الجيش والأمن والمواطن
بقلم/ عارف الصرمي
نشر منذ: 11 سنة و 7 أشهر و 9 أيام
السبت 11 مايو 2013 05:47 م

جنود وضباط الجيش والأمن هم صمام أمان المجتمع والدولة في الرخاء والشدة والسلم والحرب على حد سواء، وهم من يخدمون البلد في كل مكان يتواجدون فيه بمعسكراتهم وثكناتهم وبين الهواء والريح و المطر ليلا أو نهارا، برغم تدني رواتبهم وندرة مكافأتهم حين يحسنون قياسا بالحساب العسير للضعفاء منهم حين يخطئون! أما حين تنزلق البلاد في الاضطرابات والقلاقل والحروب فإنهم غالبا ما يدفعون الضريبة من دمائهم وحياتهم فداء للبلد أو لبعض القادة المغامرين فيه!! ويجب احترامهم وتقديرهم حين يقومون بواجبهم وفقا للقانون بمسؤولية وطنية، لأن الحال يغدو كارثيا إذا خالف القانون! وبخاصة حين تسول النفس الأمارة بالسوء لبعض الجنود والضباط العسكريين والأمنيين فيجعلون أنفسهم فوق القانون أو بديلا عنه فيكونوا هم القانون! وهذا النوع من الأخطاء قد تبدوا عابرة ومجرد تصرفات فردية في بداية الأمر، لكنها حين تتمادى تقضي على شرف الجندية وتنحرف بها عن وظيفتها إلى النقيض! فحين لا يكون الجندي أو الشرطي مصدر أمن وأمان للمواطن بل مصدر خوف ورعب فإن النتائج -بكل تأكيد- مرعبة لأبعد الحدود!!!

حين اقترفت شرطية واحدة في تونس خطأ واحدا فأهانت بائع الخضار محمد البوعزيزي فإن هذا الخطأ قد أيقظ العملاق النائم!! والذي لم يقنع بمعاقبة الشرطية أو حتى بعزل وزير الداخلية ولا تغيير الحكومة! بل أطاح بالنظام الحاكم وحكومته وحزبه وأركانه ورموزه واستأصله من الوجود!! وهذا الخطأ الذي قام به فرد واحد في المنظومة العسكرية والأمنية بحق مواطن بسيط فقير مغمور لا يكاد يعرفه سواء رفاقه الفقراء في السوق الذي فيه يعمل، أو الحي الفقير الذي يسكن فيه!! لكنه ما أن أشعل النيران في جسده التي التهمت روحه حتى اشتعلت ثورات الربيع العربي وأحرقت بنيرانها نظام زين العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمر القذافي وعلي عبدالله صالح!!! ولا تزال تحرق النظام الخامس ودولته وشعبه في سوريا!! ولأن ذلك الخطأ كان فرديا معتادا ولم يكن محسوبا فقد كانت النتائج غير محسوبة أيضا!! فضلا عن الأعراض الجانبية التي صاحبت الطوفان السياسي العارم حيث جاءنا الغرب بكلكله إلى المنطقة وأحضر معه الناتو إلى ليبيا كما تعاظم الدور الإيراني في دولنا العربية وتضخم دور قطر السياسي، في حين انقسم الجيش اليمني على نفسه فيما الجيش السوري لا يزال يدمر نفسه بنفسه ويقتل شعبه! فضلا عن الدمار الاقتصادي والفلتان الأمني الذي ترتب على انهيار الأنظمة البالية!!

ما أحوجنا في اليمن لإعادة النظر بمسؤولية عاجلة تعيد الاعتبار لشرف الجندية وللأمن ورجاله بنفس الوقت الذي نطبق فيه القانون ونفرض هيبة الدولة، فأقسام الشرطة ومآسيها-وحدها- تكفينا كجرس إنذار! لأنها- في الغالب- لم تعد مصدر أمان للمواطن أو كرامته! كما أن العناصر الأمنية والاستخباراتية التي أصبحت اليوم هدفا لتنظيم القاعدة بحاجة هي الأخرى لضرورة أن يشعر المواطن بالأمن معها والثقة بها حتى يكون سمعها وبصرها على عناصر الإرهاب! أما إذا جاء الظلم والخوف من بعض العناصر الأمنية ولو على طريق الخطأ فإن المواطن البسيط سيجد مشكلته الحقيقة ليست مع عناصر القاعدة بل مع الشخص الذي ينتهك كرامته أو يعتدي على حقه!!!

أقولها بحب واحترام لقيادات الجيش والأمن والمخابرات.. إذا أردتم أن تأمنوا على أنفسكم وتأمن معكم البلد- حكومة ونظاما وشعبا- فعليكم على الأقل أن تمنعوا نهائيا تكرار الخطأ الذي قامت به تلك الشرطية في تونس بحق مواطن!! ولكي تتأكدوا من عدم تكرار هذا الخطأ في بلادنا فأحسنوا أولا إلى جنودكم وعناصركم وأحسنوا اختيارهم بالمواقع الحساسة وخاصة المتصلة مباشرة بمصالح الناس ومصادر أرزاقهم! ثم تأكدوا من تطبيق القانون في أقسام الشرطة والنقاط العسكرية في الشوارع داخل المدن، والضباط والجنود الذين يسطون على الأراضي، والحملات العسكرية والأمنية على بسطاء العمال وأصحاب العربيات والبسطات في الشوارع والأسواق وكذلك أيضا تصرفات بعض رجال المرور! ولا تتهاونوا أبدا أبدا مع بقاء (أجرة العسكري) التي لا تترك معنى لقيمة الدولة الجمهورية بل (للعكفة) في عصر الإمامة الملكية!!! وطالما أن الجيش والأمن في بلادنا في طريقه للخروج نهائيا من محنة الانقسام والاقتتال الداخلي وما رافقه لسنوات من استشراء الفساد والمحسوبية على قاعدة المناطقية والجهوية والولاء للفرد والعائلة! إلا أن المسؤولية الوطنية تأتي من إحساس الجميع بالشراكة لمصلحة الجميع وسلامة الدولة، ولكي نبلغ ذلك يجب أن يكون عناصر الجيش والأمن مصدر أمن وأمان حقيقي وملموس للمواطن والمجتمع!.