آخر الاخبار
مستشفى الكويت أم دولة المستشفى
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 17 سنة و شهرين و 28 يوماً
الجمعة 21 سبتمبر-أيلول 2007 05:34 م

مأرب برس – خاص

ليس غريب إطلاقا أن يتشاجر بالأيادي مدير ونائبه من أجل بعض المصالح الغير أخلاقية حيث تعتبر المؤسسة الأمنية من أكثر المؤسسات فسادا لدرجة أنك قد تجد مأمور القسم يمسك بتلابيب نائبه أمام بقية العساكر الذين كنت أحد أحدهم لأن هذا النائب أخذ الختم الرسمي لقسم الشرطة معه بعد الدوام الرسمي في وقت أنه ليس دوره بأخذ الختم بل هو دور المأمور ...المأمور برتبة عقيد ونائبه برتبة مقدم ، وقد كان شجارا سخيفا لدرجة الخجل وعدم الرغبة في تذكره ، وكانا أيضا شجارا في غاية الانحطاط الأخلاقي .

حين تسقط القوانين تحت الأحذية ولا يصير لها وجود إلا على ألسنة المسئولين في اللقاءات الإعلامية ، يصير من المعتاد أن نسمع شجارات من هذا النوع ، ودائما الرئيس ونائبه هم الأكثر تورطا بهكذا أمور لأنه من الصعب أن يقتنع الاثنان بأن القسمة منصفة لهم وخاصة أنه لا رقيب على أعمالهم حيث يعتقد كل شخص منهم بأن حقه مهضوم وبأنه شريك أساسي في العملية و لا يجب أن يتم تهميشه من الفوائد بهذا الشكل .

كل شيء قابل للمتاجرة والتلاعب في اليمن وكل شيء معروف إلى حد المعايشة والإحساس به في أدق تفاصيل حياة المواطن العادي إلا الرئيس الذي يطلب دليل على وجود هذا الفساد ، وبما أن الرئيس ينكر وجود هذا الفساد ، فهذا ضوء أخضر بمواصلة هذا العبث بكل شيء ، ومادام لا أحد يعاقب ولو لمرة واحدة على عمل غير قانوني ، فهذا يعني أيضا أن النظام يتبنى وبشكل رسمي هذا النهج في العمل في دولة يعيش بها شعب لديه حضارة عظيمة ويستحق حياة أفضل مما هي عليه ألان .

أقول كل شيء قابل للسرقة في هذا البلد إلا المتاجرة بالموت وبحياة الآخرين ، ومؤخرا فاحت فضيحة في مستشفى الكويت بين الرئيس ونائبه كالمعتاد وكل منهم أدعى النزاهة بينما تسربت جراء هذه المشاجرة وثيقة متكاملة لكثير من عمليات الفساد والصفقات المشبوهة وتم نشر هذه الوثيقة في موقع الوحدوي نت الإلكتروني وتحتفظ الصحيفة بالمذكرات الرسمية والوثائق المطلوبة وتعرض الأمر على رئيس الدولة لكي يتخذ ما يجب اتخاذه .

بالنسبة لي وللكثيرين من أبناء هذا الشعب يعرفون جيدا مثل هذه الأمور ويعرفوا أن تلك السيارات الفارهة والمنازل الفخمة والحياة الباذخة لا يمكن لها أن تتوفر من الرواتب الشهرية التي يتقاضوها من الدولة ،وأيضا وبمجرد زيارة خاطفة للمستشفيات الحكومية ستلحظ حتما مدى الفساد والمتاجرة بأمراض المواطنين البسطاء الذين بالكاد يستطيعون توفير لقمة عيشهم وهم يفترشون ساحات المستشفى في انتظار حضور طبيب ينظر في أمرهم ثم يطلب منهم قيمة كل شيء بدء من الحقنة حتى تكاليف العملية في وقت أن هذه المستشفى هي مجانية لأن المواطنين يدفعون ضرائب للدولة وجزء من هذه الضرائب من المفترض بها أن تخصص لمعالجتهم .

نعلم أن الأطباء غير متواجدين لأنهم في عياداتهم أو في المستشفيات الخاصة ، ونعلم أن الممرضين يمارسون أدورا غير مؤهلين لها ويفتحون أقسام لبيع كل الأدوات الطبية ، ونعلم أن إدارة تلك المستشفيات تقوم بكل شيء إلا إدارة هذا المركز الطبي الذي يتعلق مباشرة بحياة الناس من الفقراء والمعدمين ...نحن نعلم كل ذلك والرئيس الوحيد في هذه البلاد الذي لا يعلم ماذا يجري ، لذا هو يطالب وبكل غضب أن نقدم دليلا أو لنصمت !

هل وبعد كل هذا يستطيع أحد أن يتساءل ماذا يحدث في مستشفى الكويت ، لذا دعوني أقتبس لكم جزء يسير من تلك الوثيقة عن مبلغ يعتبر نسبيا يسير بجوار المبالغ الضخمة الأخرى التي تم اختلاسها .

 (يأمر مدير المستشفى بصرف مبلغ 500 ألف ريال عهدة لأمين الصندوق لمواجهة الأمور الطارئة والمستعجلة، مشدداً على أن أي مبلغ منها لا يصرف إلا بتوجيهاته فقط.

ولدى إخلاء أمين الصندوق العهدة، اتضحت حقيقة الأمور الطارئة والمستعجلة التي قالت عنها قيادة المستشفى، مثلما اتضح إلى أي مدى يتم استنزاف الأموال العامة، وحجم الفساد الذي يعشش داخل مستشفى الكويت.مبلغ النصف مليون ريال الذي طلبته قيادة المستشفى، صُرف في غضون أيام قليلة، وفي أمور تافهة، وبعيدة كل البعد عن مفردات «الأمور الطارئة والمستعجلة». أذ أن 200 ألف ذهبت مكافآت مقابل إعداد الندوة المستندية المالية والإدارية داخل المستشفى، فيما ذهب مبلغ 50 ألفاً لأحد الصحفيين"، مثلما تدعم شخصيات نافذة في الدولة تصرفات وممارسات مدير مستشفى الكويت، وعلى رأس هذه الشخصيات يأتي عبدالقادر باجمال الذي عينه كمدير للمستشفى عندما كان رئيساً للوزراء.

قيادة المستشفى التي يهمها الإعلام كثيراً، وجهت بمعالجة الصحافيين مجاناً في المستشفى، وهو الخبر الذي هلل له عديد صحافيين تناسوا لوهلة أن مستشفى الكويت حكومي، وفي الأساس يجب أن يكون مجانياً، وكان كذلك فعلاً حتى موعد تعيين القيادة الأخيرة التي فرضت مبالغ مالية كبيرة على المواطنين. وبعد أن ضجت بعض الصحف جراء هذا الإعلان، وجه بعلاج الصحافيين مجاناً، في محاولة منه لامتصاص غضبه وإسكاتهم أيضاً.

وعودة الى مبلغ النصف مليون ريال الذي طلبه مدير المستشفى لصرفه في الحالات الطارئة والمستعجلة، فإن مبلغ 77 ألفاً ذهب مقابل مكافآت وحوافز لـ3 أشخاص، فيما ذهب مبلغ 60 ألفاً كنثريات لمكتب المدير العام وملحقاته، و10 آلاف مقابل شراء باقة ورد، و20 ألفاً مقابل شراء مرطبات لمكتب المدير العام (وكأنها لم تحسب من نثريات المكتب!).

وبهذا تكون قيادة المستشفى قد أنهت مبلغ النصف مليون ريال، دون أن يصرف ريالاً واحداً في حالات طارئة، وما أكثرها في مستشفى الكويت) . انتهى الاقتباس .

إذا هكذا يتم التصرف بأموالنا ، وحين تخرج وثيقة لتفضحهم ، فهذا لأنهم اختلفوا على تقاسم هذه الأموال ، وهذا المستشفى تحديدا تعكس فعلا ما هي الدولة وإلى أي حد وصل بها الانحطاط الأخلاقي ، فمن يتاجر بتطبيب المرضى ويجد رعاية رسمية ، ليس من الغريب أن يتاجر بكل شيء آخر ، بل أن الأعمال الغير قانونية الأخرى تعتبر شريفة بمن يسرق أدوية المرضى من الأطفال والنساء والشيوخ .

في الختام ورغم دلالة هذه الوثيقة التي تثبت كم الفساد في المستشفى المذكور ، إلا أني لا أتوقع حدوث أي شيء ، ولا أحسب أن هذا سيغير من طبيعة الحال شيئا ، لأن المشكلة لا تكمن بهذه الجزئيات بقدر ما هي أعمق بكثير ، إنها سياسة رسمية وممنهجة تقاد بشكل مدروس من أعلى قيادة في البلد ، ومن السخف أن تشتكي خصمك الذي هو في نفس الوقت القاضي والحكم ...أنه من السخف جدا .

benziyazan@hotmail.com