تحت سقف الوحدة ينعقد ملتقى التشاور الوطني,بمشاركة واسعة لمختلف القوى في بلادنا,بغرض مناقشة الأزمة الوطنية الشاملة لكل جوانب حياة شعبنا اليمني,الضحية الأول والأخير لكل الممارسات الخاطئة الفاسدة لحزب الرئيس الحاكم,وتردد وتأخر قوى المعارضة السياسية(اللقاء المشترك) في إتخاذ مواقف وطنية واضحة,ترغم الحاكم على دفع عجلة التغيير إلى الأمام,أو تحافظ على روح الأخوة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد,العائشين بكل أسف وألم تحت شعار(الإخوة الأعداء)بسبب الأداء السياسي لكل أطراف الصراع بدون استثناء,والذي جر المواطنين للتخندق في جبهات التقسيم الجغرافي والمذهبي والطائفي...الخ,لتتحول وحدتنا الوطنية لكلمة رنانة,ليس لها في واقعنا السلوكي أي حضور.

استحضار سقف الوحدة من قبل المتشاورين,دليل على خطورة وصعوبة الملف الخاص بالقضية الجنوبية,التي تناثرت أوراقها بين أيادي القوى السياسية في الداخل لسنوات عجزت خلال أيامها في حلها,بسبب تعاطيها البطيء مع أحداثها,لتطير أوراقها نحو القوى الإقليمية التي سارعت في التقاطها وترتيبها,بهدف السيطرة عليها,خوفا من وصول نتائجها إذا ما تطورت الأحداث إلى أراضيها,مما يشكل خطرا كبيرا على أمنها وسلامتها,وهنا يشعر الإنسان اليمني باليأس والإحباط من قواه السياسية,ليس لأنها عاجزة عن حل قضاياه ومشاكله ,ولكن بسبب فرحتها وزغردتها"المالية"بتدخل الآخرين في مشاكل الوطن,كما هي الصورة في حزب الرئيس الحاكم وحكومة المؤتمر,التي طبلت وزمرت لمواقف الدول الإقليمية الغنية من أحداث اليمن,غير مبالية أو مهتمة بأن القوى الخارجية ستفرض بتدخلها حلولا تتوافق مع مصالحها فقط,ولو دفعت مقابل ذلك للحزب الحاكم المهتم والحريص على أموال المتدخلين,ولذلك عمل على تخويف الجيران من حرب(الطياق),لكنه لم يدرك أن مواصلته واستمراره في بيع قضايا الوطن بطمع وأنانية,ساهم في تفكير الجيران ومن معهم في ضرورة مغادرته السلطة لأنه فشل في تحقيق الإستقرار والأمن الضامن لمن حوله ومصالح الدول الكبرى.

المتشاورون تحت سقف الوحدة,معنيون قبل غيرهم بالتقاط الرغبة الإقليمية في إحداث تغيير يمني,يحميها من الخطر والإبتزاز,إن أرادوا حقا إخراج الوطن من أزمته,حيث لا يمكن أبدا وقوع ذلك بمعزل عن الإقليم الذي سيجد نفسه مضطرا للتعاطي مع نتائج الأحداث اليمنية حال تأزمها لا قدر الله,فسقف الوحدة يستدعي هنا متطلبات الشعب اليمني لا متطلبات الآخرين,وهنا لا بد من تذكير أهل التشاور بإيجاد طريقة مناسبة للتواصل الدبلوماسي مع القوى الإقليمية والدولية,كورقة تغيير لا نبالغ إن قلنا أن الرئيس استخدمها ثلاثين سنة,وكانت سببا هاما في بقاء نظامه,ولعل العمل بوطنية خالصة من أجل الحصول على تلك الورقة سيكون ضمانا رئيسيا في التغيير والإصلاح.

غير بعيد عن الورقة الإقليمية والدولية,تبرز أمام ملتقى التشاور الورقة الأخطر حسب ما نراه,والمتمثلة في سوء وتدهور الوحدة الإجتماعية والوطنية بين أبناء الشعب,حيث صار التداعي والتنابز المناطقي حالا لا يجوز السكوت عليه,ويجب مناقشته بصراحة عالية وشفافية واضحة,لأن سقف الوحدة يقطر بالعنصرية والإحتقار والإستهتار.....الخ,ولهذا انعدمت أسس التكاتف والتلاحم الشعبي بين ابناء اليمن,مما ضعف الجبهة الداخلية وأصابها بالتفكك,كما هو الحال في جنوب البلاد التي انتظرت وصول مدد الوحدة الشعبية من باقي أجزاء الوطن اليمني للتضامن مع المواطنين ورفض الممارسات القاتلة لحزب الرئيس الحاكم.

سقف الوحدة يا أهل التشاور يستدعي إصلاحه بلحمة شعبية,تعيد لأبناء الوطن الثقة فيما بينهم ,ليشعروا أنهم جميعا يعيشون هم الجميع بممارسة أخوية تدفعهم للإنتصار لبعضهم البعض,وهنا بالذات ننصح المجتمعين بقرائة أعظم درس في بناء الأخوة الوطنية كمدماك أساسي في تأسيس الدول العظيمة,وذلك الدرس صنعه أعظم قائد ومربي في تاريخ البشرية,سيدنا ونبينا محمد ابن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام في مؤاخاته بين المهاجرين والأنصار.

سقف الوحدة يا سادة,كان من البداية يستدعي تضامنا جماهيريا من كل المحافظات مع أبناء الجنوب,ولعل قادة القوى السياسية كانوا قبل غيرهم ملزمين بقيادة الجماهير في الشوارع تظاهرا واعتصاما,للمطالبة بحل القضية الجنوبية ورفض الممارسات الخاطئة والإستحداثات والتصرفات العسكرية التي تسببت في تدويل الملف والرضوخ للأصدقاء والجيران.

سقف الوحدة يجب أن يبقى بدون تقطير,لا خلاف على ذلك أبدا ولكن بقائه يتطلب ضخ النفس الكبير في أرواح الشعب المنهك ليخرج إلى الشارع معتصما ومتضامنا مع أبناء الجنوب,وليكن أهل التشاور في مقدمة الصفوف وطلائع الجماهير,أما نضال البيانات والغرف المغلقة فقد كان أحد الأسباب الهامة التي أوصلت البلاد إلى أزمتها الراهنة,و الإستمرار في النضال الصامت يعني بهدوء تصاعد الأزمة ووصولها نحو أماكن لا يمكن بعدها لأي نضال شعبي أن يحقق أي تغيير.

سقف الوحدة بحاجة عاجلة لسد الثقوب التي كثرت بسبب المطامع والمصالح الشخصية والحزبية والأسرية,ولا يمكن لها أن تستد وأهل التشاور يفكرون في رضا وغضب الرئيس,أو مصلحة ورصيد أحزابهم وأنفسهم,ونجاحهم في ذلك مرهون بتغليب الوطن وأهله على كل الحسابات ممارسة وسلوك قبل أي شيء آخر.

سؤال وعتاب.....سيخرج أهل التشاور بحلول لأهم مفاصل الأزمة كما نتوقع,وهنا نتسائل بهدوء عن الإمكانيات التي ستعمل قوى التشاور من خلالها على تنفيذ الحلول!!خاصة وهي تواجه نظاما لا يرضخ أو يتفاهم سوى مع من يجيدون إستخدام قاعدة(ادكمه يعرفك) فهل ستصعد القوى التشاورية نحو تلك القاعدة؟أم أنها ستكتفي بتشاورها وبيانها الختامي,لكنها هذه المرة خرجت من الغرف المغلقة نحو الصالات المغلقة!!!

عتابنا لأهل التشاور في إقصاء وتجاهل القطاع الإغترابي اليمني لأسباب لا نعلمها ونتمنى من كل القوى الوطنية مراعاة ذلك القطاع الكبير المنتشر في كل أنحاء العالم,والذي يعيش هم وطنه وشعبه بصدق وإخلاص ويساهم بحوالاته المليارية في دعم الوطن والحفاظ عليه.

aalmatheel@yahoo.com