آخر الاخبار
لجنة الحوار.. هل يبحثون عن شركاء!؟
بقلم/ علي الجرادي
نشر منذ: 14 سنة و 6 أشهر و 12 يوماً
الثلاثاء 08 يونيو-حزيران 2010 05:57 م

قبل ثمانية أشهر كنت ضمن لقاء للمنظمات المدينة في ملتقى نظمه منتدى الشقائق لمخاطبة مؤتمر لندن بوجهة نظر موازية للمجتمع المدني وتصاعد القلق بشأن إهدار حقوق الإنسان من قبل السلطة بتوظيفها السيء لمفهوم مكافحة الإرهاب.

يومها طلب الزميل أحمد الزيلعي «موقع نيوز يمن» رأيي في دعوة الحوار التي وجهها الرئيس للمعارضة ضمن حوار كرنفالي في مجلس الشورى؟ فقلت لأحمد ما رأيك تكتفي برأي د. عادل الشجاع والأستاذ عبدالباري طاهر!؟ لكنه عاد مرة أخرى وسجل رأيي وضمن ما قلته «أن أحزاب المشترك ارتكبت خطأ تاريخياً بتشكيل لجنة الحوار الوطني لأنها بذلك تهربت من استحقاق مواجهة التغيير وشابهت السلطة في الهروب من مواجهة الأزمات بتشكيل لجان وأضاعت مشروعيتها التي تجسدت بالتحالف النادر في إطار اللقاء المشترك.

حينها ثار لغط وذهب البعض باتجاه التفسير الشخصي -كما هي العادة في بلادنا- وتطوع آخرون بوشايات صغيرة -سامحهم الله- وستظل مودتي لهم قائمة فكل منا له أخطاؤه وزلاته تجاه أصدقائه وبتلك التفسيرات كانوا يثبتون دونما قصد أن لجنة الحوار تم شخصنتها. ثم أشرت في مقالات أخرى إلى أهمية تحديد ماهية لجنة الحوار؟ هل هي أداة للمشترك أم بديلة عنه باعتبار أن مشروعيته تم التنازل عنها لصالح حوار ومؤتمر وطني قادم.

في تلك الفترة عقد د. عبدالكريم الإرياني مؤتمرا صحفيا ردا على المشترك وقال بأن أحزاب المشترك تريد التنازل بمشروعيتها للجنة الحوار»، فمثل جرس إنذار لدى قيادة المشترك ولم تراع لجنة الحوار وضع المشترك فلا هو يستطيع التخلي عن الشخصيات التي تحالف معها -سلوك سياسي راق ومبدئي ويبث الطمأنينة والثقة لجهة تكوين جبهة وطنية- ومن جهة أخرى لا يستطيع إعلان انقلاب سياسي على السلطة والمؤسسات القائمة، بدليل عودة كتلة المعارضة لمجلس النواب دون أن يتم التوضيح للرأي العام لماذا انسحبوا ولماذا أيضا عادوا بعد خرق السلطة لاتفاق فبراير وإجراء انتخابات منفردة من طرف واحد والمضي في الحوار الوطني حتى آخر نفس لأن ذلك يعني في نهاية المطاف الإطاحة بالمؤسسات الشرعية القائمة؟ وتتالت الأحداث وتحولت لجنة الحوار إلى حزب سياسي صرف واتجهت نحو تكوين هيئات في المحافظات وإصدار مواقف وبيانات ومخاطبة الإقليم والعالم كما هو الحال مع المشترك وأصبحت هي والمعارضة «كسيفين في غمد».

لنأخذ نموذجاً واحداً لمدى الازدواجية والتناقض بين لجنة الحوار والمشترك وليس تكامل الأدوار: بعد خطاب الرئيس بذكرى الوحدة رحب المشترك بالدعوة للحوار وإطلاق المعتقلين وكانت لجنة الحوار قد اشترطت حوارا برعاية إقليمية ودولية (تأملوا التشدد في لجنة غايتها «الحوار الوطني») ثم بعد أسبوعين تعلن اللجنة عن ترحيبها بالحوار وأنها ستقترب من السلطة من أجل إنقاذ الوطن وليس من أجل إنقاذ السلطة!!

فيقوم المؤتمر بمكر وخبث بالإعلان مساء نفس اليوم عن بدء الحوار في اليوم التالي مما اضطر المشترك عبر ناطقه لينفي علمه -وكانت مصيدة من المؤتمر- ليقول للرأي العام إن أحزاب المشترك أصبحت بيد شخص في لجنة الحوار وهي محاولة صغيرة تنسف مصداقية دعوة الرئيس للحوار من حيث المبدأ.

يؤسفني جدا القول إن صدور لجنة الحوار الوطني الشامل الذي لا يستثني أحدا ضاقت من رأي مخالف، وأخفقوا في تقديم نموذج مغاير عن الاتهامات التي تطلقها السلطة على من يختلف معهم حتى لو كانوا من أبنائها كما حصل مع الأستاذ محمد باسندوة، والأستاذ عبدالسلام العنسي وغيرهم الكثير، وربما كان الفارق الوحيد أن الاتهامات ظلت مادة «حشوش» في مقيل لجنة الحوار!!

الأتباع لا يفكرون!!

أصدر الإخوة عبدالباري طاهر وتوكل كرمان وأحمد سيف حاشد -وهم معروفون بمقاومة الظلم والتعسف- بيانا قالوا فيه إن مشروع لجنة الحوار الوطني تحول إلى مشروع شخصي صغير وتساءلوا عن مصدر التمويل والرواتب في عمل نضالي وعن عدم تدوير منصب الأمين العام وطبيعة اتخاذ القرارات في اللجنة؟ وبالمناسبة كانت الناشطة توكل كرمان قد تعرضت لما يشبه الإهانة حين كانت تدلي برأيها الناقد للتفرد بإدارة «لجنة الحوار» لكن أيا من القيادات السياسية في البلاد الذين يسعون لتخليص اليمن من الطغيان وحكم الفرد لم يحتج أو يعترض وكأن على رؤوسهم الطير، (طبعا هذا في لقاء لجنة الحوار!!) ولم يسمح بمناقشة أسباب الاستقالة وكالعادة تتوالى الاتصالات تحث الضحية على الاستسلام والقبول بالأمر الواقع. واستقالة العزيز د. محمد علي جبران وهو من الكفاءات الاقتصادية والمحاسبية في البلاد سبّبها بالسيطرة الحزبية على مفاصل اللجنة وإهمال الآخرين ورؤاهم المقدمة في الجانب الاقتصادي.

وحتى هذه اللحظة لا أعلم أن قيادة الحوار نجحت في تجاوز الاختبار الجديد والتخلي عن الغطرسة والكبرياء في مناقشة كل الآراء التي قيلت في نقد أداء لجنة الحوار، وحتى لا أكون جاحدا تم الاتصال بي قبل أسبوعين بالتلفون وكان فحوى العرض تسلم لجنة قادة الرأي وهي لجنة جديدة تم ابتداعها للترضيات فاعتذرت وكنت أتمنى أن تكون دعوة من اللجنة للقاء يتم الاستماع فيه للآراء المغايرة.

قد يطول سرد التفاصيل وهناك الكثير مما لا متسع لنشره -ويمكن إيجاز بعض الحقائق:

لا يوجد خصومة شخصية مع الشيخ حميد من قبل د. جبران أو عبدالباري طاهر أو أحمد سيف حاشد أو توكل كرمان أو علي الجرادي، كل ما قلناه رأي وأنتم لجنة حوار وطني فالأقربون أولى بحواركم، ما الذي يضيركم في عقد ندوة مفتوحة ونقدم فيها أوراقاً مكتوبة نشرح وجهة نظرنا؟ لماذا لا تفحص المقولات بدل النيات والأفكار بدل الأشخاص!؟ إذا لم تسمعوا رأيا لا يوافقكم اليوم وأنتم في قاعة أبولو، ما الذي ستعملوه بمخالفيكم عندما تكونوا وزراء؟ نحن جميعا أصحاب مشروع واحد وإن اختلفنا في الوسيلة فلا يحق لأي منا مصادرة أو ابتلاع الآخرين والاستقواء بمكانته وأدوات قوته فذلك هو الطغيان والاستبداد بعينه.

والبحث عن أتباع يشغلون المقاعد ويصفقون حين يخطب الزعيم، أمر يحتاج إعادة نظر.

قبل أشهر كتب الزميل عبدالملك شمسان نقدا موجهاً لقيادة حزب الإصلاح الذي يشرفني الانتماء إليه بعنوان «أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم» وطالبهم بالتبادل السلمي للمواقع، وكان بمثابة بالونة اختبار لكيفية تعاملهم مع النقد الذاتي، وبعد يومين قابلت الأستاذ محمد اليدومي وذكره الحاضرون بالمقال فابتسم وقال مداعبا «إذا وصلنا للحكم حاسبتمونا» أما الأستاذ أحمد القميري فلم يخف ارتياحه معللا بأن آية الشورى نزلت قبل فتح مكة وكذلك الأستاذ عبدالوهاب الآنسي نحيل الجسم كبير القلب، فكلما عاتبته بسبب بطؤ خطوات حزب الإصلاح في التغيير يذكرني بلفتة المفكر الراحل مالك بن نبي -رحمه الله- الذي كان يرد دائما على المستعجلين في بلوغ الأهداف بترديد الآية «لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة».

إن الله خاطب نبيه صلى الله عليه وسلم -أشرف خلق الله- بقوله «ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر» وهو ما أتمنى أن يكون شعاراً للجنة الحوار -إن استمرت- في المرحلة القادمة بديلا عن شعارها المعمول به حاليا المنسوب لفردريك الثاني «إذا ما صار جنودي يفكرون فلن يبقى أحد منهم في صفوف القوات»!!

إذا تحولت لجنة الحوار إلى بيئة طاردة للحوار وتم التخلص من كل صاحب رأي وتخوين كل مختلف فـ»رحم الله النباش الأول»!!

* الأقوياء في أفكارهم يبحثون عن شركاء أما الضعفاء فيبحثون عن أتباع.

* يقول مكيافيللي: «يعرف عقل الحاكم قبل كل شيء من الأفراد الذين يقربهم إليه».