آخر الاخبار
الحِوَارُ فِي ظِلِّ التَّجَاهُلِ وَالتَّهْمِيْش!!
بقلم/ محامي/احمد محمد نعمان مرشد
نشر منذ: 11 سنة و 11 شهراً و 20 يوماً
الأحد 30 ديسمبر-كانون الأول 2012 04:11 م

تكاد تكون القضية الجنوبية ومشكلة صعده من أهم القضايا الرئيسية المطروحة على طاولة الحوار الوطني الشامل وأقرتها اللجنة الفنية للحوار بينما هناك قضايا محورية هامة وكبيرة بحجم الوطن الكبير الذي اسمه اليمن الواحد وأبرزها قضية (المناطق الوسطى) بكل جزئياتها وتفاصيلها الماضوية المؤلمة وحقيقتها الراهنة المنسية ناهيك أن أبنائها الأحرار الأشاوس هم أول من ثاروا على الاستبداد والظلم وقدموا قوافل من الشهداء في سبيل التحرر من ذلك كما أن لهم السبق قادة وروادا للتغير في خضم الثورة الشبابية السلمية الشعبية وتوطئة على ما ذكرنا تثور تساؤلات عديدة أبرزها ما هي الأسباب والدوافع التي أدت إلى تجاهل هذه القضية وتهميشها؟ وأين موقع أبنائها من الحوار القادم؟ وهل من نتائج متوقعة جراء هذا التهميش؟ وكيف سيكون مسار التسوية السياسية في مؤتمر الحوار القادم في ظل هذا التهميش ؟ وهل سيكون المؤتمر موفقا وناجحا في غياب الحلول لقضايا المناطق الوسطى ؟وللإجابة على هذه التساؤلات الهامة فإنني أرى أن هناك عددا من الأسباب والدوافع التي أدت إلى تهميش أبناء المناطق الوسطى وعدم إعطائهم نصيبهم الأوفر والمشروع في عضوية المؤتمر الوطني وعلى رأسها تجاهل السلطة الحاكمة اليوم للدور البطولي والنضالي والتاريخي الذي قاده وما زال يقوده أبناء المناطق الوسطى عبر التاريخ منذو انطلاق ثورة 26/سبتمبر/1962م مرورا بدورهم البارز في تحقيق الوحدة اليمنية عام 90 وانتهاءً بتضحياتهم الجسيمة وتقدمهم ركب ثورة الشباب السلمية حيث قدموا من الشهداء والمصابين في ثورة 11/فبراير/2011م العدد الكبير واستمروا في نضالهم حتى اسقطوا عرش النظام السابق ومن العيب كل العيب تجاهلهم في ظل النظام الجديد ما بعد سقوط الرئيس السابق الذي استمر حكمه 33 سنة يتجاهلهم رغم بروزهم في شتى المجالات وبذلهم للنفس والمال في سبيل ترسيخ النظام الجمهوري لكنهم هُمِّشوا وأصبحوا ضحايا الصراع السياسي ومن المؤسف جدا استمرار تهميشهم في الحوار الوطني بعد ثورة الشباب .فالملاحظ أن ما يجري على الساحة اليمنية اليوم من تطورات وخطوات واستعدادات لانعقاد مؤتمر الحوار بين القوى السياسية الموقعة على المبادرة الخليجية مع استمرار استبعاد أبناء المناطق الوسطى عن ذلك سيؤدي إلى إفشال الحوار وعدم نجاحه لاسيما وان أهمية المناطق الوسطى وأبنائها بالنسبة لليمن بمثابة الروح للبدن أو القلب للجسد وعيب وعار على رعاة المبادرة الخليجية وعلى رأسهم السيد جمال بن عمر وحكومة الوفاق هذا التجاهل ؟فهل يظن هؤلاء أن القضية كلها كامنة في حل مشكلة الحوثيين في صعده والحراك في الجنوب ؟ وإذا كان الحوار سيُبنى على التهميش والتجاهل فليس بحوار ما لم يُعطى أبناء المناطق الوسطى وغيرهم من الكيانات حقوقهم في التمثيل بمؤتمر الحوار الوطني ولاشك أن قضية الجنوب وصعده مهمتان وبحاجة إلى حل سريع لكن في إطار مؤتمر شامل لحل جميع القضايا العالقة في اليمن وعلى رأسها قضية المناطق الوسطى .أما عن النتائج المتوقعة جراء تهميش أبناء المناطق الوسطى على مسار التسوية السياسية ومؤتمر الحوار القادم فستكون فشلا ذريعاً غير مسبوق لان هذا التجاهل سيُمثل قنبلة مزروعة في هذا الجسم وإذا استمر التجاهل فستنفجر في وجه الجميع ولن يستطيع احد الوقوف في طريق الانتصار للحق والحرية والقيم والمبادئ والكرامة التي ضحى من اجلها أبناء اليمن عامة وأبناء المناطق الوسطى على وجه الخصوص وقدموا كل غالي ونفيس في سبيل إنجاح الثورات اليمنية المتعاقبة .

والملاحظ انه زاد الكلام عن الحوار هذه الأيام بين جميع المكونات اليمنية شمالية أو جنوبية برعاية محلية وخليجية ودولية على أساس حوار شامل للجميع دون تهميش أو تجاهل لكن الحقيقة تكمن في أن الحراك يمثل الجنوبيين أما(الحوثية ) فلا تُمثل إلا فئة قليلة من أبناء صعده أما الأغلبية الساحقة في إب وتعز والحديدة وعتمة والبيضاء وغيرهم فهم الأكثرية الذين ثاروا على الظلم من اجل بناء اليمن الموحد الحديث ولكن هل يظلون مسكوت عنهم قبل الوحدة وبعدها وقبل ثورة الشباب وبعدها كذلك؟ فهذا مالا يقبله عقل ولا منطق ولا ضمير إنساني ولذا فإنني اعتقد انه لا مستقبل زاهر وحافل بالعطاء والمكرمات لليمن واليمنيين ما لم يُمثل الجميع في مؤتمر الحوار الوطني ويقفون تحت سقف واحد وعلى رأس المتحاورين أبناء المناطق الوسطى في قضيتهم العادلة على أن يتم تمثيلهم في المؤتمر تمثيلا حقيقيا يتناسب مع مواقفهم الشجاعة وأعدادهم الهائلة ووطنيتهم وتضحياتهم فالأحداث المستمرة بكثرة في الأيام الأخيرة لم تأتي بالصدفة بل إنها جاءت نتيجة تراكمات تاريخية من الأحقاد والمظالم والقهر والاستبداد والتهميش والتجاهل من قبل النظام السابق الأمر الذي أدى إلى انفجار الوضع بظهور ثورة الشباب السلمية ولو استمرت حكومة الوفاق ورعاة المبادرة في السير على ذلك المنوال فستكون الكارثة بل والفشل الذريع للحوار والمتحاورين الذين قصروا الحوار على البعض وتركوا الأكثرية فالثورة الشبابية السلمية لم تنجح بإسقاط النظام السابق إلا بزخمها وكثرة شبابها وتضحية أحرارها وسقوط العدد الكبير من أبنائها بين شهيد وجريح ومعظم شباب الثورة ومناضليها هم من أبناء المناطق الوسطى فالشباب الناشطون الذين حركوا معظم ساحات الحرية وميادين التغيير إبان الثورة الشبابية كانوا من أبناء المناطق الوسطى ولا يسعني المقام هنا لذكر أسمائهم لكثرة أعدادهم فقد كانت مواقعهم في أوائل الصفوف ولن ينجح حوار أو تحل مشكلة بدونهم أو بتجاهلهم .