آخر الاخبار
غزة بين إسناد الربيع الثوري! وخذلان الانقلابيين!!
بقلم/ د.عبدالحي علي قاسم
نشر منذ: 10 سنوات و 5 أشهر و 10 أيام
الجمعة 11 يوليو-تموز 2014 02:45 م

    نسمات العزة والنصرة لغزة في العام 2012  مرت كالحلم سريعا نتذكرها اليوم بنوع من الأسى والفاجعة ونحن نقلب بين أوراق المواقف الانقلابية المخزية، والصامتة لآلة القتل الصهيونية، سوى من الشماتة بمآسي الشعب الفلسطيني في شهر النصرة المبارك، اليوم فقط نقف على أطلال الإسناد الثوري العربي لغزة أثر العدوان الإسرائيلي الذي شنته في صباح الثالث عشر من نوفمبر العام 2012، لكسر إرادة المقاومة الفلسطينية، وجس النبض الثوري التي كانت تعيشه المنطقة العربية وقتها، فغزة عندما تعرضت لهمجية العدوان الإسرائيلي تداعت القوى الثورية حينها لإمداد غزة بدعم غير مسبوق أو مألوف معنويا أكثر منه ماديا، إذ سارعت الدبلوماسية على المستوى العربي والإقليمي للضغط على إسرائيل والعالم الأعور واللاإنساني الداعم لها لوقف همجيتها، وقتها خاطب حمد بن جاسم ومعه أردوغان ومرسي من مصر الثورة إسرائيل والعالم بأن الزمان تغير، وأن لا مكان للسكوت على جرائم إسرائيل، وأن عقودا من العربدة ولى، وكل خيارات الدعم لغزة مطروحة على طاولة الإجماع العربي، الذي كان الحضور الثوري فيه قويا.  ميدانيا فتحت المعابر وانهالت قوافل الدعم السخية تتدفق من مصر وليبيا وتركيا وقطر واليمن والمغرب والسودان وتونس وغيرها من الدولة العربية والإسلامية لغزة المقاومة في رسالة لإسرائيل بأن مقاومة غزة لن تنكسر، وصمودها مسنود بقوة إرادة الربيع الثوري الشعبية، فلم يكن من إسرائيل وحلفائها المباركين لجرائمها سوى الانحناء لعصف قوى الثورة وصمود المقاومة، بوقف عدوانها بدون شروط في سابقة مذلة لإسرائيل، لكن تلك القوى الغربية وتابعيها الحاقدة على الأمة تأبطت شرا بمركز قوة الربيع المصري الداعم لغزة، وبدأت تحركا هو الأكثر تآمرا ومكرا لضرب مركز الإسناد الثوري لغزة بإسقاط محمد مرسي وحكومته الثورية، التي أفرزتها الإرادة الشعبية المصرية بقبضة الجيش الذي يقف على رأسه عبد الفتاح السيسي المرغوب أمريكيا وصهيونيا، فهو مع إسرائيل الأكثر دراية في كيفية التعامل مع المقاومة الفلسطينية في غزة حسب رأي كثير من السياسيين الأمريكيين، وقلب معادلة الثورة الداعم للحق والصمود الفلسطيني، وما نشهده اليوم ليس أكثر من سيناريو تصفية الحسابات مع غزة الثورة بدك مقاومتها المزعجة، وشل قدراتها في أجواء حصار خانق وصمت عربي رهيب، بعد أن غيبت روح الإرادة الشعبية وأضعفت بفعل فوضى الانقلابيين. ببساطة نحن نلامس ثمار الانقلابيين في دعم الهمجية الصهيونية بطريقة غير مباشرة عندما ساوى الناطق باسم الدبلوماسية المصرية بدر عبدالعاطي بين الضحية غزة والجلاد الصهيوني، وعرج قائلا نحن نتواصل مع إسرائيل وأبو مازن ولا يهمنا التواصل مع بعض حكومة غزة التي هي سببا فيما يجري، وأكثر نكاية وإيلاما وتلاعبا بمشاعر الجرحى الغزاويين عندما أعلنت مصر فتح المعبر أمام الجرحى الفلسطينيين، وما أن وصلت طلائع الجرحى المضرجة بمعاناتها إلى المعبر المسدود أصلا حتى صد في وجهها، في سابقة خذلان وغطرسة لم يكن ليرتكبها حتى نظام مبارك الذي بالغ في التطبيع والتنسيق مع إسرائيل.

   غزة "الصمود" و"المواجع" سرعان ما وجدت فقدان الربيع الثوري الذي ناصرها بالأمس، كان ثمنا رئيسيا للإطاحة به من قبل أنصار ومحبي إسرائيل. إذ لم يكن لأمريكا الصهيونية وبعض الدول الغربية وتابعيها في المنطقة محل الخذلان للشعب الفلسطيني أن تهدأ كثيرا، وتترك الربيع العربي يترعرع حتى يثمر حرية وعزة ونصرة لقضايا الأمة، فبادرت إلى وأده بطريقة قيصرية أليمة حتى لا يستمر صداعه ومخاطره على إسرائيل والحلفاء التابعين لكل توجه غربي إسرائيلي في المنطقة.

 اجتهدت القوى المعادية لثورة الحرية الداعمة لفلسطين في تغيير الواقع الثوري، وفي القلب منه حارس بوابة رفح نظرا لأهميته الجيوإستراتيجية لإسرائيل في معركتها مع شعب خلفه الحصار والخذلان العربي، فحارس الربيع كان إنسانيا قبل أن يكون عربيا في عهد مرسي، بينما حارس الانقلاب في عهد السيسي هو الأكثر خذلانا وإيلاما في الخاصرة الفلسطينية.