آخر الاخبار
انتخاب أو استفتاء أو تزكية : المهم نقل السلطة سلميا
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 10 أيام
الأربعاء 08 فبراير-شباط 2012 10:02 م

من يتابع الأحداث الدامية المروعة في سوريا الجريحة لاشك سينظر إلى ماذا تعني مقولة الرسول : الإيمان يمان والحكمة يمانية ، كما أن كل الإطراف السياسة التي نحبها ونتحيز إليها أو تلك التي نكرهها ونتمنى زوالها أسهمت في قبول المبادرة الخليجية - مع كثير من المرارة - لنقل السلطة وهذا بحد ذاته تعبير عن شيء من الحكمة التي انتصرت على العنف والاقتتال. نتمنى استيفائه.

المقولة الأكثر رواجا - بصيغ متعددة من التساؤلات - حول انتخابات يوم 21 فبراير تدور حول جدوى الانتخابات لشخص متفق عليه، فإذا كانت الإطراف السياسية اتفقت على مرشح وحيد فلماذا ننزف المال المنعدم أصلا لإجراء انتخابات المرشح الوحيد ؟ لماذا لا تمضي الأطراف السياسية في نقل السلطة إليه عبر الاتفاق وكفى ؟!!

من المهم التأكيد على أن المرشح الرئاسي الوحيد ممثلا بالسيد عبد ربه منصور هادي لا يكفيه اتفاق الفرقاء السياسيين دون إرادة شعبية لمنحه شرعية كافية، فالاتفاق السياسي له قد ينقلب في أي لحظة على اتفاق عليه وهو ما يفقده القدرة على قيادة المرحلة الانتقالية بنجاح، فالشرعية الشعبية الجديدة ستمنحه القدرة على الفعل السياسي المستقل عن هذه الأطراف التي منحته ثقتها وهي تنتظر منه الكثير لصالحها كل على حده، كما أن الشرعية الشعبية هذه ستشكل حاجزا منيعا ضد عودة علي صالح إلى السلطة تحت ذريعة الشرعية الدستورية وانه رئيس منتخب، كما أنها ستشكل قطيعة سياسية مع نظام التزوير الانتخابي ، وفي كل الحالات ستمنح الانتخابات المرشح التوافقي سلطة ذات شرعية شعبية إلى جانب الشرعية التوافقية وستجعله في حل من اتفاق هذه الأطراف له أو عليه.

يوم21 فبراير هو موعد تاريخي لنقل السلطة سلميا عن طريق الشعب سواء أكانت في نظرنا انتخابات أو استفتاء أو تزكية على الطريقة الإسلامية التي لم تعرف الانتخابات طريقا إلى تجربتها السياسية في التاريخ الإسلامي على امتداده ، فكل الطرق تؤدي إلى الهدف .

1- هي انتخابات من حيث أنها تمنح المواطن ذو الأهلية السياسية البالغ 18 عاما أن يختار رئيسا جديدا للبلاد، غير أن الانتخابات تقوم على فكرة الاختيار بين المتنافسين والتفاضل بين المرشحين والتنافس السياسي المحموم بينهما، وهذا ما لا يتوفر بهكذا انتخابات لكنها تجري على نحو مماثل في الانتخابات من حيث التصويت لمن يسعى سلميا إلى السلطة .

2- وهي من حيث الشكل استفتاء شعبي على مرشح وحيد تنفيذا لاتفاق سياسي بين الفرقاء، ولكن الاستفتاء يمنح الناخب حق القبول والرفض ، نعم أو لا ، وهو ما لا يتوفر بهكذا استفتاء ، لكن الاستفتاء على مرشح وحيد للرئاسة بموقف وحيد هو « نعم لعبده ربه رئيسا شرعيا لليمن» هو اقرب إلى الاستفتاء بدون خيار آخر . لكنه سيفضي إلى ذات الهدف.

3- وهي طريقة من طرق التزكية التي راجت في التاريخ السياسي الإسلامي عبر الشورى، حيث يمنح الناس بيعتهم لشخص اجمعوا عليه سلفا واتجهت أنظارهم إليه بالتوازن أو الأفضلية أو بهما معا دون تنافس مع احد، فجميع الخلفاء الراشدين تقريبا تم التوافق عليهم بالتزكية دون منافس. ليس تشبيها لعبده ربه منصور بالخلفاء الراشدين، ولكن تشبيها بالطريقة المتبعة في إجراء التزكية للخليفة بالإجماع وإقرار البيعة الخاصة من الحاضرين إلى البيعة العامة بتسليم الأمصار تباعا بذلك الاختيار وإعلان قبول البيعة الخاصة الماضية فيه من قبل الولاة وقادة الجيش والشخصيات الوازنة في المجتمع مع فارق حضور صندوق الاقتراع العام هنا وغيابه هناك.

نحن اليوم يفصلنا عن الموعد أسبوعين بالوفاء والتمام ، أسوأ ما يؤرق ليلنا ونهارنا في دقائق الانتظار منزلقين :

المنزلق الأول : الغدر و المفاجأة التي قد تحيل الفرح إلى حزن غير متوقع وهو أن يسلك طرف ما أو من مكوناته المدنية أو العسكرية سلوك طريق الجنون للانحراف عن الموعد إلى طريق آخر يشبه سوريا أو يؤجل الموعد بإرباك الظرف الموات وتحويله إلى ظرف استثنائي لا يسمح بالمضي قدما في انجاز الموعد. غير أننا ننبه هذا الطرف أو ذاك إلى أن توازن القوة لصالح الشعب في اليمن يجعل من الانحراف عن الموعد انتحارا لصاحبه، فالشعب له بدائل وخيارات كثيرة والأيام حبلى بالمفاجآت لمن لم يقرأ المستجدات.

ولهذا وجب التنويه إلى أن قرار الاعتراف بالهزيمة يحتاج إلى شجاعة أشد من الزهو بالانتصار، ومن الموضوعية أن نعترف أن علي صالح كان شجاعا وذكيا عندما قبل بالانسحاب والتسليم .

المنزلق الثاني : أن يكون عبده ربه منصور مخيبا للآمال بعد استلام السلطة حين لا يستطيع انجاز ما تحتم عليه اللحظة التاريخية انجازه بسرعة وحسم في القرار، مع أن الأخبار المتواترة عن الرجل مطمئنة تشير إيجابا عن شخصه وقدراته الخارقة ... الخ، بينما شخصيا لا أجد الطمأنينة تتسلل إلى أعماقي ولي مبرراتي احتفظ بها إلى حين دون الإغراق في التشاؤم. على كل حال نتمنى للأخ منصور هادي أن يغتنم الفرصة ليكون رجلا بحجم الأقدار التاريخية التي وضعته في موقع قد يرفعه إلى السماء إن أحسن أو يطيح به إلى قعر الأرض إن اخفق، والاختبار لهذا التمشي لا يحتمل التأخير .بل السعي الدؤوب إلى تحقيق مطالب الشعب العاجلة تباعا.

الشعب يريد تحيق مطالب عاجلة وملحة ويريد تحقيق أهدف الثورة بالتوالي المنتظم

1- ماهي المطالب العاجلة ؟

أ- مطالب معيشية

فالمطلوب بعد الانتخابات مباشرة اتخاذ القرار السريع والفوري بإعادة أسعار الوقود من بترول وغاز منزلي وديزل إلى سابق عهدها، لكي يلمس الناس خيرا عاجلا غير آجل ولتطمئن نفوسهم وتتعزز ثقتهم، وإعادة التيار الكهربائي إلى الناس، وتزويد المدن بالمياه، ودمج الجيش والأمن وإعادة تأهيلهم حقوقيا ووظيفيا، وعزل كل القيادات العائلية والقبلية التي وصلت إلى موقع القيادة بالقرابة والولاء ، وتعيين المحافظين والقيادات الأمنية للمرحلة الانتقالية، وعدم السماح لأي نوع من أنواع الانتقام والثأر السياسي والاجتماعي وتحكيم القضاء في كل مشاكل الوطن الخاصة والعامة وعدم رمي التهم جزافا يمينا وشمالا لغرض في نفس يعقوب.

ب- مطالب إصلاحية وهيكلية

- تجفيف منابع الفساد المالي بضبط الإيرادات والمصروفات بحيث لا إيراد إلا بقانون ولا صرف إلا بقانون .

- إعادة تنظيم السلطة القضائية بكل مؤسساتها من نيابة ومحاكم ومحاماة وتقاضي برجال من المحاميين والقانونيين والحقوقيين الأكثر مهنية واحتراف وذوي نزعة استقلالية، وتخليص القضاء من العسكريين الذين غزا بهم علي صالح ليس المؤسسة القضائية فحسب وإنما معظم المؤسسات المدنية بما في ذلك الجامعات. فالعدالة التي نبحث عنها لن تتحقق دون سلطة قضائية فاعلة ومستقلة وكفؤة.

جـ- استهداف العقل والاستثمار في الإنسان

- البدء في إصلاح التعليم العام والجامعي وتغيير المناهج ، فالتعليم العام بحاجة إلى إعادة تأهيل المعلمين ونظام أجورهم، وتغيير المناهج وتغيير إدارة المدارس والمكاتب وإدارة الامتحانات العامة فهي اكبر موئل للفساد في وزارة التربية والتعليم تقوم ببيع الدرجات والمعدلات وبيع النجاح والرسوب، وإيقاف الغش ألامتحاني وعدم تجاوز نسبة النجاح المدرسي بما يوازي استيعاب الجامعات لمخرجات الثانوية العامة بحيث لا تتعدى نسبة النجاح 40 في المائة في كل مراجل التعليم وبحيث يكون للنجاح معنى بعد مشقة وجهد وعناء.

- تمكين أوائل الجامعات في كل الأقسام من التوظيف المباشر لدى الخدمة المدنية في ذات السنة دون الانتظار في صف المنتظرين.فهم نخبة البلاد وأفضل ما أنتجته اليمن ومن المعيب أن نحطم هذه الصفوة بإهمالها وعدم الالتفات إليها، وحتى نشجع الشباب الجامعي على التنافس والتميز والتفوق والجدية في التعليم.

- توسيع إقرار اعتماد المنح الداخلية لكل من حصل على معدل جيد جدا فما فوق والبحث عن تمويل ودعم دولي في تغطية المشروع وذلك يقتضي إلغاء التعليم الموازي وإقرار التعليم المجاني للجميع. فالقضاء على ظاهرة التسرب من التعليم لن يتم بدون سد احتياجات التلاميذ والطلاب وعونهم على الاستمرار.

- إعادة النظر في ملفات أساتذة الجامعة والتثبت من صحة الشهائد العلمية وعدم التساهل مع أصحاب الشهائد المزورة من الاستمرار في التعليم والوظيفة العامة لا نهم غير أهل لذلك ووضع خطة مستقبلية للتوظيف وفقا للتخصص والاحتياج والتنافس بين الجميع.فنظام الفساد ضرب التعليم الجامعي في مقتل باختراق الجامعات بدخلاء من هذا النوع ومكنهم من القيادة والريادة.

- ربط الجامعات شبكيا عبر نظام الواي ماكس للنت، والتفكير بتصميم نموذج حاسوب مدرسي بسعر منخفض للطلاب ووضع مكتبة الكترونية في ذمتهم تغطي النقص في مصادر ومراجع المعرفة وتوفيرها مجانا بدلا من إهدار المليارات في طبع كتاب مدرسي أو شراء كتب جامعية تهدر المال ولا تفيد ومنع فرض أي مقرر جامعي أو ملازم دراسية.

- تمكين كل مواطن من ضمان صحي في التطبيب والعلاج المجاني داخل وخارج البلاد حسب طبيعة المرض.وهذا يقتضي إنشاء مستشفيات تخصصية قادرة على الحفاظ على الإنسان .

2- الأهداف الثورية الاستراتيحية

- البدء الفوري بانجاز مؤتمر للحوار الوطني ورسم خارطة طريق لتأسيس دولة مدنية حديثة ووضع تصور للنظام السياسي والقواعد الدستورية ولشكل الدولة التي تمنح الجهات والأقاليم مزيدا من الاستقلال الإداري والتنظيمي والمالي والتشريعي وتحديد العلاقة مع سلطة المركز المتغول في الاستحواذ على كل شيء ونحن هنا نذكر الإخوة المتخوفين على الوحدة اليمنية من فكرة الفدرالية بان ألمانيا وأمريكا وكندا وبريطانيا وايطاليا وروسيا واستراليا وتايلاند وماليزيا والبرازيل والهند كلها دول فيدرالية وهي دول موحدة لا غبار عليها وبالتالي نطمح أن تكون كل محافظة وحدة إدارية مستقلة بحكومتها وقوانينها وماليتها ونظامها في إطار دولة فدرالية واحدة وليس على أساس إقليمين شمال وجنوب.

- تمدين المجتمع اليمني : بفرض سيادة القانون بصرامة على الجميع ومنع الاحتكام إلى أي جهة غير قضائية في أي نزاعات لان ذلك تدخل في شؤون العدالة وانتهاك لتخصصاته، ومنع تناول القات ومضغه في الشارع والأماكن العامة إلى حين منعه نهائيا بالوعي وليس بالقانون، ومنع ظاهرة التسول وصرف ضمان اجتماعي كاف لهؤلاء المعوزين ،ومنع حمل السلاح أو التجول به، ومنع ظاهرة المرافقين الأمنيين لأي كان، ولتكن الدولة والقانون هما الحارسان والحافظان لأمن الناس وأرواحهم وكرامتهم وعرضهم وتنظيم حياتهم.

- عدم إقحام الدين في قضايا السياسة لكون السياسة عملا بشريا يخضع للقبول والرفض والدين شان سماوي لا يخضع للمساومة والقبول والرفض، فالدين شانه أعلى من السياسة باعتباره مرجعا للقيم والسلوك وموجها للسياسة وشؤون الحياة لكنه ليس منتجا لشؤون الدنيا فالناس وحدهم من ينتج وسائلها، وأنا أدعو بعض الأحزاب التي تتضمن استمارة العضوية لديها حلف اليمن والقسم بالله الواحد القهار أن يحذف القسم كشرط للعضوية فالانتماء السياسي الحزبي ينبغي أن يكون طوعيا تعدديا قابل للتغيير والمراجعة.

- أن تلغى من القوانين والتشريعات منح أي حصانة من الملاحقة القضائية لأي مسؤول يتولى منصبا في السلطة العليا أو الدنيا ، فنظام صالح كرس هذه الحصانة إلى درجة أن لا احد يقدر على تقديم شكوى قضائية بأي من الفاسدين إلى القضاء إلا بإحالة من رئيس الجمهورية آو من ثلثين أعضاء نواب حزب صالح مما يجعل كل ممارس للفساد محصنا وبحماية رئيس الفاسدين الذي ثار الشعب ضده وظل الفاسدون وحدهم من يدافع عنه فالفاسدون ملة واحدة. حتى يتمكن أي مواطن من الشكوى حتى برئيس الجمهورية لدى المحكمة ويكون للقاضي حق استدعاء الخصم للشاكي مهما كان منصبه الرفيع ولكم في وقوف الخليفة الإمام علي كرم الله وجهه مع خصمه اليهودي أمام القاضي عبرة يا أولي الألباب.

hodaifah@yahoo.com