آخر الاخبار
الهيكلة قبل الحوار
بقلم/ مصطفى راجح
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 12 يوماً
الجمعة 09 مارس - آذار 2012 12:23 ص

الذهاب الى مؤتمر حوار وطني دون هيكلة الجيش والأمن وتنفيذ بنود الحوار السابق الوارده في المبادره وآليتها هو الوصفة الأسرع لافشال الحوار قبل ان يبدأ

المبادرة الخليجيه وآليتها المزمنه كانتا نتاج لحوار وطني تضمن بندا واحدا : كيفية نقل السلطه سلميا وبطريقه سياسيه ، وإن كان غير مكتمل بسبب غياب ساحات الثورة والحراك والحوثيين ، وقد جاءت لتحقيق هدف الثورة بالتغيير ، وتهيئة البلد عبر خارطة طريق تضيف لنقل السلطه التمهيد لإشراك كل القوى في مؤتمر حوار وطني شامل يكون برنامجه وضع أسس بناء الدوله التي تلبي تطالعات كل أبناء اليمن وقواه وفئاته وصياغتها في الدستور الجديد بمشاركة كل المكونات والفعاليات

والاستعجال في القفز الى مؤتمر الحوار الوطني الشامل دون ازاحة الاراده العائليه من فوق كاهل الجيش أولا وتنفيذ استحقاقات نقل السلطه اللاحقه لن يكون مجدياً وسوف يخلق مناخ غير مشجع بل ومحبط للحوار ويجعل منه محطة لتثبيت الانفلات والغموض القائم والقابل لكل الاحتمالات

فليس من المعقول الذهاب لحوار وطني تحت رحمة البقايا المختطفة للجيش والأمن المؤسسة السياديه التي تعتبر احد اهم مرتكزات بقاء الدوله وقدرتها على ادارة البلد والحفاظ على أمنه واستقراره وكيانه الموحد

وليس من المقبول لدى أطراف عديدة الذهاب الى حوار وطني طالما بقيت التسوية السيايسة والمبادرة الخليجية وآليتها والرئيس الجديد وحكومة الوفاق الوطني ومؤتمر الحوار الوطني والبلد عموماً تحت رحمة العائلة المسيطرة على المؤسسة العسكرية والأمنية

لقد كانت دعوة الرئيس عبدربه منصور هادي التزاماً مسؤلاً إنطلق من الحرص على تهيئة مناخات الحوار الوطني وتهيئة مناخات الاجماع الوطني اللازم لفعالياته

ونود أن نذكره هنا بأن جلوسه على كرسي الرئاسة قد جاء نتيجة لمشاركة شعبية كاسحة هي العنوان الأمثل للإجماع الوطني ، ومسنوداً بتوافق وإجماع القوى السياسية والخارج الإقليمي والدولي

وإذا كانت مثل هكذا معطيات غير كافية بالنسبة له لإتخاذ زمام المبادرة واصدار القرارات المناسبة للتعجيل بهيكلة الجيش وإدارة البلد بشكل كامل غير قابل للانتقاص من سلطته السيادية ، فكيف للشعب وجميع أطراف الحوار أن تثق بمؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته القادمة ان تذهب الى التنفيذ الفعلي إذا عقد مؤتمر الحوار في ظل إستمرار إختطاف أجزاء رئيسية من المؤسسة العسكرية والأمنية بيد الرئيس المخلوع وعائلته

وجود جيش وطني مهني موحد ومؤسسة أمنية وطنية موحدة هما الضمانة لإنعقاد مؤتمر حوار وطني وضمانة نجاحه وتطبيق مقرراته ونتائجه

الطرف الأكثر حضوراً والتحاماً بالشعب هم شباب الثورة وساحاتها . وقد أعلنوا عدم مشاركتهم في أي حوار يسبق هيكلة الجيش . الحوثيون والحراك بدورهم سيفضلون الحوار مع بقايا العائلة في ظل إستمرار قبضتها على الجيش والأمن

نحتاج الى أن تقطع سلطات المرحلة الإنتقالية شوطاً معقولاً في تنفيذ الآلية المزمنة قبل الإستعجال بمؤتمر الحوار الوطني . وبالإمكان التمهيد للحوار بالبدء في إدارته من الآن بحوارات مكثفة مع جميع الأطراف

ذلك أن إنعقاد مؤتمر حوار وطني شامل بدون سلطة بيدها القرار وبدون رؤى واضحة سيكون بمثابة سوق عكاظ كبير

لقد نجحت لجنة الحوار التي شكلت بعد إنتحابات 93 بعد جهود مضنية في التوصل الى وثيقة الاجماع الوطني حينها وثيقة العهد والاتفاق التي وقع عليها الجميع . وكان من عوامل نجاح اللجنة حينها أنها ضمت الأطراف الفاعلة الموجودة على الأرض وكذلك العدد القليل من المتحاورين حيث يحضر كل شخص أو أكثر يمثل فعلا الطرف الذي انتدبه ولا توجد احتمالات للتشكيك في تمثيله لمن انتدبه

وقد كان الخلل حينها والذي أدى إلى الحرب هو إنجاز الحوار في ظل جيش منقسم بين أطراف النزاع وليس موجوداً كمؤسسة سيادية ضامنه

الآن الوضع أفضل . الشرعية التي تتسنم المركز السيادي بالبلد ليست طرفاً من ضمن أطراف متنازعة ، بل سلطة شرعية تستند إلى إجماع شعبي عزز اختيارها كتوافق بين الأطراف السياسية وخلف هذا كله فإن من جاء بهذه السلطة هو الثورة الشعبية السلمية ، الثورة الأكبر في تاريخ اليمن المعاصر .

على الرئيس الصبور الرصين عبد ربه منصور هادي أن يدرك أن نقطة قوته وقوة البلد هي في إنحيازه لثورة الشعب وحسم موقفه تماماً من هذه المسألة . أما إذا بقي منهمكاً في موازنة الحسابات بين ما يرضي الشعب وما يجنبه تركيز المخلوع وبقاياه فسيدخل ويدخلنا معه في نفق جديد الله وحده يعلم متى سنخرج منه

لقد أستمر حسني مبارك في ادارة المؤامرات من سرير المرض في سجن طره ، فكيف سيكون حالنا ونحن قادمون على مؤتمر للحوار الوطني في ظل بقاء نصف الجيش بيد العائلة صاحبة المصلحة الكبرى في عرقلة البلد ومسار التسوية وخطوات التغيير ؟؟

في اليمن عناوين قابلة للاستخدام : القاعدة ، الحراك ، الحوثي . وقد صعقنا جميعاً بتزامن رحيل مقوله من المنطقة الجنوبية مع ذبح "الارهابيين "مائتين جندي يمني في ظروف وملابسات غامضه !

والضمانه الوحيده لتجنب كل هاذه الاحتمالات الكارثيه هو الاقدام بقوة قلب وقرار شجاع ودونما تردد من الرئيس عبد ربه منصور هادي على اتخاذ القرارات الجريئه المطروحه على طاولة مكتبه ... فهل يفعل ؟؟ أم يدخلنا في الحرب الأهليه تحت عنوان جذاب " مؤتمر الحوار الوطني "