آخر الاخبار
سيادة الرئيس العدل .. وليس القوة أساس الملك
بقلم/ محمد بن ناصر الحزمي
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و 30 يوماً
الإثنين 20 ديسمبر-كانون الأول 2010 04:11 م
 

فوجئت كغيري من أعضاء مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي وأنا متجه إلى المجلس بعدد كبير من أبناء الأمن المركزي وقد أخلت ميدان التحرير وأغلقت الطرقات المؤدية إلى مجلس النواب ووصلت إلى ساحة المجلس وإذا بأطقم عسكرية داخل الساحة ( السلطة التشريعية ) ما الذي حدث ؟هل توافد إعداد من المواطنين ليعتصموا أمام المجلس تضامنا مع أعضاء المجلس المعتصمين ويمارسون حقا كفله الدستور يستحق كل هذا الإعداد بالهراوات والأسلحة الخفيفة والثقيلة ؟ ما أظن ذلك ، وإن قالوا أنه جيء بهم للحفاظ على الأمن والاستقرار ،ولكن يبدو أن النظام أراد أن يرسل رسالة مفادها أنه باستطاعته أن يحمي تجاوزاته الدستورية والقانونية بالقوة العسكرية والأمنية ، وهذا هو الجنون بذاته ، والعجب المهلك ، ومن هنا فاني أوجه للأخ الرئيس رسالة مفادها أن الأمن والاستقرار يكون بالعدل لا بالقوة وهو أساس الملك ، فقد كتب أحد الولاة إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز يطلب منه مالاً كثيرًا ليبني سورًا حول عاصمة الولاية. فقال له عمر: "ماذا تنفع الأسوار؟ حصنها بالعدل، ونَقِّ طرقها من الظلم"

والعدل يا سيادة الرئيس لا يكون الا بقضاء عادل ونزيه ، وضمير حي، وقلب يخشى الله،والمجتمع المضطرب القلق ستجد أنه يفتقر إلى القضاء العادل, الذي لا يفرق بين القوي والضعيف, أو بين الغني والفقير, أو بين القريب والبعيد، فضمانة الأمن والاستقرار في أي مجتمع من المجتمعات, هو أن يتمكن الناس من نيل حقوقهم, وأن يطمأنوا على دينهم ، وأموالهم وأعراضهم ودمائهم ،وأن يتمكنوا من التعبير عما يجول في خواطرهم دون خوف أو رعب.

يا سيادة الرئيس لو بحثت بتجرد عن أسباب المشاكل التي يعاني منها الوطن لوجدت أن غياب العدل هو السبب ، فعندما يغيب العدل تأفل الحضارات، وتذبل المنجزات ،وتضطرب الحياة ، وتبرر الأخطاء ، ويفلت المجرم من العقاب ، و يغيب العقل ، ويفسد الضمير ، وتختل الموازين ، وتكثر الصراعات والانقسامات ، ويهدم البنيان، وتطيح الأركان، وتأتي فتن تشيب لها الولدان ، 

وعدل الحاكم يا سيادة الرئيس يبعث علي طاعته ويأمن به سلطانه, وليس أسرع في خراب الأرض ولا أفسد لضمائر الخلق من غياب العدل.

يا سيادة الرئيس إن العدل اليوم صار غائبا ينتظر، وأخشى أن يغيب غيبة الإمام المنتظر عند الشيعة ، فقد غاب في كل مؤسسات الدولة ، غاب في القضاء ، والوزارات والمؤسسات الأمنية والخدمية ، غاب في الأفعال والأقوال، غاب في الوظيفة العامة ، سألت يوم لاربعاء الماضي الأخ /وزير التربية أمام بعض أعضاء مجلس النواب قائلا أتحدى وزير التربية أن يثبت أن هناك مدير مدرسة في البلاد ينتمي إلى الإصلاح ؟ وقد كانوا قبل الاستئثار والاقصاء الحزبي بالآلاف فلم يعطيني مديرا واحدا لأي مدرسة ، وعلى ذلك قس في جميع مؤسسات الدولة .

أخي الرئيس أليس من العدل أن يتمتع جميع أبناء شعبك بالحقوق دون اعتبار للبطاقة الحزبية ؟وأنت مسؤول عن الجميع بين يدي الله ؟

هل تعلم أخي الرئيس أن حزب العدالة والتنمية في تركيا عندما شكل أول حكومة أدخل فيها وزراء لا ينتمون إلى حزبه فقد شُهد لهم بالنزاهة والكفاءة، فكانت مقدمة على الولاء الحزبي فاستمروا بوزاراتهم ، ونحن لا نتكلم عن الوزراء والوزارات، ولكن عن الموظف العادي ،عن المدير العام والمدير الإداري ، والمدرس ، أليس في المعارضة رجل نزيه واحد يستحق أن يبقى في وظيفته دون إقصاء ؟

 

يا سيادة الرئيس ان من العدل أن يظل للقضاء هيبته وكلمته وانه لمن المعيب أن يظهر مروجوا الخمور وسماسرة هتك الاعراض أكبر تأثيرا من القضاء وخير مثال على ذلك ما حدث مع ما يسمى بقرية (موناكو) والتي ثبت للقضاء ومن قبله البحث ووزارة السياحة ومن بعده اللجنة البرلمانية المشكلة من مجلس النواب، أنها مصدر للخمور والفجور، ومخالفة للشرع والدستور ،فأغلقها بامره القضائي ، واذا بتوجيهات سميت عليا(زورا) يفتح هذا الوكر، متحديا بذلك شرع الله عز وجل ،ومشاعر المسلمين، ومخالفا للدستور والقانون. 

يا سيادة الرئيس قال تعالى لنبيه داود عليه السلام ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ): وقال سبحانه "إنّ اللّه يأمر بالعدل والإحسان".وقال جل في علاه: "وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى".وقال عز وجل: "إنّ اللّه يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل".

يا سيادة الرئيس قال أحدهم: "إن العدل ميزان الله الذي وضعه للخلق, ونصبه للحق, فلا تخالفه في ميزانه, ولا تعارضه في سلطانه, واستعن علي العدل بخلتين: قلة الطمع وكثرة الورع،وعدل السلطان في رعيته والرئيس مع مرؤوسيه, يكون بترك التسلط بالقوة وابتغاء الحق"

واعلم يا سيادة الرئيس،أن البياض قد صبغ شعرك ، والزمن عمَ قريب سيحني ظهرك ، ومن ثم فان عمرك قد طال، والى الله المآل ، فلا تدر كيف تلقى الله وفي أي حال ، فأعد جواب السؤال ، في يوم تزلزل الأرض وتنسف الجبال ، يوم ينادى المنادي ( وقفوهم إنهم مسؤولون) فلا يغرنك تصفيق الطامعين ، ولا اطراء المادحين ، فسيصرخون يوم الدين ، كما قال رب العالمين (ربنا انا أطعنا سادتنا وكبرأنا فأضلونا السبيلا)والله نسأل أن يجعل هذه نصيحة خالصة لوجهه ،وأن يجنب بلادنا والأمة الإسلامية الفتن ويؤلف بين قلوبنا .