آخر الاخبار
إحراق صحيفة
بقلم/ عبدالقوي الشامي
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 18 يوماً
الجمعة 02 مارس - آذار 2012 08:37 م

اذا سألوني عن اي عنوان لخبر قرأته في وابل الأنباء ليوم امس الأول يقلقني اكثر, سأختار خبر احراق نسخ لاحدى الصحف في الشارع الجنوبي, ليس تحيزآ للصحافة التي امتهنها, وانما ادانة لعدوانية الفكرة, فاحراق صحيفة في شارع ايآ كانت الصحيفة وايآ كان الشارع, لم ولن يكون عملآ تحرريآ, ولا وسيلة من وسائل النضال السلمي, بل واحدة من عادات الأنظمة الشمولية الذميمة, اقل ما يوصف بالرعونة وسوء تقدير العواقب, واكثر ما يقلق المرء من هكذا تصرف, انه يأتي في ظل جدل ولغط مثار افتعالآ حول حقيقة سلمية الحراك الجنوبي.

فالصحيفة مهما كان توجهها, هي في المحصلة وجهة نظر, تتفق معي في الرأي, وحينما نختلف تكون الرأي الأخر الذي يستوجبني المواجهة بذات الاسلوب, حتى وان كانت تمثل وسيلة للمظللين في خاصرتي, او كانت في خطها التحريري معادية لتوجهاتي , فعندئذ يمكن فضحها بالمحاججه الموضوعية, او بالمقاطعة في اسوأ الأحوال, اما الكبريت فهو وسيلة من لا وسيلة له, والجنوبيون منذ دشنوا نضالهم التحرري العام 2007م ابتدعوا من وسائل النضال السلمية, ما جعلهم غدوة لكل شوارع الربيع العربي, لذا فأن ما يتوقعه المرء من شباب الحراك في مختلف محافظات الجنوب هو: الرقي بادوات المواجهة الى مستوى قيمي واخلاقي ينسجم مع ذاك النمط الراقي من النضال الحضاري الذي سقط على دربه البكري, البدوي, الدرويش وجياب وغيرهم من شهداء الجنوب الذي ضحوا على درب الحرية والكرامة.

صحيح ان تعقيدات المرحلة التي تمر بنا, قد تدفع البعض وتحديدآ الشباب تدفعهم الى دمج الخطأ بالصواب, في ادوات النضال من حيث لا يحتسبون, فاحراق خيمة بوقيعه او بسذاجة قد ولد حالة من التقولات والأدعاءات الباطلة التي حاول اصحابها ادخال القضية الجنوبية عنوة في خيمة الطرف المعتدي على الحزب الجمهوري وعلى القصر الجمهوري.

 اما وان الأمر قد تعلق بحرق صحيفة, سواءآ كانت صفراء او حمراء, فأن صناعة كاملة من الافتراءات والتلفيقات ستطال القضية الجنوبية تشهيرآ وتشويهآ في السر والعلن .. لذا ومن منطلق الحرص على حضارية ادوات النضال السلمي للحراك الجنوبي كما عهدناها, وكما تجلت في تلك اللوحة الجميلة التي رسمها اهالي المعلا يوم السبت الماضي اطفالآ وشبابآ وكهولآ, بمناسبة الذكرى الاولى لأقتحام شارعهم الرئيس (مدرم) بالدبابات في 25 فبراير 2011م, عندما ردوا على قذائف الدبابات والاسلحة المضادة للطيران بعد عام, بالأغنية المعبره والقصيدة الشعبية وبـ (الأسكتش ) المسرحي, وكما كان الحال في كثير من الفاعليات الثقافية والرياضية, التي شهدتها معظم محافظات الجنوب, فأن هكذا ثقافة وسلوك كفيلان بالحد من ضروب هكذا حرائق, فسلمية الحراك تستوجب التفريق بين العنف في المواجهة واللا عنف في النضال .. وبما ان الهدف من الحراك هو رفع العنف المادي والمعنوي, الذي يرزح تحته الشعب الجنوبي منذ العام 1994م, فمن الأولى تجنب الوقوع في مطب عنف رد الفعل, فتكالب الخصوم والاعداء لا يبيح اللجوء الى النار كوسيلة لمواجهتهم.

كما وان ملحمة الشعب الجنوبي في 21 فبراير كانت رسالة حضارية راقية, بالرغم من محاولة البعض من اصحاب اجندة التوافق المرحلي احداث زوبعة لتصويرها في قناتي العربية والجزيرة بصورة اكثر من هزلية عندما ابتدعتا مصطلحات من خارج النص, الجناح المسلح في الحراك, الجناح المتشدد في الحراك والجناح الانفصالي في الحراك وغيرها من التجنيحات, وكأن الجنوب عبارة عن محمية للطيور .

 ومع كل ذلك فأن القضية الجنوبية, قضية شعب تجاهلوه العام 1990م, ومن ثم احالوه في 94م الى المعاش, وبعد ان وقعوا اتفاقآ للحجر عليه بالتوافق في الرياض في 23 نوفمبر 2011م, ها هم اليوم يحاولون تعيين انفسهم اوصياء على هذا الشعب الذي اكد لهم بأن صناديق انتخاباتهم لم تكن سوى سلال بلاستيكية اقرب الى سلال الخضار والفواكه منها الى صناديق اقتراع.