجربتها مع نظام الشاه وخسارتها ومما يزيد الامر تعقيدا ان الشعوب العربية بعدة فترة التغياب الطويل عن ادارة قرارتها المصيرية في ظل احتكار النظم العميلة بثوب الفارس الوطني المنقذ اثبتت ان مسرحية التمثيل قد تجلت بوضوح امام الوعي العربي وان الاماني لا تحقق التقدم بعد تجارب مضنية اكدت كل يوم ان النظم العربية تتحالف تحالفا حقيقيا مع اسرائيل تحت رعاية امريكية غربية اثبتته الثورات العربية بتوافد الوفود السرية التي اصبحت رغم سريتها علنية الى اسرائيل وما سيأتي به الزمان القادم سيكون اكثر مرارة.

ومن ثم فان المشروع الامريكي في الشرق الاوسط قد سقط سياسيا واوشك على غيابه اقتصاديا لا سيما بعد قيام الثورات العربية وان قضية الاصطفاء والتوصية والمباركة لترشيح قيادات عميلة اصبح معقدا للغاية وتعتريه الكثير من الصعوبات السياسية والاجتماعية والقيمية والعسكرية

حيث ما زالت الثورات تنحت في ذاكرتها مواقف الدول لا سيما اوروبا وامريكا من حركتها وموقفها من النظم الاستبدادية والتي تعكس التناقض السافر بين ما تدعو اليه امريكا واوروبا من عدالة وحرية وديمقراطية وغيرها من القيم المعطلة واقعيا وبينما تصدره من قرارات وتدخلات في الشؤون الداخلية للدول التي تطالب باسقاط النظم الاستبدادية في حين ان العقل السياسي الفرنسي صار اكثر ادراكا لحقيقة الثورات العربية بعد تجربتي الثورة في تونس ومصر ومما ادى الى اصدار قرارات تخدم الثورة وتتسم بالجرأة والشجاعة مما يعني ان الواقع اصبح واضحا لصناع القرار السياسي الفرنسي الذي يتصدر الدول الاوروبية في ظل تراجع العقلية الامريكية المعتمدة كلية على معلومات مقدمة من النظم العربية الحليفة لها والمتساقطة.

ومن ثم فان المشروع الامريكي بدأ غروب تواجده في المنطقة بانحسار نحو الزوال المهين في ظل تصاعد الوعي الثوري القومي والاسلامي الذي تجاهلهما كثيرا بل واسهم في ضرب المعارضين للسياسية الامريكية والتدخل المباشر والسافر تحالف سابقا مع النظم المستبدة تحت مسميات الارهاب هذا من جهة ومن جهة اخرى دعمه المستميت لإسرائيل العدو الاول للثورات العربية وما تزامن من قبل سياسة فرض الوصاية على النظم التعليمية والاقتصادية ومساندة النظم الاستبدادية ضد شعوبها من جهة ثانية. اما العامل الثالث للأفول فيعود الى تباطئه في دعم الثورات الشعبية مقارنة بالمواقف الفرنسية الاخيرة.

وعلى ذلك فان العصر القادم سيكون للحركات الاسلامية بينما ستبقى الحركات القومية في دائرة الارادة الشعبية التي اتخذت لها مرجعيات دينية تتحدث باسمها وتتوجه بإرشاداتها في اكثر البلدان العربية.

ومن الافضل لأمريكا ودول اوروبا وغيرها ان تقف مع ارادة الشعوب العربية حتى تستطيع مع الايام القادمة ان تجد لها قبولا نسبيا ورضا شعبيا لمواقفها من الثورات.