آخر الاخبار
دور أصحاب النفوذ ومراكز القوى في تقسيم القطاعات النفطية (1)
بقلم/ محمد الزوبه
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و 4 أيام
السبت 15 يناير-كانون الثاني 2011 09:20 م

تعتبر الثروة النفطية والغازية الركيزة الأساسية المساهمة في إمكانية الدولة المالية, وعليه فإن القدرات السياسية والاقتصادية والتنموية سوف تتأثر بشكل حاد في حال عدم الاستجابة لمتطلبات الحفاظ على هذه الثروة وتنميتها بالطرق المثلى وإخراجها من حالة الفساد والفشل المستشريين في الأجهزة التنفيذية القائمة عليها, ممثلةً بوزارة النفط وهياكلها وقدراتها الفنية والإدارية.

إن وزارة النفط والثروات المعدنية بهيئتها ومؤسساتها وشركاتها المتعددة عجزت عن الحفاظ على هذه الثروة وتسخير مواردها في التنمية الأساسية للوطن.. وحاليا تواجه هذه الثروة مرحلة نضوب وتلاشي, في حين أنه إلى الآن لم يتم رسم أي سياسة نفطية, ليس على المستوى الفعلي في وزارة النفط وحسب, ولكن على المستوى السياسي الاقتصادي للدولة بصفة عامة, حتى في وجود ما يسمى بـ"المجلس الأعلى للنفط" النكرة التعريف والتنفيذ.

كان يجب على الدولة رسم سياستها وإستراتيجيتها كتعريف ماهية الثروة, وكيف يجب تنميتها والاستفادة منها في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية يستطيع الوطن من خلالها صعود سلم البناء والتنمية.

لقد أصبحت موارد النفط المالية وسيلة لتسيير شئون الدولة المالية فقط, ولو استمر جزء بسيط منها في الصناعة النفطية نفسها فإن النتائج سوف تكون رائعة في تعزيز الموارد المالية للدولة, سواء في مرحلة الاستكشاف والإنتاج أو التسويق والتكرير.

وبالرغم من وضوح ظواهر الفساد والفشل الملازم في العديد من الأمثلة التي كُشفت في مجلس النواب أو لدى الرأي العام في الشارع اليمني, فلم تتخذ الدولة إجراءاتها الرادعة لوقف هذا العبث, بل تم التغاضي عن مثل هذه الأفعال, مما أدى إلى زيادة ظاهرة نهب الثروة النفطية والغازية.. وما اتفاقية الغاز المسال LAG (الفضيحة) وكذلك اتفاقيات PSA التي توقع مع شركات في مناطق واعدة ومكتشف فيها النفط مسبقا بواسطة شركات عملت في اليمن في بداية ومنتصف التسعينات وصرفت خلالها مئات الملايين من الدولارات, ومحاطة بالتسهيلات النفطية والبيئة الاستثمارية (خطوط أنابيب نقل النفط – طرق – بنية تحتية نفطية), إلا اكبر دليل على نوعية الفساد وتدخل أصحاب النفوذ ومراكز القوى في الدولة وحصصهم من هذه الاتفاقيات.

والمتعارف عليه عالميا أن اتفاقية ( PSA) (production sharing agreement ) وتعني (اتفاقية المشاركة في الإنتاج) بعد خصم التكاليف الاستثمارية ونفقات التشغيل تتجزأ أو توقع في الحالات الآتية:

1-  مرحلة مغامرة الاستكشاف في مناطق مفتوحة غير معروفة نفطيا ( Joint venture ).

2-  تستثمر الشركات الموقعة مبالغا كبيرة جدا في مرحلة الاستكشافات الأولية.

3-  لا توجد تسهيلات سطحية في المناطق المفتوحة (طرق, خطوط أنابيب ... الخ).

ومع كل ذلك فقد وقعت هذه الاتفاقيات مع أكثر من ثمان شركات بصورة مجحفة وغير قانونية أو اقتصادية أو فنية, والمقصود هنا الشركات الآتية والمعروفة في الجدول رقم ( 1 ) الفئة ( B ).

1. ( DNO ) اكتشفت الحقل بداية التسعينات بواسطة شركة كلايد قطاع رقم 32 .

2.  ( OMV ) اكتشفت الحقل بداية التسعينات بواسطة شركة أو أوكسيدينتال قطاع رقم S2 .

3.  اوكسيدنتال اكتشفت الحقل بداية التسعينات بواسطة شركة شل الهولندية قطاع رقم S1 .

4.  كالفالي اكتشفت الحقل بداية التسعينات بواسطة شركة بريتش قاز قطاع رقم 9 .

5.  نيكسون اكتشفت الحقل بداية التسعينات بواسطة شركة كنديان اوكسي قطاع رقم 51

6.  دوف اكتشفت الحقل بداية التسعينات بواسطة شركة كنديان توتال قطاع رقم 53 .

وتجتمع هذه الشركات تحت علامة استفهام كبيرة؟:

أولاً: مساهمة متواضعة في الإنتاج اليومي مقارنة مع الشركات الأساسية ( انظر الجدول رقم 1 فئة A ).

ثانيا: نفقات التشغيل مرتفعة جدا مقارنة بحجم إنتاجها.

ثالثا: معظم هذه القطاعات اجتزئت من قطاعات رئيسية منتجة (من عجائب ومهازل الفساد النفطي في اليمن, على سبيل المثال ما يسمى بـ"حقل الطويلة" قطاع رقم 14 نيكسون فصل النصف من هذا الحقل, وسمي قطاع رقم 51 وتم توقيع PSA جديدة بشروط جديدة مع شركة نيكسون نفسها, لتصبح في الأخير حصة الدولة من حجم إنتاجه 39 % بدلا من حوالي 60 % في نصفه الرئيسي في قطاع 14).. انظر الجدول رقم ( 1 ) .

رابعا: إجمالي الاستثمارات في هذه القطاعات ضئيلة جدا إذا قورنت بالقطاعات الرئيسة فئة ( A ) جدول رقم ( 1 ) , حيث أن هذه الشركات حصلت على معلومات استكشافية أنفقتها شركات سابقة بمئات الملايين من الدولارات.

خامسا: يلاحظ من خلال تقسيم الخارطة النفطية في اليمن أنها, أي هذه الشركات فئة ( B ), تتركز حول القطاعات الرئيسة: مأرب, شبوة, والمسلة حضرموت.. وفي إطار هذه الخارطة كان يمكن وضع قطاعات متلازمة مع بعضها وبكميات تجارية وإعطائها لشركات استثمارية متوسطة أو كبيرة وبنوع من الاتفاقيات تسمى production development agreement ( PDA ), والتي تعني اتفاقية تطوير إنتاج, وبهذا يصبح لدى الدولة الأفضلية في حصة الشراكة على الأقل, وهذا ما يعمل به عالميا, (ومع ذلك فإني أميل شخصيا لعدم تطبيق هذه الاتفاقيات حتى؛ كونها لا تتلاءم مع كميات النفط المستكشفة والمخزونة, ولا تطابق روح الفائدة الاقتصادية المرجوة من الاستثمار), وكان على الدولة الاستثمار المباشر فيها أو عن طريق الشركات الرئيسة الفئة ( A ), جدول رقم ( 1 ).

سادسا: إجمالي نفط الكلفة + حصة الشراكة قد يصل إلى 70 % من برميل المُنتج, أي أن المتبقي لصالح الدولة لا يتجاوز 30 %.. جدول رقم ( 1 ).

سابعا: عدلت الاتفاقية الأولية بأخرى تفصيلية بحجة المخزونات النفطية الهامشية, وهناك دلائل على تزوير بعض الشركات لشهادة المخزن النفطي, مثل توتال – DNO , وذلك للاستفادة في تعديل الاتفاقيات, وكذلك احتساب نفط الكلفة.

جدول رقم ( 1 )

الشركة

الفئة

القطاع

صافي حصة الشركات (نفط كلفة+ PSA )

حصة الحكومة

النسبة المئوية

برميل في اليوم

النسبة المئوية

برميل في اليوم

صافر

 

 A

مأرب 18

وطنية

وطنية

100%

43,000

جنة هنت

مأرب S

25%

10,000

75%

31,000

نيكسون

المسيلة 14

43%

30,000

57%

37,000

OMV

   

B

شبوة S2

66%

13,200

34%

6,800

اوكسنتال

شبوة S1

58%

4,872

42%

3,528

كالفالي

شبوة 9

57%

6,270

43%

5,000

DNO

حضرموت 32

71%

3,905

29%

1,595

DNO

حضرموت 43

61%

1,830

39%

1,270

DOVE

حضرموت 53

60%

4,800

40%

3,200

نيكسون

حضرموت 51

61%

6,100

39%

3,900

توتال

C

شرق شبوة 10

57%

29,000

43%

21,000

إجمالي الإنتاج اليومي للشركات والدولة

109,977

 

157,293

رسائل مفتوحة

1. هذه الأرض الطيبة تسألنا الكثير, نحن لها ولأناسها أوفياء, بصدق الكلمة واعدون وفي ظل الحقيقة ماضون.. وفي ظل الحقيقة يجب وضع النقاط على الحروف وتحديد الأسباب, أشخاصا وماديات وزمن الفعل, وعليه يجب تناول هذه الحقائق التي لا تحتاج إلى تأويل, ولكن يجب التمييز في من ومتى وكيف فعل ذلك.

2. في يوم ما, السنة الماضية, سألني مسؤول كبير في الدولة عن الحقيقة من خلال واجبه وموقعه, وهذه براءة ذمة أقولها وأكتبها, وأقدر حماسه واهتمامه بالواقع النفطي.

3. وطني يحوي الكثير من الخيرين الذين يحافظون على الثروة وينتصرون للشعب والأمة.. نسال الله منهم المزيد, وفي هذا الصدد نشكر اللجنة الفنية ووزير النفط على قرارهم الفني بعدم التمديد لشركة "نيكسون" في قطاع 14 مسيلة, ويعتبر هذا انتصارا للشعب اليمني, وتمثيل إرادته الحقيقية.. ولنا حول الموضوع حلقة خاصة في الأسابيع القادمة.

4.  الواجب يحتم على الجميع الوقوف أمام السلبيات وتصحيحها, والوقت صعب, والوطن ينادي الجميع, وسحقا للنفس التي تحافظ على نفسها ولا ترى الخير لأهلها.

*الحلقة القادمة (أكثر من ملياري دولار تهدر سنويا).

* خبير نفطي يمني