آخر الاخبار
وماذا عن العقليات الانقلابية يا دكتور?!
بقلم/ علي محمد الخميسي
نشر منذ: 14 سنة و أسبوع و يومين
الجمعة 10 ديسمبر-كانون الأول 2010 06:11 م

قرأت باهتمام بالغ المقال الأخير للدكتور الفاضل " فيصل الحذيفي " المعنون .. ( الانتخاب الانفرادي سيجر البلاد إلى حرب أهلية محتملة ) .. وقد نشر قبل أسابيع عبر نافذة الآراء التغييرية لموقع " التغيير نت " ونافذة كتابات لموقع " مأرب برس " .

* الدكتور الحذيفي حذر في مقالة سالف الذكر من حرب أهلية محتملة في بلادنا إذا أصر حزب المؤتمر على موقفة الأخير ومضى في الإعداد ولو منفردا لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد دون مشاركة أحزاب اللقاء المشترك , وذكر في مقالة الهام مؤشرات قد تقود بحسب تصوره وتحليله السياسي إلى هذه الحرب لا قدر الله وهي :

- ركون السلطة إلى القوة الأمنية والعسكرية في مواجهه معارضيها .

- احتمالية توسع ساحات الصراع في ضل الوضع الأمني السائد حوثيين ..حراك ..قاعدة ..الخ.

- احتمالية انفصال الجنوب في ضل إجراء الانتخابات بشكل منفرد .

- التحجج بالفراغ الدستوري في ضل سير الجميع حاليا في السلطة والمعارضة ضمن اطر غير دستورية.

- اعتماد السلطة على شرعية بديلة غير معترف بها داخليا .

* وبالتالي يرى الدكتور الحذيفي ان الحل يكمن في الآتي :

 - تسليم السلطة للجنوبيين لتجنب الانفصال والانهيار والحرب .

- الرجوع إلى الشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة وهي النهاية المشرفة التي ستمنع النهاية المؤلمة كما يرى .

هذه المؤشرات والحلول التي ذكرها الدكتور في طرحه اعتقد أنها من خلال قراءة شخصية متفحصة تحمل الكثير من أوجه (( المبالغة والتهويل )) بل إن هناك تناقض كبير فيما بينها خاصة ما تعلق بنقاط الحل , فمن ناحية يؤكد الدكتور بان الحل الوحيد والمشرف للتعددية في اليمن هو في انتخابات حرة ونزيهة يشترك فيها الجميع من خلال الاحتكام إلى الشعب عبر صناديق الاقتراع وهو رأي سديد وحل مثالي ومطلوب من الجميع لكن الدكتور ناقض نفسه عندما ذهب إلى إن الحل يكمن أيضا في تسليم السلطة ككل للجنوبيين حتى يتخلى بعضهم عن المطالبة بالانفصال أو فك الارتباط !! وهو حل مناقض للأول ومناف للديمقراطية وأسس التعددية الحزبية التي تبنتها دولة الوحدة عام 1990م , بالإضافة إلى أن هذا الحل العجيب غير مرحب به حتى من الانفصاليين الذين أعلنوا صراحة كفرهم بالوحدة ودولة الوحدة بل لقد تنكروا لهويتهم اليمنية وأصبحوا اليوم ينادون بتحرير ارض " الجنوب العربي " من الاحتلال اليمني !!..

وبالمناسبة هذا الطرح العجيب سمعنا الكثير يتحدث به لدوافع غير مفهومة بداية من دعوة الشيخ " حميد الأحمر " بان يتولى رئاسة الجمهورية شخصية جنوبية بالتزكية لا بالانتخاب وهو تكريس واضح للمناطقية وتناقض فاضح للأسس الديمقراطية التي قامت عليها دولة الوحدة بل وتأكيد ضمني غير مباشر بأن إخواننا في المحافظات الجنوبية بعيدون كليا عن السلطة والحكم سابقا أو حاليا أو مستقبلا وكأن نائب الرئيس ورئيس الوزراء والعديد من الحقائب الوزارية والمحافظين ومدراء المديريات ومدراء العموم في الكثير من المصالح والمؤسسات الحكومية ليسوا من هذه المحافظات التي يتباكى الكثير عليها وعلى حالها اليوم , وكأن الانتخابات الرئاسية محظورة على الجنوبيين دستوريا في تناسي عجيب لانتخابات 2006م ومرشح اللقاء المشترك فيصل بن شملان , وكأن الشمال ومحافظات الشمال وفق هذا الطرح يسيطرون على كل شئ ويعتلون الكراسي لوحدهم بل و يعيشون في رغدا من العيش والأمن والرفاهية مع إنهم عددا أضعاف إخواننا في المحافظات الجنوبية والشرقية.... وبالتالي إذا كانت الثروة في الجنوب والتي تعد المنبع أو المحرك الأساسي للحراك وللنزعات الانفصالية والنعرات المناطقية عند البعض ونخص هنا " الحراكيون " اذا كانت هذه الثروة الزائفة ستقلب المعادلة وستحدث خلل ما في احتكام هذا البعض للعقل والمنطق والدستور والتاريخ ونضالات الآباء والأجداد فلتذهب هذه الثروة إلى الجحيم ولتبقى الأخوة الواحدة والوحدة الخالدة والمصير المشترك للشعب اليمني ولأجياله القادمة .

* المسألة الأخرى التي أثارها الدكتور فيصل الحذيفي في موضوعة سالف الذكر هي مسألة الفراغ الدستوري واتخاذ الأمر من قبل المؤتمر كحجة أو ذريعة للمضي نحو الانتخابات , حيث وان الجميع بحسب تصور الدكتور يعمل ومنذ فترة طويلة في ضل اطر غير دستورية !!......وهنا وضمن هذه الرؤية التي نسمعها من الكثير داخل المشترك وليس من الدكتور الحذيفي فقط قد نطعن بشكل مباشر أو غير مباشر في شرعية السلطة والمعارضة معا , بل ونكرس بقصد أو بدون قصد المقولة التي يرددها الكثير من الساسة اليوم بأنه لا وجود لدولة في اليمن ولا لدستور يرتكز الجميع عليه ويعمل الجميع تحت سقفه وشرعيته ...وهي في تصوري مقولة خطيرة تهيئ بالفعل للفوضى وتغليب لغة القبيلة و العرف والمنطقة أو لغة الاتفاقات السياسية الثنائية بين الخصوم على لغة القانون والدستور الذي تسير وترتكز عليه الأنظمة و الدول حول العالم منذ نشأة الدولة المدنية وبالتالي لابد إن يحتكم الجميع إلى الدستور والقانون إذا أردنا بالفعل بناء دولة مدنية حديثة وقوية آمنه ومستقرة .

صحيح هناك ضعف وترهل واضح للدولة المركزية في اليمن وهناك تغييب متعمد للقانون في الكثير من معاملاتنا اليومية وهناك تجاوزات لبعض نصوص الدستور ولكن هذا شئ ونفي وجود الدولة والمؤسسات الدستورية في البلد شئ آخر .

• الحرب الأهلية المحتملة يا دكتور لا قدر الله منبعها ومنبتها الأساسي " العقليات الانقلابية " التي لازالت تعشش في رؤؤس الكثير من الساسة في بلادنا سواء كانوا في السلطة أو المعارضة مع تقديري التحليلي بأن هذه العقليات تتكاثر في صفوف المعارضة بشكل اكبر وبصورة مخيفة منذ سنوات وأرجو أن أكون مخطأ في هذا التقدير , وبالتالي لازالت هذه العقليات تدفع بالمشترك وبالبلد ككل إلى مستنقع الصراع السياسي العبثي تحت زيف التغيير و الشعارات الفضفاضة والمشاريع الانقلابية وإقصاء الآخر بتحريض مباشر أو غير مباشر من بعض الأطراف في الداخل أو الخارج للوصول باليمن إلى ما يشبه الحالة العراقية ....وهي الحالة المدمرة التي وصل إليها العراق اليوم بعد أن جُرجر بعض أبناءة من قبل الخارج للقضاء على نظامه السابق تحت شعارات التغيير والثأر من الاستبداد والفساد...الخ 0!!

• ولاهميه هذا الموضوع بالنسبة لنا كيمنيين سنتحدث في تناوله قادمة إن شاء الله وبشئ من التفصيل عن بعض جوانب هذه التجربة حتى نستلهم الدروس والعبر مما حدث لغيرنا وحتى نتجنب في الداخل الإغراءات الخارجية المباشرة أو غير المباشرة التي قد تتعرض لها بعض الأطراف في المعارضة اليمنية كما تعرضت لها المعارضة العراقية التي باعت قرارها وتعاونت مع المحتل الأجنبي تعاونا مباشرا لإسقاط السيادة العراقية لتمنح في النهاية من قبل هذا المحتل سلطة طائفية تحت حمايته وبتعاون وتدخل إيراني سافر زاد من الاحتقان الطائفي والصراع السياسي ما يبشر للأسف الشديد بحاضر ومستقبل عراقي مجهول عنوانه العريض المزيد من التمزق والصراع و الدماء والأحزان والمآسي و الفساد والإفساد والاستبداد الحقيقي لحياة الإنسان والشعب العراقي المغلوب على أمرة!

*تنوية /

المقال كتبته قبل أسابيع وارتأيت حينها تأجيل نشرة لتزامنه مع قرب احتفالنا واهتمام الجميع داخل اليمن بإقامة ونجاح استضافة خليجي 20 وبالتالي قررت حينها الابتعاد عن المواضيع السياسية المحلية في ذلك التوقيت وفي مثل هكذا مناسبات كبيرة ومشرفة للبلد ككل ...وللربط الزمني يمكن للقارئ الكريم الاطلاع أو إعادة قراءة مقال الدكتور فيصل الحذيفي سالف الذكر عبر زيارة الرابط التالي:

www.marebpress.net/articles.php?id=8256

ali.alkhamesy@gmail.com