كتائب القسام تكشف عن عملية نوعية ومفاجئة في جباليا انطلاق بطولة كأس الخليج الـ26 في الكويت: مهرجان رياضي وثقافي يجمع الفرق العربية عاجل: الخارجية الأمريكية تعلن عن هدية خاصة لأحمد الشرع عقب لقاء شخصيات أمريكية رفيعه به في دمشق حصة تدريب على القيادة تتحول إلى كارثة مأساوية تفجع أسرة بأكملها في صنعاء خلافات تعصف بالمجلس السياسي الأعلى للحوثيين.. تحركات للإطاحة بمهدي المشاط وحزب المؤتمر يوجه صفعة جديدة لعبدالملك الحوثي.. عاجل السلطة المحلية بمحافظة ذمار تعلن موقفها من العفو الحوثي عن قاتل المواطن طارق الخلقي نقابة المعلمين تحذر الحكومة اليمنية وتمهلها أسبوعاً واحد .. الخديعة الكبرى التي اجتاحت العالم .. شحوم المواشي علاج للبشر ام كارثة على البشرية القوات المسلحة اليمنية: أبواب صنعاء ستفتح قريبًا وخطة تحرير العاصمة تسير بخطى ثابتة حزب الله اللبناني يعلن موقفه الجديد من الغارات الإسرائيلية على اليمن
قبل ان نتحدث عن إشكالية الخطاب السياسي في اليمن دعونا نوضح حقيقة تمس جوهر الخطاب السياسي والمتمثلة بالديمقراطية، تشير الدراسات العلمية التي أجريت على العديد من البلدان، وأشهرها دراسة قام بها البروفيسور Robert Barro عام 1999م، \"بأن هنالك علاقة متلازمة وقوية بين مستوى التنمية الاقتصادية وسلامة وإستمرار الممارسات الديمقراطية في أي بلد\"، بمعنى أن الديمقراطية لكي تنجح وتبقى كفكر وممارسة لابد ان تتوفر لها العديد من عوامل النجاح وفي مقدمتها توافر ظروف معيشية حسنة للأفراد.
لذا نجد ان الكثير من الممارسات الديمقراطية ومنها حرية التعبير في البلدان الفقيرة يشوبها الكثير من أوجه القصور، ومرد ذلك، كما تشير إليه كثير من البحوث التطبيقية، يعود إلى الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها أبناء الدول الفقيرة.
الإحساس بعدم الإكتفاء والإستقرار الاقتصادي لدى الفرد يخلق لديه إحساس قوي بضرورة أن يسمع صوته وبقوة للآخرين، وفي ذلك تعبير عن حالة من عدم التوازن على مستوى الفرد داخل المجتمع.
فنجد ان الخطاب السياسي في تلك البلدان وبلادنا واحدة منها يشوبه الكثير من المغالاة والتشدد في طرح الأفكار والبراهين والحجج التي يلجأ لها محترفو الكتابة في السلطة والمعارضة على حد سواء.
والمتصفح لبعض من صحف ومواقع أخبار الشبكة العنكبوتية للقوى المتصارعة في اليمن هذه الأيام سيجد نفسه أمام أسلوب طرح من نوع غريب يغلب عليه لغة الأزمة، إذ يلمس القارئ بان الكتابة يغلب على الكثير منها التشدد في الطرح والمحاولة المستميتة لإلزام القارئ بوجوب التصديق بما يطرحه عليه الكاتب من أفكار يغلب على بعضها صيغة الاتهامات أكثر منه تثقيف القارئ وتنويره بأسلوب علمي مقنع ومرن، كذلك يغلب على أسلوب الكتابة عبارات الجزم والتأكيد من ان كل ما يطرحه الكاتب صحيح ويصلح العمل به في كل زمان ومكان، والأدهى من ذلك ان كل من له وجهة نظر مغايرة لما يطرحه الكاتب غير مقبولة وغير صحيحة.
في حين انه كان من الواجب ان يتناول الخطاب السياسي في اليمن قضايا الشعب وهمومه بأسلوب مباشر ويغلب عليه الصراحة والمصداقية والرصانة في الطرح العلمي، وبقوة الإقناع صادرة من معرفة الكاتب لحيثيات وأبعاد ونتائج القضية المثارة بدون مبالغة في الطرح او تشدد في عرض الأفكار، وهو ما نفتقر إليه كثيراً هذه الأيام خصوصاً وان بلادنا تمر بمرحلة تحول جذري نحو التحديث والإصلاح الشامل الذي طالما نادى وناضل من اجله أفضل رجالات ونساء اليمن عبر تاريخ الثورة اليمنية.
مما سبق يمكن ان نخلص إلى حقيقة مفادها بان ما جعل الكثير من الكتابات السياسية في كثير من هذه الدول تتسم بطابع التشدد والجزم وعدم السماح بمساحة للحوار العقلاني وبالتالي إحتمالية الصواب والخطأ مرده إلى الواقع الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه كثير من تلك البلدان وبلادنا واحدة منها والذي بدوره افرز واقع ثقافي ينظر للأمور ويفلسفها بأسلوب أكثر تعقيداً وأكثر صداميه.
فالواقع الاقتصادي الذي يتسم بتدني الإنتاجية والدخل سواء على مستوى الفرد او على المستوى القومي، كذلك الواقع الاجتماعي الذي يتسم بتركيبة معقدة من العلاقات «طائفية، عرقية، قبلية، ومناطقية»، بالإضافة إلى تفشي الأمية والجهل في أوساط شرائح عدة من أبناء شعوب هذه الدول، ناهيك عن تفشي ظاهرة البطالة ومالها من آثار اقتصادية واجتماعية مدمرة.
أضف إلى كل ما سبق وجود ما يمكن ان نسميه بأزمة ثقة بين النخبة السياسية وحكومات تلك البلدان، والتي كانت حصيلة تراكمات منها يعود إلى عهود الاستعمار وما خلفه من شق للعصا بين أبناء البلد الواحد، وكذلك لفترات النضال السياسي السري والذي كانت وما زالت تمارسه بعض من القوى السياسية، ناهيك عن حداثة عهد الديمقراطية التي أصبحت تنتهجها الكثير من بلدان العالم الثالث والتي ما زال يرافقها حالة من عدم التصديق والتوجس والتعود على ان هنالك حقاً ديمقراطية تمارس وانه واجب على الجميع حمايتها وتنميتها من خلال الممارسة الصحيحة للديمقراطية وما تفسحه من مجال لإمكانية الحوار والتعبير عن الرأي والقدرة على الاختيار وتقرير المصير.
ولكننا للأسف، نجد ان المثقف من خارج دائرة السلطة سواء كان ينتمي لأحزاب المعارضة او مستقل في بعض الأحيان ما زال ينظر للواقع السياسي من زاوية المطارد والمضطهد وبالتالي نجد ان الخطاب السياسي الصادر من مثقف يحمل مثل هذا الشعور سيغلب عليه الإحساس بالمرارة وبالتالي التشدد وكيل الاتهامات للآخرين ممن لا يتفق مع ما يطرحه من أفكار حول قضية عامة او خاصة.
كذلك الحال بالنسبة لبعض مثقفي السلطة الذين ربما كانوا إلى عهد قريب في صفوف المعارضة أو أنهم إختاروا جانب الدفاع عن سياسات حكومات بلدانهم ربما من دون قناعة او علم حقيقي بمجريات الأمور.. أضف إلى ذلك، ان مثقف السلطة قد يغلب عليه الشعور بأنه الحارس الأمين على مصلحة البلد، وبالتالي نلمس لغة القوة والسيادة وليس لغة العقلانية والمرونة فيما يطرحه.
مما سبق يمكن ان نستدل به على ان هنالك إمكانية وجود إشكالية في الخطاب السياسي في كثير من بلدان العالم الثالث قد توصل احياناً شعوب تلك البلدان إلى أزمة او احتقان سياسي خصوصاً عندما تقترب تلك البلدان من ممارسة استحقاقات ديمقراطية كالانتخابات العامة او مناقشة قوانين سيادية ذات طابع اقتصادي واجتماعي يمس حياة كل الناس، أو الجلوس على طاولة الحوار الوطني الشامل.
ولكن هل علينا التسليم بوجود إشكالية ناجمة عن واقع معقد ونسمح للبعض من محترفي الكتابة بتهديد أمننا القومي في الداخل والخارج؟؟
أم ان هنالك أسلوب أخر أكثر مسؤولية وتحضر للحوار وطرح القضايا؟
اعتقد بان علينا جميعاً ان نفكر ملياً وبروح الشعور بالمسؤولية الوطنية قبل ان نخاطب الناس أو نفكر في الجلوس على طاولة الحوار الوطني الشامل.