آخر الاخبار
دفاعا عن دولة العراق الإسلامية الفتية
بقلم/ أحمد الظرافي
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و 13 يوماً
الأربعاء 06 يونيو-حزيران 2007 07:17 م

مأرب برس - خاص

تتعرض دولة العراق الإسلامية الفتية - منذ أن أعلن ولادتها مجلس شورى المجاهدين ، وحلف المطيبين ، في أواخر عام 2006 – تتعرض لمؤامرة كبيرة وخطيرة بدأت بهجوم أعلامي مكثف وواسع النطاق ، وتطورت أخيرا إلى حرب شعـواء مسعورة تشن ضدها من جبهات وأطراف متعددة داخلية وخارجية ، عراقية وغير عراقية ، عربية وغير عربية ، والهدف من كل ذلك هو تقويض كيان ووجود هذه الدولة الإسلامية الفتية التي ترفع رايتي التوحيد والجهاد .  


الأطراف الضالعة في المؤامرة :

وقد نسجت خيوط تلك المؤامرة ، ضد دولة العراق الإسلامية باشتراك أربعة أطراف أساسية هي: المخابرات الأمريكية CIA ، والحكومة العراقية العميلة، وبعض الأنظمة العربية التابعة لأمريكا كالنظام السعودي ، والنظام الأردني، وطبعا بالتنسيق مع الحزب الإسلامي الذي يتزعمه الدكتور طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقية ، والذي تحسنت علاقته في الآونة الأخيرة – وبالتحديد بعد ظهور دولة العراق الإسلامية - مع النظامين الأردني والسعودي والمعروفين – ومنذ فترة طويلة - بالتفاني في خدمة المشروعين الأمريكي والصهيوني في المنطقة، ولما يراه كل طرف من هذه الأطراف من مصلحة ذاتية له ، في القضاء على دولة العراق الإسلامية ، التي تحظى بتعاطف الشعبين السعودي والأردني ، بل وكل الشعوب الإسلامية ، فضلا عن قطاع عريض من الشعب العراقي ، ومن ثم لن يتم القضاء عليها – في نظر هذه الأطراف - إلا إذا تم " فك الارتباط بينها وبين قاعدتها الشعبية، وضربها بالجماعات الجهادية الأخرى " ، وهو ما تبذل الجهود من أجله ويتم التخطيط لتنفيذه ، كما عبر عن ذلك أمير المؤمنين أبو عمر البغدادي زعيم دولة العراق الإسلامية حفظه الله ، في خطاب صوتي له في مارس 2007 ، موجها من خلاله أصابع الاتهام بشكل مباشر للنظام السعودي بالضلوع في هذه المؤامرة .

لماذا دولة العراق الإسلامية ؟

والحقيقة أن استهداف دولة العراق الإسلامية الفتية، تحديدا، من قبل المحتل وهذه الأطراف المتعاونة معه ، دون غيرها من فصائل المقاومة الأخرى على أرض العرق سواء الإسلامية منها أو الوطنية لم يكن من فراغ أو وليد الصدفة ، ولكن نظرا لما يلي:

أولا :- لما تجسده هذه الدولة من معنى كبير وعظيم في قلوب ونفوس المسلمين وما تحضى به من تعاطف وتأييد شعبي كبير في داخل العراق وخارجه ، وما يمثله ذلك من ذخيرة وعمق وخزان بشري ومادي ، يمكنها من الصمود في مقارعة المحتل لفترة طويلة ، وهو ما يفتقر إليه المحتل ، بل ويحفز المسلمين في المجتمعات الأخرى على محاربة مصالح هذا المحتل ومناوءتها .

ثانيا:- ولما تتبناه هذه الدولة من أهداف سامية بعيدة المدى ، وما تحمله في جعبتها من مشروع سياسي إسلامي شامل يمهد لقيام دولة الخلافة الإسلامية التي هي حلم وأمل المسلمين جميعا من المغرب إلى أندونيسيا.

 ثالثا:- ولما تمثله هذه الدولة من خطر جدي حقيقي على مشروع الاحتلال الأمريكي المتعدد الأبعاد ، ليس في العراق فحسب ، وإنما في المنطقة الإسلامية بأسرها ، وذلك من خلال ما يسدده جنود هذه الدولة البواسل لجحافل هذا الاحتلال من عمليات نوعية ، ومن ضربات دموية موجعة بشكل يومي .

رابعا: - ولخطورتها على المصالح الضيقة لبعض القوى العراقية في الداخل سواء تلك التي ركبت موجة الاحتلال الأمريكي وشاركت في اللعبة السياسية ، سواء من الشيعة أو السنة أو الأكراد ، أو حتى التي تدعي رفضها لهيمنة المشروع الأمريكي في العراق.

خامسا:- ولخطورتها أيضا في المدى المتوسط أو البعيد على مصالح الأنظمة العربية العلمانية المستبدة ، الدائرة في الفلك الأمريكي والغربي ، أو التي لديها حساسية تجاه أي شيء يتعلق بالإسلام الصحيح ، وتفزع لمجرد ذكر كلمة الجهاد والمجاهدين ، ولا سيما أذا كان لتنظيم القاعدة أو السلفية الجهادية علاقة قريبة أو بعيدة بذلك .

سادسا:- لفشل كل المحاولات والجهود الرامية لاختراق صفوف هذه الدولة من قبل أجهزة المخابرات الأمريكية أو العراقية أو العربية العميلة لها ، وتعذر إحداث انشقاق في بنيتها وفي قيادتها - كما حدث بالنسبة لبعض الفصائل الجهادية الأخرى – وذلك من خلال سياسة الترغيب والمساومات والوعود المكذوبة ، ومنها التلويح بالتفاوض ، أو بالأحرى من خلال سياسة رمي العظام التي يتسابق عليها ضعفاء النفوس في هذا الفصيل أو ذاك ، إذ أن التفاوض والحلول الوسط وما شابه ذلك من طروحات ليست من أولويات دولة العراق الإسلامية ، ولأن الانتماء إليها يقوم على خلفيات عقائدية لا تباع ولا تشترى، ولا يمكن المساومة عليها إلا في القليل النادر، ويعتمد على مبدأ الطاعة المطلقة للأمير – بشروطها المحددة في الكتاب والسنة - 
أبعـاد المؤامرة:

هذه بعض الأسباب الكامنة وراء المؤامرة الخطيرة ، والحرب المحمومة على دولة العراق الإسلامية الفتية أعزها الله ، ووجه الخطورة في هذه المؤامرة الدنيئة والخبيثة ، وفي تلك الحرب العدائية الاستئصالية الظالمة ، أنها لم تعد تنفذ بواسطة الترسانة العسكرية الضخمة للقوات الأمريكية المحتلة ، أو من قبل جيش الحكومة العراقية المشكل من قبل هذه القوات ، أو من قبل مخابرات بعض الأنظمة العربية المتواطئة مع المشروع الأمريكي في العراق ، أو من قبل المليشيات الشيعية الحاقدة المدعومة من قبل نظام الآيات في طهران ، ولا حتى من قبل هذه الإطراف جميعا فقط ، بما تملكه وتستخدمه هذه الأطراف من آلات وأدوات إعلامية هائلة مرئية ومسموعة ومقروءة ، ومن عملاء وجواسيس ، ناهيك عن عشرات المواقع المتطورة على شبكة الإنترنت ، والتي هدفها التحريض على دولة العراق الإسلامية ، إنما أصبحت تلك الحرب – وهنا مربط الفرس وبيت القصيد - تنفذ عن طريق مليشيات وتجمعات مسلحة محسوبة على أهل السنة المعروفين بأنهم الحاضن الأساسي للمقاومة العراقية الباسلة ، والذين حمدت لهم الأمة هذا الموقف المبدأي والطبيعي ، والنبيل والشجاع ، وأشادت بهم ، وعبرت عن تعاطفها معهم ، ودعمها المعنوي لهم – وربما المادي لو أنهم وجدوا إلى ذلك سبيلا - وهذا رغم أنف الاحتلال الأمريكي ، وضد إرادة الأنظمة العربية الخانعة والمولية له .

وهذه المليشيات والتجمعات المناوئة لدولة العراق الإسلامية ، قد تم تشكيلها وتدريبها وتسليحها خصيصا لهذا الغرض ، وبدعوى محاربة تنظيم القاعدة والتكفيريين السلفيين والوهابين وطردهم من تجمعات العشائر العراقية ، باعتبارهم أناس غرباء طارئين عليها .

ويراهن المحتل من خلال الترويج لهذه الفكرة الجهنمية – والتي سترتد نارها عليه فتحرقه إن شاء الله ونتيجة تباشير فشل ما يسمى بخطة فرض القانون في بغداد أسوة بالعديد من الخطط السابقة لها – يراهن على يحويل الصراع بينه وبين أسود دولة العراق الإسلامية من شوارع بغداد ، إلى معارك مفتوحة بينها وبين العشائر العراقية في المدن والتجمعات السكانية في المناطق الغربية والشمالية والشرقية ، والتي تشكل عمقا وقاعدة للدولة الإسلامية ، وذلك بعد فك الارتباط فيما بينها وبين دولة العراق الإسلامية ، وبحيث يكون العرقيون من أهل السنة وحدهم هم وقود الحرب ، وهم الذين يدفعون فاتورة الوجود الأمريكي الصفوي في العراق من دمائهم وأرواحهم ، وكذلك بهدف شل حركة الدولة الإسلامية ، وشغلها عن معركتها الحقيقة مع المحتلين ، ومن ثم تخفيف الضغط والهجمات الجهادية المستمرة من قبل جنود الدولة على مدينة بغداد في إطار ما تسمى بـ " بخطة الكرامة " التي أعدها أمير المؤمنين أبو عمر البغدادي حفظه الله والتي ينفذها أسود التوحيد وجنود الدولة في بغداد ، وذلك ردا على خطة أمن بغداد سالفة الذكر ، والتي يعلق المحتل أمالا كبيرة على نجاحها .

مجلس إنقاذ الأنبار:

ومن تلك المليشيات مليشيا ما يسمى بـ" مجلس إنقاذ الأنبار " المشبوه ، والموالي لحكومة المنطقة الخضراء والاحتلال الأمريكي في بغداد ، والخاضع لتوجيهاتهما ، ويراد لهذه المجلس والذي تم تشكيله من الرعاع واللصوص وقطاع الطرق – كما وصمه بذلك الدكتور حارث الضاري الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق – يراد له أن يتقمص ، أو أن يلعب نفس الدور الخبيث الذي لعبه ما كان يسمى بـ " جيش لبنان الجنوبي " الذي صنعته دولة الكيان الصهيوني في جنوب لبنان بقيادة العميل الماروني المسيحي سعد حداد ، والذي كان رأس حربة للجيش الأسرائلي في اجتياحاته المتكررة للبنان في أو اخر السبيعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن الماضي. وهذا تقريبا ما يراد لما يسمى بـ" مجلس إنقاذ الأنبار " أن يقوم به ، تحت قيادة العميل الانتهازي المغمور والذي نبذته قبائل الأنبار نفسها ، المدعو " عبد الستار أبو ريشة " أن يكون رأس حربة في أيدي الأحتلال الأمريكي الغاصب , وأزلامه الخونة ، لضرب المقاومة العراقية الشريفة ، في محافظة الأنبار ، هذه المحافظة الباسلة ، التي تكبدت الولايات المتحدة ثلث خسائرها فيها ، وعلى وجه التحديد ضرب " دولة العراق الإسلامية " التي أقضت وتقض مضاجع حشود قوات الاحتلال وصنيعتها حكومة الرافضة الصفويين ، في بلاد الرافدين ، ولقنت ولا زالت تلقن كل منهما دروسا لا تنسى .

وهذه الخدمة التي يراد لمجلس إنقاذ الأنبار أن يقوم بها هي أكبر وأعظم خدمة يمكن تقديمها لجيش الاحتلال الأمريكي المترنح والغارق في المستنقع العراقي ولإبقاء الحكومة العميلة الحالية ، وذلك بعد أن فشلت كل الوسائل العسكرية وأساليب الترهيب الخارقة في إطفاء نيران المقاومة العراقية ، ومن ضمنها أعمال الإبادات الجماعية والقصف الجوي باستخدام الأسلحة الكيمائيئة والفسفورية والمفرطة في القوة ، وتدمير قرى ومدن بأسرها فوق رءوس أهلها ، حيث لم يحصد المحتل الغاشم من ورائها – مع ذلك - سوى مزيد من الخسائر البشرية والمادية الكبيرة في صفوف جنوده ومرتزقته وآلياته ، وسوى إذكاء وتصاعد زخم ووتيرة المقاومة الإسلامية ، وفتح أبواب جهنم على حشوده وقواعده العسكرية ، مع تصاعد النقمة العالمية ضد السياسة الأمريكية الهمجية ، وتراجع دورها على المستوى الدولي ، وتحول هذه الحرب من حرب عسكرية في العراق إلى حرب سياسية وإعلامية في أروقة البيت الأبيض والكونجرس ، والشارع الأمريكي ، وتهاوي صقور الإدارة الأمريكية المحرضين على احتلال العراق والمخططين له والمسئولين عنه ، واحدا بعد الآخر إلى مزبلة التاريخ وبئس المصير، وما ترتب ويترتب على ذلك من انقسام في صفوف الشعب الأمريكي .

وقد جاء تشكيل هذا المجلس المشبوه من قبل الاحتلال الأمريكي وحكومة المنطقة الخضراء وبعض الشخصيات والأطراف العميلة من أهل السنة والتي تغلب مصالحها الخاصة الضيقة على مصالح دينها وبلادها وأمتها.

وتسعى قوات الاحتلال الأمريكي لتعميم هذه الفكرة – والتي يبدو أنها قد لقيت بعض التجاوب نظرا لانتشار البطالة في صفوف الكثير من الشباب العراقيين ولتزايد الضغوط وأساليب الترهيب والترغيب التي تمارس على شيوخ العشائر العراقية ولا سيما عندما يكون لبعض الشخصيات والأطراف السياسية ذات العلاقة ، وبعض الأنظمة العربية علاقة بذلك ونظرا للحملات الإعلامية المكثفة وأعمال التحريض المستمرة ضد الدولة الإسلامية - حيث يجري الحديث حاليا حول إنشاء مجلس مماثل يمثل عشائر محافظة صلاح الدين ، في شمال بغداد ، ومجلس آخر لتمثيل عشائر محافظة ديالى في شمالها الغربي .

ديالى وأسلوب المواجهة الجديد:

ويتم التركيز حاليا بصورة أكبر على منطقة ديالى الواقعة في الشمال الغربي لولاية بغداد ، وذلك تمهيدا لمعركة كسر العظم المرتقبة بين الدولة الإسلامية من جهة وبين كل من جيش الاحتلال الأمريكي والجيش العراقي من جهة أخرى . حيث تعتبر هذه المنطقة أحدى ولايات دولة العراق الإسلامية ، وتخضع حاليا لسيطرة دولة العراق الإسلامية ، جاء ذلك بعد حوالي أربع سنوات من الجهاد والمعارك الطاحنة التي خاضها أسود هذه الدولة مع قوات الاحتلال الأمريكي من جهة ، و مع فيلق بدر الشيعي الموالي للاحتلال والمدعوم من قبل إيران ، والتابع نظريا لما يسمى بـ " المجلس الأعلى للثورة الإسلامية " بقيادة عبد العزيز الحكيم ، من جهة أخرى .

وكان فيلق بدر الشيعي قد جعل هدفه منذ أن دخل العراق قادما من إيران بعد سقوط بعداد ، وبعد أن عجز عن إيجاد موطىء قدم له في مدينة الصدر ببغداد ، بسبب منافسة ما يسمى بـ " جيش المهدي " له ، ولعوامل أخرى سياسية ومذهبية .

أقول كان فيلق بدر قد جعل هدفه هو السيطرة على هذه المحافظة ، المتأخمة للحدود الأيرانية ، والتي يسكنها مزيج من السنة والشيعة والأكراد ، وقد مارس فيها أتباعه طيلة السنوات الماضية من الجرائم البشعة ، وأصناف الأعمال الوحشية ضد أهل السنة ، ما تقشعر منها الأبدان ، ويستقيم من هولها شعر الرأس ، ويعجز اللسان عن وصفها ، والتي لا يضاهيها سوى الجرائم التي أرتكبها ما يسمى بـ " جيش المهدي " في بغداد . والفارق فقط هو في تسليط الأضواء على هذه الجرائم وتلك ، حيث كانت جرائم فيلق بدر في ديالى بعيدة عن أنظار الصحفيين وعن عدسات التصوير ، ولم تحظى بالتغطية الإعلامية التي حظيت بها جرائم جيش المهدي في بغداد ، غير أن ذلك لم يكن بعيدا عن أنظار أسود دولة العراق الإسلامية ، والذين كانوا له بالمرصاد ، وردوا له الصاع صاعين ، واستمروا يوجهون له - وللمحتل الأمريكي في الوقت نفسه - الضربة تلو الضربة ، قبل أن يترنح ويلوذ بالفرار من هذه المحافظة الأبية في أعقاب المحتل ، وهو يجر أذيال الخيبة ، وقد لعبت طبيعة المنطقة الزراعية ، وغير المفتوحة كباقي المناطق الأخرى ، بفضل الله دورا كبيرا في تحقيق ذلك الانتصار ، ومن هنا تأتي أهمية الدعوة المحمومة لإذكاء نيران المواجهة المسلحة بين الدولة الإسلامية والعشائر العراقية في هذه المحافظة .

الحزب الإسلامي وعشم إبليس في الجنة:

وليس غريبا أن يتورط الحزب الإسلامي - وهو حزب الأخوان المسلمون في العراق - في هذه المؤامرة الدنيئة على دولة العراق الإسلامية التي ترفع رايتي الجهاد والتوحيد، وأن ينخرط في هذه الحرب المسعورة ضدها إعلاميا وعسكريا ، بالتنسيق مع أسياده القدامى والجدد .

فالحزب الإسلامي دخل العراق خلف الدبابات الأمريكية - مثله مثل باقي الأحزاب والشخصيات الأخرى ، والتي تتصدر الواجهة السياسة في العراق في الوقت الحاضر – وقد شارك هذا الحزب في جميع المشاريع السياسية المشبوهة والتي أدت وتؤدي إلى تقسيم العرق وإلى تهميش أهل السنة ، وأخذ هذا الحزب نصيبه من المحاصصة الطائفية التي تفتق عنها ذهن منظري الاحتلال سواء من الأمريكيين أو من العراقيين ، بهدف تثبيت وترسيخ هذا الاحتلال في أرض العراق ، وذلك ابتداء من مجلس الحكم المثير للجدل الذي شكله الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر في عام 2003 ، إلى حكومة الرافضي العميل نوري المالكي الحالية ، والتي تواصل شن حرب الإبادة الجماعية المسعورة ضد أهل السنة العرب لطردهم من بغداد ومن غير بغداد ، تحت سمع وبصر الحزب الإسلامي المحسوب على أهل السنة ، والموجود في الحكومة – كشاهد زور أو كديكور في أحسن الأحوال - وهي الحرب المعروفة وذائعة الصيت والتي كانت قد بدأت بشكل واسع النطاق في أوائل عهد الحكومة المؤقتة بزعامة إبراهيم جعفري ، وتحت اشراف وزير داخليته ، الإيراني الأصل بيان جبر صولاغ ، وزير المالية الحالي ، وقائد فيلق بدر السابق سيء الصيت ، وصاحب أشهر سجل دموي لأهل السنة في التاريخ ، وذلك بالاشتراك أو التنسيق مع مليشيا جيش المهدي ومع المخابرات الإيرانية وبتواطىء مع المحتل – بطبيعة الحال -

وطوال هذه المدة ورغم كثرة الإبادات الجماعية التي تعرضها أهل السنة ، ورغم المئات من مساجدهم التي دمرت أو أحرقت أو اغتصبت ، ورغم أعمال التهجير الطائفية التي طالت عشرات الآلاف من العوائل السنية ، ورغم العديد من السجون السرية التي اكتشفت والتي كانت مخصصة لتعذيب أهل السنة في مقرات تابعة للحكومة الطائفية ، وبرعاية مباشرة من هذه الحكومة ذاتها ، ورغم العشرات من جثث أهلهم التي توجد في مصارف المياه وعلى جوانب الطرق بشكل يومي .

أقول رغم كل ذلك وغيره وغيره ، فلم يحرك الحزب الإسلامي ساكنا ، ولم يستطيع تقديم أي شيء لأهل السنة سوى بعض تصريحات باهتة ومرعوبة لا تسمن ولا تغني من جوع ، بل أن مشاركته الصورية في الحكومة كانت في واقع الأمر وبالا على أهل السنة ، وأعطت للحكومة العراقية الطائفية الضوء الأخضر لتقوم بالأعمال الوحشية والهمجية التي تحلو لها ضد أهل السنة ، ووفرت لها تلك المشاركة الغطاء للتمادي في إبادتهم ، وقمعهم وهتك أعراضهم وتهجيرهم من مناطقهم واعتقالهم جهارا نهارا باستخدام آليات وسلاح وملابس الشرطة العراقية ، بالعشرات من البيوت والأسواق ، والذين يجري تعذيبهم صنوف العذاب في أماكن خاصة قبل قتلهم ورميهم في المزابل والطرقات .

ومع ذلك ورغم كل ذلك فلا زال الحزب الإسلامي يكابر ويصر على الوجود في الحكومة - كشاهد زور وكغطاء لجرائم الاحتلال الأمريكي وللحكومة الطائفية العميلة ، ولا زال مستميتا في الدفاع عن وجوده في هذه الحكومة ، بل ولا يخجل قادة هذا الحزب من دعوة المقاومين العراقيين إلى إلقاء السلاح جانبا - أو حتى بيعة بثمن بخس على المحتل كما فعل بعض أتباع الزعيم الشيعي غريب الأطوار مقتدى الصدر - ومن ثم الانخراط والمشاركة في العملية السياسية المزعومة التي تؤسس لتطويل أمد الاحتلال في العراق ، ولهيمنة الشيعة الصفويين المتعاونين مع الاحتلال على مقاليد الأمور فيه ، وكذلك فعل ويفعل بالنسبة لشرائح المجتمع العراقي التي ترفض مبدأ المشاركة السياسية في ظل وجود الاحتلال ، وفي مقدمتها هيئة علماء المسلمين برئاسة الدكتور حارث الضاري .

وفضلا عن كل ذلك قدم زعماء الحزب الإسلامي خدمات جليلة للاحتلال الأمريكي وللحكومات العراقية العميلة المتعاقبة ، مباشرة وغير مباشرة ، ومن ذلك المؤامرة المشينة والدنيئة ، لبعض قيادات الحزب – وعلى رأسهم ذلك القمىء المدعو بـ " حاجم الحسني " لا أحسن الله إليه ، في حرب اجتياح وتدمير مدينة الفلوجة على رءوس أهلها عام 2004 ، ثم فيما تلى ذلك من اجتياحات وأعمال إجرامية ، وحروب إبادة جماعية ، سواء في سامراء أو المدائن أو الرمادي أو تلعفر أو القائم أو حديثة أو راوة أو الموصل أو بعقوبة أو بغداد أو غير ذلك .

من يهن يسهل الهوان عليه:

والغريب العجيب بعد كل ذلك ، وبرغم ما أظهره هذه الحزب من خضوع تام واستكانة مطلقة للمحتل الغاصب ، ولأذناب المحتل ، لازال متهما ولا زال مغضوبا عليه من قبل الاحتلال والحكومة العميلة ، ولم تسلم قيادات هذا الحزب من أعمال القتل ، والتصفيات الطائفية ، ومن المداهمات الهمجية والاعتقالات ، وما يصاحب ذلك من إهانات جسدية ومعنوية ونفسية ، ومساس بالأعراض والكرامة ، يفضل الحر وكل من في قلبه مثقال ذرة من نخوة ، أن يموت قبل أن يتعرض لها .

ويكفي كدليل على ذلك ما تعرض له الدكتور محسن عبد الحميد ، زعيم الحزب السابق ، فقد كافأه المحتل بعد طول ممالأته له وتغاضيه عن جرائمه ، أن وطأ الجنود الأمريكيون بأحذيتهم الغليظة النتنة على رأسه ورقبته وخشمه ، وداسوه بها وهو ينكمش مثل فأر مذعور ، وهتكوا حرمة نسائه وعرضه ، وعاثت كلابهم النجسه في أرجاء بيته ، وفي مصلاه وغرفة نومه ، حدث ذلك بعد أن تعرض منزله للمداهمة والتي من خلالها تم اعتقاله هو وأبناءه وبعض أقاربه والذين حشرت رءوسهم جميها في الأكياس السوداء البغيضة واقتيدوا مصفدين إلى غرف التحقيق الأمريكي في بغداد – هذا وهو رئيس الحزب فما بالكم بمن هم دونه مسئولية ومكانة في الحزب .

وهذا الحاث الاستفزازي الهمجي الوحشي المتعمد - بما تضمنه من إهانة بالغة ليس لريئس الحزب فقط وإنما أيضا للقيادة العليا في الحزب - وهي المتواطئة مع المحتل - بل وللحزب برمته - لم يستفز أحدا في الحزب الإسلامي لا محسن عبد الحميد رئيس الحزب ، ولا غيره من القيادات العليا أو الدنيا في الحزب ، ولم يؤثر على بقاء أو عدم بقاء أي من مسئولي الحزب في الحكومة أو يؤثر على موقفهم السلبي من المقاومة ، وهكذا مر هذا الحادث ، بسلام ، ولم يصحبه أي تعكير في علاقة الحزب الإسلامي مع المحتل أو يغير شيئا من قناعاته ، وكأن حصاةً سقطت في بئر ليس إلا.

ولو أن الدكتور طارق الهاشمي رئيس الحزب الحالي يعتبر ويستفيد من هذه الدروس البليغة ، لما دار مع الاحتلال حيث دار ، تحت ذرائع ومبررات واهية تجسد المغالطة الواضحة للنفس ، ولكان له شأن أخر مختلف ، ولكنه الخوف والجبن والهلع ، وعدم الرغبة في دفع أي ثمن دفاعا عن الدين والأرض والعـرض ، وإيثار زينة الحياة الدنيا وبهجتها - بما يصاحب ذلك من مهانةٍ ومذلة وخنوع وقبول بالمنكر ، ومشاركة في الباطل - وإن كان الرجل يتظاهر بغير ذلك أمام وسائل الإعلام ، إلا أنه في حقيقته ، ميت القلب ، والضمير فيما يبدو ، مثله مثل سلفه الذي توارى إلى سلة الإهمال ، وإلى مزبلة التاريخ بعد ذلك الحادث المهين ، الذي تعرض له " فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور " ومن كان هذا حاله فلن يتعظ ، ولن ينفعه درس مهما كانت بلاغته ، وصدق المتنبي حين قال:

 من يُهن يسهل الهوان عليه مـا لجـرحٍ بميـتٍ إيـلامُ 

ومن هنا تأتي أهمية اشتراك الحزب الإسلامي في تلك المؤامرة الدنيئة ، ضد دولة العراق الإسلامية الفتية ، إذ أن قيادة هذا الحزب بزعامة الدكتور طارق الهاشمي - وبرغم كل ما قدمه سابقا من خدمات وتضحيات ومن ثمن فادح ، في سبيل المحتل وأذنابه ، وفي سبيل التمكين لهم في العراق - برضا أو بغير رضا وبطريقة مباشرة أو غير مباشرة - يريد أن يؤكد ولاءه أكثر فأكثر لهذا المحتل وللحكومة العميلة التي يوجد كشاهد زور فيها ، مقابل شيء من الفتات وحفنة من الدولارات الملطخة بدماء العراقيين الأبرياء ، وعلى حساب ما يعانونه من حرمان ومشقة وفاقة ، والذي تمن به عليه هذه الحكومة في نهاية كل شهر ، طبعا بشروط من ضمنها التزام جانب الهدوء والسكوت على الجرائم ، طبقا لقاعدة مؤداها " لا أرى لا اسمع لا أتكلم " ومن يدري فلعله من خلال هذه الخدمة الجديدة التي سيقدمها للمحتل ولأذنابه ، سيحظى في نهاية المطاف – حسب تصوره - بثقتهما ، ويكون بالتالي مخولا بتمثيل أهل السنة في المهزلة السياسية التي تجري على أرض العراق والتي يسيل لعابه عليها ، رغم كونه لا يحظى بما نسبته10% من تأييد أهل السنة ، وذلك بعد فشل كل المحاولات والمغريات التي أريد من خلالها استقطاب الشيخ الضاري وجعله يعدل عن مواقفه ولاءته الكثيرة ضده .

الجيش الإسلامي.. إلى أين؟

وبعد كل ما أرودناه من معلومات وحيثيات وملابسات ، فليس من الغريب أن يشترك الحزب الإسلامي في تلك المؤامرة الدنيئة على دولة العراق الإسلامية وأن يكون أحد أضلاع المربع في الحرب عليها ، أنما الأمر المدهش والمحير والغريب حقا ، هو أن ينجر إلى هذه المعركة الكبيرة والمفتوحة على أكثر من صعيد ضد دولة العراق الإسلامية ، فصيل هام من فصائل المقاومة العراقية ، فصيل معروف بضرباته النوعية الموجعة للقوات الأمريكية والتي طالما أثلج صدورنا من خلالها – ألا وهو الجيش الإسلامي ، وأن يصبح هذا الجيش – يا للمفارقة - جزءا من ذلك المخطط اللعين ، فيتورط في مناوءتها والهجوم عليها إعلاميا وعسكريا ، رغم أن تلك الحرب لا تخدم سوى المحتل الأمريكي وأعوانه الشيعة في حكومة المنطقة الخضراء ، واللذين يتباريان يوميا في قتل العراقيين ، وفي مقدمتهم أهل السنة الذين خرجت الفصائل الجهادية المقاومة للاحتلال ، ومنها الجيش الإسلامي من تحت عبائتهم ، ومن أجل حمايتهم والدفاع عنهم ، وكانت هذه الفصائل يدا واحدة ضد المحتل ، فما الذي تغير وما هي مصلحة الجيش الإسلامي في الحرب على دولة العراق الإسلامية ، يا ترى ؟ 

واللافت أن تلك الحملات الإعلامية من قبل الجيش الإسلامي ، ضد دولة العراق الإسلامية عادة ما تأتي في أعقاب كل عمل عظيم أو انتصار يحققه أسود دولة العراق الإسلامية ، ففي 13 مايو 2007 وفي الوقت الذي أعلنت فيه دولة العراق الإسلامية أسر ثلاثة من جنود الاحتلال الأمريكي وقتل خمسة في عملية مباركة جنوب بغداد ، نجد أن ما تسمى جبهة الجهاد والإصلاح والتي ينتمي اليها الجيش الإسلامي تنشر بيانا تحمل فيه دولة العراق الإسلامية مسئولية اغتيال عشرة من قادتها وهذا حقيقة اتهام مؤسف ، فضلا عن كون التهمة لا تنطلي على جاهل فهل يعقل أن عشرة من قادة هذه الجماعة كانوا في سلة واحدة ؟ أين العقل وأين المنطق في ذلك ؟

وفي نهاية مايو الماضي والذي يعتبر ثالث أدمى الشهور بالنسبة للأمريكيين منذ احتلالهم للعراق وما تكبدوا فيه من خسائر فادحة على أيدي أسود دولة العراق الإسلامية ، حدثت فتنة العامرية بين الجيش الإسلامي ودولة العراق الإسلامية والتي ضخمتها وسائل الإعلام وجعلتها شغلها الشاغل .

ويرى بعض المراقبين والمحللين أن التغير في مواقف الحزب الإسلامي ناجمة أساسا عن صلاته مع الحزب الإسلامي نفسه ، والذي يدفع باتجاه التفاوض مع المحتل ، ويمارس الضغوط على قيادة الجيش الإسلامي للقبول بهذا الأمر . والشيء الذي يثير مخاوف الكثيرين.هو أن تكون مواقف الحزب الإسلامي الأخيرة ، بداية استجابة للضغوط التي تمارس ضده بهدف جره إلى التفاوض الذي يسيل عليه لعاب بعض الأطراف التي تدعي علاقتها به ، والذي تدفع إليه أيضا بعض الأنظمة العربية التي لديها حساسية من القاعدة ، والتي يتواجد فيها الدكتور إبراهيم الشمري الناطق الرسمي باسم الجيش الإسلامي .

وأنا أرى أن الجيش الإسلامي نتيجة لعدم انضمامه إلى الأمارة الإسلامية التى تحضى بالشعبية الكبرى في الوسط الإسلامي قد جعله يخسر من رصيده ويفقد من شعبيته في الوسط الإسلامي والعراقي ربما ، بل وجعله عرضة للاختراق من قبل مخابرات المحتل ، لسبب بسيط وهو أن الذئب إنما يأكل من الغنم القاصية ، وهذا واقع وليرجع إبراهيم الشمري - أو غيره إن شاء - إلى التعليقات التي كتبت حول مقابلته الأولى مع الجزيرة نت فهي والله التي تعكس الواقع لأن الجزيرة تنشر مختلف التعليقات والآراء ودعكم من المواقع التي أنشأت خصيصا لدعمه وتلميعه نكاية بالقاعدة ودولة العراق الإسلامية .

وفي الأخير لا يسعنا إلا أن ندعو للمقاومة العراقية بتوحيد الكلمة والصف ، ولدولة العراق الإسلامية مزيدا من التقدم والتوفيق والسداد ، ومن نصر إلى نصر إن شاء الله .