آخر الاخبار
دعوني أحدثكم قليلا عن الفيل الذي في الغرفة‎
بقلم/ بكر احمد
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 4 أيام
الإثنين 16 يناير-كانون الثاني 2012 01:39 ص

لا أحد في الجوار غبي، لكن احتمال الإستغباء هو أمر وارد، حيث أن الجميع يعلم بأمر هذا الفيل القابع في الغرفة بينما يتحدثون ويتفاوضون عن أمور لن تتم أبدا مالم يحترموا قليلا حجمه وضخامته.

القضية الجنوبية هي قضية كبيرة وعملية تجاهلها أو محاولة تجاوزها لن تفضي إلى شيء يؤدي إلى خروج اليمن من مأزقه الحالي، وان المبادرة الخليجية وبكل آلياتها وصخبها ليست ذات جدوى ما لم تبحث جديا عن حل حقيقي وملموس عن معاناة وطموح وآمال الشعب في الجنوب، لأن هذا ألامبالاة رسالة سلبية تحمل الكثير من عدم التقدير والاحترام لأصحاب أول حراك وثورة سلمية قامت على مستوى الوطن العربي وكانت ملهمة من ناحية إصرارها ومبادئها العلنية والصريحة.

تهافت الشماليين على الصراع السلطوي الحالي في صنعاء هو صراع في نظر الجنوبيين ليس ذو معنى، بل أنه ومن الواضح أنهم ينأون بأنفسهم عن الخوض في تلك المعمعة على اعتبار أنها لم تعد تعنيهم بشيء وأن مردود اكتمالها أو فشلها لن ينعكس عليهم بأية طريقة كانت مادام هنالك من يصر على أن الوحدة شيء مقدس وأنه يجب فرضها بالقوة وبالتدليس الإعلامي وبالترهيب تارة والترغيب تارة أخرى.مكمن الخلل أنه وفي هذا الوقت المفصلي لم يعد حد يرغب في ظهور القضية الجنوبية أو حتى التلميح لها لأنها تبدوا وكأنها مصدر إزعاج أو عقبة تقف أمام التكوينات السياسية الشمالية في إكمال مشروعها نحو السلطة، لكن تجاهل الشيء لا يعني أنه غير موجود أبدا.

الجميع يتحدث عن انتخابات رئاسية مبكرة بعد منح علي صالح حصانات على كل ما قام به بحق الشعب سواء كان جنوبيا أو شماليا، متناسين بأنه هنالك منطقة كبيرة وشعب جنوبي ينظر إلى تلك الانتخابات وكأنها ستجري في منطقة أخرى من العالم ولا شأن له بها، وأنها وان حدثت فعلا فهي ستكون انتخابات شمالية صرفة مما سيؤكد حالة الانفصال بين الشعبين بشكل رسمي وسيؤكد أيضا بأن الشمالي مازال ينظر بتعالي لكل جنوبي سواء كان هذا الشمالي في السلطة أو في المعارضة فوق المنبر أو فوق المكتب سواء كان مثقفا أو مواطن عادي، سيؤكد بان القضية الجنوبية هي قضية تخص الجنوبيين فقط وانه لا سواهم من سيحقق أهدافهم سواء كانت فدرالية أو فك ارتباط مباشر.

فنظام صالح كان يقتل الجنوبيين بشكل جمعي، و حكومة الوفاق لا تختلف كثيرا عنه، فها هي مجزرة عدن تحدث ويذهب ضحيتها عشرة أشخاص، فلا نجد تبرير أو شجب أو استنكار، والجميع مشغول بمقالة شمالية كتبتها بشرى المقطري( مع احترامي الشديد لها ) و تنافخ لها شرفا بقية الشماليين الحداثيين والتقليدين بصراع فكري مترف وسطحي وقف عند المفردة الضيقة للفظة، أما اغتصاب امرأة هي أم لستة أطفال من الطبقة المهمشة وهذا تعبير لطيف لوصف ( الأخدام) كعرق منبوذ أتفق الجميع على إذلاله وهتك شرفه وعرضه وفي كثير من الأحيان حياته، أو إبادة جماعية في عدن فهي أشياء ليست ذات أهمية أو ذات مقام يذكر ليستحق الشيء اليسير من الاهتمام أو المناقشة.

كلها أمور تسبب تراكم النقمة في النفوس و تزيد من المعاناة وتجذب المترددين في الجنوب لينضموا إلى الأغلبية في المطالبة بحقوقهم والتي تأتي في أولها حق تقرير المصير، لأنه أصغر طفل قد يسال مثلا، لماذا أول قرار أصدرته حكومة الوفاق هي إصلاح وضع شركة الاتصالات سبا فون بينما صحيفة عريقة مثل الأيام مازال أمرها معلق أو ربما منسي، لماذا هذه المعاملة في وقت أنهم يدعون بأننا شعب واحد ووطن واحد وما الي ذلك من هراء لم يعد يقنع أحد.

أعرف أن للسلطة بريقها، وان النهم الواضح في أعين اللقاء المشترك قد ينسيهم أولويات وطنية ملحة، لكن أن تنسى أو يتم تناسي قضية بحجم الجنوب، فهذا ما لا يمكن فهمه، وأن ضرورة النظر بجدية للقضية الجنوبية قبل أن تخرج عن إطار سلميتها هو في صالح الشماليين والجنوبيين معا.

Yazn2003@gmail.com