آخر الاخبار
حين يتَقمصُ المٌتمرد دورَ الوصي
بقلم/ آفاق الحاج
نشر منذ: 10 سنوات و 3 أشهر و 11 يوماً
الإثنين 08 سبتمبر-أيلول 2014 12:18 م
قد تبدوا مطالب الحوثي للحظة مقبولة وجاذبة لكثير من المواطنين الذين لا يدركون ما تخفي وراءها تلك الشعارات من قصد وما تُبيت من نية, وحين يتقمص الحوثي المتمرد على مخرجات الحوار دور الوصي عليها ويطالب بتنفيذها وكما يقال"شر البلية ما يضحك" متغاضيا ومتناسيا بأنه كانت له اليد الطولى والنصيب الأوفر في عرقلة سير مخرجات الحوار الذين هم ملزمون بتنفيذها في المقام الأول كونها تدعوا إلى نزع سلاح الميليشيات وتسليمها إلى الدولة إلا أنهم ضربوا بهذا المُخرج عرض الحائط ولم يلتزموا به بل ظلوا يؤججون الصراعات ويتوغلون في المحافظات بقوة السلاح الذي يفترض أن يسلموه للدولة التي استغلوا انشغالها في ملاحقة الارهابين في الجنوب وقاموا بعقد الصفقات هنا وهناك وشراء ذمم أولئك الذين باعوا وطنيتهم بثمن بخس لا يساوي شيئا أمام فداحة الجرم والخيانة التي ارتكبوها سواء كان على الصعيد العسكري أو حتى القبلي وبهذا تمكنت أي جماعة الحوثي من الانقضاض على عمران التي حولتها إلى محافظة منكوبة إنسانيا وعُمرانيا لتليها في قائمتهم السوداء محافظة الجوف التي دخلوها وهم يحملون ذات الكأس الذي أسقوا منه عمران ومن قبلها صعدة ويأتي ذلك في محاولة استنزاف لقدرات الدولة وتشتيتها بين محاربة الإرهاب القاعدي في الجنوب و الإرهاب الحوثي في الشمال إلى أن صوبت عينيها نحو صنعاء ووضعت قدميها عليها ولا تبشر سوى بمستقبل يلفه السواد ولا تعرف معالمه. وعندما يقترح الحوثيون على الدولة استعدادهم دعم المشتقات لمدة شهرين بحسب ما صرحت به اللجنة المكلفة مؤخرا بالتفاوض معهم مقابل التراجع عن قرار الجرعة.

 فالسؤال الذي يفرض نفسه من أين لجماعة الحوثي تلك الأموال؟ إن لم تكن قطعا ومما لاشك فيه أموال إيرانية بامتياز وعموما إن كان الاقتصاد يعنيهم ويرثون لحاله إلى هذا الحد كما يدعون فما عليهم إلا أن يكفوا أذيتهم وشرهم الذي ينهك الاقتصاد الوطني ويكلف المليارات من خزينة الدولة بممارستهم لسياسات التدمير والتفجير والسلب التي ينهجوها عند دخولهم أي منطقة أو محافظة .كما أن المطالبة بتشكيل حكومة كفاءات وطنية أمر يدعوا إليه الجميع وليس الحوثي فحسب الذي أبدى عدم الرغبة في المشاركة بتلك الحكومة ولايطالب بأكثر من أن يكون القرار السياسي بيده فما الذي أبقاه إذا؟! لقد انكشف زيف وادعاء تلك الميليشيا وتعرت أمام العالم ولم يعد يخفى ذلك على عاقل , وباعتقادي ما إرسال اللجنة الرئاسية مجددا إلى صعدة للتفاوض مع الحوثي بعدما عادت إلى صنعاء في المرة الأولى وهي تجر أذيال الخيبة وقد مُرغ بها في التراب سوى مضيعة وقت وإعطاء الحوثي فرصة ومجال لتصعيد تحركاته ويفترض على الدولة أن تغير أوراق لعبها التقليدية بأوراق جديدة تلبي ظروف المرحلة الراهنة والتحديات والمخاطر التي تحيطها, وإن كان زعيم الحوثيين يهدد بما هو مزعج وأشد إيلاما فالدولة مطالبة بخطوة لا تقل إزعاجا وإيلاما لهؤلاء خصوصا بعد بيان مجلس الأمن الأخير الذي أدان فيه بالاسم جماعة الحوثي في رسالة واضحة بكونها أصبحت طرفا معرقلا للعملية السياسية ولم يعد من المحتمل السكوت على أفعالها, وبهذا الدعم الدولي والإقليمي أيضا الذي يحظى به الرئيس هادي فإن ذلك يمنحه الضوء الأخضر للتحرك ويضع القرار بيده والكرة في ملعبه لتجاوز هذه المهددات وإخماد نيرانها, ولو أبدى الحوثي نوعا من اللامبالاة وعدم الاكتراث لبيان المجلس فإن هذا لم يُخفي القلق والارتباك الذي بدا عليه زعيمها وهو يلقي خطابه الأخير وفي ظل هذا التنديد الدولي فإن المكابرة لن تمنعه من مراجعة حساباته والتفكير ألف مرة قبل الإقدام على أي خطوة من شأنها أن تكلف جماعته الكثير وتفقدها كل شيء بما في ذلك الحضور السياسي.