لذالك لم اعرف صالح ..
بقلم/ عبد الإله المنحمي
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 14 يوماً
الخميس 05 إبريل-نيسان 2012 08:07 م

المعنيان الحقيقي والمجازي .فأنا اشعر بالرغبة حتى الاشتهاء المفرط لمعرفة كينونة هذا الإنسان ,أو أياً كان ,المهم ان استثبت بعدا جغرافيا على جسد الوطن الوجيع يمكن ان يتوقف عنده علي عبد الله صالح فأراه بصورته الحقيقة لا شبحه الافتراضي ,بعدا زمنيا تكتمل فيه صورته الجميلة ,القبيحة ,في الواقع لا يهمني هذا الأمر أيضا.

اهو هو عندما كان يبدو ناعماً يتدفق حنانا ورحمة في السبعين أمام الحشود من جماهيره يناديهم ان شكرا على مشاعركم الدفاقة التي تطيل من بقائي فتطيل من معاناتكم ,على وقوفكم الى جانب الشرعية الدستورية وهو يعرف يقينا ان مايقوله وما يفعلونه ليس من الشرعية في شي.

أم هو ذاته صاحب الوجه المحروق والعمامة الحمراء اللتين ظهر بهما ذات مساء وحيد من بستانه في الرياض ينفخ في ذالك الهيكل المهجور بقايا روحه فينتشر الخوف في كل مكان.

الحق ان التاريخ البطولي للرجل والصفحة المشرقة التي لاعيب فيها غير ان سطورها تشي بالعتمة المرعبة أيضا لم تعد تعنينا على الإطلاق ,ولو سقانا علي صالح خلال فترة حكمه حليب النجوم وأطلقنا نمرح كالعصافير ثم عمل ماعمل في فترة الثورة لكانت كفيلة بإسقاطه رسولا اخرج الأمة من الظلمات الى النور كما أراد ان يفهمنا السيد سلطان البركاني على شاشة البي بي سي لولا أن علي صالح بشر –في رأيه –وبالتالي كان لابد من وجود بعض الأخطاء التي جبتها فضائل عظيمة توفر عليها صالح جعلته قائدا (خدم اليمن كثيرا)على حد تعبيره .

بالنسبة للبركاني نحن نقول له: عين الرضا عن كل عيب كليلة ...لا علاقة لنا بما تقوله ياصديقي فنحن نعتقد ان الماضي الرغيد الذي عشته شي والحاضر الذي نحاول ان نعيشه شي أخر لهذا نحن نطالبك بترجمة الأفكار التي تعتمل حالياً في دماغ صاحبك الى العربية لكي تقول لنا بالضبط مالذي يريده من السلطة ؟اليس من خرج من الباب لا يعود من الشباك الخلفي؟ دعوني اضغط على الأعصاب قليلا لكي أعود الى الموضوع

الرئيسي,فعندما انطلقت الثورة في اليمن عرف الذين زلزلت الأرض من تحت مصالحهم بهذه الظاهرة الناشئة من قريب انه لا مجال للهرب عندها عرف الرئيس السابق انه سيخلع لا محاله وانه لا بد من إجراء تدابير وقائية قبل أن تتفاقم الحالة فتودي به وبمن معه .لكنما للأسف لم يكن بوسعه ان يفعل شياً نظرا لتسارع التاريخ ، غير انه ضرب لهم موعدا في جمعة الكرامة لتتوالى بعد ذالك سلسلة التحضيرات للأدوار النهائية فكانت مباراة الإياب في النهدين .خرج صالح من الدور فكانت التوقعات كلها تراوح أمكنتها وتعود في الأخير الى نقطة واحدة وهي ان صالح لن يعود من الرياض وان عاد فلن يكون قادرا على القيام بأي شي,ليفاجئنا جمهوره ذات صباح بإطلاق العيارات النارية ابتهاجا بقدومه .

صالح رجل المفاجئات بلا منازع ...

الم يكن من غير المتوقع انه سيعود من رحلته العلاجية ليمارس العمل السياسي وعاد ؟الم يكن من غير المتوقع انه سيعود من الولايات المتحدة بعد توقيع المبادرة الخليجية ليشغل منصب رئيس حزب المؤتمر الحاكم وهاهو قد عاد ؟أنا شخصياً لم أكن أتوقع انه قادر على تفعيل ورقة القاعدة الى هذه الدرجة ليتسلى بعد ذالك بمشاهدة تصارع الديكة بعد أن اخرج نفسه محصنا من أي ملاحقة قانونية قد تضعه تحت رحمة الشعب المكلوم يوماً من الأيام ..

ما الذي يريده هذا الرجل ؟سؤال حير الملايين .نحن نريد ان نعرف ماالذي تبقى لديه ليساوم عليه ؟لماذا لايترك اليمن وشانه تتخطفه الطير او تهوي به الريح في مكان سحيق.

هو يدعي انه يريد الخير لليمن وأنا أقول لكم والله صدقوني ان الخير كل الخير هو في رحيلك يا (بشير الخير مثلما هي السيمفونية الرائعة التي يتغنى بها بعض الجماهير) , هو ان يتركه,ان يدعه وشانه.

ماذا يضيره ؟ لو قعد متأملا مستمتعا بما سيحدث لهذا البلد من بعده فإن كان شرا مهلكا فهو ما يتمناه له ,وان كان خيرا مستطابا فهو ما يدعي انه يريده وفي الحالتين لابد من ذهابه بعيد حتى عن عيون الرقباء.

كنت من أكثر المتمنين أن يقر قانون الحصانة له- ليس محبة فيه-إنما تحت مبدأ لانريد انتقاماً من أشخاص معينين بل انتقالا بالبلد الى حيث نعيش , لإخراج البلد من دوامة العنف التي تعصف به, أما الآن فانا اشعر أن اكبر غلطة في التاريخ هي إعطاء صالح الحصان الذي يهرب به من الملاحقة القانونية,أن الذي كان سيخرج البلد من عنق الزجاجة ليس إقرارها اطلاقا.

فإذا الرماح شغلن مهجة ثائر ,شغلته مهجته عن الإخوان .

فلو وضع الرجل تحت المسائلة العادلة لكان معه الآن ماينشغل به عن المؤذاة التي يرسل لنا بأجزاء من تفاصيلها من وقت لآخر.صالح الآن لا يوجد لديه عمل فهو يشرب قهوته بالصباح ويخرج ليلتقي بالقبائل الموالية له ويخطط ويدبر وكأن الشعب (فاضي له).

كان المعتمد ابن عباد في الأندلس واحدا من اكبر الملوك في عصر الطوائف وكانت دولته تأخذ نصيب الأسد عن جيرانها إلا أنها رغم كبرها أوهى من بيوت العنكبوت قوة ومنعة ,أوقعه ضعفه في براثن المرابطين الذين قدموا من الصحراء الأفريقية فقوضوا دولته ونفوه الى مكناس في أقاصي المغرب بعد ان صادروا جميع ممتلكاته.

حب السلطة اشد من حب الذات فعلا فقد كان يتنسم أخبار احد أبنائه وكله أمل ان يعود إليه ملكه حتى وان كان في فراش الموت ,مات المعتمد وهو يتوق لمعرفة ماتتمخض عنه ثورة ولده التي كان من الممكن أن تعيده الى بلاده مليكا عليها.

قد يعيد التاريخ نفسه مرارا ولكنه لا يعيد الأشخاص أنفسهم ولو لمرة واحده فما بال صالح لا يستوعب مجريات الأحداث كما ينبغي لرجل مثله ان يفهم ؟.الذي لاشك فيه هو انه -حتى عندما يعمل الرجل جاهدا للبقاء في الساحة ألسياسية لن يصل الى السلطة من جديد مهما اضطربت قوانين الكون الذي يملأه وبقية رجاله المسيطرين على المؤسسة العسكرية من الرأس حتى أخمص القدم.