آخر الاخبار
القضية الجنوبية .. حقائق وأرقام (حلقة إضافية)
بقلم/ احمد طلان الحارثي
نشر منذ: 12 سنة و 3 أشهر و 17 يوماً
الأحد 02 سبتمبر-أيلول 2012 07:19 م

من خلال متابعة تعليقات القراء على بعض الحلقات الماضية تبين أن هناك ما يلفت النظر ويستوجب التوضيح فكان لابد من إعداد حلقة إضافية تستوعب بعض الملاحظات والردود التي تقتضي الضرورة بيانها نظراً لأهمية الموضوع وحاجته إلى مزيد من الإيضاح والبيان من خلال إعادة صياغته وإضافة ما يمكن إضافته من الأدلة والبراهين لكي يزداد وضوحاً ويقرّب ما بُعد عن مفاهيم بعض القراء ، وهذا يستلزم عمل جاد وجهد أكبر حتى يصدر في شكل كتيّب يتداوله الناس ، وذلك في أقرب ممكن .. وقبل الدخول في عملية الردود لا بد من تسجيل بعض الملاحظات وهي:

1 ـــ ظهور حاجتي الملحة إلى مزيد من الصبر والتحمل وعدم الانفعال حتى لا يخرج الموضوع عن هدفه الأساسي المتعلق بهذه القضية ، باعتبارها قضية شعب لا زال يعاني من عدم الحصول على شربة الماء النقية ــــ على حد تعبير علي سالم البيض ــــ بالرغم من انقضاء ما يزيد عن أربعة عقود من الزمن كان بإمكانها إحداث نهضة حضارية شاملة فيما لو سُخّرت إمكانيات الدولة والمجتمع لعملية البناء والتعمير ، إلاّ أن تلك الإمكانيات توجهت نحو بناء الأفراد وبالتالي تصارع عليها الأفراد وحطموا تلك القدرات والإمكانيات إلاّ ما استطاعوا تهريبه للادخار خارج البلاد.

2 ــــ زيادة في اليقين بأن الناس أجناس وأن كل إناء بما فيه ينضح ، وأن كل زارع سيحصد ما زرع وبالتالي فلن يسوّق غير محصوله من الإنتاج ، وأن من بضاعته السب والشتم فلن يجد غيرها ليعرضه على الناس.

3 ــــ إثبات حقيقة قصور الوعي السياسي لدى بعض الناس وجهلهم الكبير بأهمية مبدأ التعددية السياسية والحزبية الذي يسود معظم بلدان العالم ، وعزفهم على وتر العهود الشمولية التي عفا عليها الزمن وتجاوزتها متطلبات العصر الراهن.

وفي الجملة فقد استنتجت بأن الإخوة القراء الذين تكرموا بالتعليق على مضمون الحلقات أو البعض منها يتفاوتون في كثير من الخصائص والسمات والآراء والأفكار والنظرات تجاه الموضوع وذلك حسب الفرز التالي:

أولاً : من حيث زمن المعايشة للقضية ، فقد رأيتهم على ثلاثة أصناف: الصنف الأول: أشخاص عايشوا كافة الصراعات المشار إليها وهؤلاء مؤتمنون على ما لديهم من معلومات أو فوائد قد يحجبونها أو يظهرون غيرها عناداً أو غروراً أو إنكاراً لوقائع ما كان ينبغي لهم إنكارها ، ولهؤلاء نقول (الزمن جزء من العلاج والحق أحق أن يتبع).

الصنف الثاني:أشخاص عايشوا جزء من تلك الصراعات وفاتتهم أجزاء ولم يطلعوا على معلوماتها ، وهؤلاء لا يصح منهم الإنكار أو المجادلة بغير علم ، إلاّ ما ساندهم فيه الدليل والبرهان. والصنف الثالث: أشخاص لا يعلمون شيئاً عن تلك الحقبة الزمنية التي يتحدث عنها الموضوع إطلاقاً ، وهؤلاء بمثابة من يهرف بما لا يعرف ولكنهم يرددون ما يسمعونه من كل زاعق وناعق بدون تدقيق أو تمحيص ويعتمدون في أدلتهم وأحكامهم على تهريج لا يمت إلى الواقع بصلة.

ثانياً: من حيث معرفتهم بكاتب الموضوع ، وهؤلاء على عدة أصناف منها: الصنف الأول: أشخاص يعرفون الكاتب معرفة شخصية في جميع أحواله ، وكل ما يصدر عنهم هو بمثابة شهادات موثقة لن يحيدوا عن تبعاتها يوم القيامة لهم أو عليهم سواءً بسواء. الصنف الثاني:أشخاص لا يعرفون الكاتب إلاّ من خلال صورته الفوتوغرافية فقط وربما لا يكلفون أنفسهم قراءة الموضوع وبالتالي يوجهون انتقاداتهم بصورة شكلية لا غير. الصنف الثالث: أشخاص يعرفون الكاتب من خلال الصورة والموضوع ويذهبون بتعليقاتهم في اتجاه مغاير لما يجب أن تنصب حوله التعليقات ويخرجون عن الموضوع تماماً حتى تذهب تعليقاتهم مذاهب شتى وتذهب معها قيمة التعليق والموضوع في آن واحد. الصنف الرابع:أشخاص يصنفون الكاتب تصنيفاً حزبياً ثم تُسلّط التعليقات تبعاً لهذا التصنيف وإن كان فيه شطط وجنوح. الصنف الخامس:أشخاص فيهم من شط ونط وتكلم غلط ، وفي البذاءة أفرط حتى استشاط واغتاظ وسلط من لسانه مقراض لتمزيق الأعراض ، وهؤلاء لا يستطيعون الصمود في المشاركة الفاعلة في حلقات النقاش المجدي القائم على مقارعة الحجة بالحجة ، فلهم منا العفو والصفح والسموحة. الصنف السادس:أشخاص أيّدوا وساندوا فلهم منا جزيل الشكر والتقدير وخالص الحب والاحترام.الصنف السابع: أشخاص أنكروا بعض الوقائع وقاموا بتوجيه تهم باطلة لا يسندها الواقع بأي حجة أو دليل ، وهذا ما يوجب علينا إعادة التوضيح لإزالة اللبس والتلبيس الذي تركته تلك التهم من آثار سلبية أرادوا من خلالها صرف الأنظار عن حقائق الأمور وإليكم التفاصيل:

ذكرت بعض التعليقات أن كاتب الموضوع قد نهب ممتلكات تعاونية بيحان في حرب صيف عام 1994م والتي تجاوزت قيمتها مئات الملايين من الريالات حسب زعمهم ، وهذا إدّعاء باطل ومحض افتراء لا تقوم عليه حجة واضحة ولا دليل قاطع ، وليعلم الجميع أن مديرية بيحان قبل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة كانت تضم ثلاثة مراكز إدارية هي (العلياء ـــ عسيلان ـــ عين) وفي كل مركز من هذه المراكز تعاونيات خاصة به ولها أسماء معروفة ، ويلزم أصحاب تلك الافتراءات أن يحددوا اسم التعاونية والمركز الذي هي فيه ثم تحديد تلك الممتلكات بعينها التي يدعون أن الكاتب قد نهبها ، والقيمة التقديرية لكل خصلة منهوبة وهنا سيكشف زيف تلك الأباطيل المليونية وعند ذلك سيعلمون ــــ قبل غيرهم ــــ أن ما يطرحونه مجرد كلام عارٍ عن الصحة تماماً ، وبالتالي فلن تقوم لهم حجة في الخوض باسم القضية الجنوبية ، لأن من يستخدم الكذب والتدليس لا يستطيع إقناع الناس بما يريد الوصول إليه ، والأولى بهذا الصنف عدم التصدي لمثل هذه القضايا التي تحتاج إلى عدة سليمة تقوّي الحجة وتدحض الشبهات وتزيد القضايا إيضاحاً وجمالاً لدى الناس ، في حين تكون الإدعاءات الواهية وبالاً على صاحبها وتضعف موقفه أمام الآخرين ، واعتذر للقراء الكرام عن حجب بعض المعلومات المتعلقة بتلك التعاونيات حتى لا أقدم خدمة مجانية في توفير معلومات وتفاصيل عن أسماء وأماكن التعاونيات لأصحاب الأكاذيب حتى يتبين عجزهم عن ذلك.

بعض التعليقات أنكرت الممارسات الخاطئة دفاعاً عن بعض الأشخاص القياديين ومنهم حسن أحمد باعوم ، وإضافة إلى ما قد سبق ذكره نؤكد لمن لم يعلم أن حسن أحمد باعوم كان المسئول التنظيمي لمحافظة شبوة (الرابعة سابقاً) وبالذات في مرحلة العنف الثوري وتنفيذ الانتفاضات الفلاحية ، ولكي نسد الطريق في وجه من ينكرون أفعاله السيئة نورد هنا مقتطفات من خطابه أمام أعضاء المؤتمر الأول للأدب والتراث الشعبي بالمحافظة الرابعة الذي أنعقد في الفترة من الأول وحتى الرابع من شهر سبتمبر 1973م في مدينة عتق عاصمة المحافظة ، والذي حضر جلسته الختامية رئيس الوزراء علي ناصر محمد ومحافظ المحافظة الرابعة علي شائع هادي وأحمد مساعد حسين عضو اللجنة المركزية للتنظيم السياسي الجبهة القومية ، وقبل قراءة القرارات والتوصيات الصادرة عن المؤتمر زحفت الجماهير الشعبية في مسيرات هادرة إلى مقر المؤتمر من كل مراكز مديرية الراية الحمراء (نصاب) مطالبة المؤتمر بمزيد من القرارات المعبرة عن أهدافها وقضاياها المصيرية ، وهناك قام الرفيق حسن أحمد باعوم خطيباً في تلك الجماهير قائلاً: (أيها الرفاق باسم التنظيم السياسي الجبهة القومية وباسم لجنة المحافظة التنظيمية أحييكم وأحيي مؤتمركم التاريخي ، هذا المؤتمر الخاص بالأدب وتراثنا اليمني الذي يأتي اليوم مترجماً لتصاعد حركة الجماهير الثورية وللمكاسب الثورية التي حققتها بنضالها المتلاحق بقيادة التنظيم السياسي الجبهة القومية ، وبما أن مؤتمركم يصادف الاحتفالات بالذكرى الأولى لانتفاضة الفلاحين الفقراء بمديرية الراية الحمراء ضد أعدائهم الطبقيين من إقطاعيين وكهنوت ، وعبر عدد من المؤتمرات المترجمة لحركة وانتفاضات العمال والصيادين والفلاحين الفقراء وللمرأة التي انطلقت لتحطيم القيود التي كبلتها طيلة التاريخ الماضي ، ثم استعرض الرفيق المسئول التنظيمي المؤامرات الإمبريالية والرجعية المستهدفة ضرب الثورة ومكاسب جماهيرها وكيف أن الجماهير التي وضعتها انتفاضاتها ومبادراتها في مواقعها الحقيقية للتصدي وبصلابة للعدوان الإمبريالي الرجعي ، واستشهد بانتصار جماهيرنا ومؤسساتها العسكرية والشعبية على معسكر البلق وشرق ومكيراس وجملية آل العريف ، وفي ختام كلمة الرفيق المسئول التنظيمي أهاب بالأدباء والكتاب اليمنيين ليجندوا أقلامهم من أجل قضايا الثورة اليمنية وأهداف الجماهير الكادحة ، واليمن الديمقراطي الموحد ،كما أشاد بالثورة في الخليج العربي بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي ونضال الوطنيين في الجزيرة العربية ضد الحكم السعودي العميل للإمبريالية).

وبهذا الاستعراض لنصوص كلام الرفيق المسئول التنظيمي بمحافظة شبوة (الرابعة سابقاً) حسن أحمد باعوم أترك للقراء فرصة التفكير في هذه النصوص والتركيز على الجمل التي تحتها خطوط وذلك لاستخلاص الدلائل والمواقف المترتبة عليها في ذلك الحين ومن ثم مقارنتها بما عليه الحال في هذه المرحلة ، ولزيادة وتأكيد الدلالة على تورط الرفيق حسن أحمد باعوم في أعمال العنف نستعرض معكم نصوص بيان اللجان الفلاحية التي أشرفت على تنفيذ تلك الأعمال الإجرامية خلال الانتفاضة التي تحدث عنها باعوم في ذكراها الأولى في خطابه آنف الذكر فإلى البيان: (يا جماهير عمالنا وفلاحينا .. يا بدونا الرحل .. يا جنودنا الأبطال: في هذا اليوم الرابع من سبتمبر 1972م تحرك الفلاحين الفقراء والمعدمين والبدو الرحل ضمن فرق مليشيا شعبية لاعتقال عناصر الإقطاع وشبه الإقطاع في منطقتي ضراء ونصاب وقد حاول ستة من رؤوس الإقطاع العشائري والكهنوتي المقاومة ورفضوا الأوامر الصادرة إليهم بتسليم أنفسهم للاعتقال وتبادلوا إطلاق النار مع الفرق المكلفة باعتقالهم ونتج عن ذلك مصرع كلاً من الإقطاعيين التالية أسمائهم: "الأمير الإقطاعي مبارك بن صالح السلطان" و "الأمير الإقطاعي فريد بن عوض بن صالح السلطان" و "الأمير الإقطاعي صالح بن محمد بن عبد الله" و "الأمير الإقطاعي محمد سالم بن عبد الله" و "الإقطاعي الكهنوتي علي بن جعفر الحداد" و "الإقطاعي الكهنوتي غالب بن علوي" وإن سقوط رؤوس الإقطاع العشائري والكهنوتي في المديرية الوسطى م/الرابعة يعتبر نصراً عظيماً تحققه قوى الثورة الطبقية الكادحة من عمال وفلاحين فقراء وجنود ضمن الانتصارات العظيمة المتلاحقة التي تحققت عبر انتفاضات العمال والفلاحين الفقراء والصيادين الفقراء وعبر الانتصارات العسكرية التاريخية التي تحققت على عملاء ومرتزقة الرجعية السعودية والإمبريالية الأمريكية وسيراً نحو تحقيق مزيد من الانتصارات والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ... واليوم وحين يهيئ ويعدّ الفلاحين الفقراء والمعدمين والبدو الرحل أنفسهم للقيام بانتفاضتهم العظيمة ونسف كل العلاقات الإقطاعية الاستغلالية وكنس العلاقات الاجتماعية الفاسدة والأفكار الرجعية نجد الإقطاع يقف ليدافع عن مصالحه وامتيازاته ويرفض التنازل إلاّ عبر المقاومة، ولكنهم صرعوا ببنادق وفؤوس الفلاحين والبدو الرحل وتحت أقدامهم القوية .. وما أن شاع خبر مصرع أولئك الإقطاعيين وحكام العهد المباد حتى خرجت جماهير الفلاحين الفقراء والجنود وكل الكادحين في مسيرة شعبية كبرى تهتف بحياة الثورة وانتصاراتها الكبرى وقد شارك في هذه المسيرة وفود الفلاحين الفقراء والصيادين من المديرية الشمالية "مديرية الصمود" والمديرية الجنوبية والمديرية الشرقية المحافظة الرابعة مؤكدين على التلاحم الثوري بين كل الكادحين ، وقد داست الجماهير بأقدامها على أعناق وجثت الإقطاع العشائري والكهنوتي وسحلوهم وسط هدير جماهيري من الهتافات الثورية المنددة بالإقطاع والرجعية والإمبريالية مؤكدين على المضي بالمسيرة الثورية العظيمة قدماً لتحقيق المزيد من الانتصارات واقتلاع كل جذور التخلف وعلاقات الإقطاع الاستغلالية وبناء علاقات ثورية على أنقاضها .. إن هذه الانتصارات المتلاحقة يجب أن تستمر وتمضي قدماً يقودها العمال والفلاحين الفقراء والجنود لبناء القاعدة الاقتصادية المتينة الزراعية والصناعية ولتحقيق الرخاء والأمن لكل الكادحين والمحرومين ولبناء اليمن الديمقراطي الموحد "صادر عن اللجان الفلاحية المركز الأول ـــ نصاب ـــ المديرية الوسطى ـــ المحافظة الرابعة بتاريخ 4 سبتمبر 1972م").

ذكرت بعض التعليقات أن الجنوبيين حزموا أمرهم ومصممين على الانفصال ، ولكننا نرى هؤلأ الجنوبيين أفراد في إطار كيانات صغيرة الحجم ومشتتة الأفكار والرؤى لا تقوى على تحمل مسئولية دولة الجنوب التي يزعمون العودة إليها ، أو إقامتها ، وغير قادرين على تقديم رؤية واضحة تؤهلهم لقيادة شعب الجنوب والسير به إلى مستقبل مضمون العواقب والمآلات ، ولكنهم أفراد وكيانات هشة لا تمتلك المقومات الأساسية التي تجعل الناس تثق فيها وتمنحها حق الولاء والطاعة ، لأن شعب الجنوب يحتاج إلى معالم واضحة تؤمن له الانتقال إلى حياة حرة وكريمة على يد قيادة تحترم نفسها أولاً وتحترم إرادة شعبها ثانياً.

ذكرت بعض التعليقات أن القضية الجنوبية ((سياسية)) والكاتب ذكرها كقضية حقوقية ((عامة فقط)) وحقيقة الأمر أنها قضايا حقوقية بحتة ، ومن لا يعرف نصوص الدستور لا يلام في عدم الفهم ، ولكننا سنوضح ذلك من خلال العودة إلى كتاب الدستور والذي خصص الباب الثاني لحقوق وواجبات المواطنين الأساسية ، وتحدث عنها بالتفصيل في (إحدى وعشرين مادة) ، ولمن أراد الاستزادة يراجع نصوص تلك المواد ففيها ما يكفي كفاية تامة لتأكيد ما ذهبنا إليه ، لأن الحقوق السياسية ليست إلاّ جزاءً يسيراً من مجموع الحقوق التي كفلها الدستور لكل مواطن ، ونحن أكدنا على شمولية الحقوق بمجملها بعيداً عن الاجتزاء والتبعيض.

ولكن تمشياً مع رغبات الإخوة الذين يرون بأن القضية الجنوبية ((سياسية)) لا بد لنا من الدخول في تفاصيل التفاصيل حتى توضع النقاط على الحروف وتزول مظاهر اللبس والتلبيس التي تصدر من بعض أصحاب النظريات الشطرية المبنية على مراعاة المصالح الذاتية لؤلئك النفر الذين أثبتت الأيام عدم قدرتهم على العيش في كنف المصالح العامة واحترام مبادئها وتقديس نتائجها ، لأنهم لا يرون فيها ما يحقق رغباتهم وطموحاتهم الشخصية ، وما ينبغي التأكيد عليه أن الجانب السياسي يتمثل في ممارسة الحكم وما يتعلق به من إجراءات بداءً بشكل النظام العام للحكم وأدواته ووسائله وطرق الوصول إليه وما يلحق بذلك من تفاصيل ، وعلى هذا الأساس يجب أن يدرك الجميع أن المحافظات الجنوبية قد حصلت على حقها من هذا كله بداءً بالتقسيم الإداري ثم التقسيم الانتخابي الذي هو أساس التمثيل الشعبي في المجلس النيابي ثم التمثيل المحلي على مستوى المحافظات والمديريات وأساس هذا كله ما تم الاستفتاء عليه ضمن مواد الدستور الذي قامت دولة الوحدة على أساسه .. ولم نسمع من أي كان أن هذا التمثيل كان غير صحيحاً أو أن هناك من طالب بإعطاء أبناء الجنوب حقوق استثنائية ، بأن يكون صوت الجنوبي مقابل صوتين من غيرهم أو أن يكون للدوائر الانتخابية الجنوبية أكثر من ممثل في مجلس النواب ... الخ ، ولكن الحاصل والمتفق عليه هو ما جاء نصاً في مشروع دستور دولة الوحدة الذي أقرته اللجنة الدستورية المشتركة في جلستها الختامية للدورة الثالثة عشرة التي عقدتها اللجنة في مقر مكتب الوحدة اليمنية بصنعاء عاصمة اليمن الموحد بعد الانتهاء من إعداده وتم التوقيع عليه في يوم الأربعاء تاريخ 4 ربيع أول 1402هـ الموافق 30 ديسمبر 1981م والذي جاء في مادته الأولى: ((الجمهورية اليمنية دولة مستقلة ذات سيادة ، وهي وحدة لا تتجزءا ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها ، والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والعالم الإسلامي)) ، وجاء في المادة رقم (4): ((الشعب مالك السلطة ومصدرها ، ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة ، كما يزاولها بطريقة غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة)) وجاء في المادة رقم(7): ((الثروات الطبيعية بجميع مشتقاتها ومصادر الطاقة الموجودة في باطن الأرض أو فوقها أو في المياه الإقليمية أو الامتداد القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة ملك الدولة ، وهي التي تكفل استغلالها للمصلحة العامة)) وجاء في المادة رقم (27): ((المواطنون جميعهم سوا سية أمام القانون ، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ، ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو اللون أو الأصل أو اللغة أو المهنة أو المركز الاجتماعي أو العقيدة)) وجاء في المادة رقم (41): ((يتألف مجلس النواب من أعضاء ينتخبون بطريقة الاقتراع السري العام الحر المباشر والمتساوي ، وتقسم الجمهورية إلى دوائر انتخابية متساوية من حيث العدد السكاني مع التجاوز عن نسبة 5% زيادة أو نقصان ، وينتخب عن كل دائرة عضو واحد في مجلس النوابٍ)) وجاء في المادة رقم (58): (( عضو مجلس النواب يمثل الشعب بكامله ويرعى المصلحة العامة ولا يقيد نيابته قيد أو شرط)) كما جاء في المادة رقم (117): (( تقسم أراضي الجمهورية اليمنية إلى وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية ويعين القانون عددها وتقسيماتها وحدودها كما ينظم القانون توزيع الاختصاصات لرؤساء الوحدات الإدارية ورؤساء المصالح فيها وتعتبر الوحدات الإدارية والمجالس المحلية جزء لا يتجزءا من سلطة الدولة)).

وتأسيساً على ما سبق نطلب من الإخوة أصحاب نظرية القضية الجنوبية (سياسية) أن يبينوا لنا أين الخلل أو القصور التشريعي الذي نجم عنه الظلم في الجانب السياسي حتى ننهض جميعاً للمطالبة بنيل حقوقنا ممن اغتصبوها أو صادروها ونحن على أتم الاستعداد للسير خلف من نثق في أن يكون قيادة صالحة للتعبير عن هموم الجماهير وراعيا أميناً لمصالحها.