آخر الاخبار
المهندس العطاس
بقلم/ الوسط
نشر منذ: 17 سنة و أسبوعين و 5 أيام
الجمعة 30 نوفمبر-تشرين الثاني 2007 07:13 م

مايجري في الجنوب نتاج لاعتماد أحد شركاء الوحدة الحرب وسيلة لحل الخلافات المهندس حيدر أبو بكر العطاس رئيس مجلس الوزراء الأسبق في أهم فترة عاشتها اليمن بعد الوحدة تميز بكونه رجل دولة عف اللسان، حاول أن يضع أساس الاقتصاد لدولة الوحدة إلا أن المماحكات السياسية أجهضت قيام البناء وحدثت الحرب.

 صحيفة ا(الوسط) في ثاني لقاء تجريه مع المهندس العطاس وفي مرحلة صعبة تمر بها اليمن تحاول أن تستقرئ أسبابا لما يحدث اليوم وتبحث عن حلول يمكن أن تكون ناجعة.

حيدر العطاس رغم قوة طرحه حول ما يجري إلا أنه لا يمكن الاستشفاف من حديثه إلا الحرص على وحدة كان أحد أهم المساهمين في صنع لبناتها وهو اليوم يعيش الاغتراب خارج وطنه في مفارقة غريبة على الأخ رئيس الجمهورية أن يضع حدا لاغتراب قسري يعيشه شركاؤه في تحقيق وحدة يخشى أن تصبح مجرد وحدة جغرافية تتشظى عشرات المرات في النفوس والأفكار والثقافات. الوطن لا يمكن مصادرته أو الاستئثار به دون الآخرين ومتى ما كان مناخه التسامح والحرية حينها يكون الملاذ الآمن للجميع دون استثناء... في هذا الحوار يتحدث المهندس حيدر العطاس عن الحراك الجاري على الساحة وعن ما يراه من حلول يمكن أن تنقذ ما يمكن إنقاذه ..فإلى الحوار.

* أولا ماالذي يمكن أن تقوله لأبناء الشعب اليمني وخصوصا أبناء المحافظات الجنوبية بمناسبة الثلاثين من نوفمبر؟

- لم يكن امرا يسيرا الوصوال الى الثلاثين من نوفمبر 1967م لولا قيام ثورة الرابع عشر من اكتوبر1963م التى انطلقت شرارتها الاولى من على قمم جبال ردفان الباسلة والصامدة بقيادة المناضل الوطنى الشهيد/ غالب بن راجح لبوزة ، بعد أن أبلى بلاء حسنا مع ثلة من ابناء الجنوب فى الدفاع عن ثورة 26سبتمبر1962م التى اطاحت بالنظام الامامى فى الشمال وقيام الجمهورية العربية اليمنية ، إيذانا بقيام ثورة شعبية عارمة عمت كل مناطق الجنوب اذهلت المحتل البريطانى، فتهاوى جبروته وقواته المسلحة وطيرانه واساطيلة جراء نضال ابناء الجنوب الموحد بمختلف شرئحهم الاجتماعية ومشاربهم السياسية، مستخدمين كل وسائل النضال الممكنة ، فلم تثنهم ، اعمال القتل والارهاب التى مارسها المحتل البريطانى و لم تجد نفعا معتقلاته وسجونه التى اكتظت بالمناضلين الشرفاء ، ليثنيهم عن هدفهم السامى لانتزاع الاستقلال الناجز وتحرير الجنوب فى الثلاثين من نوفمبر 1967م وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية . فتحية اجلال واكبار لكل الشهداء ولكل الجرحى والمعوقين الذين طالهم سلاح المحتل الغاشم ولكل من دخل سجونه ومعتقلاته فى سبيل ان ينال شعبنا حريتة وسيادته على تراب ارضه ،ويقهر الظلم والاستبداد ويقضى على الفساد ويساوي بين ابنائها فى الحقوق والواجبات و ينمي خيرها ويسعد ويعز انسانها .

ولهذه الاهداف ومن اجلها تعانقت ثورتا سبتمبر وأكتوبر وأنتجتا إعلان الـ22مايو1990م ، وبمناسبة الذكرى الــ 45 لثورة سبتمبر و الــ 44 لثورة اكتوبر ، فإننا ندعو شعبنا اليمنى قاطبة لاستذكار هذه الاهداف المختطفه لثورتيه وتجديد النضال لاستعادتها ليستعيد اعلان الـ 22 مايو1990م المجيد اشراقته وقوته لتحقيق الوحدة وترسيخها ببناء دولتها التي تصون بالدستور والقانون حقوق مواطنيها وتحترم وترعى التنوع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والمذهبي لكل مناطقها بلاجور اوطغيان او إقصاء وحرمان بل تعاون وتكامل وانسجام ، لاسعاد الانسان لينهض بهمة وتناغم بأعباء التنمية الشاملة فى عموم البلاد شمالها وجنوبها و شرقها وغربها.

وبمناسبة الذكرى الاربعين ليوم التحرير و الاستقلال الوطنى المجيد وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية ، اخص بالتحية أبناء الجنوب لا من باب الانتماء الى هذا الجزء الغالي من الوطن ولكن من باب المناسبة التي اختصت به ، مستذكرا تضحيات الرواد الاوائل ومشيدا بنضالات الابناء والاحفاد السلمي لاستعادة الاهداف التي عانقت بها ثورة اكتوبر ثورة سبتمبر فى اعلان الـ22 مايو1990م الذي اجهزت عليه حرب 1994م وما الحقته بالجنوب ارضا وانسانا من عبث وجور وطغيان واقصاء وحرمان فوق ما يتحمل البشر. وإنني على ثقة بان اخوتهم من ابناء الشمال الابطال الاوفياء وهم يكابدون نفس المعاناة سوف يعانقون اخوتهم ابناء الجنوب في نضالهم هذا لاستعادة اعلان الـ22مايو1990م وتحريره من الاختطاف الغبي والماحق .

* كيف تقرأ مايحدث في المحافظات الجنوبية بشأن حركة الاحتجاجات والاعتصامات وهل يمكن أن تتوقف بالاعتقالات التي طالت نشطاءها وما هو الحل من وجهة نظرك ؟

- مايجري في الجنوب الآن هو محصلة مباشرة للسياسة العتمدة منذ حرب 1994م ، حين اعتمد احد شركاء الوحدة الحرب كوسيلة لحل الخلافات السياسية الناشئة عن اختلاف الرؤى فى تطبيق مهمام المرحلة الانتقالية لتوحيد مؤسسات الدولتين السياديتين المتعاقدتين على الوحدة ، المدنية والعسكرية والامنية وتوحيد سياساتهما الاقتصادية والمالية والتعليمية وغيرها فى دولة مدنية وديمقراطية موحدة، يسود فيها الدستور والقانون ، ضاربا عرض الحائط بنتائج الحوارات الوطنية وقراراي مجلس الامن الدولي رقمي (924) و (931) لعام1994م الداعية لحل الخلافات بالحوار السلمي ، مؤكدة بان القوة لاتحل الخلافات، و تعهد الطرف المنتصر فى الحرب لمجلس الامن برسالة القائم باعمال رئيس الوزراء فى 7/7/1994م بحل الخلافات عبر الحوار سلميا ، إلا ان نشوة الانتصار العسكري انست الطرف المنتصر هذه القرارات والتعهدات ، فانتهج سياسة انتقامية بدلا من سياسة تضميد الجراح واستعادة الوحدة الوطنية التي كسرتها الحرب فى النفوس قبل ان تكسر الوحدة السياسية .

اعتقد المنتصر أنه انتصر على الحزب الاشتراكى، الذي قاد شعب الجنوب بدولته المستقلة والمتمتعة بكامل السيادة الوطنية والعضو العامل فى المنظمات العربية والاقليمية والدولية وبحسن نية ودون استفتائه للوحدة ، فاعتبر الجنوب ارضا وانسانا ملكية خاصة للحزب الاشتراكي فهي إذن غنيمة حرب من حقه التصرف بها كيفما شاء وضمها إلى أملاكه، ونسي اوتناسى أن الحزب الاشتراكي ليس الجنوب كله، فأعضاؤه لا يزيدون عن 26.000 فرد لا يمثلون سوى 0.093% من شعب الجنوب او اقل وليست لديهم من الممتلكات الخاصة سوى مساكنهم العائلية وسياراتهم الشخصية ومرتباتهم ولا يملكون مجتمعين من صرفت لهم قطع ارض (20* 20) متراً يساوى ما استقطع أو سطا عليه متنفذ واحد من كبار قادة .....!!.، كذلك هو الحال مع جميع موظفي الدولة بأجهزتها المدنية والعسكرية والأمنية ومؤسسات القطاع العام الصناعي والزراعي والخدمي والذي يبلغ عددهم فى حدود 000،450فرد، والباقي هو شعب الجنوب العامل الذي يبلغ تعداد سكانه حوالي 2/800/000 من غير المغتربين ، بمؤسساتهم الخاصة التي تعرضت بعضها للتأميم وممتلكاتهم وارضهم الزراعية والبيضاء الخاصة وبمساحة دولتهم الواسعة والتي تبلغ حوالى 380,000كيلومتر مربع ، وتزخر بحارها واراضيها بالثروات .

لقد ارتكب المنتصر اكبر خطأ تاريخي عندما تصرف وفق هذه السياسة معتبرا الجنوب كله غنيمة حرب ، مسددا ضربة قوية للوحدة وللشعب اليمني قاطبة قبل شعب الجنوب ، عندما اعتدى بتصرفاته الحمقاء، على أواصر الألفة والمحبة بين الشعب في الشمال والشعب في الجنوب ، المتمثلة في بعض ما سنورده أدناه:- 

1- حل كل أجهزة ومؤسسات الدولة المدنية والعسكرية فى دولة الجنوب ( جمهورية اليمن الديمقراطية ) بدلا من دمجها مع مثيلاتها من دولة الشمال (الجمهورية العربية اليمنية) وفق الخطط المعدة قبل الحرب المشؤومة وان تصرف فيها وفق رؤيته بعد غياب الشريك ، لكن اللجوء للحل كان الخطأ الفادح بعينه حيث اعتبرت كل القوى العاملة والقيادات والكوادر المدنية والعسكرية فى دولة الجنوب قوى فائضة سرحت قسرا ورميت فى الشارع ( ربما استفاد بريمر من هذه الخطة فى العراق فأوجد الوضع المأساوي الذي تعاني منه العراق الشقيق اليوم) .

2- تصفية مؤسسات القطاع العام التجاري و الصناعي والزراعي، وملكت كمكافأة لمتنفذين من طرف المنتصر وعلى عينك ياحاسد ، ورمى بعمالها فى الشارع كقوى عاملة فائضة.

-3 استبيحت اراضى الدولة البيضاء ولم تسلم حتى الملكيات الخاصة للمواطنين من السطو، فاستقطع متنفذون أراضى بالكيلومتر بدلا من المتر الذي اعتبر أداة قياس متخلفة لاتناسب المنتصر.

-4 وزعت بلوكات النفط على اشخاص لتسويقها لحسابهم الخاص فحولتهم من موظفي دولة عاديين الى مليونيرات بلمحة بصر ، وهذا ريع للدولة تم الاستيلاء عليه ، واذكر ان حصيلة منح التوقيع لعدد من بلوكات النفط فى العام 91/92م بلغت حوالى 185مليون دولار وردت كاملة لخزينة الدولة. اما وكالات شركات التنقيب عن النفط حظرت على ابناء الجنوب ، عملا بسياسة منع الثروة من الوصول اليهم ورغم انهم الأحق بها لان التنقيب يجري فى اراضيهم(احداث بالحاف ومنطقة قبائل بالحارث احد هذه التجليات التي بلغت حد الوقاحة فى منع حتى التوظيف من ابناء المناطق - قبل ايام اعلن عن تشكيل لجنة لتوظيف ابناء قبيلة بالحارث بعد الاحداث المؤلمة)

-5 اما قطاع الاسماك ومايشهده من عبث فحدث ولاحرج ، وحتى صغار الصيادين من ابناء الجنوب لم يرحمهم جشع المتنفذين.. هذه نماذج فقط ولكل أن يتصور حجم الاستباحة والجور والطغيان والاقصاء الذي تعرض له شعب الجنوب كشريك فاعل في الوحدة المعلنة فى 22مايو 1990م ، بعد حرب 1994م ، كان الشعب طيبا ومتسامحا ان انتظر هذه الفترة متعشما ان تعدل السياسة ويعامل كشريك (الشعب وليس الاشتراكى الشريك) وان يعاد الاعتبار للوحدة ولشعب الجنوب، لكن مرت 13 سنة اشد ايلاما على ابناء الجنوب سنوات عجاف لايتحملها إلا شعب مؤمن وصبور وحليم ، دون ان يحرك ساكنا ودون ان يتقدم ناصح من كبار القوم لمواساة ابناء الجنوب على الاقل ان لم يستطع فعل شيء لتصحيح هذه الأخطاء الفادحة بحقه، وتجد اليوم من يستنكر خروج ابناء الجنوب في هذا الحراك السلمي موحدين ، صبت فوق رؤوسهم كل اللعنات و النعوت من مشاغبين إلى انفصاليين الى عملاء .. الى آخر القائمة من الصفات التي لو تمعن مطلقوها فانهم انما يصبون الماء على الزيت ويسددون سهامهم المسمومة لضرب الالفة والوئام بين ابناء الشعب فى الشمال والجنوب وهم بذلك يسهمون فى نحر الوحدة ..

لقد خرج ابناء الجنوب دون رشاش او مدفع اودبابة ، صدورهم مفتوحة وحناجرهم مبحوحة من كثرة النداءات لذوي الأبصار مطالبين بحقوقهم المشروعة ، غير مبالين بما سيواجهو من قمع وبطش وقتل واعتقال ، ولن يعودوا الى ديارهم الابعد تحقيق ماخرجوا من أجله، فلم يعد الامر مطالب شخصية يمكن تلبيتها انحناء للعاصفة ثم تعود حليمة لعادتها القديمة ، فى خروجهم العظيم السلمي هذا موحدين ليس امامهم من هدف سوى تأمين مستقبل الاجيال القادمة فهم جيل التضحية ، فايديهم لاخوتهم ممدودة للنضال معا لتأمين مستقبل الاجيال فى عموم البلاد دون جور او طغيان من اخ على اخيه ولكن تكاملاً وانسجاماً.

اما عن جزء من سؤالك ماهو الحل؟ فهو بسيط لكل متبصر وعاقل، ناكر لذاته، محب لشعبه، متفان فى خدمته راع امين لمصالحه، ويتمثل فى الاعتراف بالقضية الجنوبية كنتاج لحرب 1994م وتعمقت بفعل فاعل ، والاعتراف فضيلة ، وبعده الولوج بصدق وامانة وتجرد فى ايجاد المعالجات التي تقضي على الأسباب وإزالة الآثار وتؤمن عدم تكرارها ، وسيكون الله مع الصادقين ومصوبا لخطاهم إن شاء الله. 

* تكاد تجمع هذه الفعاليات على ضرورة العودة إلى وثيقة العهد والاتفاق وتطبيقها هل تعتقد أنها مازالت صالحة لتكون أساسا للحل ولم تسقط بالحرب وإعلان الانفصال ؟

- كانت وثيقة العهد والاتفاق المعبرة عن الإجماع الوطني ، إحدى تداعيات وأهم اساب الحرب ، والا لبوشر فى تطبيقها فور انتهاء الحرب ولا نريد نكش الجراح ، الوثيقة يمكن ان تكون احد اهم المرجعيات عند البحث عن المخارج والحلول

* في مسألة دعوة البعض للانفصال هل ترى منطقية هذا الطرح وإمكانية حدوثه ؟

- لا يمكن لأحد ان ينكر ان بعض ابناء الجنوب يدعون للانفصال لكن لنسأل انفسنا من اوصلهم لذلك؟! انها الممارسات اللاوحدوية التي تمارس ضدهم بدون تمييز ،والوحدة هي عمل طوعي بين الشعوب تنشد من خلالها تكامل القدرات والطاقات البشرية والمادية وفق مبادىء العدل والمساواة واحترام التنوع، واذا افترضنا جدلا ان الشعب اليمني واحد لكنه عاش قرونا من الزمن مستقلا عن بعض فتكون لديه تاريخ و ثقافات وعادات وتقاليد وظروف معيشية واقتصادية مختلفة ، فان ذلك يضع على القائمين على شؤون الوحدة مسؤولية مضاعفة لاحترام هذا التنوع في إطار من الشراكة والتكامل الايجابي، لكن الممارسة الفعلية منذ حرب 94م حولت هذا التنوع الى اختلاف من شدة الافراط فى الظلم والاقصاء والاستباحة فحولت قدرات الجنوب وطاقته الى غنائم حرب ، فاوجدت هذا الوضع وبدلا من معالجته امعنت فى تكريسه . والادهى والاشد إيلاما لأبناء الجنوب إنكار هذه الحقائق والاستمرار فى سياسة المداهنة والتدليس والترغيب المغشوش مع بعضهم واثارة الفتن بعد فشل سياسة القمع والارهاب .فالشعوب دائما تنشد وضعا افضل فاذا وفرته الوحدة لها فلن تفكر فى غيره لكن اذا حدث العكس فلن ينكر عليها أي منطق او عرف اوقانون حقها و سعيها في البحث عن الوضع الذي ترتضيه ولا تستطيع أي جهة إرغامها بالقوة على العيش فى وضع لايوفر لها الكرامة والامن والامان مهما طال الزمن ، وفي الحالة اليمنية فان السياسة المتبعة وماتتخذ من معالجات للقضية الجنوبية لاترقى الى صلب المشكلة وانما تهدف لمواجهة الحراك السلمى وامتصاص الغضب الشعبي انحناء للعاصفة ، ومعالجات كهذه حتما ستسقط لانها ترتكز على التدليس وهو شكل خطير من اشكال الفساد ، احد اعمدة نهج المنتصر ،وتحت ضغط الممارسات سيكتشف المدلس عليهم الواقع بضغط ابنائهم قبل غيرهم وستنقلب هذه المعالجات الخاطئة الى قوة دفع هائلة تشجع وتحرك وتعمق خيار الانفصال و تحوله الى تيار شعبي جارف باجماع اهل الجنوب،لن تقوى أي جهة على مواجهته وهو يقترب من ذلك ،فهل من مدرك للمصلحة العامة ام ان الخاصة هى الاساس ولو على جماجم البشر اعوذ بالله من ذلك ، وحينها لاينفع الندم .

* عادة ماتحمل السلطة قيادات المعارضة المستبعدة في الخارج مايحدث من احتجاجات في الداخل وتمويلها إلى أي مدى هذا صحيح؟

- هذا سلاح موهن وعاجز عن فهم المشكلات ومواجهتها بحلول جذرية شجاعة ، او حال المتكبر الناكر لوجود المشكلات اصلا او العارف بها والممانع لحلها ربما لانها ستتطلب منه التنازل عن بعض المصالح الخاصة للصالح العام ، وفي كل هذه الحالات تظل المشكلات وتستفحل حتى يصعب على من تمسهم الاستمرار في تحمل أذاها، فيعبرون عن استيائهم وغضبهم من المماطلة في إصلاح الوضع الذي لم يعد بمقدور طاقتهم البشرية وكرامتهم الإنسانية تحمله فيخرجون وليسوا بحاجة لاحد كي يحركهم للدفاع عن مصالحهم . فصدقني يا أخي ان خروج أبناء الجنوب السلمي هذا صادق ونابع من اوساطهم فقد فاض بهم الكيل وبلغ السيل الزبا.

* تحدثت السلطة عن لقاءات للمعارضة في الخارج بحضوركم بغرض التخطيط للانفصال كيف تنظرون إلى اتهامات كهذه؟ وهل تلتقي علي سالم البيض وهل صحيح مايشاع عن عودته لممارسة السياسة ؟

- كثيرا ماسمعنا عن تسريبات صحفية معروفة المصدر عن مثل هذه اللقاءات للمعارضة فى الخارج وتزج فى بعض الاحيان باسماء دول تشارك فيها وفى هذا اساءة لهذه الدول التى تقيم علاقات جيدة مع اليمن ، وتعبر هذه التسريبات عن هشاشة الحجة فى مقارعة المشكلات او الشعور بالذنب لتجاهل التعاطى معها بثقة والاقدام على معالجتها ، فترمى بها للخارج والمعارضة فى الخارج فى محاولة يائسة للتضليل على الشعب الذي اصبح يعي ويدرك مثل هذه الأساليب . اماالحديث عن الانفصال موجود فقط فى ممارسات دعاة الوحدة بالباطل وفي اذهان من لايريدون معالجة المشكلات لمآرب خاصة والاستجابة الصادقة مع المطالب المشروعة .

اما عن الاخ/ علي سالم البيض فقد مر على آخر لقاء به زمن طويل ومرت شهور على آخر مكالمة هاتفية بيننا ، اما عن عودته لممارسة السياسة فليس لدي اي معلومات تفيد الجواب ، ولو أنني ارجح ان يكون ذلك في مجرى السيل الهائل من التسريبات الكاذبة التي تشغل بعض الأجهزة نفسها بها بدلا ان تنشغل بدراسة السبل الكفيلة بمعالجة المشكلات. واخاف أن تتمادى هذه الأجهزة في صنع وفبركة هذه التسربيات فتصدق نفسها وتضلل صناع القرار وتحول بينهم وبين اتخاذ القرار الصائب فتزيد المشكلات تعقيدا.

* هاجمك الرئيس علي عبد الله صالح شخصيا في مقابلة له مع (الوسط) ووصفك برأس الأفعى في حركة الانفصال ماهو باعتقادك سبب هذا الهجوم ؟

- حالة غضب آمل مخلصا من فخامته ان يتجنبها وهو في موقع المسؤولية و فى عنقه امانة شعب .

* واضح أن حركة الشارع أصبحت سابقة للمعارضة في الدعوة لإصلاحات سياسية.. ألا تخشى أن يفلت الشارع من يدها فتحدث الفوضى ؟

- لا خوف فالشارع صار أكثر نضجا وأكثر إدراكا لطبيعة المشكلات التي يناضل سلميا من اجلها ، ويعي ما حوله في الزمان والمكان اللذين يتحرك فيها ... فقط مطلوب من الأجهزة الاقلاع عن اساليبها المضرة فقد اثبتت كل الوقائع بدءاً من احتجاجات تعز فى 1992م انها مصدر الفوض . وآمل ان لا تطيل المعارضة الممثلة بالمشترك الانتظار.

* مؤخرا حدث انشقاق بين الرئيس وقبيلة حاشد تجلى في تبني الشيخ حميد الأحمر لإسقاط الرئيس في الانتخابات الماضية واليوم يقول حسين في اجتماع لقبائل حاشد في خمر ان الرئيس ليس منها ويهاجم السلطة ، هل تعتقد ان هذا مؤشر افتراق أبدي وإلى أي مدى تستشعر خطورة مايحدث ؟

- النهج الديمقراطى يتعارض تماما مع الاحتماء بالقبيلة لحل الخلافات والتباينات السياسية من أي طرف، فالديمقراطية تعطي الحق لأفراد القبيلة الواحدة ان ينتموا لأحزاب مختلفة بل يعطي هذا الحق لأفراد الأسرة الواحدة في القبيلة، وانتماءاتهم السياسية المختلفة لا تشكل عائقا امام مشاركتهم لبعضهم في شؤون القبيلة الاجتماعية والاقتصادية، اما السياسية فاطارها آخر.

ان الزج بالقبيلة فى الشؤون السياسية وادارة شؤون الدولة لايحتمل سوى تفسير واحد هو الغاء الديمقراطية وحق الفرد فى اختيار رؤاه السياسية التي قد تختلف عن رؤى شقيقه، وكذا إلغاء الدولة، ان اللعب في الساحتين في آن واحد لعبة انتهازية تستهدف تحقيق مصالح شخصية آنية ولكن تنطوي على مخاطر كبرى تقود فى حدها الادنى الى اعاقة مسيرة الديمقراطية وبناء الدولة وتؤدي في حدها الاعلى الى حروب اهلية فى اطار القبيلة قبل غيرها .

ان الممارسة الديمقراطية الحقة بما تحمله من معانى العدل والمساواة واحترام الآخر هى السياج المنيع ضد الفرقة والافتراق الطريق السهل المؤدي للاحتراب .، وكلنا امل ان لاتحصل اي فرقة او افتراق بين اي فردين من أفراد المجتمع ناهيك ان يكون على مستويات اوسع افقيا ورأسيا، فذلك بعينه الخراب والغرق والدمار للجميع ، ولن تعوض عن آلام ما قد يحدث ما جمعت من الاموال والعقار والاراضي في غمار حروب الكسب غير المشروع العمياء من اقوات الشعب . فهل يتعظ من تجارب الشعوب ؟ حين يغدو ايجاد قطعة ارض لدفن ميت مشكلة.

* مؤخرا نشرت أخبار عن محاولات لاغتيال الرئيس علي ناصر ألا تخشى أن يكون ذلك مقدمة لاغتيال شخصيات أخرى ؟

- آمل ان لاتكون كذلك ، فالبلد مثقلة بالمشكلات لاحاجة لها ان تعبئ سلتها بمشكلات جديدة قد تكون قاصمة.

* كيف يمكن الخروج باليمن من هذه الأزمات المتفاقمة على كل الأصعدة ؟

- في تقديري الشخصي ان الاعتراف الصريح بملفات القضايا الرئيسة التالية والشروع في المعالجة الجادة و الصادقة لها يشكل مخرجا مشرفا لليمن من الازمات المتلاحقة وتامينا وضمانا لمستقبل الاجيال :-

1) ملف الفساد السياسي والمالي المسؤول الأول الرابض خلف كل الازمات المتلاحقة، والمعيق للتنمية.

2) ملف القضية الجنوبية الذى حولته حرب 1994م من ملف مشروع وحدة شراكة الى ملف غنيمة حرب .

3) ملف الديمقراطية الحقة وليس الديكورية، بآلياتها المختلفة

4) ملف نظام الحكم ، الذي يراعي ويحترم التنوع الاجتماعي والثقافي والافتصادي والمذهبي، لتحويل هذا التنوع الى مصدر قوة لليمن لامصدر قلق دائم.

5) ملف القوات المسلحة والامن ، لتحييدها واخراجها من ا لتأثير على الحياة السياسية والاقتصادية، وتفرغها لمهامها الدستورية .

* كيف تبررون وجودكم في الخارج طالما والسلطة تقول إنها لاتمانع عودتكم إلى الوطن ؟

- هل سمعتم ذلك من مصدر موثوق؟ حينما أقرر العودة سأعود إلى منزلي الشخصي فهل ترو نه صالحا للسكن بعد ان طالته تداعيات حرب 1994م .

* كيف تقيمون مستقبل الحزب الاشتراكي في ظل التجاذبات الحاصلة داخله والتي أدت إلى تقديم البعض لاستقالتهم منه ؟

- لازالت امام الحزب فرصة لاستعادة وحدته و تفعيل اسهاماته فى الحياة السياسية والارتقاء بها ومواجهة كل المحاولات المشبوهة للتشكيك فى اسهاماته الوطنية وشق صفوفه واضعاف وحدته بعد ان فشلت جرافة الحرب في دهسه وتصفيته . واذا كانت "قضية الجنوب" هي المنفذ الرئيس الذي تحاول ماكينة الحرب بجرافاتها المتعددة والمهترئة التسلل منه لشق صفوفه وإضعاف وحدته واسهاماته الوطنية، واذا كان الحزب هو من قاد شعب الجنوب الى الوحدة برؤية وطنية صادقة تتكامل فيها قدرات الشعبين ، شماله وجنوبه، البشرية والمادية وبناء دولته الدستورية التى تعز الانسان ولاتذله ، تصون حقوقه العامة والخاصة ولا تغتصبها، تحترم وترعى تنوعه ولاتنكرها ، تصون وتنمي ثرواته الوطنية ولا تسربها لمسالك لاتمت لنمائه العام وتطوره بصلة ، الاان نهج حرب 1994م استبدل هذه الأهداف والمبادئ السامية، التي قاد بها الحزب الشعب فى الجنوب للسير خلفه دون تحقق سياسة حروب العصور الوسطى فاستباح الجنوب واقصى شعبه وحوله الى غنيمة حرب ، لاينكر تداعياتها وآثارها السلبية النفسية والمادية على شعب الجنوب الامشارك فى الغنيمة اوراج منفعة وان بخست، وفوق ذلك كله وقبله وبعده لايمكن لمؤمن بالوحدة - اعنى وحدة - ان ينكر او يتجاهل ماآلت اليه الاوضاع فى الجنوب وما اصاب شعبه من اجحاف وظلم مع سبق الاصرار على محاربته بالوحدة زورا وبهتانا عند الدفاع عن حقوقه المسلوبة وهو رائدها.

لذلك ولما يقع على الحزب من مسؤولية ادبية وبعد ان اخذ شعب الجنوب قضيته بنفسه فى خروجه السلمي الموحد المبارك والمنصور بعون الله ، اتمنى على الحزب بكل هيئاته ان لا يتأخر في الانضمام للحراك الشعبي في الجنوب وان لا يترك ذلك لمنظماته في الجنوب فهي جزء من شعب الجنوب ولم ولن تتخلف عنه، ليس ذلك فقط بل يقنع وبثقة وشجاعة شركاءه في العمل السياسي بالخروج وان لا يتركوا ذلك لمنظماتهم في الجنوب فحالهم كحال منظمات الحزب ليس دفاعا عن مصالح حزبية بل استعادة لوحدة الإنسان اساسا قانونيا لوحدة الجغرافيا.

* هل مازلتم تعتقدون بجدوى استمرار اللقاء المشترك مع أن هناك من يرفض استمراره داخل الأحزاب وبالذات الاشتراكي والإصلاح ؟

- لقد اثرى اللقاء المشترك الحياة السياسية وحرك جمودها فى انتخابات العام الماضي ، فلازال يتمتع بقدرات الحركة التي يمكن ان تقود إلى التغيير إذا جدت قياداته وتخلت عن ترددها وموسمية نشاطها الذي قد يفقدها شعبيتها ، ويسجل عليها التاريخ خطيئة لا تغتفر إن لم تستغل هذه القدرات فتخذل الشعب المتطلع للتغيير والذي يحلم بدولة ترعى حقوقه وتساوي بين أبنائه وتحمى سلمه الاجتماعي وتصون علاقات الوفاء والتعاون مع اشقائه واصدقائه وتسير به نحو ارحب آفاق النماء والازدهار.

* الرئيس في خطابه بمحافظة أبين هدد بفتح ملفات حكم الاشتراكي في الجنوب كيف تنظرون لمثل هذا التهديد ومايمثل لكم ؟

- لقد بدأ أبناء الجنوب حراكهم السلمي بلقاءات التسامح والتصالح ، تحسبا لمثل هذا اليوم الذي توقعوا من تجربتهم ومعرفتهم لمن يتعامل مع قضيتهم ومن المحزن اللجوء لمثل هذه الاساليب بعد فشل اساليب القمع والارهاب والترغيب وشراء الذمم، وهي نقطة سلبية تسجل على من يستخدمها وبرهان ساطع على ضعف حجته وعدالة القضية التي خرج من اجلها ابناء الجنوب . وقد سبق ذلك بعد حرب 94م البحث عن الثارات القبلية التي مضى على بعضها اكثر من ستين سنة فى بعض المحافظات الجنوبية وامداد اطرافها بالمال والسلاح ومن الخزينة العامة لاستمرار الاقتتال بين ابناء الشعب والعمومة ، وادركت الآن لماذا عورضت بشدة وشراسة معالجة الموروث الاجتماعي والسياسي الذي ورد فى برنامج البناء الوطنى والاصلاح السياسي والاقتصادي والاداري والمالي المقر فى 15ديسمبر 1991م . والسؤال مطروح لابناء الشعب اليمني قاطبة للاجابة عليه :، هل تصدر مثل هذه الممارسات من حريص على وحدة المجتمعات فى كياناتها الصغيرة ( القبيلة ) والكبيرة ( الشعب)وسلمها الاجتماعي اساس نمائها وتطورها وازدهارها؟

* كيف تنظرون إلى مستقبل اليمن على ضوء ماتتابعون؟

- تصعب الاجابة على هذا السؤال فى ظل استمرار سياسة " فرق تسد" الاستعمارية سيئة الصيت والتي عفى عليها الزمن ، وهي محور إجابتي في السؤال السابق ، لكن متى ما انتهت هذه السياسة فان الآفاق رحبة وواسعة لانطلاق عملية تطور ونماء اليمن أرضا وإنسانا، واستعادة وحدته المكسورة وتضميد جراحها.