آخر الاخبار
أصعب هيكلة في العالم
بقلم/ عبد الرحمن الدعيس
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و 15 يوماً
الخميس 03 يناير-كانون الثاني 2013 08:00 م

هيكلة السفارات أمر بسيط وهين..هيكلة الوزارات سهل وممكن.. هيكلة الجيش مقدور عليه وليس مستحيل.

كل ما سبق حتى وان تم، لن تتحقق به نهضة اليمن واستقراره الذي من اجلها سقى الشهداء بدمائهم تراب اليمن وسقط الجرحى, وبكت الأمهات دماء على أبنائهن وابيضت عيون أباء الشهداء حزن على أولادهم, سأتحدث عن أهم وأصعب هيكلة ليست في اليمن فقط بل في الوجود.

الهيكلة الحقيقة الذي بدونها لن يتغير شيء مهما غيرنا الأشخاص ولن نتقدم الى الإمام وسوف نستبدل ظالم بأخر ونقلع طاغية ونزرع أخر, سأتحدث عن الهيكلة التي يحتاجها الفرد والمجتمع الصغير والكبير الحزب والدولة, الهيكلة التي لن يستطيع إن يقوم بها شخص مهما كان سلطانه ولن يستطيع فعلها قرارا مهام كانت قوته, سأتحدث عن الهيكلة التي غيرت اليابان وجعلتها في مقدمة الدول.

تلك الهيكلة التي جعلت اليابانيون يتحولون من قتل وتدمير البشرية والعالم الى خدمة وتقدم البشرية والعالم ومن السيطرة عبر البارود والقوة واحتلال الأرض إلى السيطرة عبر العلم والتكنولوجيا والعقل, إنها الهيكلة التي أزالت المتاريس من عقول الشعب الياباني والتي جعلتهم يدخلون في حرب عالمية للسيطرة على العالم عبر القوة؛ إنها هيكلة العقول.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هي العقول التي تحتاج إلى هيكلة؟ وكيف تتم هيكلتها، وهل هذه الهيكلة بحاجة الى قرار؟!

نحن بحاجة الى هيكلة تجعل من الرئيس يعرف انه موظف وخادم عند الشعب ومستأمن على الثروة وليس مالك للشعب وصاحب حق في الثروة والبلد، يتصرف بهما كيف يشاء, وتجعل من الوزير والمسؤول موظف عند الشعب ويعمل بمؤسسات الشعب ومن اجل الشعب وليس كموظف بمؤسسة خاصة به او بالحزب الذي ينتمي إليه، ويعمل من اجل مصلحة نفسه وحزبه.. هيكلة تجعل من الوزير والمسؤول يفكر فيما يخدم البلد وليس بما يدمر ويحرق البلد.. هيكلة تجعل القاضي يفكر بالوصول إلى حق المظلوم والحكم بالعدل وليس بالتفكير في جيب المتخاصمين, وتجعل من المعلم يصنع جيل يبني البلد وليس مجرد إسقاط واجب ويستلم راتبه الشهري، ويعمل من اجل الوطن وليس من اجل الراتب, وقائد جيش يعرف أن مهمته حماية الوطن والمواطن لا تدمير الوطن وتخويف المواطن ويعرف ان الجيش ملك للبلد وليس له ولوالدة وما ولد.. نريد جندي يتعصب للوطن ويحمي الوطن وليس القائد, ويقف مع الحق وليس مع الخلق, وطالب يدرس ويتعلم من أجل العلم وخدمة الوطن لا من أجل الشهادة وخدمة النفس.. هيكلة تجعل من الحزب وسيلة وليست غاية ومصلحة الوطن فوق كل مصلحة.. هيكلة تجعل المواطن يقدم المصلحة العامة على الخاصة.. هيكلة تجعل الناس سواسية ليس هناك سادة وعبيد وأصحاب حق إلهي.. هيكلة تجرم العبودية واختزال الوطن بشخص والحكم بقبيلة أو أسرة...الخ.

 هذه الهيكلة هي من واجب ومسؤولية الجميع تزيد وتنقص حسب المنصب والمركز والمعلومة لأنه ليس بمقدور فرد القيام بها مهما علا شانه وارتفع سلطانه، وليست بحاجة إلى قرار فرد بقدر ما هي بحاجة إلى إرادة شعب.. هيكلة بحاجة لتوجه حكومي و قرار جماعي تتبعه إرادة تتكاتف فيها جهود الجميع الدولة والأحزاب والمؤسسات والإفراد.

فهل يا ترى نكون شعب حكمة وإيمان ونتكاتف جميعاً ونقوم بهذه الهيكلة من دون أن يُطلب منا ذلك، أم أننا بحاجة إلى أكثر من قنبلتين نوويتين حتى تُهيكل الأجساد وعندها سوف تتهيكل العقول كما حدث في اليابان

مشاهدة المزيد