الحوثيون بين الدعاوى والواقع المرير
بقلم/ أبوعبد الرحمن الهمداني
نشر منذ: 12 سنة و 7 أشهر و 13 يوماً
الإثنين 07 مايو 2012 05:23 م

بسم الله الرحمن الرحيم

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ } [البقرة: 11 - 13]

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وصلى الله وسلم على سيد المرسلين محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

أما بعد:

 فإن المتأمل في واقع الحوثيين وحركتهم المشئومة يجد أن هناك أشياءً، يحاولون تكريس جهودهم في إقناع المجتمعات بها ومحاولة نشرها وبثها في القنوات والإعلام واللقاءات وهي في حقيقة الأمر تقليب للحقائق وتلبيسًا على الناس ولو علموا أنه عند النظر إلى عواقب الأمور لا تنفق هذه التلبيسات إذ أن من اغتر بها وصدقها سرعان ما يفضح الواقع خلافها فيعاقبون بنقيض قصدهم وهذه الأشياء تتلخص في عدة أمور منها:

الأمر الأول:

إظهار الحوثيين أنفسهم بمظهر المظلوم والمعتدى عليه وأن الدولة خلال الحروب الستة هي المعتدية والواقع خلاف ذلك وإظهار الحوثي بمظهر البريء والوديع والمسكين الذي يحاول عدم افتعال المشاكل والصبر على الأذى، وتالله إن هذا هو قلب عين الحقيقة فإن مواطني صعدة وغيرهم إذا ذُكر عندهم كلمة حوثي أول ما يدور في خلدهم القتل والنهب والسجن وقطع الطريق والخوف والتشريد وتلغيم البيوت وغير ذلك من الأشياء التي تعجز قواميس لغة البطش والجريمة أن تحيط بمفرداتها.

ولا أدل على ذلك من الحصار الظالم الغاشم لذي لعل التاريخ لم يشهد مثله الذي فرضه الحوثيون على منطقة دماج فقد حاصروا أكثر من عشرة ألف شخص ما بين طفال وامرأة وشيخ كبير سبعين يومًا حصارًا شديدا منعوا فيه من الطعام والشراب والدواء وحج بيت الله الحرام وتبع ذلك حربًا شعواء بكافة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة بدون ذنب ولا مبرر وقد تابع العالم كله هذه الأحداث وضجت الدنيا كلها لذلك ونتج عن ذلك ما يقارب من سبعين قتيلا وما يزيد عن مائة وخمسين جريح ثم بعد ذلك تسمع من يقول منهم إننا لم نفرض حصارًا ولم نعمل شيئا من ذلك كله بل هم الذين حاصرونا وغير ذلك من الكلام المفضوح لأن إنكار الحقائق والواضحات يعتبر جهلا مطبقًا

قال الشاعر:

وكل معلوم بحس وحجا**** إنكاره جهل قبيح في الهجا

واقرأوا تاريخهم مع العساكر الذين كانوا يعيشون في المحافظة آمنين حتى صدرت الفتاوى من كبارهم وصغارهم أن من قتل عسكريًا دخل الجنة ومن قتل ضابطًا فله الفردوس الأعلى وصار الجندي لا يدري وهو في عمله من أين تأتيه الرصاصة لتخطف روحه.

والإحصائيات تدل على أن عدد من قتل من الجنود في هذه الحروب أكثر من أربعة آلاف قتيل و عشرين ألف جريح وأما ما يصيب البلدان من التخريب والتدمير فهذه آثار الحروب في كل بلد وكيف تكون حربًا بلا تدمير بل إن أكثر المنازل التي دمرت كان الحوثيون هم السبب وراءها حيث يأتي الحوثي إلى قرب بيت من بيوت المواطنين ويتمترس ويطلق النار على الجنود فإن خرج صاحب البيت ومنعه كان مصيره القتل وإن سكت كان لزامًا على الجنود أن يضربوا هذا المنزل الذي يأتي منه إطلاق النار عليهم وهذه حقائق لا تنكر وإنما صارت في طي الكتمان لما ولده الضغط الحوثي من الكبت على الناس وجعل من اشتكى من ذلك عبرة للمعتبرين.

الأمر الثاني:

إظهار الحوثيين أنفسهم بأنهم منسيون من المشاركة في الحكم في السابق والذي يراقب الوضع يجد أنهم كانوا متنفذين في الدولة على قلة عددهم بشكل كبير كوزراء وقضاة ومدراء وغيرهم وواقع صعدة يشهد على ذلك فلا تكاد تجد مكتبا ولا إدارة يخلو منهم ولكنهم لا يريدون لأحد غيرهم وخصوصًا من أبناء القبائل أن يشاركهم في العمل الوظيفي بل إن طموحتهم تفرض عليهم أن لا يكون مديرًا ولا وزيرًا ولا رئيسا إلا منهم ويحقدون على من خالفهم أشد الحقد ويحاولون إقصاءه والتضييق عليه وأكبر شاهد على هذا الحال الذي وصلت إليه المرافق الحكومية في صعدة هذه الأيام فقد حاول الحوثي السيطرة على جميع المناصب فيها وعزل من لم يكن على رأيهم وتحت حركتهم أولم يكن مواليًا لهم.

الأمر الثالث:

إظهار أنهم يمثلون صعدة وأهالي صعدة بل والكلام والتبجح بأنهم يمثلون الشعب اليمني كله كما ترى في كلام صالح هبرة في كلامه في المقابلة التي نُشرت له في صحيفة الجمهورية الصادر يوم الأربعاء(11جماد ثاني 1433هجرية)،(2/مايو/2012م) وتبجحه الثورة الشعبية والواقع خلاف ذلك كله فهم لا يمثلون الأقلية منبوذة مكروهة في محافظة صعدة أو بعض المحافظات في الجمهورية وساعد على انتشارهم التفلت الأمني والفوضى التي تشهدها البلاد، وساعدهم على ذلك فرض وجودهم بالحديد والنار والقتل والترويع وأخذ أموال الناس عنوة في حين أن أكثر الناس يحب الهدوء والسكينة وعدم التلطخ بدماء المسلمين ،والتعرض للأموال فترى أكثر الناس مغلوبون على أمرهم كل واحد منهم ينتظر الفرج من الله ولا يجرؤ أن يعبر عن ما يجول في خاطره وعن ما تعرض له من الظلم والقهر.

وهذه المسألة من التهويل الإعلامي والكذب المفضوح أننا كذا وأن الشعب كذا ولا يرضى بكذا وكأن هذه المجموعة الإجرامية أصحبت هي الشعب أو أصبحت لها الوصاية عليه ، وأصحبت هي نفس محافظة صعدة، وهذا والله عين تقليب الحقائق ولكن هذا الأمر ليس بغريب على آخر الزمان فإن النبي: صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يقول ( إِنَّهَا سَتَأْتِي عَلَى النَّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ " قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: " السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ ).رواه الإمام أحمد وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه

الأمر الرابع:

اللعب على الحبال فتراهم يتلونون مع كل الألوان ويدعون أنهم اهل الحوار مع الكل وهذا من الكذب المفضوح فلم ينجحوا في أي حوار مع بعضهم البعض ومع أبناء الزيدية فكيف بغيرهم، ولكن إذا ربطتهم مصلحة مع طرف من الأطراف أو أرادوا اسقاط طرف أظهروا أنهم أهل التعاون وأهل الحوار فإذا زالت المصلحة انقلبوا على من تعاونوا معه ضد ذلك الأول.

الأمر الخامس:

إتهام الغير بما هم واقعون فيه بل ربما لا يشاركهم غيرهم فيه من باب رمتني بدائها وانسلت فهم يتهمون غيرهم بأن وراءهم أيادي خارجية وأنهم يمثلون أجندة خارجية وهذه التهمة لا يكاد عاقل يشك في أنهم من يمثلون الأيادي الخارجية السوداء الإيرانية والأدلة على ذلك تعجز عن الحصر نذكر منها على سبيل المثال ما كشف عنه الشيخ عبد الله المحدون قائد التمرد الحوثي في الخمسة الحروب في مديرية سحار الذي اكتشف حقيقة الحوثي مؤخرًا ورجع إلى جادة الصواب فقد أجري معه حوار صحفي نشرته إحدى الصحف الأهلية في شهر نوفمبر 2009 فأخبر:

 ( أن أسلحة ثقيلة ومكائن تصنيع الألغام وإعادة تركيب الصواريخ وصلتنا من إيران والمدربون عناصر من حزب الله وعبد الملك الحوثي مجرد واجهة).

وقال شايف العميسي أحد المنظرين الكبار في ذمار وتعز وغيرها الذي انفصل عنهم مؤخرًا في لقاء معه:

(قال السائل :برأيك من أين لهم كل هذه الإمكانيات.. من أين لهم الدعم ؟

شايف: بالنسبة للدعم هناك أكثر من مصدر.. والأهم في اعتقادي هو الدعم الخارجي .

 السائل: الدعم الإيراني؟

شايف: بالضبط .

 السائل: دعم مالي وعسكري؟

شايف: بالنسبة للدعم العسكري لا أعرف، لكن إذا توفر المال فهذا هو الأهم، وأنت ستتولى بنفسك شراء السلاح

السائل: وما مصلحة إيران في ذلك .. كما أنهم –قيادات التمرد- دأبوا على إنكار صلتهم بإيران؟

شايف: من باب المغالطات .

باختصار وبدون الخوض في التفاصيل، ومن أين؟ وكيف عرفت ؟ الحقيقة أن حزب الله هو ذراع إيران في لبنان والحوثيين ذراعها في اليمن؟

الحوثيون هم أو يكادون نسخة طبق الأصل من حزب الله في لبنان .. يقلدونهم في كل شيء .. نفس الأناشيد الحماسية، نفس الخرق الخضراء التي يضعونها على رؤوسهم، ولبيك يا حسين .. إلخ .......)اهـــــ من "الأب الروحي للحوثيين بالجوف لـ أخبار اليوم الحوثيون يرتبون أوراقهم لجعل اليمن ولاية فارسية ويريدون زرع خلايا نائمة في تعز.. 1 - 2الخميس 23 ديسمبر-كانون الأول 2010 الساعة 11 صباحاً أخبار اليوم"

وأما الإنكار الكلامي عندهم لهذه التهمة وغيرها فهذا شيء متوقع لأنهم يدينون بالكذب والتزويز وليس أحد من الناس يعترف بما هو فيه من الخطأ فالمخرب لا يعترف بأنه مخرب والمفسد لا يعترف بأنه مفسد قال تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ } [البقرة: 11 - 13].

واتهام غيرهم بأنهم عملاء لأمريكا وأنهم يطبقون ما يمليه عليهم السفير الأمريكي والصراخ بذلك الشعار الموت لأمريكا الموت لإسرائيل ولكنّ الواقع خير شاهد على أن هذه كلمة حق أريد بها باطل وأن هذا هو العكاز الذي يسيرون عليه والثوب الذي يقمصونه أي خصم يريدون ضربه بأنه عميل لأمريكا أو أنه أمريكي كما كانوا في الحروب السابقة يسمون العساكر أمريكيين والآن يسمون بعض القبائل والمناوئين لهم أمريكيين، ولقد شهد الواقع بأن الحوثيين هم أداة لأمريكا حيث ولم تعترف أمريكا بأنهم منظمة إرهابية وحيث اعترضت امريكا أكثر من مرة على الحرب على الحوثي وأوقفت الحرب السادسة بل إنه إذا جاء مندوب أوروبي أو وزراء أوربيون مسحوا الشعارات من الشوارع وأظهروا الفرح باستقباله وهذه مسالة رآها الناس وشهدوها في هذه الأشهر السابقة عندما جاء ممثلون عن الدول الأوروبية وعندما جاء جمال بن عمر إلى صعدة لإقناعهم بالدخول في الحوار مع حكومة الوفاق.

وخذ مثلا أوسع من هذا فعندما دخلت القوات الأمريكية العراق انظر إلى من سلمت مقاليد الحكم ففي العراق سلمته للشيعة.

الأمر السادس:

إظهار صعدة بعد سيطرة الحوثيين على المدينة بأنها تنعم بأمان واستقرار لم تعشه من قبل!!! وهذا والله لو أن جبال ووديان وقرى صعدة تنطق لشهدت عليهم بأنه لا يستطيع الإنسان أن يأمن على نفسه وهو في جوف بيته فضلا عن أن يأمن في قريته وفي محافظته وأما من قال هذه المقولة فهو واحد من اثنين أما أن يكون حوثيًا يتجلد لإظهار هذه المقالة المزيفة أو زائرًا لا يعرف صعدة من قبل يؤتى به محاطًا به في سيارة مغلقة ويطاف به على بعض الأماكن الحوثية وعمل المقابلات مع الحوثيين أنفسهم والمبالغة في الشهادات المزيفة ثم يودعونه راجعًا بسلامة الله ولا يجعلونه يلتقي بالمتضررين والمحبوسين والمضطهدين ويسمع الحقائق وانظر عندما سمع الناس من أهل دماج ورأوا الأمور على المواقع عرفوا ظلم الحوثيين ولقد كان الحوثيون حاولوا بشتى الوسائل أن لا يدخل الناس ويرون ما حصل في دماج

ولكن الواقع الذي نقله بعض الصحفيين والمحامين وحال النازحين عن المحافظة المقدر عددهم بما يزيد عن ثلاثمائة ألف نازح ومتضرر كما في تقرير المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة يبين لك زيف هذه المقولة وأن الواقع خلافها تمامًا

وبعد هذا فلا تصيبك الدهشة إذا رأيت أو سمعت أو قرأت هذه المجازفات في مقابلاتهم مع الصحف والفضائيات كما يقول صالح هبرة في مقابلته المشار إليها آنفًا:(إنه لم تسجل في خلال ثلاثة أشهر سوى جريمة واحدة!!!)، ولو قلت: إنه لا يمر يوم بل ولا ساعة إلا وتسجل فيها أنواع الجرائم من القتل والتقطع والنهب والتفتيش والمضايقات!!! ولكنهم عاشوا على التلبيس والتزييف وتقليب الحقائق والتجلد من أجل ذلك ولكن هذه طريق مؤداها إلى الفشل والإضمحلال فإن الله سبحانه لا تخفى عليه خافية وهو سبحانه ليس بغافل عما يعمل الظالمون ولكن الله يبتلي من يشاء من خلقه بمن شاء وبما شاء والعاقبة للمتقين قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الله لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ الله عَنْهُ، رواه البخاري (4686)

ونسأل الله أن ينتقم من الحوثي وأن يزيد من فضحه على رؤوس الأشهاد في الدنيا والآخرة