آخر الاخبار
النظام الموازي والتعليم عن بُعد
بقلم/ أ.د عبد السلام محمد الجوفي
نشر منذ: 11 سنة و 7 أشهر و 12 يوماً
الأربعاء 08 مايو 2013 03:41 م
  

لعله من المناسب القول إن هذا المقال هو ملخص لمداخلة قدمتها في المجلس الأعلى للجامعات في يونيو 2004م ومذكرة خطية لدولة الأستاذ عبد القادر باجمال, وكررت تقديمه في فبراير 2009م وأجد أن الموضوع يتعقد والمعضلة تكبر، ولعل مناقشة مجلس النواب للموضوع حفزني للرجوع إلى الملخص وحورت فيه جملتين، وأصبح كأنني كتبته اليوم، كم يفوتنا الوقت ولا نستفيد!

بدأت الجامعات اليمنية منذ العام 1999م باعتماد نظام التعليم الموازي، وفي الواقع إن هذا النظام بدأ في دول إفريقيا الوسطى ليمثل موردًا اضافيـًّا للجامعات تحت شعار تعليم أبناء الفقراء بفلوس الأغنياء وتطوير مؤسسة الجامعة، وبعدها تحدث الدكتور عبد الإله الخشاب رئيس جامعة بغداد بإسهاب حول الموضوع باعتباره مدخلاً للجامعة المنتجة... . وتبنت جامعة عدن ثم جامعة صنعاء النظام كمدخل مطور لنظام النفقة الخاصة لعدد محدد في كليات محددة ثم أصبح تعليمـًا موازيـًّا شاملاً بلا قيود أو نظام حاكم له.

فكرة النظام الموازي تتبلور حول تطوير مؤسسة الجامعة وإيجاد آليات سريعة ومرنة لهذا التطوير لكننا نفسد كثير من الأفكار والمصطلحات الجميلة نظراً لأخذنا قشور الفكرة فتعاملنا معها على أنها فقط زيادة دخل وزيادة مورد وزيادة مكافآت أن إن النظام الموازي دخل الجامعات اليمنية من مدخل وحيد ومشوه وهو مورد جيد، تستخدم بحريه وبدون أي ضوابط، وعلى ذلك تنافست الكليات والجامعات لتشديد القبول بالنظام العام وفتح المجال للنظام الموازي وهذا خلل كبير بالنظام ولا يليق بمؤسسات أكاديمية رصينة.

وعلى الرغم من مرور أكثر من اثنتي عشرة سنة على بداية تطبيق هذا النوع من التعليم، لكنه يفتقد لأي لائحة أكاديمية معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات يوضح التعريفات الخاصة بالنظام وآليته وأهدافه وغاياته ومحدوديته والكليات التي يسمح لها بفتحه وضوابط ذلك، ولا توجد حتى الآن لائحة مالية معتمدة تبين جوانب الصرف والاستفادة من المبالغ المحصلة من الطلاب، وهو ما جعل وزارة المالية تحول المبالغ لمواجهة نفقات تشغيلية اعتيادية هي جزء أصيل من ميزانية الجامعات ... ،

لذلك كانت النتيجة الحتمية إن النظام الموازي لم يحقق أي أهداف أكاديمية أو تطورية للجامعات لغيابها ابتداءً وبنفس الكيفية وبصورة أكثر مأساوية التعليم عن بـُعد والذي سيتحول قريبـًا إلى كارثة وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فبدلاً من أن يتم التعامل معه على أنه تسهيل للمغتربين ولمن لم يتمكنوا من الالتحاق بنظام الجامعة العام أي أنه خدمة لتطوير قدرات المجتمع وخدمة للمغترب، مرة أخرى نفسد الفكرة ومرة أخرى غول الإيرادات هو السبب، وهذه المرة الدولار وما أدراك ما الدولار، فتم قبول أعداد كبيرة وبتخصصات لا يصلح لها التعليم عن بُعد، ولم يقتصر القبول على اليمنيين باعتبارها جزءًا من خدمات الدولة، لكن تم قبول غير اليمنيين وبأعداد مهولة لتصبح الموارد أكبر وأكبر فانفلت العقد، وبدأت المشكلات تظهر، ومرة أخرى وبعد مرور أكثر من ست عشرة سنة على شروع الجامعات بتطبيق هذا النظام فإنه يفتقد لمشروعيته القانونية والأكاديمية حيث لا يوجد نظام حاكم لهذا النوع من التعليم ولا تشريع معتمد وإنما اجتهادات كل جامعة، وعلى الرغم من ظهور مشكلات منذ اللحظات الأولى أي في عام 1996م، إلا إن الحلول ظلت محدودة لا تعتمد على معالجة جذور المشكلة مما أدى إلى تضخمها، وهذا قد يؤدي إلى سحب الاعتراف بالشهادات الجامعية اليمنية،

ومن الحري بالمجلس الأعلى للتعليم العالي وبمعالي وزير التعليم العالي ولجنة التعليم العالي بمجلس النواب تنفيذ قرارات سابقة بهذا الخصوص، وتشكيل لجنة يشترك فيها مجلس النواب ومجلس الاعتماد الأكاديمي، لدراسة النظام الموازي والنفقة الخاصة والتعليم عن بـُعد قبل أن يدفع أبناؤنا ثمنـًا باهظـًا وتصبح المعضلة غير قابلة للحل أو إن الجهد اللازم لحلـّها كبير جدًّا .