أغار من نسمة الجنوب
بقلم/ سارة عبدالله حسن
نشر منذ: 12 سنة و شهرين و 6 أيام
السبت 13 أكتوبر-تشرين الأول 2012 06:36 م

واهم من يستهين بشعب الجنوب ، هذا الشعب الذي قاوم أقوى إمبراطورية في العالم و أعاد جنودها خائبين الى بلادهم بعد حكم طال لم يهنئوا فيه و يستكينوا بسبب المقاومة الشديدة لأهلنا في الجنوب

بريطانيا العظمى التي جعلت من عدن الساحرة ( في مواصفات ذلك الزمان ) تحفة جميلة لم تستطع بكل الدلال الذي قدمته للجنوبيين ان ترشوهم ليتنازلوا عن حريتهم و كرامتهم مقابل النعيم الذي كانوا فيه أيامها وحياة المدنية والحضارة التي تفوقت فيها عدن على بيروت و القاهرة و قاربت مستوى كثير من المدن الأوربية كل ذلك لم يكن ليثني الجنوبيين عن نيل حريتهم ، ولا أعلم أي نظام هذا الذي يعتقد انه سيقدر اليوم على ما لم تقدر عليه بريطانيا في أوج قوتها ؟؟

ليس لأحد من حق سواء هنا في اليمن أو خارجها

ليس لأحد من حق سواء بالسلم أو بالقوة ( كما يهدد الواهمون بالإبقاء على الوحدة بقوة لا شك أنها ستتلاشى و تغدو سراباً أمام صمود الجنوبيين و نضالهم ) ليس لأحد حق سوى الجنوبيين أنفسهم ان يقرروا مصيرهم ، هم وحدهم أصحاب الحق في الإبقاء على الوحدة ، أو الذهاب للفيدرالية أو الانتصار للانفصال سلمياً .

من سيقاوم رغبة الجنوبيين في هذا الحق لن يكون الا صورة أبشع للمحتل البريطاني حيث لا دولة نظام ولا مدنية ولا أمن ولا حياة مستقرة متطورة كما كان الحال أيام بريطانيا!

نقول لكل من يحب الجنوب و يريد الإبقاء على الوحدة أعيدوا حساباتكم جيداً و أسكتوا الأصوات التي تريد ان تفرض علينا خيارها بالقوة

ادعمونا لاستعادة حقوقنا المنهوبة واحترموا إنسانيتنا بما تملكون من إنسانية نحن لسنا رعية شيخ ولا قطعة أرض تتنافسون على تحويل ملكيتها من شخص لآخر ، نحن شعب و دولة متطورة أعادها نظام المخلوع الف عام إلى الوراء ولا تنجروا الى العبارة السياسية المتدوالة .. عبارة ( القضية الجنوبية ) نحن أكبر من مجرد قضية ... الجنوب ليس قضية صعدة و لا قضية زواج الصغيرات ، الجنوب اكبر و اعمق من كل هذا بكثير ،انه ليس كاي (قضية) إنها مأساة شعب وجد وطنه مسلوباً بين ليلة وضحاها .

وأقول للجنوبيين الأحرار أيضاً لا تخلطوا أوراقكم بأوراق صعدة و لا أوراق الحوثي بحجة إنهم عانوا مثلكم من الاضطهاد والظلم ،لا تساووا قضية دولتكم التي احتلها نظام المخلوع وهتك كل جميل فيها ، بقضية طائفية في الدرجة الأولى ، لا تساووا نضالكم السلمي بتمردهم المسلح ، و لا تدعوا ايران تحتلكم (و لو بصورة غير مباشرة ) بدلا من أي نظام آخر ، لا تكونوا كسيف بن ذي يزن الذي جلب الفرس ليستعين بهم على الأحباش فاخرج اليمن من احتلال لأسوأ !!

لا تدعوا الجنوب العظيم ولا عدن الحرة مطية لصراعات قادة باعوا و اشتروا في مآسيكم من فنادق الخمسة نجوم و قصور أوروبا و بيروت !!

لا تصدقوا خداعهم لكم بان الحل بإتباعهم وأنهم وحدهم من سيعيد لكم وطنكم المسلوب الذي كانوا هم اول من سلبه منكم.

اقتربوا من روح عدن ... عدن الثقافة و المدنية و احتواء الآخر و احتضان الجميع في سلام و وئام ... عدن التي نغار عليها من أبنائها المتهورين و أدعياء النضال فيها ، قبل ان نغار عليها من هؤلاء الذين لا يخفون أطماعهم و غطرستهم كلما رأوا اصرار أهلها على مقاومة أحلامهم المريضة ، كما نغار على الجنوب كله و اليمن كلها من هبة نسيم جارح قد يؤذي محياها الجميل !

 كونوا مستعدين للحوار دون قيد أو شرط ...ضعوا القيود و الشروط أثناء الحوار لا قبله ، لا تقفلوا أبواب الحلول منذ البداية اتركوا مساحة للتفاوض و الحوار و مساحة للحل و مسافات ، و لا تقفوا وحدكم ضد التيار ، فالعزلة و التشدد سيضيع حقوقكم في ظل مبادرة باركها العالم و لم يبارك أي حل متشدد من قبلكم كالانفصال ، اعطوا الحلول الأخرى فرصتها فان فشلت في التطبيق على الواقع لن يلومكم احد بعدها في كل ما تطلبون .

ختاماً لا أعلم لماذا كلما تأملت في أوضاع عدن هذه الأيام كلما تذكرت بيتاً للشاعر أحمد رامي :

أغار من نسمة الجنوب على محياك يا حبيبي

وأحسد الشمس في ضحاها واحسد الشمس في الغروب