بايدن يوافق على تقديم مساعدات عسكرية بقيمة 571 مليون دولار لتايوان كتائب القسام تكشف عن عملية نوعية ومفاجئة في جباليا انطلاق بطولة كأس الخليج الـ26 في الكويت: مهرجان رياضي وثقافي يجمع الفرق العربية عاجل: الخارجية الأمريكية تعلن عن هدية خاصة لأحمد الشرع عقب لقاء شخصيات أمريكية رفيعه به في دمشق حصة تدريب على القيادة تتحول إلى كارثة مأساوية تفجع أسرة بأكملها في صنعاء خلافات تعصف بالمجلس السياسي الأعلى للحوثيين.. تحركات للإطاحة بمهدي المشاط وحزب المؤتمر يوجه صفعة جديدة لعبدالملك الحوثي.. عاجل السلطة المحلية بمحافظة ذمار تعلن موقفها من العفو الحوثي عن قاتل المواطن طارق الخلقي نقابة المعلمين تحذر الحكومة اليمنية وتمهلها أسبوعاً واحد .. الخديعة الكبرى التي اجتاحت العالم .. شحوم المواشي علاج للبشر ام كارثة على البشرية القوات المسلحة اليمنية: أبواب صنعاء ستفتح قريبًا وخطة تحرير العاصمة تسير بخطى ثابتة
في كلمتنا في العدد الماضي عن «لا حياة دون دين ولا حياة بالدين وحده» وضحنا الحدود القائمة ما بين الدين والدنيا، وحق كل منهما واليوم نعرض مثالاً تطبيقياً علي ذلك فأيهما أفضل للمسلم النمطي في هذا العصر، أن يقضي ساعة لدراسة الكمبيوتر أو أن يصلي نافلة؟
الكمبيوتر في العصر الحديث ثورة في اكتشاف آفاق المعرفة تفوق الثورة التي أحدثتها المطبعة عندما مدت الثقافة من الكتاب المنسوخ باليد إلي الكتاب المطبوع، وكما أن المطبعة كانت أعظم العوامل في إشاعة الثقافة والمعرفة بين الناس وإتاحتها للجماهير والجموع التي كانت محرومة منها، فإن الكمبيوتر أيضا أحدث ثورة في المعرفة والمعلومات لا تقتصر علي الثقافة، ولكن علي عالم الاتصالات الذي يربط كل جزء من أجزاء المجتمع بالأجزاء الأخري، ويجعلها تسير متناغمة في كل المجالات، ثم أوجد «جنياً» يفوق جني سيدنا سليمان الذي أحضر له عرش بلقيس قبل أن يرتد طرفه، وهذا الجني اسمه E.mail ، وجني آخر اسمه « FAX »، وهؤلاء «الجان» يعملون في خدمة الكمبيوتر.
ولا يقل من هذا أهمية أن الكمبيوتر أوجد ساحة حرة شاملة مفتوحة للحوار وللمقالات والآراء والأخبار يطلق عليها « Internet »، وعلي هذه الساحة يمكن لكل واحد أن يكتب رأيه في أي شيء، وفي كل شيء كائنا ما كان هذا الرأي، لأن الإنترنت مما لا يمكن لسلطات الرقابة أن تتدخل فيه، فهل هناك ما هو أكثر روعة وإثارة للهمم من هذه الفرصة المجانية التي لا تكلفك إلا أن تكتب رأيك فيصبح مذاعاً ومعروفاً لعالم آخر.
إن الإنترنت يضم كل ما جاء في الصحف والقواميس، إنه أنسكلوبيديا شاملة إذا أعوزتك المعلومات فإنك تضغط علي زر علي شاشة الكمبيوتر فتظهر المعلومات مصنفة، مرتبة.
كان المحدثون القدامي يسافرون من المدينة إلي الفسطاط أو دمشق بحثاً عن حديث، فهل كان هولاء الناس الطيبون يتصورون أن ستظهر آلة، ما أن تضع فيها أسطوانة بحجم الكف حتي تعرض لك كل أحاديث الكتب الستة، ما كانوا يتصورون ولا يحلمون بمثل هذا الذي جعله الكمبيوتر أمراً واقعاً.
علي شاشة الإنترنت يمكن أن تقرأ مقالات لمسيحيين وبوذيين وإسرائيليين إلي جانب مقالات أشد الفئات الإسلامية تشدداً وتطرفاً، كما يمكن أن تجد الفلسفة إلي جانب الكتابات الجنسية والصور العارية.
لا جدال أن تعلم هذه الوسيلة الجديدة وأحكامها واستخدامها والإفادة من الاحتمالات التي لا حصر لها، والتي تطلعك علي أخبار العالم وتستخدم السماوات المفتوحة التي لا يمكن لرقابة الدولة أن تنالها.
هل يمكن أن نقارن هذا بصلاة نافلة؟
في العصور القديمة كانت الحياة بسيطة، سهلة رخاءً، سخاءً، وكان الطابع الثبوتي الهادئ الساكن يحكمها، فلا تغيير ولا تبديل، وكان يمكن للرجل العادي أن يشبع حاجاته بأهون الوسائل، أو أن يتقشف ويصبح التقشف عادة، وكان الوقت طويلاً يسمح للمسلم بأن يصلي ويتعبد ويعتكف أيام رمضان ويصلي التراويح.. إلخ، ويسبق كل صلاة أو يعقبها بما يشاء من النوافل، وهو يريد بهذه العبادة أن ينقذ عنقه من النار وأن يرتع في رياض الجنة.
الأمر اختلف تماماً في العصر الحديث فقد أصبحت الحياة سباقاً حثيثاً وتعددت الاحتياجات ولم يعد يمكن الاستغناء عنها حتي لأفقر الطبقات التي لا يمكن أن تستغني عن ثلاجة وبوتاجاز وراديو وتليفزيون، ونجد التليفزيون يأخذ محل الصدارة، وعلي إنسان العصر الحديث أن يتحمل مسؤوليات ضخمة وأن يقوم بعمل جاد طوال ساعات العمل، وقد يكون عليه أن يقضي ساعة في المواصلات حتي يصل إلي مقر عمله، ويمضي ساعة أخري للعودة، وبعد هذا يحس بالحاجة للراحة ويكون عليه أن يقوم بالفروض المكتوبة من صلاة أو صيام ولا يتعداها، لأن الأولويات أصبحت تقضي بأن عليه أن ينمي معلوماته ويستكمل مهاراته ويتابع التطور في وسائل العمل، فالعصر الحديث رغم كل تقدمه، فإنه يتقاضي من الناس أجراً باهظاً لكل ما يقدمه من خدمات ورعاية، وتغير معني العبادة من المضمون الفردي الأناني إلي مضمون عام يقوم علي الإيثار، بحيث تكون العبادة في خدمة الناس وليس لإنقاذ صاحبها من النار، وهو بالطبع سينقذ نفسه من النار بهذه الخدمة أكثر مما ينقذها بصلاة النوافل والإنهماك في الصلوات والدعوات، ولا جدال أن هذا يمثل ارتفاعاً في مستوي الفهم، وإنه يجمع ما بين الدين والدنيا، ويجعله وهو الذي لا يقضي إلا الفروض المكتوبة ويستغل باقي وقته في دراسة أو خدمة أقرب إلي الله من الذي يعكف علي العبادة وينسي حظه من الحياة الدنيا.
نقول للمسلم المعاصر: أد الصلوات الخمس المفروضة، وصم شهر رمضان، وادفع زكاتك، وحج مرة واحدة إن استطعت، وبعد هذا ادخر جهدك ووقتك ومالك للدراسة، ولتمكين وضعك في عالم العصر، وللقيام بخدمات لإخوانك وزملائك، وتحقيق ما يتطلبه الوطن من رفعة، فهذه هي الأولويات التي يتطلبها العصر ولا يرفضها الدين في الوقت نفسه.
من أجل هذا قلنا ساعة لدراسة الكمبيوتر أفضل من صلاة نافلة.