آخر الاخبار
باي باي معارضة
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 14 سنة
الأحد 19 ديسمبر-كانون الأول 2010 05:10 م

بعد الانتخابات الرئاسية الماضية والتي خسر فيها مرشح اللقاء المشترك أمام مرشح المؤتمر الشعبي العام، كتبت مقالة أطالب بها قادة أحزاب المعارضة بالاستقالة من أحزابها كون هذه الاستقالة تقليد ديمقراطي أصيل يمارس على مستوى الدول الديمقراطية والتي تعني اعتراف بالفشل وإفساح المجال لقيادات أخرى تقود أحزابها إلى تحقيق ما فشل به القادة السابقون و تعطي أنموذجا سليما وصحيا على التداول السلمي للسلطة الذي تسعى إليه وتنادي به .

طبعا هذا لم ولن يحدث في اليمن وقادة أحزاب اللقاء المشترك هم نسخة لا تختلف كثيرا عن عقلية النظام الحاكم ! ولو فعلت تلك الأحزاب ما يتوجب عليها فعله من عزل قادتهم لكن الأمر أكثر نصاعة وجمالا ..نحن نسعى للديمقراطية الحقيقية ألتي لن تتحقق مادامت السلطة والمعارضة لا تطبقها على نفسها وتطالب الآخرين بالامتثال لها.

طبعا الجميع تابع ما حدث للقاء المشترك، وان كان هنالك شامتون بحالهم ووضعهم الذي لا يحسدون عليه، فهذا لا يعني أن الأمور انتهت، لكنه أيضا لا يعني أن لا ننتقد طريقتهم في تسيس الأمور ألتي انتهت إلى ما هي عليه الآن والتي ما كانت يجب أن تنطلي عليهم بهذه الصورة المخجلة وهم القادة الأكثر خبرة ودراية بطريقة تعامل المؤتمر الشعبي وأيضا هم الأكثر ولاءً للوطن والمواطنين قبل كل شيء آخر .

إلا أن دعوتهم لهبة غاضبة من الشعب هي في نظر الكثيرين دعوة استفزازية واستخفاف بهم وبمشاعرهم لأسباب كثيرة ربما أولها أن المعارضة هي من أكثر الجهات ابتعادا عن هموم الشعب ومشاكله وهي لا تتفاعل أبدا مع أي شيء يتعرض له، واكتفت بمعارضة المكاتب واللقاءات الصحفية حتى أن الجرائد الناطقة باسمهم باتت أكثر وداعة ومداهنة للنظام خاصة بعد الدعوة للحوار الوطني والبدء بتشكيل لجان مشتركة للتوصل إلى صيغة تفاهم فيما بينهم، ونظرا لأن مشاكل وفضائح وفساد المؤتمر الشعبي العام تكفي كذريعة لتحريك الشارع اليمني والشوارع العربية كلها وخاصة بعد ظهور وثائق ويكيليكس التي نشرت الكثير عن اليمن وأظهرت مدى تفريط هذا النظام بسيادة الوطن ومدى تآمره على مواطنين أبرياء وإهدار دمائهم لإرضاء الإدارة الأمريكية مما يعني هذا ووفقا للدستور والنظام خيانة لا تغتفر يجب محاكمة مغترفيها، إلا أن المعارضة ظلت تعيش في عالم آخر منعزل، عالم عالي ومتعالي وغير مرتبط بكل ما يحدث في اليمن.

لا افهم كيف أن كل هذا الفساد والنهب المنظم والمكشوف لا يحرك المعارضة لتحريك الشعب، وكيف أن تغول القبلية والجهل والأمية والطائفية وتدني الخدمات الطبية والتعليمية والأمنية لا يجعل من هذه المعارضة تستشعر الألم والمعاناة التي يعانيها الشعب ،ولا افهم كيف أن قتل مدنيين بالطائرات اليمنية و الأمريكية لا يهز شعرة في مفرق أي قيادي في المعارضة، وكيف صور أطفالنا وهم يتسولون في شوارع الدول المجاورة لا يثير ولو الشيء اليسير من الألم، و أخيرا لا أفهم أن بيانات الشجب والتنديد تعبير محترم لمعارضة تدعي أنها تمثل هذا الوطن، لذا قيام المعارضة بطلب فزعة الشارع اليمني لأن النظام الحاكم قرر أن لا يمنحهم فرصة لأخذ كراسي في بعض الوزارات الحكومية أمر غير مستساغ ولا مقبول و لا يمكن تمريره بأي حال من الأحوال، فالشعب ليس مطية لنزوات البعض حتى يُستدعى متى ما تضررت مصالحه ثم ينسى بعدها.

الذي لا تريد أن تفهمه المعارضة هو أن هذا النظام لن يتخلى عن السلطة وأن الرئيس سيحكم بمفردة دون شريك حتى الموت وأنه عليها أن تنسى قصة الحكومات الإتلافية لأنها ذهبت من غير رجعة وأنه وبوضعها المتردد والانتهازي تسهل عليه مهمة إقصائها والاستخفاف بها وجعلها سخرية بعد أن يفضحها بالشكل الذي رأيناها به مؤخرا، وأن المؤتمر لن يتوقف عن استخدام هذا الأسلوب مادامت هي لن تغير أسلوبها ونهجها في التعامل مع قضايا الوطن الملحة وبإخلاص حقيقي لا مزايدات حزبية مكشوفة.

الآن حدث ما حدث، وبات من المؤكد مضي المؤتمر الشعبي العام لوحده في الانتخابات القادمة بعد أن تم تشكيل اللجنة العليا للانتخابات،وهذا يعني استفراد أكثر بمقاليد الحكم وإطلاق رصاصة الرحمة على مجلس النواب وربما تسهيل عملية التوريث بطريقة شمولية معروفة وقد تتخذ إجراءات متطرفة تجاه المعارضة بحيث يتم إفراغها من محتواها وإبقاء الوجه الديكوري الذي يزين به النظام وجه أمام المجتمع الدولي،وأن لم تفطن المعارضة لما هو قادم وتبدأ من جديد كتيار معارض حقيقي فهي ستسمر في تدمير نفسها، وعليها أن تعي أن النظام يمر في حالة فشل ذريع _ رغم علو صوته وتظاهره بالقوة _ وأن البلاد وفي كل زاوية بها حركات تمرد سواء مذهبية أو مناطقية وأن أجزاء شاسعة في اليمن لا تخضع للدولة وتعيش حالات حكم ذاتي وأن البلاد تصنف عالميا بأنها دولة فاشلة ومرتع خصب لتنامي القوى الراديكالية بها وأن كل هذه الأمور هي ركيزة لأي حزب معارض لينتقل من خلالها من المعارضة إلى السلطة ويسقط كل هذا الفشل المحسوس و المرأي وأن ُضعف وتردد المعارضة غير مبرر أو مفهوم إطلاقا.

ثم على المعارضة أن تُطلقْ مكاتبها وندواتها ونخبويتها وأن تنسى معانقة رجال الأعمال والتسكع في الفنادق بربطات العنق المميزة وأن تنزل إلى الشارع وتتحدث إلى المواطن البسيط وإلى البائع الجائل وإلى المتسول فوق جسور المشاة، وعليهم أن يقودوا المظاهرات بأنفسهم ويرفعون أعلام الوطن ويصرخون أسوة بالمواطنين بأنه وإلى هنا يكفي استبداد وعنجهية وفساد وأن الديكتاتورية يجب أن تتوقف في البلاد، نريد من المعارضة أن تدخل السجون لأجل قضيتها وأن تلاحق في المحاكم العسكرية وأن تعطي الأنموذج الحقيقي للنضال الوطني الطاهر والذي ضربه لنا وبكل اقتدار قادة الحراك الجنوبي، وأن أصر أمناء الأحزاب في اللقاء المشترك بأنه لا استطاعة لهم بذلك فهم أمام خيارين لا ثالث لهم أولهم أن يتنازلوا طواعية عن قيادة أحزابهم وإفساح المجال للقيادات الشابة بتولي الأمور عنهم، وثانيا أن يتم حل أحزابهم وإعلان أن الديمقراطية في اليمن لا وجود لها على الإطلاق، أما هذه الحالة التي هم عليها فهي لم تعد مقبولة أبدا، ولن تفسر إلا بأنهم بشكل أو بآخر ارتضوا بقناعة بأن يكونوا ماكياج من النوع الرخيص لأسوء نظام شمولي عرفه التاريخ اليمني .

وأعرف أنه لا حياة لمن أنادي، لذا آمل وأتمنى أن يجتمع شرفاء اليمن من الجيل الجديد وأن يعقدوا العزم على تشكيل تنظيم سياسي مستقل يطرح أفكاره وأرائه وينزل إلى الشارع اليمني ويدفع بالجماهير نحو الحرية والاستقلال، وأجزم ان حدث هذا وخلال فترة قصيرة سيسقط النظام الاستبدادي وسيتحرر اليمن كله من حكم العسكر وقد تستعيد الوحدة اليمنية القها من جديد وتخبوا الثورات المذهبية ونبدأ ببناء وطن يمني جديد ومدني وحر .

فهل هذا ممكن ......لم لا ؟