آخر الاخبار
ياحوثيين راجعوا المقالح !
بقلم/ صدام أبو عاصم
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 10 أيام
الإثنين 09 يناير-كانون الثاني 2012 08:56 ص
 

كلما اقتربنا من الحوثيين يتكرم محمد المقالح بإزاحة الضبابية عن صورة الجماعة الحقيقية. وفي أكثر من موقف كنا قاب قوسين أو أدنى من تقدير الجماعة وتقوية حضور ودهم في وجداننا اليمني، غير أن مرجعيتهم المدنية آية الله المقالح، لا ينفك متكرماً، يمنحنا الثقة المتجددة، بأن كل ما نقوم به ليس أكثر من مجرد هراء. أو أنها أشبه بخطاب ود عبثي .

قبل أيام، كتبت على صفحتي في الـ"فيس بوك" ما مفاده: "غباء الجناح المدني للحوثيين يوازي حماقة الجناح المتشدد للإخوان". وبالطبع، لم يكن حينها، المقالح أو ضجيجه المقرف، يستوطنون رأسي المشبع بتصورات وطنية أسمى، ذلك أنني قلما سمحت للأفكار المريضة أن تعكر من صفو طموحات مشاريعي العظيمة. أو ربما أنني بنيت تلك الفكرة التي كنت ولازلت أؤمن بها، من مصفوفة حماقات تتصدر واجهتها الإعلامية المثقفة كائنات تشبه محمد المقالح .

لو كان المقالح يستدعي انتباه أحرفي حقاً، لرددت عليه وهو يتهمني صراحة قبل أشهر، بأنني أدافع بطريقة فجة عن بيت الأحمر وعلي محسن. ذلك أن الاستفزاز الذي كتبه المقالح في صفحة فيصل الهلالي، على هيئة استفهام عن سر إيماني الكبير بدماء الشهداء وتفاؤلي المستمر بثورة الشباب ومستقبلها، كان جائراً لكنني أهملته لتختفي الصفحة كلها من ناظري بعد رد آني كان مؤدباً للغاية. لم أفكر حينها بكتابة مقال توضيحي لأن الهم الوحيد والرئيس كان غارقاً في ساحات الثورة، ناهيك عن أن الجميع يدرك أن طموحات شاب مستقل تربى قلمه على الأخلاق والقيم ونشأت أفكاره على الإخلاص للوطن، تختلف عن أخرى تطارد طواحين الهوى من حضن قوة سياسية لأخرى وتنشد الارتزاق من جيوب الجماعات .

إن أي نظام لأي جماعة أو حزب يقوم على مبدأ الإلغاء وإقصاء الآخرين لدواعي دينية ومذهبية وأيدلوجية فكرية وسياسية، يجب أن يتحول إلى مزبلة للشعب يلقي الجميع عليه قاذوراتهم ولعناتهم حتى تتراكم ويتم إحراقها لدفعة واحدة وإحراق كل الخطط والأهداف التي لا تتسق والطموحات المشروعة لكل الناس في الحياة الكريمة بعيدا عن الهيمنة وادعاء التفوق العرقي أو الأفضلية المناطقية .

لست ضد الحوثيين في ممارسة كل طقوسهم الدينية في أي مكان ليس في صعده وإنما في تعز وعدن والحديدة أيضاً، لكن عليهم أولاً أن ينزلوا البوازيك وقذائف الهاون من على أكتافهم ويتركوا متارسهم في جبال مران وفي قمم سفيان وفي رأس محمد المقالح، وينخرطوا في العمل السياسي بعيدا عن أي محاولات لإلغاء وتهميش واحتقار وجود وحياة وكرامة الآخرين. حديثي هذا لا يعني أنني إخواني أو أنني أفضل المشترك أو أحب السلفيين. كلا.. ليس بالضرورة، كل من ينتقد طرف أن يكون قابعاً في الطرف الآخر. ثم إنني كما كل الصحفيين وقفوا ضد الظلم الذي تعرض له الحوثيون في حروبهم الست، وفي الأشهر الأولى من الثورة المباركة خصصت لهم مقال ينصفهم بعنوان "التمرد، مصطلح يجب إسقاطه أيضاً ".

لا أدري لم في رأس المقالح ألف مترس يتربص من خلالهما بذاته وبالآخرين، وتتزايد هذه الحالة بشكل يومي لدى الرجل، بما يبعث الشفقة عليه قبل السخرية والتهكم مما وصل إليه حال بعض المثقفين. لقد ذهب الرجل يشجب ويندد بموقف نقابة الصحفيين واتهمها بأنها تدار من قبل مجموعات سلفية، وذلك على خلفية تنظيمها للقاء تضامني مع زملاء تعرضوا للاعتداء في صعده قبل أيام. وتناسى هذا الرجل أن هذه النقابة جعلت منه بطلاً وهي تتضامن معه بما يزيد عن أربعين نشاط وفعالية عندما اعتقله الأمن القومي قبل سنوات، في مسرحية هزلية بانت تفاصيلها الآن .

كل ما تقدم لم يكن إلا استهلال منطقي لفكرة الغباء التي يتمسك بها المقالح وهو يمنح صكوك الوفاء والتخوين والارتزاق لكل الناس في هذه الثورة التي لم تبخل في تصدير نجوم الغباء إلى جانب نجوم النضال والكلام. الرجل الذي اعتادت حياته المهنية على رتم محدد القيمة والخطوات، يظن أن كل من يعطس عطسة وتسمع منه لا إرادياً كلمة إصلاح أو من انتقد موقف الحوثيين أو لم يصلّي على آل البيت (مش عارفين إيش من بيت.. مريوش ولا مثني!) أو من صرخ أنا مظلوم ولم يكن الظالم رئيس للفرقة الأولى مدرع، يصفهم المقالح بالخونة للوطن وللثورة ويتهمهم باستلام مبالغ مقابل ذلك الفعل أياً كان، تماما كما وصف شكوى الزميل عبد العزيز المجيدي الذي تعرضت مواده الصحفية للسطو من قبل الصحفي عبد الكريم الخيواني. لقد قال المقالح أن المجيدي استلم مقابل تشويه سمعة الخيواني. كم هو مضحك هذا الأمر! لا أدري بأي عقلية بفكر هذا الكائن وهو يدرك حقيقة النزاهة التي عليها الزميل المجيدي؛ فهذا الأخير أوقف صحيفته "الشاهد" عن الصدور عندما شعر بأن هناك ضائقة مالية ورفض أن يواصل عمله الصحفي من خلالها في هذه الأزمة، ولو من بوابة الارتزاق شريطة أن لا يخل ذلك بالمهنية وبالأهداف الثورية الجامعة، كما بعض الصحف والصحفيين .

لست بحاجة لتأكيد نزاهة المجيدي الذي يعرف أخلاقه كل الوسط الصحفي اليمني، لست بحاجة لتأكيد خطأ الزميل الخيواني الذي قيل أنه اعتذر عن اللبس الذي حدث ونشر في مدونته الالكترونية مواد زميله المجيدي دون ذكر اسمه. لكن في كل الأحوال، نحن ضد أي خطأ يتعلق بسرقة جهود الآخرين واستفزاز طموحاتهم وتهميش مشاريعهم، وضد أي إنكار لهذا الخطأ وإن كان صاحبه هيكل أو روربرت فيسك أو حتى مانديلا. نحن ضد الأبوية في كل شيء وفي أي مكان وتحت أي الظروف. نحن ضد غباء المثقفين والمتمدنين، في الأول والأخير.