آخر الاخبار
تساؤلات عن إقالة في قلب الحرب
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 17 سنة و 8 أشهر و يوم واحد
الخميس 19 إبريل-نيسان 2007 07:32 م

مأرب برس - خاص

بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الحرب الثالثة في صعدة بين القوات الحكومية والمتمردين من إتباع الحوثي لم يلح في الأفق بادرة أمل ان ترفرف حمامة السلام على المحافظة، وفي حرب لا تُعرف أسبابها او مبرراتها في ظل اتهامات متبادلة بالمسبب باندلاعها.

حرب ليست كسابقاتها حيث تعددت ساحاتها وتوزعت في عدة مديريات، اندلعت سريعاً وبدون مقدمات سوى طرد يهود آل سالم الذين قد يكونوا شماعة لهذه الحرب، التكتيك اختلف هذه المرة من الطرفين حيث قطعت وسائل الاتصال وضربت الطائرات بقوة فيما عمد الطرف الآخر الى تكتيك حرب العصابات.

ولقد مثل إعلان الإقالة لمحافظ محافظة صعدة يحي الشامي عدداً من التساؤلات خاصة في هذا التوقيت الحرج من اشتداد الأزمة بين الحوثيين والقوات الحكومية .

وفي ظل دخول الحرب منعطف خطير ومتعدد الأوجه يقتضي بقاء يحي الشامي في منصبة لإكمال الدور الذي بدأه قبل عام تقريبا حيث جاء تعيين الشامي خلافا لـ" يحيى العمري " الذي نقل لمحافظة البيضاء.

ولقد مثل قرار تعيين الشامي في حينها بادرة أمل لدى الكثيرين خاصة وأن الرجل كان محل قبول وترحيب من بعض الأطراف الحوثيه إضافة إلى كونه مسئولا سابقا له دراية بالمنطقة وطباع أهلها .

ولقد أستطاع يحي الشامي أن يسير بخططه إلى دفع خطوات تقريبية بين وجهات النظر وبين أطراف النزاع وعاشت صعدة شهر عسل قصير اتسم بالهدوء النسبي سرعان ما انتهى.

الشامي المنتمى إلى المؤسسة العسكرية استطاع في قيادته لصعدة المرة الأولى أن يفرض نفوذ الدولة بشكل كبير مما جعل الكثيرين من أبناء المحافظة يرفعون أصواتهم مطالبين بإقالته ووصلت تلك الأصوات إلى حضرة الرئيس حيث أتهم الرجل بالسعي لتوسيع نفوذ السادة في صعدة حيث وهو من نفس السلالة,والعجيب أنه لم يمض كثيرا من الوقت حتى تم استبعاده من منصبة .

وتمر ألأيام وتندلع الحرب الأولى التي قتل فيها قائد التمرد " حسين بدر الدين الوحثي " ثم الحرب الثانية وبعد توقف رحى الحرب انبثقت أصوات مقربة من تيار الحوثي تطالب بتغيير المحافظ العمري على ان يكون الشامي خلفا له .

وفوجئ الكثيرون بالعودة الثاني للشامي خاصة في ظل ظروف كانت معالمها تنبئ بالكثير من الغيوم والتي تكشف مدى المسئولية الخطرة الملاقاة على عاتق الشامي .

ولقد عمد الرجل بالعمل على تصحيح بعض الأخطاء التي وقعت فيها السلطة مع الحوثيين وحاول جاهدا أن يقرب الهوة التي أحدثتها أيام الحرب, وذالك عن طريق منح التعويضات وبناء البنية التحتية للمحافظة التي دمرتها الحرب .

مجموعة من الخطوات ألإصلاحية في المحافظة وبخبرة الرجل بميزان الثقل القبلي والمذهبي في المحافظة أستطاع أن يمد نفوذه إلى مناطق كانت عصية على غيرة .

الشامي سعى بجد لتنفيذ مبادئ ألاتفاق بين الحكومة والحوثيين.

ولقد وقعت السلطات الحكومية في فخ ذالك التوقيع الذي وقعته في حالة ضعف واستسلام مع الحوثيين خاصة بعد تناول تلك الحرب عبر معظم وسائل الإعلام بكل أشكالها حيث صورت اليمن بالدولة الضعيفة والمهزومة أمام مجاميع قبلية داخل اليمن.

السلطات اليمنية وفي نهاية الحرب الثانية حاولت أن توقف نزيف الدم بأي وسيلة وبأي شيء يحفظ ماء وجهها فلجأت إلى توقيع أتفاق مع الحوثيين ولم تدرك مدى المنزلق الخطير الذي وقعت فيه إلا بعد فترات من الزمن استرجعت فيها شيئا من عافيتها وتذكرت أنها دولة وهي التي تشترط الشروط وتلزم ألآخرين لا العكس.

الشامي جاء محاولاً ان يلملم جراح الحرب عبر توجهات للمصالحة والتقريب بين الفرقاء بل ونجح في إقامة العديد من المناشط الحكومية التي تثبت حسن نواياها أمام الرعية بل انه سمح للحوثيين والشيعة بالاحتفال بعيد الغدير إضافة الى إعطائهم سيارات ومبالغ مالية صرح بها رسمياً عند اندلاع الحرب الأخيرة لوسائل الإعلام.

ولقد كانت بعض الشروط التي تم التوقيع عليها كالموافقة على ترك مناطق محددة تابعة للحوثيين ومنع تواجد العسكر فيها وكذالك السخاء الكبير في باب التعويضات فتح الشهية لدى الكثيرين برفع سقف المطالب.

يحي الشامي بذل قصار جهده لتفادي إي مصادمات قبل الحرب وأثنائها بل وكان الرجل يتعامل بشعرة معاوية مع الطرفين وهذه النقطة ربما وضعت بعض التساؤلات أمام بعض القيادات العسكرية .

و سعى لتهدئة الأمور وتنفيذ بنود الاتفاق بين الطرفين وهنا كانت بداية " تحريك الجمر المدفون تحت الرماد" الحوثيون يطالبون بعدد من الالتزامات التي قطعتها الحكومة على نفسها في حين تعتبر بعض منها هو انتقاص لهيبة الدولة أمام الجميع وحصلت مشادات واختلافات وصلت في بعضها للمناوشات في أماكن عدة من الحافظة وتسارعت الأحداث بين الطرفين مما ولد الشرارة الكبرى لاندلاع الحرب التي لا تزال رحاها تدور حتى اللحظة.

أن المراقب للوضع ليجد أن عروضا سخية قدمت في فترة من الفترات للحوثين وكان على رأس تلك العروض ما وجهه به الرئيس علي عبدالله صالح بالإفراج عن نجل بدر الدين الحوثي الذي كانت تلاحقه السلطات الأمنية في "مارس" العام الماضي 2005م وشقيق حسين الحوثي كما وجهه الرئيس صالح بالإفراج عن محمد بدر الدين الحوثي المحبوس على ذمة فتنة أحداث صعده كما وجه أيضاً بإعادة منازل وممتلكات حسين بدر الدين الحوثي في مران لأولاده ، وكذا صرف مرتبات حسين بدر الدين الحوثي منذ إيقافها، كما وجه باعتماد شهري كإعاشة لأولاده وأفراد أسرته.

كما سعى الشامي بالعمل على إزالة آثار فتنة أحداث صعده وعقد عدة لقاءات مع أطراف قبلية وكان يحثهم على الحفاظ على تربية الأبناء إتباع سنة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وحمايتها من أي انحرافات أو تضليل، كما طالب يحيى الشامي المشايخ والوجهاء ومن لهم قريب من أنصار الحوثي المتمردين على الدولة "أن يطمئنوهم وينصحوهم بان يكونوا مواطنين صالحين" و عمد إلى تعويض المتضررين, وإطلاق سراح السجناء من أنصار الحوثي.

وكان يدعو أنصار الحوثي إلى إرساء دعائم الأمن والاستقرار في المحافظة والتزم شخصيا بإعادة من حُرموا من وظائفهم إلى أماكنهم, أو تعويضهم وإطلاق السجناء إن ثبت حسن النية، ودعاهم بالنزول من الجبال والعودة إلى مناطقهم آمنين، كل هذا العروض من قبل الشامي للحوثيين لم تفلح في تقديم خطوات السلام.

فكانت لغة السلاح هي المسيطرة على الوضع وانطلقت بقوة وبعنف وخاصة بعد تسارع الأحداث بعد قضية طرد يهود آل سالم ورغم أن الكثيرين كانوا يرجحون عدم رغبة الرجل في الحرب لكن تداعيات الحدث كانت فوق رغباته وقد يكون هو خارج حسبة الحرب حيث يتضح للمراقب انه لا يملك زمام إشعال او إطفاء نار حرب لا يعرف سببها او هدفها.

وتم الاستعانة بالجيش واظهر الشامي موقفه من المتمردين أكثر في مرة في محاولة منه لدفع الشبهات التي حاول البعض رميه بها وهو ولائه للحوثيين بدعوى انهم ينتمون الى السادة حيث أكد في أحد تصريحاته الصحفية على قدرة قوى الجيش والأمن على سحق حركة التمرد ووصف متمردي الحوثي "بالشرذمة الضالة" بل وأكد أن اليمن لديها قوات خاصة ومدربة على القتال في المناطق الجبلية وقادرة على مواجهة وعورة الأرض.

إن الحديث حاليا عن تغيير الشامي بشخصية عسكرية من قلب وزارة الداخلية ليثير العديد من التساؤلات في جدوى هذا التغير خاصة في مثل هذا التوقيت.

كما ان طرح مبرر تكليف محافظ جديد لـ"محافظة صعده" بسبب "قرار حزبي من المؤتمر الشعبي العام بطلب المحافظ السابق يحيى الشامي للتفرغ للجنة الرقابة التنظيمية التي يرأسها منذ انتخابات المؤتمر العام السابع " هو كلام يفتقد للكثير من المصداقية فالوضع الأمني يتطلب بقاء الرجل في منصبة بغض النظر عن أي ملاحظات حول أداء الرجل في إدارة الحرب .

لن نستطيع أن نتكهن هل هناك أخطاء مارسها الشامي تكون كفيلة بإقالة في هذه اللحظة وأن كانت هذه النقطة مثار تساؤل الكثير من المتابعين للوضع, كما لا ننسى أن يحي الحوثي أثنى على الرجل يوما من الأيام في احد بياناته خاصة من موقفه من الحرب ضد الحوثيين .

فهل ممكن أن نصنف أن القرار يأتي نتيجة فشل في إدارة الحرب " ام أن تعاطف الرجل كان موضع شك في نزاهته وإخلاصه للمؤسسة العسكرية والتنظيمية لم يكن محل الاطمئنان من المتابعين للرجل أم ان هناك أشياء يمكن ان تكشفها الأيام.

وفي نفس التساؤل هل يمكن اعتماد تصريح عبد القادر هلال لموقع "نيوز يمن" إن "قرار تعيين مطهر رشاد المصري يأتي إضافة لتفريغ الشامي للعمل الحزبي، من أجل تحقيق مزيد من الانسجام في القرار العسكري بالنظر إلى أن المتمردين لم يتركوا للمحافظ السابق أي فرصة لحل المشكلة سلميا".

وهنا نتساءل هل ممكن أن يمنح الحوثيون فرصة جديدة للحوار أو التفاهم مع " مطهر رشاد" وما هي الإستراتيجية التي يمكن أن يتعامل بها المصري مع الحوثيين بعيدا عن لغة " المنح والتعويض والمسالمة أو لغة الحديد والنار فكلا الوسيلتين سار عليها من كان قبلة لكنها لم تجدي نفعا .

هل سيحقق المصري في صعدة ما عجز عنة الشامي ام أن لغة النار ستظل المسيطرة على الوضع ويبقى نهر الدم جاريا

ولا ننسى ان " اللواء مطهر رشاد المصري من مواليد محافظة ذمار هو خريج كلية الشرطة 1972م ويحمل شهادة ليسانس شريعة وقانون من جامعة صنعاء وماجستير من كلية القيادة والأركان. عمل عام 1972م في الوحدات المركزية وفي عام 1978م في الأمن العام ثم عين عام 1980م مديرا لأمن مطار صنعاء ثم نائبا لمدير أمن البيضاء وقائدا للأمن المركزي في البيضاء عام 1984م.

ولنتساءل هل تعيين المصري سيسير بملف صعدة خطوة للأمام أم يسير بها خطوتين للخلف, ألأيام كفيلة لتكشف لنا ماذا سيقدمه القيادي الرفيع في وزارة الداخلية في إدارة صاع الحرب والفتنه .

وقبل الختام هل سيكون لشخصية " مطهر رشاد المصري " صاحب الخبرة الطويلة في القضايا الأمنية والعديد من المناصب الهامة ما قد يؤهله لقيادة جديدة تحقق ما عجز عنة سابقيه.