كتائب القسام تكشف عن عملية نوعية ومفاجئة في جباليا انطلاق بطولة كأس الخليج الـ26 في الكويت: مهرجان رياضي وثقافي يجمع الفرق العربية عاجل: الخارجية الأمريكية تعلن عن هدية خاصة لأحمد الشرع عقب لقاء شخصيات أمريكية رفيعه به في دمشق حصة تدريب على القيادة تتحول إلى كارثة مأساوية تفجع أسرة بأكملها في صنعاء خلافات تعصف بالمجلس السياسي الأعلى للحوثيين.. تحركات للإطاحة بمهدي المشاط وحزب المؤتمر يوجه صفعة جديدة لعبدالملك الحوثي.. عاجل السلطة المحلية بمحافظة ذمار تعلن موقفها من العفو الحوثي عن قاتل المواطن طارق الخلقي نقابة المعلمين تحذر الحكومة اليمنية وتمهلها أسبوعاً واحد .. الخديعة الكبرى التي اجتاحت العالم .. شحوم المواشي علاج للبشر ام كارثة على البشرية القوات المسلحة اليمنية: أبواب صنعاء ستفتح قريبًا وخطة تحرير العاصمة تسير بخطى ثابتة حزب الله اللبناني يعلن موقفه الجديد من الغارات الإسرائيلية على اليمن
في الثلاثينات من القرن الماضي كان الضابط البريطاني هارولد ديكسون H. R. P. Dickson، ابن القنصل البريطاني في القدس ودمشق، يعيش بين القبائل العربية البدوية في أقصى الركن الشمالي الشرقي من الجزيرة العربية وتحديداً في مرابع قبيلة مطير في صحراء الدهناء والصمان وما حولها قرب الكويت، يتعلم لغة العرب بلهجاتهم الأقل تأثراً باللغات الأخرى ومستكشفاً أحوال قبائلهم وعاداتهم وتقاليدهم، وفي الوقت نفسه يقوم بمهامه المنوطة على عاتقه التي كلفته بها حكومة بلده التي لم تنظر إليه إلا كضابط وسياسي مخلص للامبراطورية البريطانية متفانياً في خدمة مصالحها حتى وإن أرضعته امرأة بدوية في الصحراء لعدة أسابيع كما روى نقلاً عن والدته فأصبح بذلك أخاً مفترضاً للعرب بالرضاع!
في نفس تلك الفترة المليئة بالأحداث التي مهدت للحرب العالمية الثانية، ولكن في الجهة المعاكسة تماماً، أي في الركن الجنوبي الغربي من الجزيرة العربية، كانت تدور حرب طاحنة بين إمام اليمن يحيى حميد الدين والحاكم الجديد لنجد والحجاز عبد العزيز آل سعود. يقول ديكسون في الفصل الثاني من كتابه (عرب الصحراء) The Arab of The Desert أنه بعد عودته من إحدى الرحلات قادماً من الكويت إلى "ديرة" قبيلة مطير في الصحراء، تجمع حوله الرجال والنساء يسألونه عن أخبار الكويت وبالمقابل كان البدو يحدثون "أبو سعود" - وهي الكنية العربية التي اشتهر بها ديكسون بين البدو - عن أخبار المعارك والغزوات التي تدور في وسط الجزيرة العربية وغربها وجنوبها. تحدث أحدهم - واسمه سالم - قائلاً: "صدقني يا أبا سعود، إن الإمام يحيى قوي جداً فلديه جيوش مدهشة وآلات جهنمية تحت تصرفه، وحتى أنه يملك دجاجاً معدنياً سيّاراً يرسله بالآلاف إلى المخيمات ليلاً، وحالما يدخلون بين الجموع ينفجرون ويقتلون الكثير في كل انفجار! والله، إنها حقيقة، لقد رأيت أناساً مقتولين بهذه الطريقة، كما رأيت قبل عودتي من الرياض قطعاً من الدجاج المتفجر الذي جُلِب من جبهة عسير ليراه الملك، إنها حقيقة وأقول لك يا أبا سعود أنك تعرف أني لم أكذب عليك سابقاً فلماذا أفعل ذلك الآن".
لم يكن ديكسون يصدق مثل هذه الأخبار، فقد وصف ما رواه سالم بالكذبة الكبيرة، لكنه أضاف أن جميع من كانوا حوله قد أيدوا كلامه بصوت عال وأن الناس في الجزيرة العربية يصدقون هذا الكلام. موقف ديكسون مفهوم بالطبع، فمن ذا العاقل الذي يمكنه تصديق اختراع دجاجة معدنية مسيرة محملة بالمتفجرات في ذلك الزمن دون أن ينتشر خبر هذا الاختراع ويعلم به الناس غير عرب الجزيرة! وأنا شخصياً لم أصدق القصة في البداية كما فعل ديكسون، لولا جزئية ذكرها الراوي سالم وهي أنه رأى بنفسه قطعاً معدنية من ذلك "الدجاج المتفجر" وقسمه على ذلك وإصراره على أنها حقيقة وأنه لم يكذب من قبل، مما جعلني أشك في الأمر وأبحث فيه أكثر.
بعد الكثير من البحث والتنقيب في المصادر المتعلقة بتاريخ الاختراعات العسكرية في أوائل القرن العشرين، فوجئت بأنه أثناء الحرب العالمية الأولى قام مهندسون فرنسيون باختراع مركبات آلية أشبه بالدبابة المصغرة عرضها أقل من متر وارتفاعها 60 سم يتم تحميلها بالمتفجرات ثم إطلاقها لتنفجر في خنادق أعدائهم الألمان، وأطلقوا على هذه المركبات المسيرة اسم طوربيد التمساح الأرضي Crocodile Torpille Terrestre ثم انتقلت صناعة هذه "التماسيح المسيرة" إلى الألمان ومنهم إلى الطليان. ويبدو أنه بحكم علاقة الإمام يحيى الجيدة مع إيطاليا الفاشية، حصل على عدد من تلك المركبات والتي ناسبت الطبيعة الصحراوية المفتوحة لساحات المعارك بينه وبين السعوديين والخالية تقريباً من العوائق الطوبوغرافية، فأصبحت "التماسيح" "دجاجاً" أكثر فعالية وفتكاً وإصابة للهدف.
واليوم يعيد التاريخ نفسه في الجبهة نفسها وعلى الأرض نفسها وبين الأطراف أنفسهم (أو ورثتهم)، حيث تدور نفس الحرب فيتحالف الإماميون الجدد مع فاشية من نوع آخر (فارسية هذه المرة لا رومية) ويتحالف آل سعود وأصحابهم مع الأمريكان ورثة الإنجليز، ويتنافس كل طرف في إبراز أحدث ما يحصل عليه من التقنيات العسكرية من حليفه، والخاسر الوحيد من كل هذه الحروب هي الشعوب في اليمن والجزيرة العربية.