آخر الاخبار
مصر و"التكويش ".. تحية لتوكل كرمان
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر و 17 يوماً
الأربعاء 03 يوليو-تموز 2013 05:07 م

قبل عام بالضبط في يوليو 2012م كتبت مقالاً بعنوان "فوز مرسي .. بداية لغروب حكم العسكر" قلت إن فوز مرسي بمنصب رئيس الجمهورية في انتخابات ديمقراطية نزيهة وهو رجل مدني درس في الغرب وأصبح أستاذاً في جامعات أمريكية وذاق مرارات السجن والإقصاء والتهميش وهو أحد أفراد جيل بالكامل تم اضطهاده من قبل العسكر.. فوزه بشعبية مصرية وإن كانت غير كاسحة ولا أغلبية ولكنها مكنته من الفوز ليصنع حكماً مدنياً.

وقلت أنه بدأ بسلوكيات مدنية فأعلن أنه سيكون رئيسًا لكل المصريين وسيستقيل من جماعة الإخوان ووجه بعدم تعليق صوره في أي من المؤسسات والهيئات الحكومية والوزارات والميادين العامة وأوقف إعلانات التهنئة بفوزه في الصحف وهدف مرسي يومها لإرساء تقليد جديد يلغي عبادة الشخصية ويجعل الوطن هو الصورة الحقيقية في قلب كل مواطن.

وأكد مرسي يومها أن" ثورة 25 يناير مستمرة حتى تحقق كل أهدافها" كما جاء في أول خطاب له وأن "الشعب هو مصدر السلطات عانى التهميش والفقر والظلم والقهر وجاءت اللحظة التي يسترد فيها إرادته وحريته ويجد فيها العيش الكريم دون مشقة ويجد فيها عدالة".

كغيري كان الملايين ليس في مصر وحدها بل في دول الربيع العربي متفائلين برئيس مدني وصل إلى الحكم في مصر كان هو وجماعته مطاردين مظلومين مهمشين مقصيين وفوق ذلك فاز بمنصب رئيس الجمهورية بفارق بسيط مع معارضه الذي كان يمثل كل خصوم الإخوان "الفلول وكل التيارات الليبرالية واليسارية والمسيحيين يضاف إليه الجيش كون شفيق كان عسكرياً".

كان يتوقع المتفائلون بداية لحكم مدني وغروب حكم العسكر وكان يفترض أن تكون أول أولويات الحكم المدني تكوين كتلة تاريخية أو تحالف مدني واسع يحرس ويعزز البناء المدني للدولة وأن يكون الرئيس وجماعته "الإخوان" مظلة حامية لتقوية وتعزيز المدنية والدفاع عنها من أي اختراقات تستهدف الانتقاص منها أو ضربها.

مر عام فقط لتثبت الوقائع أن لا مرسي ولا جماعته "الإخوان" استوعبوا نتيجة الانتخابات التي فاز بها مرسي ولا متطلبات المرحلة فكان هناك انفصام بين القول والفعل الحديث عن أن مرسي رئيس لكل المصريين وممارسة عكس ذلك واعتبر الفوز بالانتخابات جواز مرور إلى مربع " التمكين" و إقصاء المخالفين وتصنيف كل معارض أو منتقد حتى وإن كان من داخل التيار الإسلامي بأنه "فلول وخصم".

فتفنن الرئيس مرسي وجماعته "الإخوان" بصناعة الخصوم وتكبيرهم وتسمينهم من خلال ما عرف " بالتكويش" في مصر الأمر الذي عمق الانقسام في المجتمع المصري.

وحذر متفائلون بتجربة صعود رئيس مدني في مصر من الوقوع في فخ "الغرور" نادوا بأهمية المراجعة والتوقف فوراً عن توسيع انقسام المجتمع المصري بموضوع " الفلول وبقايا النظام" والبدء بمداواة الجروح وتخفيف التوتر وحصر "الفلول وبقايا النظام" في أشخاص محددين وهم أركان الحكم السابق الذين يعدون بأصابع اليد".

لكن مرسي وجماعته "الأخوان" غرتهم قدرتهم على التنظيم وتحريك الشارع وامتلاكهم الأموال ولم يكونوا يدركون ويتوقعون أن حركة الشعوب يصعب التحكم بها وتوجيهها والتبوء بها.. لكن يمكن الاستفادة منها في الوقت المناسب وهو ما حصل في كثير من تجارب ثورات الربيع العربي ومصر منها.

مرسي وجماعته في مصر "الأخوان" لم يفهموا الدرس ولم يستوعبوا الظروف الموضوعية في المنطقة والعالم وخدعوا بالابتسامات والتشجيع والوعود الغربية وظلوا خلال عام يسعون "للتكويش" على كل شيء في مصر ومن خلال "التكويش" الذي هو لديهم " التمكين" كانوا يعتقدون أنهم قادرون على إقصاء خصومهم وضرب أي تحرك ضدهم فاستهانوا بالشعب واعتمدوا على أعضائهم وأنصارهم فقط.

واستغرب أن أعرق حركة للإخوان في العالم لا يوجد لديها مراكز أبحاث واستقصاء للرأي العام ودراسات تأشيرية حول ما يدور في بلد هي تحكمه من حيث مزاج الناس وحركة الجماهير خاصة وفوزها كان بفارق بسيط بينها وبين خصومها.

كان يفترض في مرسي وجماعته "الإخوان" ان يقللوا من الخصوم والمعارضين لهم ويرفعوا نسبة القبول بهم في أوساط الشعب المصري إذا أخذنا أن نسبة 49 % التي حصدها "شفيق" المنافس لمرسي في انتخابات الرئاسة كانت تقول لمرسي وجماعته "الأخوان" أن حكمهم على حافة الخطر.

لكن ما حصل للأسف كان عكس ذلك فكبروا الخصوم ووسعوا من المعارضين وخسروا حتى الناس القريبين منهم "السلفيون مثلاً" كما خسروا من صوت لهم نكاية بالمرشح المنافس القريب من النظام السابق ولم يستطيعوا بناء تحالفات سياسية اقتصادية ثقافية برامجية فكانت النتيجة التي تعيشها مصر اليوم فالأمر ليس مؤامرة كما يصورها البعض ولا "فلول وبقايا نظام" بل هو أن نسبة الرافضين من المصريين لأسلوب حكم مرسي وجماعته "الإخوان" ارتفعت كثيراً لعدم قدرتهم بناء "تحالف مدني برامجي واسع".

تحية لتوكل كرمان

أوجه تحية ثورية رفاقية متجددة للمناضلة الثورية توكل كرمان على موقفها مما يجري في مصر وكفرها بالديمقراطية التي يتم التعامل معها كصندوق اقتراع فقط لا كمنظومة متكاملة تكفل الحكم الديمقراطي الرشيد وإيمانها بالشرعية الثورية القائمة على الشراكة والتوافق حتى تأسيس الدولة الديمقراطية بمنظومتها المتكاملة بحسب تعبيرها وهي التي كانت قد دعت مبكراً بتجنب الانقسامات في المجتمع التي حدثت في مصر وحذرت منها كما حذرت من الاستمرار بالحديث عن " الفلول وبقايا النظام" فأثبتت المناضلة توكل كرمان أنها تجيد التحليل السياسي وتعتمد آليات تحليل ثورية واقعية وبقى أن ندعوها أن تزيد من وقوفها ومناصرتها للأغلبية الساحقة الفقيرة والمتعبين والمستضعفين من أبناء الشعب اليمني الذين سحقهم اقتصاد السوق وإهمال النخب السياسية والثقافية والأحزاب والاتجاه نحوهم ونحو مطالبهم في العيش والحياة فهم الذين لا يجدون القوت في بيوتهم قبل أن يخرجوا شاهرين سيوفهم على الجميع مضطهديهم وسارقي لقمة عيشهم والنخب الصامتة أو الراضية بنصيبها في الدنيا مما قسم لها نظير صمتها بطريقة أو بأخرى. ومطلوب منها كقيادية ثورية تحظى بشعبية كبيرة ان تسعى بكل جهدها مع المخلصين في التيارات الوطنية الثورية وكل الثوريين والقوى المدنية إلى تكوين "كتلة وطنية تاريخية مدنية" تكون هي الحامل لمشروع بناء اليمني الجديد والدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.

وأخيراً: الحكيم من يتعظ بغيره "فهيا" لتعزيز الشراكة الوطنية في اليمن بين كل القوى السياسية ومكونات الشعب اليمني دون تصنيف وتوصيف وإقصاء وتهميش "هيا" لتأسيس الكتلة الوطنية التاريخية المدنية "على قاعدة برنامج الحد الأدنى لبناء اليمن الجديد الذي يتسع للجميع فإياكم إياكم وسياسة "التكويش" والإقصاء والتهميش والتصنيف فانظروا ماذا صنعت في مصر ولا تقولوا مؤامرة خارجية و"فلول وبقايا نظام" والله من وراء القصد.