آخر الاخبار
جمال سليمان: إعلامنا يعيش الآن أجواء الأكاذيب
بقلم/ علي طه
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 22 يوماً
الأحد 28 أكتوبر-تشرين الأول 2007 05:02 م

في كل عام يطل علينا الفنان السوري جمال سليمان بأعمال تلقى استحسان المشاهد العربي، وفي العام الماضي قدم مسلسله حدائق الشيطان الذي اعتبر اهم عمل في الموسم الماضي، وفي هذا الموسم وصف عمله الأهم (أولاد الليل) بأنه على غير ما يرام فلم يلق العمل النجاح المطلوب، كما انتقد كثيرا اداؤه للهجة المحلية في هذا العمل، فبماذا يرد جمال على منتقديه؟ وكيف يرى وضع عمل الفنان السوري في مصر؟ وماذا قال عن جديده في فيلمي (ليلة البيبي دول) وفيلم (الريس)؟ وكيف يرى واقع الرقابة العربية وتطورها؟ وتطرقت المقابلة أيضاً للعديد من النقاط المهمة..

> بداية في هذا العام قدمت عملين احدهما في سوريا (على حافة الهاوية) والآخر (أولاد الليل) في مصر.. أي العملين ك ان أقرب للناس وحقق النجاح الأكبر؟

- لا املك احصاءات شخصية ولكنني شاركت في العملين عن اقتناع بهما وأعتقد بأنني بذلت جهدا كبيرا في كليهما وكان العمل في اولاد الليل متعبا جدا لأن ظروف العمل ومتطلباته وتنوع اماكن تصويره اقتضت منا جهدا أكبر فيه. أعتقد بأن العملين حظيا بالمشاهدة ونفذا بحرفية فنية جيدة وعرضا على قنوات عربية مهمة في رمضان.

> جسدت دور الطباخ في مسلسل على حافة الهاوية مع المخرج مثنى صبح وطبيعة الدور كانت جديدة عليك كما أن المشاهد لم يألف جمال سليمان بهكذا دور، فماذا قدمت لك هذه الشخصية؟ وما الذي أغراك فيها لتجسدها؟

- الفنان يمكنه لعب أي دور يعرض عليه اذا اقتنع به فقد يجسد دور سائق تاكسي او طباخ او زبال ويمكنه لعب دور ملك أو قائد، فالممثل هذا عمله تجسيد شخصيات منوعة ومتغايرة عن بعضها. ومن لا يقبل بأن يتقلد الأدوار الكبيرة فهو غير جدير بأن يكون ممثلا بكل معنى الكلمة. الحقيقة ان العمل في مسلسل على حافة الهاوية وأداء دور الطباخ فيه كان مغريا لي، فالدور هو بطولة جماعية ويضم مجموعة عمل فنية متميزة، ويضم العمل مواضيع انسانية كثيرة وذاتية في وقت انشغلت فيه بقية الأعمال بمناقشة قضايا الأحداث الكبرى الحاصلة من حولنا كالحروب والبورصات مثلا. وكان جميلا أن يأتي عمل ليناقش أزمات انسانية صغيرة كلنا يعاني منها ويلامسها بشكل يومي، وقد لا يشعر بها من حولنا. والعمل هو صوت مختلف وهادئ وانساني جدا لا يحمل مشاكل ضخمة وهو قريب من كل الناس بما يضمه من قصص موجودة في كل بيت ولدى كل شخص.

> تجربة العمل مع مخرج مبتدئ مثل مثنى صبح ألم تكن مخيفة بالنسبة لك؟

- بالنسبة لهذا المخرج اعرفه منذ عدة سنوات وهو مخرج شاب وطموح والشيء الذي قدمه في هذا العمل فاق كل التوقعات، فقد قدم عملا رائعا وعلى مستوى فني كبير وهو لم يخيب امل كل من يعملون معه فقد أعطى الكثير للعمل فهو يمتلك شخصية اخراجية بدأت تتبلور وتظهر واخراج هذا المسلسل هو أصعب من اخراج أي عمل آخر قد يشاهده الناس من حيث ان العمل هادئ جدا وحتى يشد العمل الناس ويشاهدوه عليه أن يبذل فيه الكثير من الجهد، وهذا يتطلب مخرجا حساسا يعرف كيف يصور وكيف يخرج اللقطات المناسبة للممثلين وللوجوه ليصل لمرحلة شد الناس له وللتعاطف مع شخوص عمله. العمل في رأيي حقق متابعة، وهو عمل جماعي بامتياز. ومثنى من خريجي المدرسة الفنية السورية التي باتت مدرسة تخرج المخرجين الجيدين واحيانا هؤلاء يتفوقون على مخرجين تخصصوا في الخارج في مجال عملهم وحصلوا على شهادات في هذا المجال. اليوم الدراما السورية تحولت الى اكاديمية تخرج مخرجين مميزين وهؤلاء هم من ينهضون بالدراما السورية حاليا.

> مسلسل أولاد الليل الذي شاركت فيه مع المخرجة السورية رشا شربتجي لماذا لم يلق نفس النجاح الذي حققته في العام الماضي في مسلسل حدائق الشيطان؟

- طبعا اولاد الليل لم ينجح نجاح حدائق الشيطان، وهذا لا يعيب العمل لأن النجاح الجماهيري كلنا يتمناه كفنانين وهناك اعمال جماهيرية يحدث لها نجاح استثنائي لأسباب عديدة جدا وغامضة احيانا وقد لا تكون متوقعة احيانا اخرى لكن هذا لا يعيب الأعمال التي لم تحقق نفس النجاح الجماهيري بل ويبقى لها القيمة الفنية وشرف طرح مواضيع معينة وهناك نقطة مهمة جدا في الدراما الرمضانية والحقيقة هناك اعمال ذات مقاس رمضاني وباعتقادي بأن حدائق الشيطان كان مسلسلا على مقاسات رمضانية نموذجية كما هو الحال في باب الحارة هذا العام، لكن اعتقد بأن أولاد الليل مسلسل من النوع الثقيل قليلا وفيه مناخ من الكآبة والسوداوية والعمل فيه قسوة وله مواصفات ليست نموذجية لشهر رمضان، ويعتبر وجبة ثقيلة على مائدة اعمال رمضان ولكن هناك مشاهدين لا يتقيدون بالمقاييس الرمضانية تابعوا العمل وقدروه تقديراً عالياً جدا لأن العمل مهم ويطرح مواضيع حساسة تهم كل المشاهدين العرب، خاصة موضوعات العنف والبلطجة والفقر والعمل خارج القانون وأسباب حصولها وتفاقمها في عالمنا المعاصر والعمل يناقش قضايا التسامح في الحياة العامة وعلاقة الرجل بالمرأة والعمل ضم أفكارا واحداثاً مهمة كثيرة.

> قال عدد من النقاد كما قالت الصحافة المصرية بأن جمال سليمان لم ينجح في اداء لهجة اهالي بورسعيد في اولاد الليل كما نجح في أداء اللهجة الصعيدية في حدائق الشيطان فهل توافق على هذا الكلام؟

- كل من تكلم بهذا الكلام لا ادري مدى معرفتهم بهذا الكلام وقد يقوله صحافي عربي لم يزر مصر على الاطلاق ولا يعرف أين تقع بورسعيد والحقيقة انه يوجد لهجة بورسعيدية طرحت في عدد من الأعمال المصرية وهي اغضبت اهالي بورسعيد لأنها لا تمثلهم كلهم والحقيقه أنه لا توجد لهجة واحدة في بورسعيد ولكن عدة لهجات مصرية مختلفة وهناك لهجة للأهالي الأصليين وهي لهجة البحارة في بورسعيد وكل منطقة لها لهجة معينة والحقيقة كان معي أثناء زياراتي الى بور سعيد لدراسة اللهجة التي سأتكلم بها شخص متخصص في لهجة بور سعيد وهو باحث في فولكلور بور سعيد وهو الأستاذ محمد عبد القادر، وهناك قلت له أين لهجة بور سعيد فقال لي هناك عدة لهجات في بور سعيد وكلها جاءت مع أصحابها من مناطق مختلفة في مصر وكل الأعمال المصرية تبنت اللهجة البمبوطية وهي لهجة بحارة بور سعيد وهي مرفوضة من اهالي بورسعيد لأنها لا تمثلهم كلهم وكان الحل في (أولاد الليل) ان يتم اختيار لهجة مخففة إلى أقصى الحدود، لأنه لم يكن هدفنا جعل اللهجة في قصة العمل او مصدر اعجاب الناس.

> اذاً انت تصر ان (أولاد الليل) لم ينجح في رمضان لأن مضمونه الثقيل لم يكن مناسبا عرضه في هذا الشهر؟

- أنا لم أقل إن العمل لم ينجح في رمضان، ولكنني قلت لم يحقق جماهيرية (حدائق الشيطان)، لأن المضمون مختلف ودائما الأعمال لا تقيم بالمقارنة ببعضها بعضاً وفي كثير من الأعمال تبقى الاستفتاءات غير دقيقة ولكننا بشكل عام نستطيع القول بان الأعمال الفلانية حققت اعلى مشاهدة وهذا لا يعني ان الأعمال الأخرى كانت فاشلة.

> العمل مع المخرجة رشا شربتجي هل كان مريحا لك كتجربة اولى لمخرجة سورية في مصر؟

- لا شك رشا مخرجة مجتهدة ولن أقارنها بمخرجي مصر او سورية، لأنني لا احب المقارنات. رشا في المسلسل قدمت عملا جيدا واستطاعت نقل الواقع العنيف والبائس لأفراد العمل الذين يعيشون أحداثه واستطاعت تكبد جهد كبير في تصويرها لأحداث العمل في الشوارع وفي الخارج، وهذا ليس سهلا في مدينة مزدحمة كالقاهرة، ولم تكن رشا سيدة جالسة في مكان مغلق ومكيف وهي مسيطرة على كل أدوات العمل وكل العاملين معها، كانت رشا تعيش ظروفا قاسية جدا في العمل واستطاعت الوصول لنتيجة ممتازة وهذا ما يحسب لرشا شربتجي في نظري الشخصي.

> يقول بعض الفنانين السوريين بانك كنت السبب في فتح باب هجرة الفنانين السوريين للعمل في القاهرة بما حققته من نجاح هناك ويحملك البعض مسؤولية ذهاب هؤلاء للعمل في القاهرة فكيف ترد عليهم؟

- أولا من حق كل فنان العمل أينما يشاء والبحث عن فرص أخرى للنجاح، ولن أكذب على القراء لأننا نعيش حاليا فترة من الكذب والتدجيل عليهم في اعلامنا، ولا شك فان كل فنان في العالم يسعى إلى شهرة اكبر ويسعى إلى اجر اكبر وكل من يسعى إلى سوى ذلك هو كسول الطموح أو لديه ظروف وحسابات أخرى. أنا ممثل وأعمل للناس ومن حقي أن أسعى ليعرفني الناس في كل مكان ومن يقول غير ذلك فهو كاذب. حتما هناك مصطلحات بدأت الصحافة العربية باستخدامها على عمل الفنانين السوريين في مصر كقولهم هجرة او نزوح أو زحف، وهي عبارات غير صادقة وغير لا ئقة وغير حقيقية وفيها خداع للقارئ العربي. أولا كل من ذهب الى مصر عمل هناك وعاد للعمل في سورية ولم يتركوا بلدهم ودراميتهم الأصلية، كلنا مدينون للدراما السورية ولن نتخلى عنها. ثم منذ سنوات طويلة والصحافة العربية تدعو لضرورة العمل الفني العربي المشترك وكانت المانشيتات الكبيرة تظهر علينا مطالبة بقولها (متى سيصبح هناك تعاون عربي مشترك) (ومتى ستتضافر الجهود من أجل ابداع عربي) وعندما حاولنا تحقيق ذلك مع الاخوة في مصر بدأت الحرب علينا وكأننا عملنا عملاً مشيناً وكأننا خططنا لمؤامرة مع المصريين على الدراما السورية. وفي الصحافتين، المصرية والسورية، اعتبرت هذه التجارب مؤامرة على الدراما المصرية في مصر وعلى الدراما السورية في سورية ومن يدري قد نكون متآمرين على الأمة العربية كلها مستقبلا. وربما هناك مخطط امبريالي لتحطيم الوطن العربي ونحن أدواته.

> بعد نجاح مشاركتك في فيلم "حليم" تقوم حاليا بتصوير دورك في فيلم (ليلة البيبي دول) هلا حدثتنا عن حيثيات دورك في الفيلم الجديد؟

- لا أستطيع التحدث كثيرا عن تفاصيل الفيلم، لأننا ما زلنا في البدايات. ولا شك هو الفيلم الأضخم انتاجا في العالم العربي حاليا وهو من تأليف السيناريست الراحل عبد الحي أديب وهو آخر ما كتبه للسينما ومن اخراج عادل أديب ومن انتاج شركة (جود نيوز) وهو من بطولة كل من نور الشريف ومحمود عبد العزيز وليلى علوي وسلاف فواخرجي ومحمود حميدة بالاضافة لي ولعدد من الفنانين المصريين. وموضوع الفيلم حساس جدا وبشكل عام يتحدث عن تنامي فكرة وظاهرة التطرف في العالم عامة، وحاليا نحن لا نزال نقوم على تصويره. ولدي بعده عدة مشاريع ما زالت في حيز المشاركة كـ(الريس) مع المخرج خالد يوسف وهو يتحدث عن عالم الكازينو ولعبة الروليت واجسد فيه شخصية مدير الكازينو وهو يناقش قصة واقعية عاطفية وفيه رومانسية وعنف وبعد فلسفي وفيه مزاوجه ما بين الحكاية البسيطة الرومانسية وذات البعد الفلسفي التي تفهم على عدة وجوه ويمكن فهمه من قبل كافة شرائح المجتمع. ولدي حاليا في سورية عدة عروض فنيه ما زالت قيد الدراسة.

* الشرق الأوسط