آخر الاخبار
الحراك الجنوبي وآفاقه المستقبلية(1)
بقلم/ د. عيدروس نصر ناصر
نشر منذ: 12 سنة و 6 أشهر و 19 يوماً
الخميس 31 مايو 2012 08:19 م

بدخول العام 2012م يكون الحراك الجنوبي السلمي قد أكمل عامه الخامس وولج في العام السادس منذ انطلاق فعالياته المبكرة خلال العام 2007م في مدينة عدن على أيدي جمعيات المتقاعدين العسكريين، التي شكلت آنذاك النواة الأولى التي التف حولها عدد كبير من العسكريين المقعدين إجباريا ثم ما لبثت أن تحولت إلى حركة احتجاجية شملت مختلف قطاعات الشعب في الجنوب ومختلف محافظات ومديريات الجنوب وما تلا ذلك من تشكيل الجمعيات والائتلافات والمكونات الحراكية المختلفة.

لقد كان انطلاق الحراك السلمي لحظة نوعية عبرت عن ذلك التراكم الكمي المرئي حينا وغير المرئي في كثير من الأحيان، من المعاناة والرفض والسخط تجاه سياسات الإقصاء والاستبعاد والتعالي وما تمخض عنها عن نهب وسلب للجنوب: الأرض والإنسان والتاريخ والثروة والهوية، وكأن الحراك بذلك قد مثل لحظة الطفرة التي تغيرت فيها نوعية الموقف من السياسات الرسمية، من الرفض الخفي والسخط الشخصي والاحتجاج الفردي إلى رفض جماهيري عارم عبر عن عدم استعداد الناس لتحمل ما لا يمكن تحمله من سياسات الإقصاء والنهب والسلب والتهميش والتدمير والتزوير واستعدادهم لتقديم كل التضحيات في سبيل الخلاص من هذا الوضع غير السوي.

لقد أبهرت فعاليات الحراك السلمي العالم بأسرة من حيث زخمها وسلميتها وجماهيريتها واستمراريتها، ورددت وسائل أعلام السلطة حينها بأن هذا الحراك ليس إلآ تعبيرا عن مجموعة من الموتورين أو الانفصاليين الذين فقدوا مصالحهم ويريدون العودة بعجلة التاريخ إلى الوراء أو إنهم أصحاب مشروع الانفصال الذي فشل في 1994م يريدون العودة إلى مشروعهم من جديد.

لم يعترف النظام العائلي الفردي العائلي الشطري بوجود أسباب حقيقية وجدية لسخط الناس ورفضهم للأمر القائم وتمردهم عليه، وما أكثر المواقف التي كانت السلطة وإعلامها تصور نشطاء الحراك وهم بمئات الآلاف على إنهم عملاء للخارج أو مرتزقة يبحثون عن من يمنحهم النقود ليتآمروا على الوطن أو حاقدين على الوطن والوحدة ومنجزات الزعيم الرمز الذي يقول ويفعل ما لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

كان التركيز الإعلامي الرسمي على بعض الأخطاء الشخصية أو الهفوات الفردية لبعض المحسوبين على الحراك وتصويرها على إنها هي النهج الرئيسي للحراك، كما حرصت الأجهزة الاستخباراتية على دس عدد من أنصارها بين صفوف الحراك ممن ذهبوا يمارسون مجموعة من التصرفات المريبة مثل الاعتداء على بعض المواطنين ذوي الأصول الشمالية أو الإدلاء بالتصريحات المستهترة بمضمون السلمية والوطنية ومبدأ التصالح والتسامح الذي تبناه الحراك منذ أيامه الأولى، لكن قيادات الحراك كانت أذكى من أن تلتقط الطعم وتقع في مطب الاستدراج واستعذاب التهور والطيش، إذ سرعان ما أعلنت إدانتها لكل التصرفات التي تدعو إلى العنف أو تمس المواطنين العزل من السلاح، وفي حين لم تفعل السلطة شيئا لكل الذين ارتكبوا تلك التصرفات العنيفة كانت تعتقل في اليوم الواحد آلاف المدنيين العزل من السلاح من نشطاء الحراك، وتقدم منهم العشرات للمحاكمات السياسية بلا أدلة ولا قرائن إلا ما اصطنعته في أقبية أجهزتها البارعة في صناعة المكائد وتلفيق الاتهامات.

لا يمكن التشكيك في صوابية مطالب مكونات الحراك وعدالتها ومشروعيتها، كما لا يمكن الاستهانة بدماء الشهداء ومعاناة الجرحى والمعتقلين، ولذلك طالبنا وما نزال نطالب بضرورة اعتبار شهداء الحراك شهداء للوطن، واعتماد مرتبات شهرية لأسرهم أسوة بشهداء الجيش والشرطة وشهداء ثورة الشباب، وتحمل الدولة نفقات علاج الجرحى ورد الاعتبار للمحكومين على خلفية نشاطهم في الثورة السلمية الجنوبية، والإفراج الفوري عن المعتقلين وتعويض المتضررين من حملات القمع والتنكيل ورد الاعتبار لهم، لكن الأهم من هذا هو إن على الطرف المنتصر في الحرب اللعينة، (حرب 1994م) الشطرية والانفصالية، أن يعترفوا بأن هذه الحرب لم تكن إلا حربا ظالمة وعبثية وإنها هي ، وليس الحراك الجنوبي، من دشنت مشروع الانفصال، عندما حولت الجنوب بأرضه وأهله وثرواته وتاريخه وثقافته وهويته ودولته إلى غنيمة حرب تقاسمها المنتصرون مثلما يتقاسم اللصوص ما عثروا عليه من المنهوبات، ثم الاعتذار للجنوب عن كل ما لحق به وبمواطنيه من ظلم وضرر مادي ومعنوي ونفسي، والاعتراف بالقضية الجنوبية كقضية محورية تمس حق الجنوبيين السياسي والوطني والتاريخي والمادي والمعنوي.

لقد كان الحراك السلمي الجنوبي حاملا ذاتيا للقضية الجنوبية، وكان يمكن للحراك أن يغدوحركة سياسية متماسكة ومتبلورة أكثر وضوحا لو حرص الممنتسبون إليه على تكوين كيانهم أو كياناتهم السياسية المعبرة عن مواقفها السياسية من خلال برامج معلنة ومؤصلة ومقنعة للآخرين بعدالة الموقف السياسي الذي ينادون به، لكن ذلك في كل حال من الأحوال لا يقلل من مكانة ودور الحراك في إبراز القضية الجنوبية إلى حيز الوجود وجعلها موضع دراسة واهتمام كل من يعنيه الشأن اليمني في الداخل والخارج.

إن الحراك الجنوبي ما يزال يستطيع أن يفعل الشيء الكثير من أجل القضية الجنوبية وحلها حلا عادلا وذلك ما يمكن تناوله في دراسة قادمة، . . .

والله من وراء القصد.

برقيات:

*في مقاله عن المجلس الثوري الجنوبي، صب الدكتور أحمد الأسودي جام غضبه على القادة الجنوبيين في الداخل والخارج، لكنه لم يقل شيئا عن القادة الذين نهبوا الجنوب ودمروا منشآته وأرادوا تحويل الجنوبيين إلى ما يشبه العبيد، وما يزالون في الحكم، لماذا أيها المفكر الكبير؟؟؟

* لست متأكدا إن العنف المتبادل الذي تشهده مدينة عدن بين شباب الثورة وشباب الحراك الجنوبي السلمي، هو ظاهر عفوية لا تلعب فيها أصابع المخابرات والأيادي الخفية، سيكون من الحكمة على عقلاء الإصلاح (في عدن) خصوصا ومعهم كل شباب الثورة وعقلاء الحراك الجنوبي التوجه نحو الحوار الجدي للاتفاق على القواسم المشتركه، فهي أكثر بكثير من أسباب التنازع والصراع، فهل أنتم فاعلون؟؟

*يقول الشاعر العباس أبو العلاء المعري:

إذا زادكَ الـــــــــمالُ افـــتقاراً وحاجةً إلى جامِــــعـِيهِ، فالـثراءُ هو الفقرُ

ألمْ ترَ أنّ الــمَلْكَ لـــــــــــــــيسَ بدائمٍ على مُلــكــِهِ، إلاّ وعســكرُهُ وِقْر؟

تَــــــــــــتبّعُ، آثارَ الرّياضِ،حَــمامةٌ، ويُعجِــــــبُها، فيــــما تُزاولُهُ، النّقرُ

تَـهُمُّ بنـــَهضٍ، ثمّ تَــثــني برَغـــــبةٍ ،فــما شَــعَرَتْ، حـتى أُتيحَ لها صقرُ

وقد عرّفــَتْها أُمُّـــها، أمـــسِ،شــــرّهُ، وأنّ الرّدى يقرُو المكانَ الذي تقرو

ومن حان، يوماً، جارَ في عينهِ عمىً، وفي لـــبّه ضعفٌ، وفي سَـمعِه وقرُ