آخر الاخبار
الأستاذة بنت الأستاذ .. بروسترويكا ويكيليكس
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و 22 يوماً
الثلاثاء 28 ديسمبر-كانون الأول 2010 05:47 م

في أربعينية فقيدة محو الأمية وتعليم الفتاة الأستاذ فوزية أحمد محمد نعمان في مقر اتحاد نساء اليمن بصنعاء الأربعاء الماضي، كان المشهد حزيناً وتدفقت الدموع على الخدود، فكانت -رحمها الله- أستاذة في حياتها وأستاذة في مماتها، استطاعت انتزاع الدموع من المآقي كما انتزعت من بين براثن الجهل والتخلف والعادات النساء والفتيات اليمنيات ودفعتهن إلى التعليم والمشاركة في الحياة العامة من خلال اعتمادها التعليم وسيلة لتحرر المرأة ومواقفها الشجاعة.

وإذا كانت الكلمات التي ألقيت في أربعينية الأستاذة بنت الأستاذ قد تحدثت عن جوانب مضيئة في تاريخها الحافل بالنضال الذي تشربته من النبع النعماني المتعدد القنوات، فمثلت -رحمها الله- قناة غزيرة العطاء في مجال محو الأمية وتعليم الفتاة، فإن الجوانب الإنسانية في حياتها كثيرة تضمنت بعضاً منها كلمات التأبين وفي مقدمتها كلمة ابنها محمد حامد التي انتزعت الدموع من مآقي الحاضرين والحاضرات ولا زال هناك الكثير من الجوانب الإنسانية النادرة في مسيرة نضال الفقيدة تحتاج إلى بحث وتقصي وتوثيق لتتشربها فتيات اليوم ونساء المستقبل كما تشربتها الأستاذة من أبيها الأستاذ النعمان، فكانت بحق نموذجاً وقدوة لابد لها من الاستمرار وعدم النسيان.

ونضم صوتنا إلى صوت الأستاذة جميلة علي رجاء الإعلامية المخضرمة التي طالبت بضرورة تكريم الفقيدة -يرحمها الله- بتسمية مدرسة بل مدارس باسمها لتظل تجربتها المتميزة حية في ذاكرة الفتيات اليمنيات، ليتخذن من تجربتها نموذجاً وقدوة. صحيح أن نائب وزير التربية والتعليم الدكتور عبد الله الحامدي قد وعد بتنفيذ ذلك، لكننا هنا نوسع الدائرة لينضم مطالبون ومطالبات كثر حتى يتحقق الأمر على ارض الواقع؛ فالأستاذة بنت الأستاذ تستحق التكريم بإطلاق اسمها على أكثر من مدرسة بنات في صنعاء وتعز وعدن والحديدة بدلاً من تسمية المدارس بأرقام لامعنى لها وأسماء أغلبها لم تقدم لهذا الوطن شيئاً يذكر.. فهل من مجيب؟

ويكيليكس .. بروسترويكا لحلفاء واشنطن:

الكثيرون يتذكرون \\\"بروسترويكا وجلاسنوست موسكو\\\" ومعناها باللغة الروسية التحديث والتجديد والعلنية والمكاشفة التي نفذها جورباتشوف وأدت إلى تفكيك الاتحاد السوفييتي وانهياره وتقليص مناطق نفوذه وترك حلفائه لمصير مجهول وهو ما عجزت عنه أعتى أجهزة المخابرات والترسانات العسكرية الغربية.

فكان انهيار الجمهوريات السوفييتية السابقة لدول مستقلة تتنازع فيما بينها كأذربيجان وأرمينيا، أو داخل الدولة الواحدة كجورجيا وروسيا، وسادت الفوضى وسيطرة المافيا، كما كانت انهيارات حلفاء موسكو حتمية؛ فمنهم من تحول من تقدمي أممي منفتح بلا ضوابط يدعو إلى وحدة العالم إلى انفصالي مناطقي متخلف أو متطرف متحجر، ومنهم من ارتمى في أحضان الغرب بلا تدرج فتخلى عن المكاسب الاجتماعية لصالح الفردية المتوحشة الموغلة في التدمير في الوقت الذي استمر فيه الغرب يخفف من توحش رأسماليته باستعارة ما كان يطبقه وينادي به المنهارون مثل الضمان الاجتماعي وقضايا التأمين الصحي وتحقيق الرفاهية لصغار الملاك والموظفين وغير ذلك كما هو حاصل حالياً في أميركا وبريطانيا وفرنسا والعديد من دول الغرب.

واليوم تتكرر \\\"البروسترويكا والجلاسنوست بصور مستنسخة ومحسنة على غرار \\\"ويكيليكس\\\" الذي يعد \\\"بروسترويكا وجلاسونست أميركية بامتياز\\\". فهل يؤدي \\\"ويكيليكس\\\" إلى تخلي واشنطن عن حلفائها، وبالتالي فقدانها لكثير من مناطق نفوذها في العالم؟

الجواب أن ما يترشح حتى الآن من خبايا \\\"ويكيليكس\\\" أو \\\"بروسترويكا وجلاسونست واشنطن\\\" يشير إلى ذلك، باعتبار أن وثائق \\\"ويكيليكس\\\" المسربة تهدف إلى تفكيك حلفاء أميركا وجعلهم ينهارون تحت ضرباتها الموجعة بتخطيط مسبق الهدف النهائي منه السيطرة على هؤلاء الحلفاء بطريقة جديدة بعد أن فشلت الترسانة العسكرية وأجهزة المخابرات عن تحقيق ذلك وهو ما أثبتته تجارب أميركا والغرب في أفغانستان والعراق حتى الآن.

ومثلما كان هدف \\\" بروسترويكا وجلاسونست موسكو\\\" التحديث والتجديد من خلال اعتماد مبدأ المكاشفة والعلنية ففقدت البوصلة وتفكك الإتحاد السوفييتي وانهار الحلفاء دفعة واحدة؛ فإن كل المؤشرات تشير إلى أن هدف \\\"ويكيليكس\\\" غير المعلن هو تفتيت حلفاء واشنطن والغرب وجعلهم ينهارون من أجل السيطرة عليهم بعد أن عجزت ترسانات الأسلحة والمخابرات عن تنفيذ ذلك وتوصل الغرب أن كلفتها باهضة الثمن.

ولسنا مع من يتحدث بأن هدف \\\"ويكيليكس\\\" يزال غامضاً أو أن الأمر يتعلق بأخطاء الكترونية بعد أن تحدث مؤسس موقع \\\"ويكيليكس\\\"عن ملايين الوثائق التي لم تنشر حتى الآن، وهو ما يكشف أن الأمر مخطط له، وأن الهدف هو تفتيت حلفاء واشنطن والغرب بهدف السيطرة عليهم، لكن من يضمن أن واشنطن لن تفقد البوصلة كما حدث مع موسكو وان \\\"ويكيليكس\\\" سيؤدي إلى تفتيت وانهيار الحلفاء وإبقائهم تحت السيطرة ؟! وأن لا يدفعهم ذلك إلى أحضان الخصوم الذين سيزدادون قوة وهم التيارات الإسلامية المتطرفة كالقاعدة وغيرها من دعاة الدول الدينية والطائفية المتعصبة مما سيؤدي إلى ظهور قوى إقليمية ودولية متمردة على واشنطن والغرب تسعى إلى احتلال مواقع النفوذ كما فعلت \\\"بروسترويكا وجلاسونست موسكو\\\" والسنوات القادمة ستكشف \\\"المخبأ\\\" لواشنطن والغرب عموماً، وسيكون ثمن \\\"ويكيليكس\\\" باهظ التكاليف كما كان ثمن بروسترويكا وجلاسونست موسكو\\\".ـ