آخر الاخبار
إلى الحراك الجنوبي .. الأمس ليس كاليوم
بقلم/ محمد الهيج
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و يومين
الجمعة 17 فبراير-شباط 2012 02:01 م

القضية الجنوبية قضية حق لا مراء فيه , ومطلب عدل لا جدال فيه ، وهي بهذا تكسب التأييد الداخلي والخارجي على حد سواء , وقد رأينا تعاطفاً شبابياً ثورياً كبيراً حيال الجنوب وقضيته , وشاهدناهم في وثيقة الشرف الثورية وهم يضعون حل القضية الجنوبية من أول أهداف الثورة المباركة, ووجدنا العالم العربي والغربي يؤيد مطلب الثوار الرامي لحل إشكالات أرض الجنوب , وتطبيق مبدأ العدالة الإجتماعية في القضية الجنوبية , وهذا خط مسار رائع قطعه أهل النضال الجنوبي السلمي بكافة أحزابهم وتياراتهم.

لكن ما يسر العدو ويحزن الصديق المحب, أن فئات وجماعات جنوبية متطرفة , ساءها هذا التقدم السلمي في مسار القضية , وأزعجها كثيراً أن يطالب شباب الثورة في الشمال والجنوب بتطبيق العدالة حيال القضية – ربما لأنهم يريدون بقاء إشكالات أرض الجنوب ليصلوا إلى هدف التمزيق والتشرذم , وتحقيق بعض الأهداف الشخصية السيئة على حساب الوطن والقضية – فأرعدو وأبرقوا , وهددوا وتوعدوا – والناس يقولون ليس هذا بعشك ياحمامة فادرجي – وتركوا السلم إلى الحرب , واستبدلوا التعاطف الشعبي والدولي بالعداء , وهم بذلك أساءوا والله وما أحسنوا , ويا ليتهم تركوا للقضية مبدأها الحق وعدالتها المنشودة , ذلك أن المظلوم إذا تعدى في استيفاء الحق عاد ظالماً بالإجماع عند كل عقلاء البشرية , فطلب رد المظلمة والسعي لاستعادة الحق , لا يعطي الحق لأحد في الاعتداء والتعدي أبداً قال الله تعالى "ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا" والنهي عن الإسراف هنا يعني عدم الاعتداء في طلب الحق واستيفاء القصاص.

وقد أساء هؤلاء لقضيتنا الجنوبية – التي نرفض احتكار الأحقية بها لطرف دون طرف - , بدعواهم المشؤمة لمقاطعة الانتخابات , وما علم هؤلاء أنهم بذلك يرفضون رأي عقول العالم كلها حين أجمعت على أن الانتخابات هي المخرج الأفضل والأكثر سلامة ووعياً ليمن الإيمان والحكمة , وما فقه أولئك أنهم بفعلهم الأرعن هذا , يصدون التعاطف الدولي مع قضيتهم، ويضعون أنفسهم في قائمة الإرهاب المجتمعي في اليمن كما تحدث بذلك مسوؤل أوروبي باليمن, وهم في الأخير بفعلهم هذا يشتتون الصف الجنوبي ويزيدونه تشرذماً وتفرقاً , وكان الأصل لم الصف وجمع الشمل وتوحيد الكلمة بالحسنى والاعتراف بحق الآراء المتعددة والمواقف المتباينة في وسائل حل القضية, وتقرير حق التعبير عن الرأي في المشاركة أو المقاطعة.

 ثم إنني أريد أن أوجه سؤالاً صريحاً لهذه الفئة من الحراكيين وهو، هل تظنون أن أهل الجنوب سيقرونكم ويرحبون بحكمكم الذي تبشرون به عبر القوة واستخدام العنف والسلاح لإخماد آراء الآخرين ومنعهم من التصويت في الانتخابات وإحراق ساحات شباب التغيير؟؟؟ أو تظنونهم لا زالوا يرحبون بفكرة الحزب الأوحد وقهر الناس على رأيه ومشروعه ؟؟.

أما إني أناديكم يا إخواننا وشركاؤنا في نضالنا السلمي ضد حكم العائلي , أن تحكموا الرأي السديد والعقل الحكيم , وتعودوا لسلميتكم فإنها اشد على العدو من القوة , وإني لأنادي قادة الحراك الجنوبي أن يكفوا أيدي مجانينهم عن الخوض في الفتنه بين أبناء الجنوب , وأن يرفعوا أيدي السفهاء عن الدماء فإنه مهلكة القضية, ولا والله ما سالت الدماء بين قوم إلا أقبلت ليلة شؤمهم . ولن تستفيد القضية ولا أحد من أبناء الجنوب من مثل هذه التصرفات الطائشة ,, وليعلم عقلاء الحراك أن بقايا النظام الهالك من حوثيين وأمن قومي وغيرهم , قد وجدوا في مجانين الحراك وسفهاؤهم الحل الأمثل لإنشاب الفتنة وضرب أهداف الثورة , ثم هم أيضاً يبعدون عن أنفسهم موطن الشبهة ويلصقونها بالحراك الجنوبي , وإلا فقولوا لي بربكم من المستفيد غير بقايا النظام المتهالك من إحراق ساحة الحرية والتغيير بعدن ؟؟ وبالله عليكم ما فائدة قضية الجنوب من تلك الفعلة الشنعاء التي تنم عن نفوس يملؤها الحقد وتعمرها البغضاء ويسيرها جنون العظمة المدعاة ؟؟

يا عقلاء الحراك إن خير ما يمكن أن تقدموه في هذه الظروف العصبية لقضيتكم الحقيقية , أن تأخذوا على أيدي سفهائكم اللذين يرفضون شعار التصالح والتسامح الذي رفعتموه منذ سنين [ دم الجنوبي على الجنوبي حرام ] وإن لم تأخذوا على أيديهم , وتعرضوهم على الرأي العام وتبينوا حقيقتهم , فإنكم ستأخذون نصيبكم من الإتهام والجزاء التاريخي , جراء الصمت على الشواذ بين أظهركم ..

يا عقلاء الحراك إن الجنوب اليوم يؤمن بالتعددية السياسية والحزبية والقبلية والمذهبية حق الإيمان ولا أظنه يتخلى عن إيمانه هذا مهما كان , فأرجو أن تتخلوا عن نظرية الحزب الواحد والرأي الواحد والفعل الواحد , فإن ذلك العهد قد ولى ولن يعود , ياعقلاء الحراك إن عليكم أن تعو جيداً , أن قبايل وأحزاب الجنوب لم تعد هي تلك التي كانت في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي , إنها لم تعد تؤمن بحق الحكم الفردي والنظر الأحادي , إنها أصبحت أكثر حركة ونمواً وتطورا حداثياً معاصراً , وقد أصبحت والله أقوى مما تظنون , وإني لأخشى أن يفقد الحراك السلمي قاعدته فيهما لبعض التصرفات الطائشة غير محسوبة النتائج

يا عقلاء الحراك اعلموا أن استغضاب أهل الحلم والقوة , خطأ فادحٌ لا يقره عقل ولا تؤيده حكمة فتبهوا لذلك , وإنني أتمنى أن تفهموا أن الإصلاح اليوم لا يصلح عدوا.