عكازات الحوثيين
بقلم/ أبوعبد الرحمن الهمداني
نشر منذ: 12 سنة و 6 أشهر و 10 أيام
السبت 09 يونيو-حزيران 2012 08:05 م

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

أما بعد:

لعل البعض يتساءل ماهي العكازات التي ترتكز عليها الحركة الحوثية الإجرامية في نشأتها وتمددها في اليمن واستمرارها في الأعمال الإجرامية وإليك بعض هذه العكازات:

العكاز الأول

المد الإيراني الفارسي فهذه الحركة هي بذرة غرسها آيات إيران وباركها حسن نصر الله لتكون صورة طبق الأصل لحزبه في لبنان؛ هذا شيء لا ينكر، فإن ما تسير عليه هذه الحركة يعتبر تحولًا كبيرًا وتحورًا عظيمًا لما كان عليه الزيدية في اليمن، فلم يكن معظم الزيدية يعرفون الحسينيات وإقامتها في مساجدهم، وادعاء أن القرآن الموجود بين المسلمين ناقص ومحرف، وأن المصحف الأصل هو مصحف فاطمة!!. وأن تربة كربلاء هي التربة الوحيدة الطاهرة، وكذلك انتظار المهدي المختبئ في السرداب، وغير ذلك من الأشياء التي صاروا يعتقدونها الآن ويدافعون عنها على الرغم من قناعة بعضهم أن هذه أشياء خرافية لا يمكن أن يقتنع بها من أعطاه الله قليل من التفكير والعقل.

لكن حاجة الحركة من ناحية مادية جعلتهم يصدرون كل ما جاءت به إيران بدون نقاش ويملونه على عوامهم من أجل ضمان الدعم المادي الذي هو قوام هذه الحركة.

ولا ننسى أن ننبه أن قياداتهم مثل بدر الدين وولده حسين وبقية أولاده وغيرهم هم يعتقدون هذه الأفكار وينشرونها ويدافعون عنها وإنما الكلام على عوامهم ومقلديهم.

العكاز الثاني

الجهل : فإن هذه الحركة أكثر ما بدأ انتشارها في المناطق التي يخيم عليها الجهل، والتي لم ينتشر فيها علم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما سار عليه الصحابة والتابعون وعلماء المسلمين، فترى الواحد منهم كل ما ينبغي أن يعلمه هو أن هذا السيد هو خليفة الله في الأرض وأنه مقدس ومعصوم!!، ولا يجوز لك أن تخالفه في شيء أبدًا، وأنه يجب عليك أثناء السلام عليه أن تركع له وتقبله في ركبته!! وإن كان به قليل من الاحترام لك يرفع ركبته قليلًا حتى لا تسقط على أم رأسك أثناء التقبيل، وهذا لا ينكر وجوده إلا مكابر، ولو أنه بدأ الآن في التناقص لما رأوا أن هذا منظر مزري سبب لهم الانتقادات من أناسٍ كثير.

العكاز الثالث

التلبيس والتضليل على الإعلام والرأي العام: بأن هذا الحركة قامت ضد أمريكا وإسرائيل!! لأنه ما من مسلم إلا وهو يكِن العِداء لأمريكا وإسرائيل ، وأصبحت خطاباتهم ومظاهراتهم ومقابلاتهم و صرختهم كلها تدندن على هذا الموضوع: أمريكا وإسرائيل!! بل تعدي الأمر إلى أنه: لو خالفهم أي شخص أو هيئة أو جماعة رموا بهذه التهمة عليه وقالوا :أمريكي!!. ولكن هذا العكاز سرعان ما تعرض للوهن والضعف عند القاصي والداني فالمتابع لحركتهم يرى ألاف الناس من المسلمين يقتلهم الحوثيون سواء من الجيش أثناء الحروب السابقة أو من القبائل والمواطنين، وألاف النازحين والمشردين من صعدة ولم يصب جندي أمريكي أو إسرائيلي بشوكة!! بل صار أكثر الناس على يقين أن هذه الكلمة هي كـ(قميص يوسف عليه السلام) كما قال تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } [يوسف: 18] وتأكد أكثر الناس أن أمريكا وإسرائيل راضية عن هذه الحركة ومثيلاتها في العالم، وما شان العراق عنكم ببعيد : فقد شُنِق صدام في يوم العيد وسلمت أمريكا الحكومة للشيعة في العراق بعد ذلك. وقُل مثلها في أفغانستان: فما أدخل أمريكا إلى أفغانستان إلا الحركات الشيعية هناك، ولعلنا نجمع الأدلة والبراهين الكثيرة على ذلك في مقال لا حق إن شاء الله.

العكاز الرابع

وهو في نظري من أهمها إن لم يكن أهمها خصوصًا في الفترة الأخيرة وهو:

وجود بعض المتنفذين في الحكومة اليمنية والذين قد شابت رؤوسهم في السياسة وهم يظهرون خلاف ما يبطنون، فهم يظهرون الحرص على سيادة البلد واستقراره ووحدته ولكنّ أفعالهم تخدم الحركة الحوثية وتمهد لها تمهيدًا عظيمًا، فتراهم يحاولون تحسين صورة الحوثيين عند المسئولين وقادة الدولة والتستر على أفعالهم وجرائمهم العظيمة وإلقاء اللوم على غيرهم من الناس؛ وأنهم هم السبب، ويحاولون إدخال الحوثيين في مؤسسات الدولة العسكرية والتنموية والقضائية بأساليب ومراوغات كحركات الثعابين والثعالب، وتجدهم يظهرون بمظهر الزهاد والنساك بين قادة الدولة، فإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا: لبعضهم استمروا واصبروا حتى نحقق ما نحلم به.

ولا ننسى الدور الكبير الذي قامت وتقوم به السلطة المحلية بمحافظة صعدة ممثلة في محافظ المحافظة في هذه المسألة فهي تعتبر العباءة التي يتستر الحوثيون خلفها.

فهم يعملون ما يشاؤون والسلطة المحلية تتولى عملية الدفاع عن هذه الأعمال ، والتواصل مع الوزراء والقادة وتحسين صورة الحوثيين، وإظهار نفسها أنها تقوم على الحيادية ومعاملة أبناء المحافظة على شكل سواء، وإخراج مستحقات المحافظة من المشتقات النفطية والأغذية ومرتبات الموظفين.

ولكن و يا لله العجب عندما ترى الواقع الحقيقي لمكاتب المحافظة فمدراء العموم في جميع الإدارات ما بين نازح مشرد عن صعدة وتم تبديلهم بمدراء حوثيين، والباقي في وظيفته على هوان وتحكُمٍ فعنده من الحوثيين مندوب في كل مكتب ما يكاد المدير يخط بقلمه التوقيع على المعاملة حتى يسحبها الحوثي ويطلع عليها ويوجه له المسائلات لمن هذه المعاملة ولماذا؟؟ فإن شاء الحوثي أن يمرها أمرها وإن شاء أن يلغيها ألغالها.

والعجب الأكبر: ما يقوم به مدير المعهد الصحي بمحافظة صعدة وهو من بيت المتوكل من محاولة جعل المعهد الصحي فرصة انتهازية لتدريب مجموعات من شباب الحوثيين في دورات لا تزيد على شهرين يتخرج بعدها مباشرة إلى الوسط الصحي ويتدرب في المستشفيات بالمحافظة بما فيها مستشفى السلام وتكون لهؤلاء الأولوية في الحصول على الدرجات الوظيفية

فكل موظف سواء كان مديرًا أو ما دونه لا بد أن يخضع لأوامر الحوثي، والتي لا تقبل المراجعة، وإلا فإن مصيره إلى الفصل والتهديد والطرد، كما حصل لمدير مكتب التربية ومدير مكتب الصحة وغيرهم، ولو شئنا أن نكتب في ذلك لاستغرق وقتًا طويلًا ولكن هذه أمثلة لما يحدث.

وكل ذلك والمحافظ مطلع على هذه الأشياء ويعلن أحيانًا استنكاره لهذا الشيء من باب ذر الرماد في عيون الغافلين.

ولعل أعظم جريمة شهدها تاريخ صعدة في هذه السنين هو ذلك الحصار الظالم الذي قام به الحوثيون على منطقة دماج وتجويع ما يقارب من عشرة ألاف عائلة بأطفالها ونسائها في مدة تزيد على السبعين يومًا، ثم شن الحرب الشعواء عليهم باستخدام كافة أنواع الأسلحة مما أدى إلى قتل ما يزيد على سبعين شخصًا ما بين رجل وامرأة وطفل وجرح المئات.

والشاهد من هذا :

أن المحافظ في وقت الحصار كان يستخدم أسلوب التعمية على الإعلام وأنه ليس هناك حصار فِعلّي وأن هذا خلاف الواقع وأن أهل دماج هم الذين يحاصرون الحوثيين!!في سابقه لم يعهد التاريخ مثلها، وجاء الصحفيون والإعلاميون إلى دماج وكشفوا الحقائق الموثقة وأثاروا الموضوع للرأي العام حتى أذن الله في فك الحصار الظالم والحمد لله مع أن أهل دماج لهم مواقف مشرفة مع المحافظ في سنيين متقدمة نسيها أو تناسها لمصلحته الشخصية.

العكاز الخامس:

الوضع في اليمن بما فيه الانفلات الأمني والخيانات من بعض قواد المعسكرات والمماحكات بين بعض رموز الدولة وكل يحاول أن يدمر الآخر عن طريق استخدام هؤلاء الحوثيون ودعمهم بالمال والسلاح ضد الآخر فهم يعتبرون آله لغيرهم.

ولولا خشية الإطالة لذكرنا عكازاتٍ أخرى ولكن في هذا القدر الكفاية إن شاء الله، ويجب على القارئ الكريم أن يعرف مغزى كلمة عكاز فإن العكاز يختلف عن الدعائم والأعمدة التي هي ثابتة، فهذه الحركة لا تقوم على دعائم قوية راسية ثابتة، بل هي قائمة على عكازات سرعان ما تسقط بصاحبها والمتكي عليها، وهذه سنة الله في خلقه فإن الله سبحانه يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.

وليعلم من يتكأ عليه الحوثيون ويدعمهم أن الله هو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء، وأن سنة الله في خلقه أن من أعان ظالمًا سلطه الله عليه، فإن الله سبحانه ليس بغافل عما يعمله هؤلاء وأن عليهم أن يتوبوا إلى الله ويتداركوا ما بقي من أعمارهم وليعلموا أن كل مظلوم ومقتول ومشرد وأرملة ويتيم بسبب الحوثيين على هؤلاء وزر وذنب يحملونه إلى يوم القيامة

والله المعين والهادي إلى سبيل الرشاد