آخر الاخبار
الحكومة وارتفاع الأسعار
بقلم/ فاضل الهجري
نشر منذ: 18 سنة و أسبوع و 3 أيام
السبت 09 ديسمبر-كانون الأول 2006 11:54 ص


" مأرب برس - خاص "

الحكومة في ورطة تبريرها لارتفاع الأسعار ومزاعم ضبط المخالفين الاحتكار لانعدام المنافس وعدم تفعيل القانون المواطن يستنجد لانقاذه من الاحتكار من الذي لم يستوعب القانون الحكومة أم النيابات؟!!

وزير الصناعة يؤكد إحالة أكثر من 2000 تاجر مخالف ويبرر لهم في نفس الوقت زياداتهم السعريه!!

"شراء أو تخزين أو إتلاف سلع بقصد رفع الأسعار" احتكار يعاقب عليه القانون أعطى جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار صلاحيات واسعة وواضحة وحدد الضوابط والعقوبات بدقة فلماذا لم يؤد هذا الجهاز دوره حتى الآن؟!!

ليس
تطرفاً أن تفي الحكومة بما وعدت به هذا المواطن الغلبان يوم قالت بأنها لن تترك للمتلاعبين بالأسعار والمحتكرين للسلع مجالاً لممارسة جشعهم وطمعهم عليه ما كان تعاملها موافقاً لقوانين وأنظمة البلاد.. ومتوافقاً مع نهج الاقتصاد الحر الذي اتخذته بلادنا طريقا لها لتحقيق المنافسة في السوق وحمايتها وتدعيمها..

كما انه ليس من العدالة ان تحيل من يزعمون بأنهم أبرياء إلى نيابات المخالفات وهي تدرك أنهم لم يقترفوا جرماً يعاقبهم عليه القانون ان كانت الحكومة صادقة في تبريرها لرفع الاسعار.

هكذا تبدو التناقضات على تصريحات حكومتنا في قضية ارتفاع الاسعار التي طرأت مؤخرا على المواد الغذائية ومختلف السلع.. فإذا كانت وزارة الصناعة والتجارة أحالت ما يزيد عن ألفي حالة من التجار الصغار والوسط إلى النيابة لتواكب بذلك ما تردده الحكومة من وجوب التعامل الصارم مع المخالفين والمتلاعبين بالاسعار.. فقد أكد لـ "البلاد" نيابات عديدة بان معظم ملفات القضايا التي أحيلت اليها وقد اعادتها لتؤكد بذلك ما اعلنته محكمة المخالفات من انه لم تردها قضايا مخالفات سعرية.

فالحكومة تزعم ضبطها لمخالفين وتحيلهم إلى الاجهزة القضائية لاتخاذ الاجراءات القانونية حيالهم مع ان النيابة تؤكد عدم احقيتها باتخاذ أي اجراء ضد من احيلوا اليها لأن القانون لا يسمح بذلك كون السوق تنافسية والتجارة في بلادنا تقوم على الاقتصاد الحر..

وهنا نتساءل: هل الحكومة تتشدق أمام المواطنين بقدراتها على حمايتهم وهي لا تعلم ان القانون يمنعها من اتخاذ أي اجراء ضد ارباب التجارة ما دامت السوق تنافسية؟.. أم ان النيابة هي التي لم تفهم القانون، وأن ما تؤكد عليه الحكومة وهي تشدد في توجيهاتها لوزارة الصناعة بمتابعة ومراقبة السوق واتخاذ العقوبات ضد المتلاعبين بالاسعار والمحتكرين للمواد السلع "التي يعاقب عليها القانون"؟!

الأكثر غرابة ما يكشفه وزير الصناعة والتجارة من تناقض تعيشه وزراته قولاً وفعلا.. ففي الوقت الذي يؤكد ان "الصناعة" أحالت اكثر من الفين "من التجار المتوسطين والصغار" لمخالفتهم السعرية نجده في ذات الموقف يبرر للتجار رفعهم لأسعار القمح حين يقول "أمامنا اشكالية.. فالعلاقة بين السوق الداخلية والسوق الخارجية شديدة التعقيد، والآن الذي يحدد المؤشرات كلها هي البورصة التي تجمع الباعة والمشترين الدوليين".. كتأكيد منه بان تحركات الاسعار بسبب الفجوة بين العرض والطلب.. ويزيد الأمر تأكيد حين يمثل لواقع ارتفاع الاسعار في القمح عالمياً بقوله القمح مثلا ارتفعت – أي اسعار القمح- من 175 دولار إلى 230 دولار منذ شهر يوليو الماضي ليكمل اجابته على تساؤل "26 سبتمبر" فيما يخص ضبط ايقاع السوق بأن المؤشرات قد تخلق سوقا سوداء وارتفاع الاسعار وهذا يستلزم على الجهات المسؤولة في الحكومة ان توفق بين مصالح الطرفين المستهلك وعدم ممارسة الاحتكار وبين مصالح التاجر حتى لا يمتنع عن الاستيراد.. وبالتالي عن التسويق هذا – كما يفهم من كلامه- إذا ما حاولت الحكومة الزام التاجر بتخفيض الاسعار كونه محكوم بالاسعار العالمية.

وهنا تزداد حدة التساؤلات حول ما اقدمت عليه الصناعة والتجارة حين أحالت العديد من التجار للنيابة.. فعلى أي معتمد اعتمدت مكاتبها في ذلك؟.. وهي تعلم واقع الاسعار العالمية؟ وكيف تحاسب الافران وبائعي القمح على زيادة سعرية مفروضة من السوق الخارجية؟ ثم اليس من حق هؤلاء ان يطالبوا بالتعويض عما لحق بهم من اضرار بسبب ذلك؟ وما هو دور الصناعة والتجارة خاصة والحكومة عموماً لمواجهة هذه المشكلة التي يعاني منها الشعب؟.

الواقع ان ورطة كبيرة تعيشها حكومتنا كما يعيشها شعبنا وهو يبحث عن قوته طبعاً ندرك ان من اسباب ارتفاع الاسعار ما يمارسه بعض التجار من احتكار للمواد الغذائية وكانت الوسائل الاعلامية كشفت نهاية الاسبوع قبل الماضي عن ضبط خمسة تجار يحتكرون بمخازنهم في صنعاء ما يقارب خمسة ملايين كيس من القح.. وهذه الكمية تؤكد ان التجار ليسوا من تجار الوسط أو الصغار بل هم كبار تجار القمح.. فماذا صنعت الحكومة معهم؟ واذا كان وزير الصناعة يؤكد ان عدد تجار القمح والدقيق هو سبعة فقط فأين السوق التنافسية إذاً؟ ألا يدل هذا ان اقوات هذا الشعب يتصرف بها عدد محدود من الاشخاص، لو اتفقوا على اماتته جوعا لاستطاعوا؟.. وماذا قدمت أو ستقدم الحكومة لحماية المواطنين من المحتكرين وحماية السوق المنافس ودعم الاقتصاد الحر إذا كانت تنظر ان اتخاذ الاجراءات الحاسمة فيها تطرف وعودة للسبعينات؟ وهل حقا لا يوجد قانون يضبط الحركة التجارية ويحمي المواطن من الاستغلال؟ يقول وزير الصناعة والتجارة "ان الحكومة ستتدخل لتكسر الاحتكار، ذلك ان المؤسسة الاقتصادية ستسورد هذا الشهر مائة ألف طن لكسر اية احتكار، هذا اولا، ولعمل احتياط لأوقات الشدة ثانيا".. طبعا قال هذا منذ عشرة ايام تقريبا ومع ذلك ها هو الشهر يشارف الغروب ومؤسستنا الاقتصادية لم تستورد شيئا حتى الآن.. فهل تنتظر إلى ان نربط الحجارة على البطون لعشرات الايام والاشهر حتى تنجدنا الحكومة بحلها "العاجل"؟.

ثم إذا كانت اشكالية ارتفاع الاسعار عالمية وان العقدة بالنسبة لنا في مصدر دخل المواطن المتدني، فلماذا يوهمونا "إذا" ان الحل في حبس واحتجاز التجار وهم مرغمون بما تحكم به البورصة العالمية؟ وهل من أضاع دينارا في مكان مظلم يبحث عنه حيثما يوجد نور ويندب حظه لأنه لم يجده هناك؟ نختتم كلامنا مؤكدين ان القانون موجود ولا ينقصه غير الفهم السليم الذي يمكن صاحبه من ادارك الحلول الصائبة، ويكفي ان نرجع إلى ما نص عليه قانون تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار والغش التجاري، لضبط العملية واتخاذ الوسائل الصائبة والناجحة لتجاوز ما نعانيه من اشكالات.

حيث تنص المادة (18) من القانون على:

أ‌- يمنع القيام بأي تصرف قد يؤدي إلى الحد من المنافسة أو اضعاف أو ايجاد أي عقبات تحول دون دخول منشآت منافسة إلى السوق أو توسع منشأة قائمة أو اخراج منشآت منافسة من السوق.

ب‌- تعتبر التصرفات التالية مخالفة إذا اتخذتها منشأة استغلالا لوضع الهيمنة أو الاحتكار وادت النتائج المبينة في الفقرة "أ" من هذه المادة ومن التصرفات التي ذكرها القانون ما جاء في البند رقم (7) بلفظ شراء أو تخزين أو اتلاف سلع بقصد رفع الاسعار أو منع انخفاضها".

وهذه المادة تؤكد ان القانون يعاقب المحتكرين وانهم سبب التلاعب في الاسعار.

والمادة (9) تنص على "يمنع التركيز إذا ادى أو كان من شأنه ان يؤدي إلى الحد من المنافسة أو اضعافها".

وتنص المادة (21) من قانون تشجيع المنافسة على:

"للوزير ان يتخذ بناء على توصية من الجهاز حيال من ينفردون باستيراد أو انتاج أو توزيع أو شراء سلعة معينة ويستغل ذلك في التلاعب بالاسعار أو في انقاص الجودة أحد التدابير التالية:

1- الاتفاق وديا على الحل. 2- عدم نفاذ التصرف كليا أو جزئيا أو لفترة زمينة محددة. 3- ابطال التصرف نهائيا. 4- التوجيه بتصحيح الاوضاع خلال مدة زمنية معينة تتخذ بعدها الاجراءات القانون ضده"..

ليبرز السؤال: ماذا اتخذ وزير الصناعة والتجارة حيال السبعة المنفردون باستيراد القمح والى متى سننتظر اجراءاته القانونية إن مضت واستكملت؟!

وتنص المادة (10) منه على "ينشأ بوزارة التموين والتجارة جهاز يمسى جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار، يهدف إلى الكشف عن حالات الاحتكار والتكامل الرأسي والتركيز الافقي أو حجب أي سلعة أو مادة لازمة لانتاج أو تصنيع سلعة بالسوق المحلية في أثناء بيعها أو عرضها أو في اسعارها باية وسيلة من الوسائل التي من شأنها ان تحد من المنافسة الحرة وللجهاز اقرار السياسات والاجراءات اللازمة لحماية المنافسة وتدعيمها" وهذا يؤكد وجوب التدخل لحماية سوق التنافس وحماية المواطنين وإلا ما فائدة وجود جهاز حماية المنافسة وهو غير قادر على ايجاد السياسات الحامية والداعمة للمنافسة؟.

وتنص المادة (22) على: "مع مراعاة القوانين النافذة يعاقب كل من يخالف احكام هذا القانون بغرامة لا تقل عن (10.000) ريال ولا تتجاوز (100.000) ريال أو ما يعادل ما حققه من كسب نتيجة الاحتكار أو باحدى هاتين العقوبتين.. وفي حالة العودة يكون الحبس وجوبيا بحسب ما يقرره القضاء وفي جميع الاحوال يحكم بالغاء العقود والاتفاقيات المخالفة وينشر الحكم في جريدتين يوميتين على نفقة المحكوم عليه ويجوز للمحكمة ان تقضي بشطب اسم المخالف من السجل التجاري أو سجل المستوردين أو سجل الوكلاء والوسطاء التجاريين حسب الاحوال".

وهذه العقوبات لم نسمع انها اتخذت في حق محتكر أو متلاعب باقوات الناس.. ونأمل ان نسمعها!!.

فلماذا إذا تظل حكومتنا عاجزة عن حل الاشكالية التي نعاينها؟.

كنا نتمنى على هذه الحكومة التي تزعم انها ستتخذ الاجراءات الصارمة ضد المتلاعبين بالاسعار ان تتخذ اجراءات عملية، ترغم المزايدين على الالتزام بالقيمة الحقيقية من خلال ايجاد منافس لهم يستورد المواد التي نحتاج اليها ويوفرها في السوق وبعدها يحتكر من يحتكر فان تجارته ستؤول للكساد.

فهل تتلافى حكومتنا الوضع سريعا أم ستظل متضاربة في اقوالها وافعالها تتلاطمها امواج الجهالة بالطريق السليم.. بدلا من التلاعب بمشاعر المواطن وايهامه بلبن العصفور في حين تسيء لبعض تجار السلع المغلوبين على امرهم أيضا في ظل اجراءات غير قادرة على الزام كبار المستوردين بعدم الاحتكار يقابله عجز حكومي في ايجاد شخصيات تجارية منافسة وقنوعة بالقليل من الزيادة على التكلفة الحقيقية أو تحريك المؤسسة الاقتصادية للمنافسة إن كانوا صادقين.