آخر الاخبار
سجون تفوق أبو غريب
بقلم/ كاتب/رداد السلامي
نشر منذ: 16 سنة و 3 أشهر و 10 أيام
الثلاثاء 09 سبتمبر-أيلول 2008 01:58 م

مأرب برس – خاص

في اليمن سجون تحت الأرض خصوصا العاصمة صنعاء ، وتتجلى مظاهر الجريمة فيها بأبشع صورها.

ففي هذا السجون وخاصة الاحتياطية منها الموجودة في قلب العاصمة –السجن الاحتياطي كمثال بسيط - ، أطفال صغار يسجنون مع مجرمون وقتلة ، ويتعرضون لجرائم عدة،منها الاغتصاب والعنف ، يحدث ذلك على علم من يشرفون عليها .

رئيس الاتحاد العام لطلاب اليمن في جامعة صنعاء-رضوان مسعود- الذي قال انه سجن ذات مرة بتهمة سياسية لفقت ضده من قبل الحزب الحاكم ، أن السجن الاحتياطي بصنعاء مرعب تقشعر منه الجلود وتشمئز النفوس وأكد مسعود الذي مكث قبل سنوات في هذا السجن مدة أسبوع كامل ، ذات حديث معه وهو يروي قصة ذلك السجن أنه كان فيه حتى أطفال صغار بعضهم سجن بسبب جرائم طفيفة أدنها سرقة "أنبوب ماء" مثلا ، وقال انه رأى أطفال يتعرضون للمضايقة في السجن الذي يصفه بالموحش او الغابة، كما يتعرض بعض المساجين الكبار حد قوله للعنف والضرب من قبل مساجين ذو جرائم كبيرة أكبرها القتل يتزعمون عصابات فيها ، وأن ذلك السجن مليئ بالأوبئة والأمراض والروائح الكريهة فهو يقع تحت بلاعات و تتسرب مياه تلك البلاليع إليه ، وأضاف مسعود " إنه مستنقع وباء وليس سجن".

لقد تحدث رئيس الاتحاد العام بأسى وقال أن تجربة سبعة أيام في ذلك السجن أطلعته على عالم من السجون كارثي بل أن تلك السجون حد قوله هي بمثابة مدارس لتعليم الإجرام ، ففيها يحدث عنف وممارسات لا تليق حسب مساجين قال أنهم رووا له ذلك، وكما رأى مشاهد من تلك الممارسات بنفسه ، وانهم أخبروه أن ثمة اغتصاب يمارس فيها ضد الأطفال ، وأن ثمة مساجين أطفال يتم توزيعهم من قبل ضباط الاحتياطي في ذلك السجن مع مساجين مجرمون صورهم موحشة ، ويقوم هؤلاء المساجين بممارسات لا أخلاقية ضد هؤلاء الأطفال .

هذا نموذج بسيط وما يحدث أكبر مما يرى ،فقد تعرضت أنيسة الشعيبي للاغتصاب في أحد السجون العاصمة صنعاء ، وهي قصة مشهورة كتبت عنها الصحافة اليمنية ، كل هذا حدث ومر المجرمون ومعظمهم من ضباط الأمن اليمني المشرفون على تلك السجون بسلام دون أن ينالوا جزاؤهم الرادع ، وهناك من تعرض لسلخ جلده وتعذيب وحشي ومنهم من فقد عقله إنها غابات ، بل أوطان أخرى موحشه تفوق سجن أبو غريب بكثير..!!

 أحزاب المعارضة اليمنية ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني صامتة عما يحدث ـ، وكان يجب أن تضغط باتجاه تفتيش السجون- بحسب مسعود- والاطلاع على أحوالها وأحوال السجناء فيها وما يحدث فيها من رعب وحشي تجاوز القيم الإنسانية ، إن قضية الاعتداء على عضو مجلس النواب أحمد سيف حاشد حين أراد تصوير واقع تلك السجون بكاميرته كان ينبغي أن لا تمر بسلام وأن تكون بداية سبر أغوار سجون هي أبشع ما عرفته وستعرفه البلاد مستقبلا إذا كان الصمت هو سيد الموقف.

وزيرة الحقوق الانسان ينبغي ان تفهم دورها دون الاكتفاء بتقارير لا تسمن ولا تغني من جوع ، السجون أضحت مكانا آمنا لارتكاب جرائم بشعة بحق الانسان اليمني ، فيما المعاناة هي وحدها التي تتجسد وما يحكيه البعض يفوق الخيال بل اشد غرابة ، السجون تحولت الى سردايب اذلال ، ومرتع عصابات تبتز المساكين الذين معضهم سجناء لاسباب تافهة لاترتقي الى عدها جريمة ويحشرون مع مجرمون ووحوش آدمية لم تؤهل ولم تعامل باحترام ، ولم تقدم الى المحاكمة ، ما معنى أن يتحول بعض السجانين الى جلادين وما معنى أن يحشر أطفال صغار بين مجرمون وما تفسير ما يحدث في ظلمة هذا السجون العفنة التي يشرف عليها آدميون لا يقلون عفونة عن تلك البلاليع التي يتسرب خبثا الى السجون..؟؟

التفتيش القضائي غائب بل لايوجد ويبدو أن ثمة تستر على تلك السجون لاسباب لايعلمها أحد، و لا ينقب بعدها ذوي الشأن من أحزاب وقوى سياسية ومنظمات حقوقية ، أسباب كفيلة بتعرية سوءات من يحكمون البلاد بعقلية لم يمارسها حكم الامامة رغم استبداده فقد كان على الاقل لديه مثل دينية وقيم خلقية يحترمها ، خصوصا فيما يتعلق ببشاعة ما يحدث في هذه السجون من منكرات كان على هيئة الفضيلة ودعاتها ان يطالبوا النظام الحاكم الكف عنها ،وإعادة إعمار السجون بما يجعلها مؤهلة لأن تؤدي دورا توعويا يعمل على صياغة السجناء ، وتأهيل من أمكن تأهيله ليكون مواطنا صالحا بدلا من ان يتحول الى مجرم شرير ناقم على الدولة والمجتمع، إن السجون كما يروي البعض ومنهم النموذج السابق يؤكد أن ثمة تواطؤ واضح وفاضح لتحويل الناس الى حيوانات متوحشة في غابات جدرانها اربعة ..فهناك طعام يقدم للسجناء لا يليق ببشر وهناك معاملة لاتليق حتى بحيوان ، وهناك خلط بين السجناء ، وهناك بشر حولهم السجانين والسجن الى وحوش آدمية تستخدمها لابتزاز السجناء وأخذ مبالغ مالية بحوزتهم ، إن ما يحدث يجب ان يوقف الآن دون تردد ويجب ان تهب منظمات حقوق الانسان في البلاد لمطالبة الدولة بحسن معاملة السجناء ، وإطلاق المعسرين منهم وذوي الجرائم الطفيفة وخصوصا الاطفال الذين يتعرضون لوحشية همجية تغتال براءتهم مستقبلهم وتجعلهم مجرمون ناقمون على الجميع.